- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

“حرب التأشيرات” التي تقودها فرنسا في المغرب تأتي بنتائج عكسية.. ما الأسباب؟

- الإعلانات -

تحول تقييد منح تأشيرات شنغن التي تمنحها فرنسا للمغاربة، والتي كانت الغاية منها هي ممارسة الضغط على المغرب، إلى عقاب جماعي. أصبح الموعد من أجل الحصول على التأشيرة شبه مستحيل. فيما يلي تفسيرات مصدر دبلوماسي فرنسي وتعليق مصدر في الدبلوماسية المغربية.

احتد الجدل الذي نشأ بعد قرار السلطات الفرنسية بتقليص عدد تأشيرات شنغن الصادرة عن مصالحها القنصلية في المغرب. ولا يلوح في الأفق أي تخفيف لهذا الإجراء الذي اعتبر عقابيا اتجاه المملكة، وبالتالي فإن الغضب يتصاعد ويزداد عدد الأصوات المنددة بطبيعته التعسفية وغير المبرر. شيء جديد إلى حد ما: لم يعد الإجراء يستهدف فقط الطلاب أو السياح أو الأشخاص الراغبين في العلاج، بل يستهدف أيضا الطبقة الحاكمة ورجال الأعمال في المغرب. وهكذا تم مؤخرا رفض منح التأشيرات لعشرات من أطر المكتب الشريف للفوسفاط الذين كانوا يرغبون في المشاركة في معرض فيفاتيك (Vivatech) الذي سينعقد من 15 إلى 18 يونيو 2022، وهو حدث مهم بالنسبة للتكنولوجيا العالية ومن بينها المكتب الشريف للفوسفاط الذي يشكل، من خلال جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، ركيزة المشاركة المغربية.

رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، كان ضحية لهذا الإجراء، تماما مثل مدير مؤسسة كبرى والأطر الذين كانوا سيرافقونه في رحلة إلى فرنسا. حتى مجرد الحصول على موعد لتقديم طلب الحصول على التأشيرة أصبح الآن شبه مستحيل. يقول “إنه أمر مقصود. إنها (المصالح القنصلية الفرنسية) لديها أوامر من أجل الإيذاء وإثارة ردود فعل غاضبة لدى النخبة المغربية ضد حكومتهم”.

الهدف المنشود مغرض وسلاح التأشيرات، إذا كان بإمكانه إحداث ضجة في الحين، فإنه يشكل مع ذلك مناورة قصيرة النظر ولا يبدو أن تأثيره على المدى المتوسط والطويل قد تم تقييمه من قبل السلطة التنفيذية الفرنسية. لأن العديد من المغاربة قد تعلموا التكيف مع هذا الواقع، فالبعض يفضل استخدام المصالح القنصلية لدول أخرى في منطقة شنغن، مثل إسبانيا أو بلجيكا أو إيطاليا، والبعض الآخر يتجه إلى وجهات أخرى غير فرنسا، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لمتابعة دراساتهم أو لقضاء عطلتهم. يعود قرار التخفيض الكبير في التأشيرات إلى شتنبر 2021 ويهم المغرب وكذلك الجزائر وتونس. وكان القصد منه أن يكون وسيلة للضغط على هذه الدول الثلاث بعد رفضها قبول رعاياها المقيمين بشكل غير قانوني في فرنسا الذين أرادت سلطات هذا البلد ترحيلهم. “قرار أصبح ضروريا بعد رفض هذه الدول استعادة رعايا لا نريدهم ولا يمكننا الاحتفاظ بهم في فرنسا”، هذا ما أوضحه الناطق باسم الحكومة الفرنسية، غابرييل أتال، معلنًا عن تقليص بنسبة 50٪ من عدد التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر و33٪ لمواطني تونس.

ثم رد المغرب، من خلال وزير الخارجية ناصر بوريطة، أنه لاستقبال هؤلاء المهاجرين، يتعين بكل بساطة أن يتوفروا على وثيقة تثبت جنسيتهم المغربية، وفي السياق الصحي الذي يفرضه وباء كوفيد-19، أن يتوفروا على اختبار بي سي إر سلبي وفق البروتوكول المعمول به من أجل الدخول إلى التراب الوطني. وقال رئيس الدبلوماسية المغربية خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الموريتاني يوم 28 شتنبر بالرباط إن “المصالح القنصلية للمغرب في فرنسا منحت خلال الأشهر الثمانية الأخيرة فقط ما يقارب 400 تصريح مرور لأشخاص كانوا في وضعية غير قانونية”. ومع ذلك، لم تستطع فرنسا إجبار الأشخاص المعنيين على القيام باختبار بي سي إر، لأن القانون الفرنسي لا يسمح بذلك.

بعبارة أخرى، لا تتعلق المشكلة بالمبدأ بقدر ما تتعلق بالطريقة. بعد ذلك بوقت قصير، كان جيرالد دارمانين، وزير الداخلية الفرنسي آنذاك، الذي سارع للدفاع عن إجراء لا يخلو من حسابات انتخابوية ضيقة. وكانت حينها الاستعدادات جارية للحملة الانتخابية سواء للانتخابات الرئاسية أو التشريعية في فرنسا. في مواجهة الخطاب المتطرف لمارين لوبان أو إريك زمور، المعارضين علنا للهجرة إلى فرنسا، اضطرت الأغلبية الرئاسية إلى التوجه نحو اليمين. الانتخابات أصبحت الآن وراءنا، لكن الإجراء بقي، مما يخلق وضعية انسداد.

“إن التراجع عن هذا القرار الآن ستؤكد طبيعته الشعبوية والانتخابوية وهو الأمر الذي سيمس بسمعة الإدارة الفرنسية الحالية. ومن هنا حالة الجمود الحالية”، وفق ما شرح هذا المصدر الفرنسي العارف بخبايا الكي دورسي (Quai d’Orsay). في اتصال بـLe360، أكد مصدر دبلوماسي فرنسي ذلك، لكن حاول تبرير القرار. هذا المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أشار إلى أنه لا يوجد تطور كبير في هذا الملف. “ستستمر فرنسا في تطبيق حصة 50٪ لقبول طلبات التأشيرة طالما لم يتم حل الأسباب التي دفعت إلى فرضه”، أي رفض المغرب استقبال المهاجرين غير النظاميين الذين تعتزم فرنسا ترحيلهم، وفق العبارات التي استخدمها هذا المصدر.

ومع ذلك، يوضح المصدر نفسه، ولكن دون أن يتمكن من إثبات ذلك، أن هذا الإجراء لا يستهدف بأي حال فئة اجتماعية مهنية معينة. وقال: “يكون الاختيار بشكل عشوائي تماما وبمجرد ملء الحصة خلال يوم أو فترة معينة، يتم رفض الطلبات المتبقية بشكل تلقائي”.

المخرج هو أن تتمكن فرنسا والمغرب من الحوار مرة أخرى حول هذه الإشكالية وإيجاد الحلول. “تم إجراء اتصالات أولية لمحاولة إيجاد مخرج لهذا الانسداد، لكن لم تكن هناك متابعة. الأمل هو إعادة الحوار بين البلدين”، كما أشار المصدر نفسه الذي يؤكد أن فرنسا تأمل في “خطوة” من جانب الدبلوماسية المغربية.

هل الدبلوماسية المغربية مستعدة للقيام بهذه “الخطوة” وفق ما تأمله فرنسا؟ ردا على سؤال طرحه Le360، أجاب مصدر في الدبلوماسية المغربية، قائلا: “تدرك فرنسا أن المغرب يطلب إجراء اختبار بي سي إر أو جواز صحي من قبل مواطنيه المقيمين في الخارج، وكذلك مواطني بقية العالم، للدخول إلى الأراضي المغربية، لكنها تطالب بعدم تطبيق هذا الشرط على المواطنين الذين تريد ترحيلهم إلى المغرب”. لأنه إذا كانت فرنسا لا تريد خرق قوانينها وإجبار المهاجرين غير النظاميين على إجراء اختبار بي سي إر قبل امتطاء الطائرة، فإنها تتوقع “جميلا” و”استثناء” من البلدان التي يأتي منها هؤلاء المهاجرون، حتى عن طريق الدوس على قوانينها.

وأوضح مصدرنا أن فرنسا “لا تطلب حقا، بل جميلا”. وأضاف: “في إطار شراكة، المغرب لم يقل لا وكان على استعداد للاستجابة، ولكن ليس تحت التهديد”.

في هذا الصدد، يوضح مصدرنا أن المغرب كان على استعداد للتعاون مع السلطات الفرنسية. “كان المغرب منفتحا على الحوار، بل إنه عرض إيجاد حلول على أساس كل حالة على حدة للمواطنين غير النظاميين المعنيين. خاصة وأن الأمر يتعلق بـ80 شخصا على الأكثر”. حتى أنه تم تخصيص مطار لاستقبال كل مرة مجموعة مكونة من عشرة مواطنين يخضعون لهذا الإجراء. كان سيتم إجراء الاختبار عليهم في المطار وسيتم علاج أولئك الذين كانت نتيجة اختبارهم إيجابية، وسيتم تلقيح أولئك الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية. غير أن مصدرنا تأسف قائلا: “لكننا بمجرد البدء في نقاشات في هذا الاتجاه حتى أعلن وزير الداخلية الفرنسي فرض إجراء تخفيض بنسبة 50٪ مع استهداف القادة والنخبة”.

كان ذلك قبل أن تعمد السلطات الفرنسية إلى التطبيل أمام وسائل الإعلام، في شكل من أشكال الابتزاز، بأن الحصول على التأشيرات مشروط بقبول المهاجرين غير النظاميين. واستنكر المصدر ذاته قائلا: “كان هناك ضغط، ولكن كان هناك تشويه أيضا. هذا الإجراء يعتبر بالتالي بمثابة عقوبة”، موضحا أن “هذا النوع من المواضيع يتم تسويته بين الشركاء وعلى أساس طلبات واحتياجات محددة بوضوح. ليس تحت الضغط. إن المغرب لا يجلس أبدا حول طاولة تحت الضغط. قبول هذا الأمر يعني قبول التفاوض في وضعية ضعف”.

وشدد مصدرنا على أن استخدام التأشيرات كسلاح لن يخدم العلاقة بين البلدين. وختم قائلا: “ليست بهذه الطريقة أرى العلاقة بين فرنسا والمغرب. من أجل علاقة جيدة أولا. ولكي تكون هذه العلاقة صحية، يجب على كل طرف أن يساعد الآخر ولا يهدده. مصلحة العلاقة بين البلدين هي عدم الدخول في مثل هذا النوع من الابتزاز. العلاقة تدار من قبل الشركاء. التهديد ليس النهج الصحيح للعلاقة، مهما كان الموضوع المطروح للنقاش”.

وبالتالي فإن إعادة قبول المهاجرين غير النظاميين المغاربة هي مسألة تتعلق بالشكل أكثر من كونها مسألة تتعلق بالجوهر. لا شك في أن مسألة الشكل هذه ستحل بين الحكومتين. ولكن في غضون ذلك، فإن تأثير القيود المفروضة على التأشيرات ومحن أولئك الذين حاولوا الحصول على موعد سوف يترك أثارا. مدير شركة مغربية كبيرة يحذر من أن “فرنسا تلحق الضرر بأحد مقومات نفوذها المرتبط ارتباطا وثيقا بالعلاقات المتعددة الأوجه التي تقيمها مع المغرب والمغاربة. مقومات التأثير هذه تعني السماح للطالب بالذهاب إلى فرنسا وللشخص المريض للحصول على العلاج هناك والسماح للسائح أو لرجل الأعمال بالذهاب إلى بلد يتحدث لغته ويفهم ثقافته”. وتأسف رجل الأعمال المغربي أيضا لتدهور جودة التعليم المقدم في المؤسسات الفرنسية في المغرب. “أرى الناس من حولي يطرحون أسئلة جادة حول السياسة الفرنسية في المغرب. في يوم من الأيام سوف يبتعدون عنه. وهو ما سيؤثر على النفوذ الفرنسي، لأن فرنسا بلد قريب من المغرب وبلد حليف”.

#حرب #التأشيرات #التي #تقودها #فرنسا #في #المغرب #تأتي #بنتائج #عكسية #ما #الأسباب

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد