جواز السفر الدبلوماسي يثير جدلاً سياسياً كبيراً في تونس
منذ 42 دقيقة
حجم الخط
تونس – «القدس العربي»: أثار مشروع قانون جديد يمنح نواب البرلمان جوازات سفر دبلوماسية جدلاً سياسياً كبيراً في تونس، حيث رحب فيه البعض على اعتبار أنه يمكّنهم من أداء عملهم بشكل أفضل، فيما رفضه آخرون، مطالبين بالإبقاء فقط على «جواز المهمات» الذي يمنح لفترة قصيرة للنواب خلال مهمات السفر الخارجية.وكانت لجنة الحقوق والحريات في البرلمان صادقت أخيراً على مشروع قانون إسناد جواز سفر دبلوماسية للنواب من قبل وزير الخارجية مع استشارة رئاسة الجمهورية، ومن المنتظر عرضه على جلسة عامة للمصادقة عليه من قبل نواب البرلمان.وينص مشروع القانون المذكور على تعديل القانون رقم 40 الصادر عام 1975 والمتعلق بجوازات لسفر، حيث سيتم إضافة فصل جديد للقانون يقضي بمنح كل أعضاء مجلس الشعب جوازات سفر دبلوماسية مجانية من قبل وزير الخارجية، ويشترط أن يكون النائب الذي سيحصل عل هذه لوثيقة مباشراً لعمله.وقالت رئيسة لجنة الحقوق والحريات، سماح دمق، إن منح النواب من جوازات سفر دبلوماسية هو «عُرف جرى به العمل في الدورات النيابية السابقة، حيث تتم العملية من قبل وزارة الخارجية وباستشارة رئاسة الجمهورية»، مشيرة إلى أنه «تم التقدّم بهذه المبادرة التشريعية بعد أن طالبت رئاسة الجمهورية بقانون تستند إليه، ومن حق أي نائب المطالبة بجواز السفر الدبلوماسي أو التخلي عنه».وأثار مشروع القانون المذكور ردود فعل متباينة في الطبقة السياسية، حيث دوّن عبد اللطيف العلوي، النائب عن حزب ائتلاف الكرامة: «الحقيقة أنّ الجواز الدبلوماسيّ هو حقّ لمن يختارهم الشّعب كي يعبّروا عن سيادته، وليس امتيازاً ولا غنيمة. والحقيقة أيضاً أنّه لا يعفي النّائب في كلّ الأحوال من التّفتيش، ككلّ خلق الله، ولا يعطيه أيّ امتياز سوى أن يجنّبه طوابير الإهانة في السّفارات، وهو رمز من رموز سيادة الدّولة، ويعطيه ممرّاً خاصّاً في المطار، لربح الوقت والجهد وحفظ مقامه بين النّاس».وأضاف: «من الجنون والوقاحة أن تقبل به للوزراء وكتّاب الدّولة وهم الّذين يعيّنهم النّوّاب ويستمدّون منهم شرعيّتهم ويعزلهم النّوّاب، بل حتّى أزواجهم وأبناؤهم يتمتّعون به، في حين تنكره على من هم أصل السّلطة في تونس وفي نظامها البرلماني، شاء من شاء وأبى من أبى».وقالت نسرين العماري، النائب عن كتلة الإصلاح الوطني، إن «جواز السفر الدبلوماسي لا يُعد امتيازاً، فالنائب سيفتش في الديوانة (الجمارك) كبقية المسافرين وسينتظر في الطابور مثل غيره وسيدفع مقابلاً للطابع الجبائي 60 ديناراً مثل غيره».وأضافت: «ليس هناك إشكال بيننا وبين رئيس الجمهورية. ولرفع اللبس، أخبر رئيس الجمهورية، رئيس مجلس نواب الشعب، بأنّ جواز السفر الدبلوماسي هو عرف وأنّه في حاجة إلى سند قانوني. والرئيس قال لرئيس البرلمان راشد لغنوشي: «أنتم بصفتكم سلطة تشريعية قوموا بتنقيح القانون عدد 40 المتعلق بالمسألة».فيما دعا محمد عمار، النائب عن حزب التيار الديمقراطي، الرئيس قيس سعيد إلى إلغاء جواز السفر الدبلوماسي، حيث دوّن على صفحته في موقع «فيسبوك»: «حذف جواز السفر الدبلوماسي هو ضرورة. لا فرق بين مواطن وآخر إلا بالعمل وما يقدمه لبلاده. أدعو رئيس الجمهورية إلى حذف جواز السفر الدبلوماسي نهائياً والإبقاء على جواز المهمات للضرورة القصوى. رئيس جمهورية منتخب ونواب منتخبون ووزراء عند الإعلان عن أسمائهم تعرفهم السفارات والدول. السفراء والقناصل يمارسون عملهم عبر اعتماد رسمي من رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية وتعرف عنهم كل شيء الدولة المضيفة حتى قبل ممارسة مهامهم».وتساءل: «هل عند القيام بمهمة في الخارج تضع جواز السفر على جبينك لتتميز عن غيرك؟ هل عائلة الرئيس وأقرباؤه وعائلة الوزير وعائلة السفير دبلوماسيون؟ طبعاً هذه امتيازات الدول المتخلفة. الجواز الدبلوماسي الوحيد هو رفع المقدرة الشرائية لدى المواطنين للعيش بكرامة. وأن تكون لدينا دولة عادلة يحق للمواطن أن يفتخر بها وأن يتشبث ببلاده وأن يتم خلق الثروة ويزيد نصيب الفرد من الدخل الوطني وليس من المديونية. أن تكون مزوداً بالعلم ولا غير العلم ليحترمك الغير. عند رفع الراية الوطنية في المحافل الدولية مهما كانت لا ينظرون لك من زاوية جوازك الدبلوماسي، بل ينظرون لك كتونسي شرّف بلاده. لا أحد يمكنه أن يتميز على الشعب، الكل سواسية ولا فرق بين المواطنين إلا بالصلاح والعمل المفيد الذي ينفع الوطن. ولو دامت لغيرك لما آلت إليك».كما دعا الوزير السابق والنائب عن حزب تحيا تونس، مبروك كرشيد، الرئيس التونسي إلى سحب الجوازات الدبلوماسية من كبار موظفي الدولة وعائلاتهم وتطبيق القانون على الجميع دون الاقتصار على النواب. كما دعا إلى تطبيق القانون حول شروط إسناد جوازات السفر الدبلوماسية وفق اتفاقية فيينا التي تؤكد أن المعنيين بجوازات السفر الدبلوماسية هم فقط رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الخارجية.وكانت وسائل إعلام تحدثت في وقت سابق عن «رفض» الرئاسة التونسية طلباً تقدمت به رئاسة البرلمان ويتعلق بمنح النواب جوازات سفر دبلوماسية، إلا أن البرلمان فنّد هذا الأمر، حيث استغرب رئيس كتلة الإصلاح الوطني، حسونة الناصفي، الزج برئيس الجمهورية بهذا الموضوع، مشيراً إلى أن «منح جواز السفر الدبلوماسي لا يعني رئيس الجمهورية مباشرة، بل هو إجراء إداري بين السلطة التشريعية، ممثلة في البرلمان، والسلطة التنفيذية، ممثلة في وزارة الشؤون الخارجية، وهنالك بعض الأمور الإدارية التي ما زالت بصدد الإنجاز».
الصورة من المصدر : www.alquds.co.uk
مصدر المقال : www.alquds.co.uk