خارطة الطريق التونسية.. تهميش الاقتصاد من الخارطة سيحرج قيس سعيد – ANHA | HAWARNEWS | العربية
راهنت حركة النهضة على تراجع الرئيس التونسي قيس سعيّد عن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قبل قرابة 5 أشهر نتيجة الضغوط والانتقادات الدولية التي كان يتعرض لها، إلا أن سعيد صدمها بالقرارات الجديدة التي اتخذها ومن ضمنها الإبقاء على تعليق البرلمان.
وواجه سعيّد منذ تموز الماضي ضغوطاً دولية للإعلان عن خريطة طريق لمرحلة ما بعد الإجراءات الاستثنائية، مع تصاعد المخاوف من انفراده بالحكم بعدما جمع كل السلطات بين يديه.
وبعد تعرضه لانتقادات كثيرة اقترح الرئيس التونسي قيس سعيّد خارطة طريق للمرحلة القادمة في البلاد، للخروج من الأزمة التي قادته إلى اتخاذ مجموعة إجراءات استثنائية في تموز / يوليو الماضي.
جدول زمني
وأعلن سعيّد في خطاب متلفز بتاريخ 13 كانون الأول/ديسمبر جدول زمني للتغيّرات السياسيّة المقترحة من قبله، والتي بدت كخارطة طريق، قوامها تمديد “تجميد” البرلمان حتى إجراء انتخابات جديدة، وهو ما لن يحصل قبل كانون الأول/ديسمبر من العام المقبل.
وقال سعيّد في خطاب بثه التلفزيون العام: “يبقى المجلس النيابي معلَّقًا أو مجمَّدًا إلى تاريخ تنظيم انتخابات جديدة”، كاشفًا عن “تنظيم انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد يوم 17 كانون الأول / ديسمبر 2022”.
وأضاف أنه سيتمّ “عرض مشاريع الإصلاحات الدستورية وغيرها على الاستفتاء يوم 25 تموز/ يوليو 2022″، وهو يوم عيد الجمهورية. وستنظم قبل الاستفتاء استشارة وطنية إلكترونية تنطلق مطلع كانون الثاني/ يناير2022 وتنتهي في 20 آذار/ مارس و”ستتولى لجنة تأليف مختلف المقترحات حتى نهاية يونيو/ حزيران”، حسب سعيّد.
وكان الرئيس التونسي علق أعمال البرلمان في 25 تموز/ يوليو، رافعًا الحصانة عن جميع النواب وإعفاء رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي من منصبه.
سعيد تفرّد بالقرارات
وتعليقاً على تحديد وقت زمني للانتخابات، صرح عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عادل البرينصي لوسائل إعلام محلية “إن الرئيس قيس سعيد لم يستشر الهيئة، بخصوص الاستفتاء بشأن تعديل الدستور أو الانتخابات التشريعية القادمة المقررة في 17 كانون الأول/ ديسمبر العام المقبل”.
واعتبر البرينصي، أن الاستشارات الإلكترونية التي أعلنها سعيّد كطريقة من طرق الاستفتاء ليس لها سند قانوني.
وأكد ضرورة توفر إجماع وطني بشأن تنظيم هذا الاستحقاق الانتخابي، مع ضرورة توفر مناخ عام وثقة بالصندوق ونتائجه.
وأشار إلى أن هيئة الانتخابات هي المخولة بتحديد تاريخ الانتخابات وفق الدستور، بعد الاتفاق مع الأحزاب أو مع السلطة التنفيذية.
وأضاف البرينصي أن تاريخ الانتخابات تتم فيه مراعاة عدة اعتبارات وعوامل مناخية واجتماعية حتى يتمكن الناخبون من المشاركة.
حركة النهضة تصف قرار سعيد بـ “تقسيمي وتحريضي”
إلى ذلك، اعتبر بلقاسم حسن، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، في تصريحات لقناة “المملكة” الأردنية أن قرار سعيّد “اعتداء سافر على المؤسسة التشريعية وأعضاء مجلس نواب الشعب”.
وأكد أن إجراءات الرئيس التونسي “بلا سند دستوري أو قانوني”، واصفا خطابه بـ”التقسيمي والتحريضي”.
طمأنة الخارج
وفي هذا السياق قيّم الكاتب والمحلل السياسي نزار الجليدي خارطة الطريق التي اقترحها الرئيس التونسي، في تصريح لوكالتنا وقال: “هي قرارات فيها تسقيف زمني أولاً وتشاركية ثانياً، والتسقيف الزمني هو خارطة طريق على مدى سنة تنتهي بانتخابات تشريعية، وكذلك بتكوين لجنة لإصلاح الدستور ولجنة استشارية لإعداد نظام انتخابي جديد ولجنة لتعديل نظام الحكومة”.
وأضاف: “ربما هذه القرارات تطمئن الخارج الذي طلب سقفاً زمنياً أكثر من الداخل باعتبار أن الرئيس لم يشرك أي طرف سياسي أو منظمة تونسية كبيرة في هذه القرارات ولكن من خلال الخطة المنتهجة يريد تشريك المواطنين أكثر”.
وحول إمكانية تطبيق هذه القرارات وتنفيذها يتساءل الجليدي عن إمكانية إشراف الهيئة الدستورية للانتخابات على هذه العملية أم أن سعيد هو سيكون القاضي وقال: “من شبه المستحيل أن نقوم باستفتاء على اللجان الثلاث في غضون سنة حتى نصل إلى انتخابات تشريعية ولكن يبقى الأهم أن تونس تخرج دائماً بحلول لمشاكلها السياسية”.
الرسالة الأميركية وقتية
إلى ذلك، رحبت أميركا بقرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، المتعلقة بإجراء استفتاء حول الإصلاحات الدستورية وتنظيم انتخابات تشريعية في كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وقالت الخارجية الأميركية، في بيان: “نرحب بإعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن جدول زمني يحدد مسار الإصلاح السياسي والانتخابات البرلمانية” وتابعت: “نتطلع إلى عملية إصلاح شفافة تشمل كل أصوات المجتمع المدني وتراعي التنوع السياسي”.
ورأت تقارير صحفية عربية أن “موقف واشنطن الداعم لقرارات قيس سعيد بشأن “تسقيف” المرحلة الانتقالية لقد أحرق ورقة الضغوط الخارجية بيد حركة النهضة الإسلامية، التي كانت تصريحات قياداتها وتحركاتهم توحي بأنهم مدعومون من الخارج، وواثقون من أنهم سيعيدون البرلمان إلى سالف نشاطه كما سبق أن عبر عن ذلك رئيس الحركة راشد الغنوشي “البرلمان سيعود شاء من شاء وكره من كره” وكررها من بعده قياديون ومتحدثون باسمه”.
إلا أن الكاتب والمحلل السياسي نزار الجليدي يرى بأنه لا يمكن التعويل على هذا الدعم والترحيب الأميركي، معتبراً أن رسالة الطمأنة الأميركية هي رسالة وقتية، وأضاف: “لا أستطيع بشكل من الأشكال أن أعول على القرار الأميركي لأنه متحول بحسب المطالب، ربما أن هذه الهدنة أو الاتفاق الآن وهذا الترحيب سيتغير بتغير الشارع”.
النهضة في طي النسيان
وخرجت مظاهرات يوم الجمعة في شارع الحبيب بورقيبة في تونس لرفض قرارات الرئيس قيس سعيد الأخيرة، وتظاهر آخرون في منطقة قريبة تأييداً للرئيس، في الذكرى الحادية عشرة للثورة التونسية، في ظل وجود أمني مكثف.
وأعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، في وقت سابق من الشهر الجاري، تغيير تاريخ الاحتفال بثورة 2011 إلى 17 كانون الأول / ديسمبر من كل عام، بدلا من 14 كانون الثاني/ يناير، معتبرًا التاريخ الأخير “غير ملائم”.
ودعت أحزاب ومنظمات تونسية للتظاهر احتجاجا على ما تصفه بـ “انقلاب” الرئيس سعيد على الدستور.
وردد متظاهرون هتاف “الشعب يريد إسقاط الانقلاب”، في إشارة إلى ما يقولون إنه استحواذ على السلطة.
وعن تأثير المظاهرات التي نددت بقرارات سعيد، يرى الجليدي أن “خروج المظاهرات المناهضة لقرارات الرئيس وخاصة المنددة بإجراءات ٢٥ تموز / يوليو، هي محاولة فاشلة للإخوان المسلمين والطابور الخامس الذي يعمل معه وكل من كانوا في المنظومة القديمة في محاولة للرجوع إلى المشهد، ولكن حركة النهضة هي من طي النسيان في الواقعية التونسية الشعبية خاصة أن حركة النهضة ضعيفة جداً خارجياً الآن ولم يبق لها حلفاء”.
الأزمة الاقتصادية تحرج سعيد
إلى ذلك، لم يتطرق سعيّد في خطابه إلى الشق الاقتصادي خاصة أن تونس تمر بفترة عصيبة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما لاقى انتقادات عديدة إذ لم يقدم الرئيس عناوين اقتصادية واضحة للمرحلة المقبلة.
وظل الجانب الاقتصادي عالقاً في خطاب سعيد، فيما تشهد البلاد أزمة اقتصادية خانقة غير مسبوقة، وفي هذا الصدد، يتساءل متابعون للشأن التونسي عن مدى استفادة الشعب التونسي من هذه القرارات التي أصدرها سعيد، وبمعنى أدق هل تصب في مصلحة الشعب التونسي أم لا، خاصة أنها لم تتطرق إلى الشأن الاقتصادي.
وفي ذلك يقول الجليدي: “القرارات لا يمكن تقييمها الآن أهي بمصلحة الشعب أم لا. القرارات الوحيدة التي ينتظرها الشعب التونسي وربما تكون في مصلحته، هي قطع دابر الفساد وهو المنتظر الذي لم يقع، والنقطة الثانية هي قرارات جريئة اقتصادية لحلحة الأزمة الاقتصادية التي يبدو أنها ستلقي بظلالها على الأيام القادمة، وقد تحرج الرئيس قيس سعيّد”.
(ح)
ANHA
#خارطة #الطريق #التونسية #تهميش #الاقتصاد #من #الخارطة #سيحرج #قيس #سعيد #ANHA #HAWARNEWS #العربية
تابعوا Tunisactus على Google News