- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

«حلم قديم مستعاد».. أبرز دعوات توحيد العالم الإسلامي في التاريخ الحديث – ساسة بوست

«إن حربًا باردة جديدة قد بدأت في العالم، وإن لم نتوحد، سنفنى». بهذه الكلمات، وبحضور وزير الخارجية الصيني قدم رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان دعوة الوحدة الإسلامية في أثناء مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي الذي عقد يوم الثلاثاء 22 مارس (آذار) 2022، وذلك في محاولة لتعويض الفشل الحاصل في كشمير وفلسطين المحتلتين، بالإضافة إلى تقوية الموقف الضعيف للعالم الإسلامي تجاه الإسلاموفوبيا والتطرف. 

وفي حديثه تطرق خان إلى جرائم الهند وإسرائيل ضد الإنسانية في كشمير وفلسطين، معللًا تلك الجرائم بأن البلدين يقومان بتلك الجرائم، لعلمهما بأن العالم الإسلامي غير فعال كفاية لمواجهتهما، وأنهما لا يأخذانه على محمل الجد بسبب أنه منقسم، وأضاف في خطابه قائلًا: إن المسلمين في العالم يصلون إلى 1.5 مليار إنسان، لكن صوتهم ليس له قيمة في مواجهة الظلم الواقع عليهم، رغم أن القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة في صالحهم. 

لم يكن رئيس الوزراء الباكستاني أول من تقدم بهذه الدعوة إلى الوحدة الإسلامية في العصر الحديث، وإنما سبقه إليها كثير من المفكرين وقادة الدول الإسلامية الذين رأوا في توحد العالم الإسلامي مصلحة، في عالم يزداد انقسامه يومًا بعد يوم. في هذا التقرير نستعرض معًا بعضًا من تلك الدعوات على مر التاريخ، وما وصلت إليه.

جمال الدين الأفغاني: رائد الدعوة إلى الوحدة الإسلامية

مع ضعف الإمبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر، واحتلال دولها من قبل الإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية التي نظرت إليها باعتبارها غنيمة يحق لها استغلالها كيفما شاءت، دون النظر إلى عواقب ذلك الاستغلال؛ نشأت الحاجة الفطرية بين شعوب العالم الإسلامي للتوحد مرة أخرى لمواجهة ذلك الاحتلال ولتشاركهم مصيرًا واحدًا، وكان هناك أشخاص مستعدون لحمل الدعوة إلى تلك الفكرة على عاتقهم أكثر من غيرهم.

من بين أولئك الأشخاص كان جمال الدين الأفغاني، الذي يعد من أبرز المفكرين الداعين إلى الوحدة الإسلامية في الجزء الثاني من القرن التاسع عشر، وأستاذ محمد عبده الذي مشى على خطاه فيما بعد. 

ولد الأفغاني في أفغانستان وتلقى تعليمه في إيران الحالية، وتنقل بينها وبين الهند، والعراق، وتركيا، ومصر، وفرنسا، وروسيا، وألمانيا، وبريطانيا، وعرفت عنه آراؤه الجدلية في ذلك الوقت، والتي تسببت في تنقلاته الكثيرة. فمثلًا في خطاب له في الأستانة شبه «النبوة» بالحرفة المكتسبة التي يمكن لأي شخص أن يتعلمها!

وفي مصر التي قضى بها ثماني سنوات، كان دائم الانتقاد للخديوي إسماعيل، وأزعجت آراؤه الفلسفية شيوخ الأزهر الذي كان يدرس به الفلسفة؛ ما اضطره إلى التدريس في بيته. وفي الهند وجه خطابًا للعلماء الهنود يحثهم فيه على ترك النظر في كتب التراث البالية من وجهة نظره، والتفكر في أسباب تخلف الأمة الإسلامية وفقرها وهوانها. 

Embed from Getty Images

انتسب الأفغاني إلى «محفل كوكب الشرق الماسوني» بمصر عام 1875، وترأسه بعد ثلاث سنوات من انضمامه إليه، وكانت الماسونية في حينها ذات سمعة ثورية تنادي بالمساواة والإخاء، وهي القيم التي نادى بها الأفغاني ذاته، وقدم نفسه على أنه رجل يؤمن بالتغريب باعتباره السبيل الأوحد لقيام الحضارة الإسلامية من جديد، يدًا بيد مع محاربته للاستعمار البريطاني، وتحريضه ضده وضد أذنابه في الشرق.

ترك الأفغاني الماسونية حين رأى أنها تخدم مصالح الاستعمار البريطاني، إذ كان هدفه الأساسي هو بناء وحدة إسلامية في مواجهة الاستعمار، ودعا إلى تلك الوحدة بإنشائه جريدة في فرنسا مع تلميذه محمد عبده دعاها «العروة الوثقى»، والتي وزعت في أهم مراكز العالم الإسلامي. من كتاباته بتلك الجريدة وغيرها، نستشف أن الأفغاني دعا إلى ما يمكن تسميته بإسلام ليبرالي تتوحد عليه الأمة، ودعا أيضًا إلى تجديد الخطاب الديني ليتماشى مع العلم الحديث.

ربما لم تنجح دعوة الأفغاني في توحيد العالم الإسلامي كما رأى، لكن تأثيره لا يزال باقيًا إلى اليوم في موجة التغريب التي اكتسحت العالم الإسلامي بعد وفاته عام 1897، والتي شارك في إرسائها هو وتلميذه محمد عبده.

حسن البنا: الوحدة على مستوى الشعوب أولًا

ولد حسن البنا عام 1906 في أثناء فترة الاحتلال البريطاني لمصر، وتلقى تعليمه في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، حيث تخصص في علوم اللغة العربية؛ ما أهله للتدريس في مدرسة ابتدائية بمدينة الإسماعيلية. وهناك رأى طبيعة الاحتلال البريطاني في أوجها، إذ كانت الإسماعيلية مركزًا مهمًا من مراكز الاحتلال نظرًا لمرور قناة السويس بها. حينها قرر البنا أن يؤسس جماعة الإخوان المسلمين مع ستة عاملين بمعسكر عمل بريطاني بالمدينة عام 1928، وبحلول الحرب العالمية الثانية كانت الجماعة قد توغلت في أكثر الطبقات الاجتماعية مثل الطلاب، والعمال، والموظفين.

Embed from Getty Images

كان الهدف من وراء تأسيس الجماعة هو إنشاء دولة موحدة للعالم الإسلامي يُحكم فيها بالشريعة الإسلامية، وتأثر البنا في ذلك بمحمد رشيد رضا تلميذ محمد عبده الذي كان قد أنشأ جريدة باسم «المنار» تحمل طابع جريدة «العروة الوثقى» ذاته، التي أسسها الأفغاني وعبده من قبل، لكن الجماعة أخذت منحى ميداني يعتمد على العمل الخيري والتنظيم جنبًا إلى جنب مع الفكر والتأليف.

فضّل البنا في سبيله لتحقيق هدفه التحالف مع الحكومة وعدم استفزازها، لكن سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية تسببت في إفلاته السيطرة على أتباعه، وبدأت فورة تسليح الجماعة وعمليات الاغتيال التي توجت باغتيال رئيس الوزراء في حينها محمود فهمي النقراشي في ديسمبر (كانون الأول) 1948، ولم يمر عام حتى اغتيل هو الآخر تحت عين الحكومة المصرية.

يعد البنا من الشخصيات الجدلية ومن الأكثر تأثيرًا في عالم اليوم رغم انقضاء أكثر من 70 عام على اغتياله، وذلك بسبب أفكاره التي أرساها ولاقت صدى في العالم الإسلامي كافة وخارجه أيضًا، ويمكننا القول إن البنا قد نجح بصورة ما في توحيد جزء ضئيل من شعوب العالم الإسلامي تحت مظلة الجماعة، وهو ما مثل تهديدًا للدول القومية في العالم الإسلامي التي رأت في الجماعة منافسًا لنظام الحكم القائم في تلك البلاد، ورأت في اضطهادها وإبعادها عن المجال السياسي وسيلة للحد من انتشارها ومنعها من تحقيق أهدافها المعلنة، كما حدث في مصر وتونس بعد ثورات الربيع العربي.

روح الله الخميني: وحدة إسلامية على الطريقة الشيعية

«إن ثورة الشعب الإيراني ما هي إلا قطرة تؤذن ببداية الثورة في العالم الإسلامي العظيم»

بهذه الكلمات أسس روح الله الخميني مشروعه بعد الثورة الإسلامية عام 1979، وهو أن يلهم ويعين عملية إحياء الوحدة الإسلامية على نطاق العالم الإسلامي جميعه. وبعد أكثر من 40 عام على الثورة الإيرانية، لا تزال تلك الكلمات يتردد صداها في السياسة الإيرانية؛ إذ وجد محللون أن أكثر من 80% من خطابات الخميني احتوت على إشارات للوحدة الإسلامية، في حين أن أكثر من 60% من خطابات الرئيس الإيراني حسن روحاني في الفترة ما بين عامي 2014 و2018 احتوت على الإشارات نفسها متمثلة في الدعم الإيراني للميليشيات الإسلامية في الشرق الأوسط.

ولد الخميني في خمين بإيران عام 1902 لعائلة من الملالي (العلماء) الشيعة، وتربى على يد أمه وعمته بعد قتل والده، وفي شبابه انتقل إلى مدينة قم، وهي مركز الفقه الشيعي في إيران، وتدرج في العلم حتى أخذ لقب آية الله، وهو لقب يعطى لعلماء الشيعة الكبار، لكن انتقاده للشاه الإيراني في حينها محمد رضا بهلوي والإمبريالية الغربية من ورائه هو ما أذاع صيته بين الناس، حتى صار من علماء الدين المعدودين الذين يمتلكون سلطة كبرى في البلاد. 

لنفهم الدور الذي لعبه الخميني في إطار الوحدة الإسلامية، ينبغي علينا أن نحلل التصور عن ذلك المفهوم قبله. لم تمتلك الجماعات والمنظمات المهتمة بالوحدة الإسلامية تصورًا واحدًا متماسكًا عنها قبل الخميني، فمثلًا رأت جماعة الإخوان المسلمين في مصر أن الطريق هو البناء التدريجي للوحدة عن طريق العمل الخيري ونشر أفكارها بين الشباب، فيما رأى حزب التحرير الإسلامي في العالم العربي أن الطريق هو التدرج في السلطة وتطبيق العمل بالشريعة الإسلامية بقرارات حكومية، لكن كليهما لم يحققا أهدافهما حتى أتت الثورة الإيرانية وقدمت طريقًا جديدًا لتحقيق تلك الأهداف بشكل فعال وسريع.

لذلك فلم يكن مستغربًا أن يمثل الخميني إلهامًا للحركات الإسلامية في العالم بغض النظر عن كونها سنية أو شيعية، وهو ما أدى مثلًا إلى حادثة اقتحام الحرم المكي في السنة ذاتها التي قامت فيها الثورة الإيرانية لإرغام آل سعود على التخلي عن حكم الحجاز.

كانت رؤية الخميني لشكل الدولة الإسلامية الموحدة سببًا رئيسًا في انقسام العالم الإسلامي إلى اليوم؛ إذ بعد نجاح الثورة الإيرانية اتجه مباشرة إلى انتقاد المملكة العربية السعودية التي كانت في طور من التحديث على الطريقة الأمريكية في حينها، والتي تمثل الشق السني من العالم الإسلامي، ونقلت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية قوله: «إن مكة واقعة تحت مجموعة من الكفار الذين لا يفقهون ماذا يفعلون»؛ ما استفز حفيظة السعوديين وجعلهم يردون عليه بوصفهم إياه بالسارق وولي الشيطان؛ ما خلق خصومة لا تزال مستمرة إلى اليوم بين العالم السني والشيعي.

نجم الدين أربكان: الأب الروحي للوحدة الإسلامية في تركيا

داع آخر إلى وحدة العالم الإسلامي، كان رئيس الوزراء التركي السابق نجم الدين أربكان، المولود عام 1926 لأب من آخر القضاة الشرعيين في الدولة العثمانية، ومؤسس حزب الرفاه الإسلامي الاشتراكي عام 1983. يعد أربكان من أشد الدعاة إلى الوحدة الإسلامية تأثيرًا في تركيا؛ إذ اتخذ خطوات في ذلك الاتجاه بالفعل وأسس منظمة الدول النامية الثمانية «D8» المقابلة لمجموعة الدول الثمانية «G8»، وتكونت من تركيا، ومصر، وإيران، وباكستان، وإندونيسيا، وماليزيا، ونيجيريا، وبنجلاديش.

اعتمدت رؤية أربكان في توحيد الأمة الإسلامية على التدرج باستخدام التعاون الاقتصادي والتقني، تمامًا كما حدث للاتحاد الأوروبي، وشملت خطته توحيد العملة بالدينار الإسلامي، وإنشاء قواعد عسكرية مشتركة وشبكة طيران مدنية إقليمية، وتطوير منشآت بتروكيماوية مشتركة، وتوجيه الحكومات إلى الممارسات الديمقراطية، لكن كل هذه الخطط الطموحة أتت إلى نهايتها بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح أربكان من السلطة في تركيا عام 1997.

لكن بذرة فكرة أربكان وجدت لها أرضًا خصبة في تلميذيه رجب طيب أردوغان وأحمد داود أوغلو، اللذين انطلقا معه ليؤسسا حزب العدالة والتنمية عام 1998، وليعود فكر أربكان إلى السلطة مرة أخرى متمثلًا فيهما ما بين رئيس وزراء ورئيس للدولة، قبل أن تنشب خلافات بينهما انتهت باستقالة أوغلو من الحكومة، واتهامه أردوغان بالفساد المالي والمسئولية عن التراجع في الحريات والديمقراطية في البلاد.

- الإعلانات -

#حلم #قديم #مستعاد #أبرز #دعوات #توحيد #العالم #الإسلامي #في #التاريخ #الحديث #ساسة #بوست

تابعوا Tunisactus على Google News

- الإعلانات -

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد