خروج فن “الحضرة الشفشاونية” من روحانية الزوايا إلى رحابة المهرجانات – MapTanger
نظمت المحافظة الجهوية للتراث بطنجة، مساء الثلاثاء بمناسبة افتتاح فعاليات شهر التراث، محاضرة عن بعد حول “الحضرة الشفشاونية” من تأطير الأستاذة الجامعية فاطمة بوشمال.
ورصدت الباحثة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، فاطمة بوشمال، تطور فن الحضرة الشفشاونية، الذي يعتبر غناء نسائيا وصوفيا يقوم على قصائد المتصوفة، كما رسمت مسار أجيال من النساء تمكن من تطوير هذا الفن والخروج به من الحيز الضيق للزوايا إلى الفضاء الأوسع والأرحب للمهرجانات المغربية، حيث رفعن تحدي تقديم هذا الفن بشكل مختلف تماما.
وبعد أن أشارت إلى أن فن الحضرة مرادف لمدينة شفشاون كما هو شأن لون الأسوار الزرقاء، اعتبرت المحاضرة أن هذا الفن كان يقدم في الأعياد الدينية والمناسبات الاجتماعية والخاصة، مقدمة كرونولوجيا نموذجية لتطوره، انطلاقا من جيل الرائدات إلى جيل الفنانات الحضارات والتسويق الفني.
وأشارت إلى أن مصطلح “الحضرة” لفظ صوفي مشتق من ” الحضور ” الذي يراد به إدراك حالة روحية ونفسية يعيشها المتصوفة خلال طريقهم للتقرب إلى الله تعالى، كما يراد به أيضا اجتماع أهل الطريقة الصوفية للذكر والسماع، مبرزة أن الحضرة تعني بهذا المفهوم “أقوال وحركات وأحوال، وأقوال الحضرة هي إما الشعر الموزون أو الشعر الملحون إضافة إلى بعض الأذكار والابتهالات، مع ترديد بعض الآيات الكريمة”.
وسجلت أن “الزوايا، التي يصل عددها إلى حوالي 20 بمدينة شفشاون، حافظت على هذا التراث على مدى قرون، إذ كانت تلتقي النساء، من أعمار مختلفة، بصفة أسبوعية للقيام بطقوس الحضرة بين صلاتي العصر والمغرب من كل يوم جمعة، حيث تشكلت أولى الفرق النسائية بالزوايا، وشرعت في تنشيط حفلات المولد النبوي والعودة من الحج والعقيقة وغيرها من الحفلات الخاصة”.
في هذا السياق، ميزت فاطمة بوشمال بين جيلين، ويتعلق الأمر بجيل المريدات الرائدات، اللواتي لم تكن لهن مطامح دنيوية ولا مالية في ممارسة الحضرة بزوايا المدينة، بل كان يحركهن الدافع الديني أساسا، ثم جيل الفنانات الحضارات أو الفرق الفنية للحضرة الشفشاونية، واللواتي خرجن من عباءة الرعيل الأول، واخترن عدم الاقتصار على الذكر بالفضاءات المغلقة للزوايا، والخروج إلى خشبات المسارح والمهرجانات، ما أعطى لهن حضورا إعلاميا وفنيا، مبرزة أن هذا الجيل الاخير من النساء، اللواتي آثرن استعمال كلمة فنانة عوض مريدة، ساهم في تطوير فن الحضرة أداء وعرضا وشكلا ، ما شكل قفزة قوية في المفهوم العام للحضرة الشفشاونية.
وبعد أن أبرزت الإشكاليات المرتبطة بالتأصيل التاريخي لفن الحضرة ونوازعه بين البحث العلمي والرغبة في الإقصاء، تساءلت إن كانت الزوايا قد حافظت على هذا التراث الشفوي المشترك والعلامة المميزة للتصوف بشفشاون على مدة قرون وبإمكانيات بسيطة، فهل التسويق الفني الحديث لفن الحضرة الشفشاونية وسيلة فعالة لصونه وتوثيقه أم هو مجرد بهرجة فنية لمضمون ديني عصي على الموازين الموسيقية الخفيفة؟.
يذكر أن المحافظة الجهوية للتراث بطنجة تنظم، بتعاون مع مديرية التراث الثقافي والمديرية الجهوية والمديريات الإقليمية للثقافة ومحافظات المواقع الأثرية بالجهة، مجموعة من الأنشطة التثقيفية والتوعوية لترسيخ ثقافة المحافظة وتثمين الموروث الثقافي المادي واللامادي بالجهة، وذلك بمناسبة شهر التراث الذي ينطلق باليوم العالمي للمباني التاريخية (18 أبريل) ويختتم باليوم العالمي للمتاحف (18 ماي).
#خروج #فن #الحضرة #الشفشاونية #من #روحانية #الزوايا #إلى #رحابة #المهرجانات #MapTanger
تابعوا Tunisactus على Google News