خريطة اللوبيات الاقتصادية العائلية المتهمة بالاحتكار
أثارت تصريحات سفير الاتحاد الأوروبي في تونس، باتريس برغاميني، لجريدة “لوموند” الفرنسية، حول “لوبيات اقتصادية عائلية” تعرقل المنافسة الحرة في الاقتصاد التونسي، جدلا كبيرا حول دور هذه العائلات ومدى تأثيرها في دوائر القرار، على مدى عقود وحتى اليوم. واعتبرت منظمة رجال الأعمال، تصريحات المسؤول الأوروبي، افتراء على العائلات الاقتصادية والمستثمرين التونسيين. مشيرة في بيان لها، السبت الماضي، إلى أن هذه العائلات قامت بدور وطني في بناء الاقتصاد وخلق فرص العمل، على مدى عقود من الزمن.
تاريخياً، يعود ظهور جلّ المجموعات العائلية القوية في تونس إلى سبعينيات القرن الماضي، بفضل التشجيعات السخية للدولة التونسية، وقد سمحت بخلق طبقة من رجال الأعمال والمستثمرين في القطاعات الصناعية والسياحية، أصبحوا لاحقا في مواقع شبه احتكارية في بعض القطاعات، بحسب خبراء الاقتصاد. وحسب رصد “العربي الجديد”، اعتمادا على بيانات الشركات والبورصة ومراقبين، تتوزع خريطة أكبر العائلات الاقتصادية جغرافياً على أربعة أقاليم كبرى، وهي التي تؤثر بشكل كبير على دواليب الحكم، ولها دور بارز في المحاصصات في التعيينات والمناصب الكبرى.
وتتمثل المناطق الأربع في تونس الكبرى أو ما يعرف بـ”البلدية”، وجهة الساحل وهي أساسا محافظات المنستير وسوسة (مسقط رأس الرئيسين الراحل الحبيب بورقيبة والمخلوع زين العابدين بن علي)، ثم صفاقس وهي العاصمة الاقتصادية لتونس، ومحافظتي مدنين وقابس (جنوب) والقيروان (الوسط الغربي).
ويرى الخبير الاقتصادي بلحسن الزمني، لـ”العربي الجديد”، أن هذه العائلات لها السبق التاريخي في اكتساح القطاعات التي تشتغل فيها، ما يجعلها في مواقع شبه احتكارية. وأكد الزمني أن النموذج الاقتصادي التونسي وقوانين المنافسة لا تجيز الاحتكار، مشيرا إلى معوقات تواجه دخول صغار المستثمرين إلى السوق، بحسب قوله. في المقابل، يقول أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية، سليم الغربي، إن الشركات العائلية ليست استثناءً تونسياً، وإن كل اقتصاديات العالم بما في ذلك الأوروبي الذي ينتقد تونس، محكومة بلوبيات عائلية تدير أكبر الشركات والمؤسسات المالية، وغالبا ما تكون مؤثرة في السلطة والقرار السياسي في تلك البلدان. وأضاف، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن من يملك الأسبقية في السوق أو على الميدان غالبا ما يكون هو الأكثر احتكارا، لافتا إلى أن النموذج الاقتصادي التونسي يعرف بعد الثورة تحولات عميقة ويسير إلى الانفتاح بشكل أكبر.
وفيما يلي رصدت “العربي الجديد” أبرز العائلات الاقتصادية في تونس:
عائلة المبروك
تعود مجموعة المبروك للإخوة المؤسسين محمد وعلي وإسماعيل ومروان مبروك ومجموعتهما، وهي من أكبر المجموعات الاقتصادية في تونس، برقم معاملات يبلغ 500 مليون يورو، بحسب مقال نشرته مجلة “جون أفريك” عام 2008. وتتحكم مجموعة “المبروك” في سلسلة أسواق، منها 65 سوقاً ممتازاً تحت علامة “مونوبري”، بالإضافة إلى سوق ممتاز بعلامة “جيان”، إضافة إلى أملاك في مجال توزيع السيارات كشركة “لوموتور” التي تمت خصخصتها في ظروف غامضة.
يضاف إلى ذلك حضورهم في مجال صناعة البسكويت وقطاع الاتصالات، كما أن مجموعتهم تمتلك أسهما في مصرف “بيات” الخاص. ووسعت مجموعة المبروك نشاطها، بعد زواج مروان المبروك، ابن علي المبروك، بابنة الرئيس المخلوع زين العابدين عام 1996.
بن عياد
تدير عائلة بن عياد أكبر مجمع اقتصادي في تونس، وهو مجمع “بولينا القابضة” الذي أسسه عبد الوهاب بن عياد.
“مسيرة بن عياد في عالم الأعمال بدأت في يوليو/تموز 1967 عندما أسس مزرعة دجاج، وكان ذلك المشروع نواة مجموعة “بولينا القابضة””
مسيرة بن عياد في عالم الأعمال بدأت في يوليو/تموز 1967 عندما أسس مزرعة دجاج، وكان ذلك المشروع نواة مجموعة “بولينا القابضة” التي حافظت على نشاط إنتاج الدواجن وتربية المواشي، بعد توسيع أنشطتها في القطاع السياحي والبناء والأشغال العامة وصناعات تحويلية في الحديد والخشب ومواد البناء. تضم “بولينا القابضة” 76 مؤسسة في 6 أقطاب متخصصة، وهي المجمع الاقتصادي الأول لتونس برأس مال يناهز 900 مليون دينار سنة 2010.
البوشماوي
تدير عائلة البوشماوي المنحدرة من محافظة قابس (جنوب شرق تونس) مجموعة من الشركات في اختصاصات المنسوجات والأنشطة البترولية، حيث تمثل هذه القطاعات مجالات رئيسية لأنشطتها. وتملك مجموعة بوشماوي التي تكونت في ستينيات القرن الماضي (شركة ضبعة للبترول، مصر)، كما تستثمر في القطاع المصرفي والمالي، حيث تملك المجموعة حصة 5 بالمائة من مصرف الاتحاد الدولي للبنوك وحصة في وكالة سيارات علامة “كيا”، فضلا عن شركة “ماي فيل” المتخصصة في حلج القطن. بعد ثورة يناير 2011، تمكنت مجموعة بوشماوي من الدفع بأبنائها نحو مواقع القرار الاقتصادي، فترأست وداد البوشماوي الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعة، وهي أول امرأة تترأس المنظمة في تاريخ تونس.
اللومي
المجموعة العائلية اللومي (عائلة أصيلة “سكان أصليين” محافظة صفاقس)، وهي واحدة من الصناعيين الرئيسيين في تونس.
وتعمل المجموعة أساسا في نشاط صناعة الكابلات الكهربائية لصناعة السيارات عبر مجمع “كوفيكاب”. كما يملك المجمع العديد من الاستثمارات في القطاع الزراعي، وتمكّن من توسعة نشاطه خارج تونس ليمتد إلى المغرب، عبر تركيز مصانع لصناعة الكابلات في القنيطرة، لتجميع شبكات الكابلات الكهربائية لصناعة السيارات، خاصةً المجموعة الفرنسية “PSA”.
المجموعة، برئاسة هشام اللومي، النائب الأول لرئيس غرفة أرباب العمل التونسية الرئيسية “UTICA”، لديها فرعان في المغرب “كوفات” ومقرها في القنيطرة وكذلك “كويفكاب” المغرب، الموجود في طنجة، وتقع المجموعة في منطقة سيدي حسين سجومي في العاصمة التونسية. وعائلة اللومي تعد من المانحين الرئيسيين لحزب نداء تونس، عبر الشقيقين فوزي، وسلمى اللومي التي شغلت منصب وزيرة السياحة ورئيسة ديوان رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي.
إدريس
عائلة إدريس هي من أكبر العائلات الاقتصادية المؤثرة من جهة الساحل التونسي، وهي تنشط أساسا في القطاع السياحي، وتدير المجموعة سلسلة من الفنادق والمنتجعات السياحية بأكثر من 8 آلاف سرير، وتعد رائدة في هذا القطاع. كما تنشط المجموعة في مجال الصناعات البلاستيكية وتربية الأحياء المائية، وهي مساهم في شركة “الطيران الجديد تونس”. مجموعة إدريس لديها تقليد طويل في مجال التطوير العقاري، وهي مختصة في المباني والفيلات المخصصة للإيجار، والمخصصة للأعمال التجارية والصناعية والمكاتب والسكنية والمستودعات، وحتى مواقف السيارات.
المزابي
مجموعة المزابي، هي مجموعة متعددة النشاطات تعد من أكبر الشركات التونسية. تسيطر عائلة المزابي، ذات الأصول الجنوبية (منطقة جربة من محافظة مدنين) متمثلة في ثلاثة إخوة: المزوغي والمنصف والصادق، على المجموعة. تنشط المجموعة في عدة قطاعات أهمها الصناعة الإلكترونية، وتجارة السيارات، وتجارة الشاحنات والمعدات الصناعية، وصناعة الجلد، وتركيب الدراجات النارية، وتجارة المواد الإعلامية والعقارات، وتملك المجموعة 8.61 بالمائة من مصرف التجاري بنك، و1.13 بالمائة من مصرف الاتحاد الدولي للبنوك.
بن يدّر
تدير عائلة بن يدّر (مدينة جربة من محافظة مدنين جنوب تونس) ثاني أكبر مجموعة اقتصادية في تونس. وتعمل المجموعة في عديد الأنشطة الاقتصادية، من بينها القطاع البنكي (تملك بنك الأمان) وقطاع التأمينات (تأمينات كومار) والإيجار المالي. كما تدير المجموعة التي أسسها رشيد بن يدر في السبعينيات مجموعة المستشفيات الخاصة (مصحات الأمان)، ولها استثمارات في قطاعات الدواء وتوزيع السيارات وقطاع الشاحنات والآلات الضخمة الخاصة بالمقاولات والأشغال الكبرى.
“تدير عائلة بن يدّر (مدينة جربة من محافظة مدنين جنوب تونس) ثاني أكبر مجموعة اقتصادية في تونس.”
وعرفت مجموعة بن يدّر منذ عشرات السنين بقطاع المواد الغذائية، خاصة قهوة بن يدّر وقهوة بوندان. تتكون المجموعة من 70 شركة تعد جميعها الأكثر شهرة في قطاعها، وقد وردت في تصنيف مجلة “جون أفريك” عام 2018 لأفضل 500 شركة أفريقية، في المرتبة 149، حيث بلغ حجم مبيعاتها 770.1 مليون دولار.
المدب
تملك عائلة المدب (العاصمة تونس) مجموعة المدب الاقتصادية المختصة في الصناعات الغذائية، وتعمل أساسًا في صناعة الألبان. في عام 1978، أسس حمدي المدب أول شركة لها، الشركة التونسية للصناعات الغذائية، المتخصصة في منتجات الألبان، وأصبحت تدريجياً رائدة في صناعة الألبان في تونس. ووسعت المجموعة نشاطها في تصنيع وتعبئة وتسويق الحليب ومشتقاته. تم تشكيل مجموعة “دليس”، مما أثار اهتمام شركة متعددة الجنسيات مثل دانون التي دخلت معها في شراكة عام 1998. ويرأس حمدي المدب أحد أكبر الفرق الرياضية في العاصمة تونس “الترجي الرياضي التونسي”.
الوكيل
تقود عائلة الوكيل، في مدينة صفاقس، مجموعة من الشركات تنشط في قطاع مبيعات السيارات والعقارات، وهي تعمل في ثلاث عشرة دولة أفريقية، وفي فرنسا، ومن خلال المشاريع المشتركة في الشرق الأوسط. تأسست المجموعة في عام 1976 عبر تسويق الجرارات، وتطورت المجموعة في عام 1981 مع مصنع للمعدات الزراعية في صفاقس، وأبراج شبكات الاتصالات، والشاحنات. في عام 1992، قامت المجموعة بتسويق أجهزة وبرمجيات الكمبيوتر، وأجهزة الكمبيوتر والهواتف. كما تقوم المجموعة بتوزيع السيارات في تونس لعلامات “مازدا “و”سيتروان”.
الصورة من المصدر : www.alaraby.co.uk
مصدر المقال : www.alaraby.co.uk