خطف المسؤولين… سلاح لـ«تصفية حسابات الخصوم» في ليبيا
خطف مجهولون في العاصمة الليبية طرابلس، خالد التواتي، المدير التنفيذي للشركة الوطنية العامة للنقل البحري، عقب عودته من عمله، مساء الأحد، إلى منزله بمنطقة غوط الشعال؛ الأمر الذي يجدد المخاوف من تكرار عمليات خطف المسؤولين بالبلاد، لأسباب وُصِفت بأنها تستهدف «تصفية الحسابات».
ووسط تنديدات واسعة بعملية خطف التواتي، قالت الشركة الوطنية العامة للنقل البحري، في وقت مبكر من صباح اليوم (الاثنين) إنها «فوجئت بعد مغادرة رئيسها التنفيذي المقر الرئيسي للشركة، بمجموعة مسلحة مجهولة الهوية تقود ثلاث سيارات اعترضته وخطفته عنوة تحت تهديد السلاح، ولاذت بالفرار».
وعرفت ليبيا عمليات خطف المواطنين والنشطاء والسياسيين، والمسؤولين، على وجه الخصوص، عقب اندلاع «ثورة» 17 فبراير (شباط) عام 2011، وتفشي الفوضى وزيادة معدلات الانفلات الأمني. وتعدّ عملية خطف على زيدان، رئيس الوزراء، عام 2013 على يد مسلحين هي الأبرز في ليبيا، تلتها عمليات مشابهة.
خالد التواتي المدير التنفيذي للشركة الوطنية العامة للنقل البحري في ليبيا (المكتب الإعلامي للشركة)
وجاءت واقعة خطف التواتي, التي عدّها حقوقيون ليبيون سلاحاً يُستخدم في البلاد لـ«تصفية الحسابات بين الخصوم»، بعد عملية مماثلة تعرّض لها فرج بومطاري، وزير مالية في حكومة «الوفاق الوطني» السابقة، في مطلع شهر يوليو (حزيران) الماضي. وأُطلق سراح بومطاري، بعد ضغوط مارستها قبيلته (أزوية) على السلطة في طرابلس، من بينها إغلاق حقلَي الشرارة والفيل النفطيين في جنوب البلاد، كما اتهمت الصديق الكبير، محافظ المصرف المركزي، بالوقوف وراء خطفه.
ورأت الشركة الوطنية العامة للنقل البحري، أن عملية خطف التواتي، «لا تعدّ احتجازاً لحرية مواطن ليبي فوق تراب بلاده وحسب، بل تتعدى ذلك على نطاق أوسع لتضر بسمعة الشركة وعلاقتها مع عملائها وزبائنها في الداخل والخارج؛ الأمر الذي يشكل خطراً حقيقياً على هذه المؤسسة التي بقت بعيدة عن التجاذبات والصراعات في البلاد».
وأبدت الشركة استغرابها، وقالت: «بعد الاستقرار الذي شهدته خلال الآونـة الأخيرة، وفي وقت كنا نستعد فيه لاقتناء ناقلات جديدة، يتم خطف الرئيس التنفيذي للمؤسسة، على يد مجموعة من المجرمين».
وصعّدت الشركة من لهجتها، محمّلة مسؤولية خطف التواتي وسلامته للجهات الرسمية بالدولة الليبية والمتمثلة في رئاسة حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ووزارة داخليتها، والأجهزة الأمنية كافة، بعدما قالت إنها اتخذت الإجراءات القانونية كافة لدى الجهات المختصة.
وطالبت الشركة الوطنية العامة للنقل البحري المسؤولين بالعمل «بجدية تامة على تحديد هوية المجموعة المسلحة والقبض عليها، وتأمين سلامة أحد مواطنيها قبل أن يكون مسؤولاً عن مؤسسة حكومية»، منوهة إلى «توافر الاستدلالات كافة التي تحدد هوية المجرمين».
وناشدت الشركة المواطنين «ممن لديهم أي معلومات عن حادث خطف التواتي، التعاون بالإبلاغ عنها فوراً لدى الجهات المختصة».
وللعلم، فقد تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعاً مصوراً قيل إنه يوثق عملية خطف التواتي، من قِبل مسلحين بمنطقة غوط الشعال بمدينة طرابلس.
ومن بين المسؤولين الليبيين الذين سبق وتعرّضوا للخطف، محمد بعيو، رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، (ألغتها حكومة «الوحدة») عندما تعرض للتوقيف قرابة ثلاثة أسابيع على يد ميليشيا مسلحة بطرابلس، قبل إطلاق سراحه في الحادي عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020.
كما تعرّض مدير مكتب النائب الأول لرئيس الوزراء الليبي في حكومة «الوحدة الوطنية» رضا فرج الفريطيس، ومرافق له خلال زيارته مقر الحكومة في طرابلس للخطف في الثاني من أغسطس (آب) 2021.
وأدانت منظمات حقوقية ليبية كثيرة، عملية خطف التواتي، وحمّلت اللجنة الوطنية لحقـوق الإنسـان بليبيـا، خاطفي التواتي، المسؤولية القانونية «الكاملة» حيال سلامته الشخصية، مطالبة بإطلاق سراحه «فوراً دونما أي قيد أو شرط».
وحمّلت اللجنــة، في تصريح صحافي، وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية»، المسؤولية القانونية الكاملة أيضاً حيال ما أسمته «الخروقات الأمنية، وعدم الإيفاء بواجبتها والتزاماتها في ضمان أمن وحماية وسلامة المواطنين والمقيمين على الأراضي الليبية»؛ وذلك بالنظر إلى كونها الجهة المسؤولة بشكل مباشر على ضمان أمن وسلامة الليبيين، و«مقاومة الجريمة ومنع وقوعها».
وطالبت اللجنــة، جميع الجهات الأمنية المختصة بتكثيف جهود التحري والبحث لكشف ملابسات واقعة الخطف وضمان كشف مصير التواتي، وإطلاق سراحه وملاحقة الجُناة وتقديمهم للعدالة.
في السياق ذاته، طالبت منظمة «رصد الجرائم في ليبيا» بالإفراج الفوري و«غير المشروط» عن التواتي، محمّلة في تصريح صحافي الاثنين، حكومة «الوحدة الوطنية» المسؤولية «الكاملة» عن سلامته، كما دعتها إلى «بذل الجهود للكشف عن مصيره ومكان احتجازه، ومحاسبة الجناة».
وعلى خلفية خطف الوزير بومطاري، كانت البعثة الأممية في ليبيا عبّرت عن انزعاجها الشديد «من استمرار عمليات الخطف والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري للمواطنين والشخصيات العامة من قِبل مختلف الجهات الأمنية في ليبيا».
ورأت البعثة حينها، أن عمليات الخطف هذه «من شأنها أن تنتج مناخاً من الخوف، وأن تزيد من التوترات بين المجتمعات المحلية والقبائل. كما أن لها تداعيات خطيرة على توحيد المؤسسات الوطنية»، وانتهت إلى أن «استمرار هذه السلوكيات لا يمكن أن يساعد على المضي قدماً لإجراء انتخابات شفافة وشاملة وإنجاز المصالحة الوطنية».
#خطف #المسؤولين.. #سلاح #لـتصفية #حسابات #الخصوم #في #ليبيا
تابعوا Tunisactus على Google News