حكومة الفخفاخ.. وحدة وطنية أو انتخابات مبكرة (بورتريه)
ينتمي إلى حزب “التكتل من أجل
العمل والحريات”، المحسوب على اليسار الاجتماعي، الذي فشل في الانتخابات
التشريعية الأخيرة ولم يفز بأي مقعد نيابي، كما فشل هو أيضا في الانتخابات
الرئاسية الأخيرة ولم يحصد سوى 0.34 بالمئة من إجمالي أصوات الناخبين.
تعهد بالامتناع عن الدخول في أية
“مناكفات” أو نزاعات سياسية “ضيقة”، بحسب قوله.يصنف سياسيا ضمن الاشتراكيين
الديمقراطيين القريبين من فرنسا والأحزاب الاشتراكية الدولية. ويتهمه البعض مع
قيادات حزبه بأنهم “جماعة فرنسا”. رغم أنه عرف بمعارضته للرئيس الراحل
زين العابدين بن علي.
إلياس الفخفاخ المولود عام 1972
بتونس العاصمة لعائلة تنتمي إلى منطقة صفاقس، التي لم يسبق لأحد من أبنائها أن شكل
الحكومة في تاريخ تونس الحديث.
حاصل على شهادة في الهندسة من
“المدرسة الوطنية للمهندسين” بصفاقس عام 1995، وعلى الماجستير في
الدراسات الهندسية المعمقة من “المعهد الوطني للعلوم التطبيقية” من
مدرسة “إنسا” بمدينة ليون الفرنسية، والماجستير في إدارة الأعمال من
“جامعة إيسون” بباريس.
بدأ مسيرته المهنية بالعمل مديرا
لمشروع في البحث والتطوير في شركة فرنسية متخصصة في صناعة المطاط والتابعة لشركة
“توتال” وأدار مشروعا لتقليص تكلفة الإنتاج مصانع تابعة للمجموعة حول العالم. ثم عين مديرا لفرع الشركة
بولونيا. وعند رجوعه إلى تونس عام 2006 عين مديرا عاما لشركة “كورتيل”
المختصة في صناعة قطع السيارات، وعلى أثر اندماج “كورتيل” مع شركة
“فونفيرا” الإسبانية عين مديرا عاما لمجمع “أوتوموتيف كافيو”
وبقي في منصبه حتى عام 2011.
اقرأ أيضا: النهضة التونسية: الانتخابات المبكرة لصالحنا ومستعدون لها
وتفرغ الفخفاخ في ذلك العام وبعد
“ثورة الياسمين” للعمل السياسي، بعد أن أسندت إليه وزارة السياحة في
حكومة حمادي الجبالي ما بين عامي 2011 و2013، ثم أضيفت إليه عام 2012 حقيبة وزارة
المالية، وواصل الاحتفاظ بوزارة المالية في حكومة علي العريض عام 2013.
تعرض لانتقادات أثناء وجوده على رأس
وزارة السياحة بسبب أزمة القطاع التي زادت حدة مع الحوادث الأمنية التي تسبب فيها
بعض السلفيين، وشهدت تونس بسببها تراجعا كبيرا في أعداد السياح القادمين إلى
البلاد.
بعد نحو ست سنوات غاب فيها عن المشهد
السياسي ترشح للانتخابات الرئاسية التونسية عام 2019، وحصل على نسبة ضعيفة من
الأصوات، ولم يمر بالتالي للدور الثاني الذي فاز فيه الرئيس الحالي قيس سعيد.
عقب الانتخابات التشريعية التونسية،
وبعد فشل حكومة الحبيب الجملي مرشح حركة “النهضة ” في كسب ثقة مجلس
النواب، رشح حزب “تحيا تونس” الفخفاخ لتشكيل الحكومة الجديدة، وتنفيذا
للاستحقاق الدستوري كلفه الرئيس التونسي برئاسة الحكومة وبدء المشاورات
المارثونية.
وأمام رئيس الحكومة المكلف شهر واحد
لتشكيل فريقه الوزاري، ومن ثم عرضه على البرلمان لنيل الثقة 109 صوتا -على أقل
تقدير- من جملة 217، وفي حال لم يمنح أعضاء البرلمان الثقة في الحكومة الجديدة،
سيكون من حق رئيس الجمهورية أن يحل البرلمان، ويدعو إلى انتخابات تشريعية جديدة في
أجل أدناه 45 يوما.
الفخفاخ كشف عن ملامح حكومته، مؤكدا
أنها ستكون مصغرة عددا، تجمع بين الكفاءة والوفاء لأهداف الثورة، وستنكب على حل
المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الكبرى، وفي مقدمتها الفقر والبطالة.
اقرأ أيضا: لقاء ثلاثي.. بوادر حلحلة لأزمة تشكيل الحكومة في تونس
وأشار إلى أنه سيكون
“منفتحا” على جميع الأحزاب والقوى السياسية بهدف تكوين “حزام سياسي
داعم” لحكومته، بعيدا عن “الإقصاء والمحاصصة” الحزبية،
و”متناغما” مع خيارات الأغلبية.
وأكد أن حزبي “قلب تونس ”
(ليبرالي 38 نائبا) و”الدستوري الحر” (دستوري ليبرالي 17 نائبا) سيكونان
خارج الائتلاف الحكومي، لأنهما “ليسا في مسار انتظارات الشعب خلال هذه
المرحلة”. مشددا على أن “لا ديمقراطية دون معارضة حقيقية”.
استبعاده حزب “قلب تونس”
دفع حركة “النهضة” إلى التريث في دعم حكومته فدعت “الحركة”
إلى حكومة وحدة وطنية واسعة، وفسر مطلعون “اشتراط” النهضة حكومة وحدة وطنية واسعة، في إشارة إلى ضرورة
تشريك حزب “قلب تونس”، وبأنها تريد حكومة مستقرة تستطيع أن تستمر لأطول
فترة ممكنة وتستطيع الاستجابة للتحديات الكبيرة المطروحة عليها”.
ورجح خبراء أن يستدعي الفخفاخ وجوه مقربة من
“قلب تونس” للحكومة، ضمن تسويات شاملة لموقع هذا الحزب وقطعا للطريق الذي
يخشاه الجميع، وهو ارتماء “قلب تونس” في أحضان ” الدستوري
الحر” بقيادة عبير موسى.
يبدو الفخفاخ مصرا على تشكيل حكومة متناغمة، انطلاقا من
قراءة لنتائج الانتخابات الأخيرة، إضافة إلى تجارب الحكومات السابقة التي بنيت على
تحالفات هشة، تسببت في إرباك عملها أو إسقاطها.
وتراهن تونس على حكومة جديدة قادرة
على إعطاء روح أخرى لاقتصاد البلاد، لكن ثمة محللين يرون أن أداء الفخفاخ عندما
كان وزيرا للمالية أثر سلبا على الاقتصاد التونسي، ما سمح للولايات المتحدة
الأمريكية “لعب دور الوكيل الاقتصادي”، بحسب وسائل إعلام تونسية.
ويرى باحثون أن الخطة الاقتصادية
التي اتبعها الفخفاخ آنذاك كانت مبنية على الديون، إذ غض الطرف عن موارد تونس
الاقتصادية واتبع نظام الاستدانة.
قوة الرجل في أنه ليس رجلا
إيديولوجيا، وهو ما سيجعله مقبولا لدى جزء كبير من الطبقة السياسية، هو ليبرالي
نسبيا، أو ما يسمى بالليبرالية الاجتماعية، فضلا عن أنه عضو في الاشتراكية
الدولية، كما أنه يتقاطع مع رئيس الجمهورية في عدة قضايا.
ولا يوجد “فيتو” عليه من قبل الكتل الأكبر في البرلمان، رغم
الملاحظات والتحفظات، ففشل الفخفاخ يعني دستوريا حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات
جديدة منهكة للوضع الداخلي الهش وللاقتصاد الذي يعاني من ندوب وتشوهات تحتاج إلى
إصلاح، وهو ما تتجنبه الأحزاب الكبرى في مقدمتها النهضة”.
الصورة من المصدر : arabi21.com
مصدر المقال : arabi21.com