رؤية رئيس الدولة التعليمية.. قاطرة التنمية وعبور للمستقبل
أبوظبي: آية الديب
صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عدّ التعليم حجر أساس بناء الدولة، وبوابة العبور الآمن إلى المستقبل الأفضل، للوطن والمواطن، والقاطرة التي تقود التنمية الوطنية للمجتمع.
وآمن سموّه بأن التعليم ركيزة تقدم الأمم ونهضتها، وأن الاهتمام بالطلاب، وتوفير التعليم النوعي المتميز الذي يركز على الإبداع الفكري والتفكير الخلاق، والابتعاد عن الأساليب التقليدية، تأتي حرصاً على أن يكون المواطن المتعلم، خير استثمار يعود بالخير على الوطن.
وطالما أكد سموّه، ضرورة تنمية قدرات الطلبة وتطوير مهاراتهم، بما ينسجم مع متطلبات المستقبل وتحدياته، ويمكّنهم من بناء حاضرهم ومستقبل وطنهم، مع اعتزازهم بقيم مجتمعهم ووطنهم وهويتهم الأصيلة. وحرص على إزالة جميع المعوقات التعليمية، وحصر احتياجات المدارس والعمل على تلبيتها، ووضع البرامج التدريبية لجميع أعضاء الهيئة التعليمية.
ولم يقتصر اهتمام سموّه بالتعليم على وضع الرؤى والأفكار والتوجيهات، بل امتد إلى المتابعة والزيارات الميدانية والمبادرات النوعية، واستقبال الطلبة وتكريم المتميزين، والتوجيهات السديدة بتوفير جميع المعطيات التي تعزز مسيرة التطور العلمي، والتواصل مع المؤسسات التعليمية والمعلمين والطلبة، وتسخير الإمكانات التي ترتقي بالأداء التعليمي الذي يواكب مستجدات العصر واقتصاد المعرفة، وتوفير البيئة الحاضنة للمبدعين من الطلبة والمعلمين.
أظهرت أحدث المؤشرات العالمية، التي نشرها موقع «يو إس نيوز»، وأعدّها وفقاً لعدد من الإحصاءات المتخصّصة بتصنيف جودة التعليم، من مؤسسات ومنظمات مختلفة، وبعد مقارنة الإمكانات المتاحة لرصد الدول ذات الوسائل التعليمية المتميزة، والمتقدمة خلال عام 2021، تصدّر دولة الإمارات تعليمياً، حيث احتلت وفقاً لهذه المؤشرات المركز الأول عربياً، وال27 عالمياً بجودة التعليم.
وشغل صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، منصب رئيس مجلس أبوظبي للتعليم عام 2005، وتمثلت مهام المجلس في تنفيذ استراتيجيات وخطط قصيرة وطويلة الأمد، هدفها تطوير التعليم من مرحلة رياض الأطفال حتى الثانوية العامة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب تطوير التعليم العالي.
مكتب شؤون التعليم
وأسهم مكتب شؤون التعليم في ديوان ولي عهد أبوظبي، بدعم مسيرة التعليم داخل الدولة، عبر جهود استهدفت دعم الطلاب والعملية التعليمية، وبناء شراكات ترتقي بقطاع التعليم.
وبدءاً من عام 2016 أطلق المكتب فعاليات منتدى «قدوة» سنوياً، ومستمر إلى اليوم، ومثل منصة عالمية ملهمة تثري خطط التعليم، وتعزز مهارات الكوادر العاملة في الميدان التربوي وقدراتهم؛ حيث كان ملتقى يطرح خلاله خبراء السياسات وصنّاع القرار من مختلف أنحاء العالم، أفضل الممارسات والأفكار الهادفة إلى النهوض بالتعليم، لضمان جاهزية الطلاب على النحو الأمثل، ليكونوا على أتم استعداد لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
جائزة أفضل معلم
أظهرت مبادرات صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، المكانة المتميزة التي يحظى بها التعليم، وفق رؤيته الواعية المدركة لأهمية التعليم في بناء مسارات التنمية. وضمن أفكاره النيّرة، لنشر ثقافة التميز بين منتسبي الحقل التربوي، وجّه سموّه عام 2017، بإطلاق «جائزة محمد بن زايد لأفضل معلّم خليجي» التي تعكس اهتمام سموّه بإثراء العملية التعليمية، بإحداث قفزات استثنائية في مساراتها تسهم في تحقيق توجهاتها نحو نهضة تنموية شمولية، يشكل التعليم عمودها الفقري، وركيزة نحو انطلاقات هائلة في كل مناحي الحياة ومجالاتها.
وتسعى الجائزة إلى تحفيز المعلّمين على التميز والإبداع وتطوير الذات، لأن مهمة النهوض بقطاع التعليم تقع على كواهلهم، فضلاً عن دور المعلمين في غرس القيم الفاضلة والمبادئ السامية في الطلاب، وتوجيههم وإرشادهم، وتعزيز المواطنة الإيجابية لديهم، فكانت الجائزة وقوداً ومحركاً دافعاً لجميع المعلمين لبذل المزيد من الجهود في دفع عجلة التعليم ومخرجاته نحو العالمية.
وفي كلمة سموّه الخاصة بالجائزة التي وجّهها إلى المعلمين، قال «المعلم هو الضمانة الأكيدة لتحقيق تطلعاتنا في تنشئة أجيال متعلمة ومثقفة، تمتلك مهارات الإنجاز والابتكار والتميز والإبداع. ومعاً سنواصل العمل لضمان توفير تعليم نوعي لأبنائنا الطلبة وأجيالنا القادمة، يواكب ما وصلت إليه أنظمة التعليم الحديثة، لأن التعليم صمام الأمان وقاعدة ارتكاز لتقدم الشعوب وتطورها، لذا نحرص على أن يكون المعلم مبادراً وصاحب فكر مستنير، ولن نتوانى عن توفير كل المقومات التي تضعه في دائرة الضوء، ليأخذ دوره الريادي والمستحق عبر توفير مختلف العوامل والمبادرات والمشاريع التي تعلي رمزیته، معلماً تتكامل فيه شخصية المبدع المتقن لفنون التربية الحديثة والتعليم النوعي».
وفي عام 2019، وخلال المؤتمر الصحفي، لإعلان إطلاق الدورة الثالثة من الجائزة (2019-2020) أعلن سموه توسيع نطاق الدول المشاركة في الجائزة، لتشمل جمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، لتكونا ضيفتي شرف، بجانب فتح المجال لمشاركة المعلمين الوافدين في الدول المشاركة الذين يعملون وفقاً لنظام التعليم المعتمد فيها، وممن تنطبق عليهم الشروط.
وخلال عام 2021 ولدى إعلان تفاصيل الدورة الرابعة من الجائزة، أعلنت الجائزة توسيع نطاق مشاركات الدول، لتضم القائمة سبع دول جديدة، هي: سويسرا وفنلندا والنمسا وسوريا والمغرب والعراق وتونس، بجانب المشاركات السابقة المتمثلة في دول الخليج ومصر والأردن، فضلاً عن فتح المجال أمام المعلمين الأجانب وغير الناطقين باللغة العربية في المدارس الخاصة والدولية للتقديم والتسجيل باللغة الإنجليزية.
ومنذ انطلاقها عام 2017، أحدثت الجائزة نقلة نوعية في الميدان التعليمي، وأصبح لها مكانة راسخة عربية وإقليمية، وبات لها صدى إيجابي واسع في مختلف الدول المشاركة، ما عكس قيمتها وأهدافها ورؤيتها التربوية المستدامة التي أعطت عمقاً تعليمياً وتربوياً في شحذ همم المعلمين المبدعين.
مجلس أجيال المستقبل
وإيماناً بأهمية بناء الإنسان، لبناء الوطن، وتطوير قدرات الشباب لإعدادهم للمستقبل، انطلق تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد «مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل»، بدورته الأولى عام 2017، واستهدف الشباب والطلاب، ومثّل حلقة وصل بين الشباب والقيادات الملهمة في دولة الإمارات، لرسم معالم مستقبل أفضل للدولة. ويقدم للمشاركين فيه تجارب تعليمية مؤثرة للجيل القادم من القادة، ويتيح لهم الاستفادة من علم وخبرات مفكرين رياديين، وتعزيز المهارات ومواكبة التطور المهني.
التربية الأخلاقية
أطلق صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، مبادرة لدعم العملية التعليمية بمادة «التربية الأخلاقية» في المناهج والمقررات الدراسية، استهدفت تعزيز السلوك الإيجابي للطلبة ضمن رحلتهم التعليمية، بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، والمؤسسات ذات الصلة. وشملت المادة 5 عناصر رئيسية، هي: الأخلاقيات، والتطوير الذاتي والمجتمعي، والثقافة والتراث، والتربية المدنية، والحقوق والمسؤوليات.
ووفقاً للمبادرة شُكلت لجنة لاعتماد أطر منهجية ومعايير مناسبة لإعداد المادة، بما يتوافق مع الهوية الثقافية والعادات والتقاليد الإماراتية، لتسهم مع جهود مختلف المؤسسات والهيئات في وضع أسس علمية ومضامين تربوية، وبرامج مدروسة، وآليات عمل تضمن تكامل هذه المادة الحيوية مع باقي المقررات الوطنية والدراسية.
وأظهرت نتائج دعم الطلاب بهذه المادة حدوث تغيّر ملموس في سلوكهم وثقافتهم، ما انعكس في ارتفاع نسبة الالتزام بالحضور، والسلوك بشكل عام تجاه المعلم والزملاء. كما برز ذلك في تحمل الطلاب المسؤولية، واختلاف لغة الحوار بينهم، وتفاعل ذوي الطلبة مع المدرسة.
مدارس صينية
وفي إطار اهتمام سموّه بتوفير التعليم النوعي المتميز الذي يركّز على الإبداع الفكري والتفكير الخلاق، والابتعاد عن الأساليب التقليدية، افتتح في يناير/ كانون الثاني عام 2010 أول مدرسة من نوعها في المنطقة لتدريس اللغة الصينية في أبوظبي، تستهدف إعداد قاعدة وطنية من الكوادر المتخصصة، وكانت تضم هذه المدرسة حينها 75 طفلاً. وفضلاً عن اهتمامه بتعليم الأبناء مختلف اللغات الأجنبية، لبناء جيل يمتلك القدرة على التفاعل مع الثقافات والتحديات العالمية، ومواكبة التطورات المتسارعة في تكنولوجيا المعلومات، يؤكد سموّه ضرورة مواصلة تطوير منظومة تدريس اللغة العربية وأساليبها، بما يعزز إتقان الطلبة لها واستيعاب قيمها الجمالية والبلاغية.
وفي سبتمبر/ أيلول عام 2019، أطلقت وزارة التربية والتعليم، مشروع إدخال تدريس اللغة الصينية بالمدارس للحكومية، واعتماد تطبيق البرنامج في المدارس الحكومية، لغة ثالثة، مع الإنجليزية والعربية، أثناء التطبيق التجريبي، ثم توسعت الوزارة في المشروع، إلى أن شمل المراحل الدراسية كافة. ويبلغ عدد المدارس الحكومية التي تدرس اللغة الصينية، 142 مدرسة، 73 في دبي والمناطق الشمالية، و69 في أبوظبي والعين والظفرة، ويبلغ عدد الطلبة الذين يدرسونها 45 ألفاً و317، في مختلف المراحل الدراسية.
رياض الأطفال
افتتح صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، عام 2010 روضة أطفال أبوظبي وكانت تضم 94 طفلاً، وتعدّ أحد النماذج التربوية البارزة في تعليم رياض الأطفال، محلياً وإقليمياً.
وأكد سموّه خلال افتتاح الروضة، أن رياض الأطفال حلقة حيوية في منظومة التعليم، إذ إن هذه المرحلة تعدّ الأساس الذي يبني عليه المعلم شخصية الطالب ويكشف بها مواهبه وقدراته العلمية والتطبيقية، وتميزه في الأنشطة المختلفة الرياضية والفنية والموسيقية.. وغيرها من المفاهيم والقيم التي تغرس لدى الطفل في مراحله الأولى، وفي مقدمتها الولاء للوطن، وحب العمل، والالتزام والمسؤولية.
مكتبات المدارس
حرص صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، على إثراء المكتبات المدرسية بالكتب، انطلاقاً من أن دعم الكتاب دعم للعقول التي تمثل الركيزة الأساسية في نهضة أي دولة. ووجّه بتخصيص ستة ملايين درهم لشراء مجموعة قيمة من الكتب والمراجع والمواد التعليمية، ضمن 500 ألف عنوان، طرحت للبيع في «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» 2021، لتوزيعها على مكتبات مدارس الدولة، دعماً لقطاع التعليم، وإثراءً للمراجع وسبل تحصيل العلوم والمعارف المتاحة أمام جميع الطلاب في مختلف المراحل التعليمية.
حلم طالبة
وفي لفتة أبوية إنسانية حانية، حقق سموّه عام 2011 حلم طالبة يتيمة ومتوحّدة برؤيته، حيث كان عمرها 9 سنوات، وكانت كتبت في كراستها «إلى بابا محمد، أنا نفسي أشوفك وأنت تشوفني، وشكراً جزيلاً لكم». وبعد عرض نشرة علوم الدار في تلفزيون أبوظبي، مشاهد عن مبادرة الطالبة اليتيمة اليازية، التي لم يشكل التوحّد عائقاً أمامها، وشكلت لوحة بديعة هي علم الدولة مصمم بأحجار صغيرة تبلغ 13 ألفاً و400 حجر، ملوّنة بألوان علم الإمارات بطول 20 متراً وعرض خمسة أمتار، على مساحة بجانب مدخل «مدرسة المنى» الابتدائية، فوجئ بعدها الطلاب والمعلمون في المدرسة، التابعة لأكاديمية الدار، بزيارة سموّه محققاً رغبة الطالبة.
كلمات
كشفت كلمات صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن رؤية ثاقبة للتعليم، تضع الأسس لتعليم عصري عالمي يواكب طموح الإمارات، ويستشرف المستقبل للأجيال وتلهم شباب الإمارات لبناء دولة قوية متسلحة بالعلم والمعرفة.
فكانت أقوال سموّه إلهاماً وشرارة انطلاق نحو المستقبل، والتفكير في كيفية الاستثمار وبقوة في التعليم ودعم الموارد البشرية، لضمان جاهزيتها للعمل والإنتاج في الصناعات والمجالات الاقتصادية الحيوية البديلة عن النفط.
وضمن كلمات سموّه التي شكلت إلهاماً ودفعاً لمسيرة التعليم «رهاننا الحقيقي في هذه المرحلة، أن نستثمر كل إمكاناتنا في التعليم».
ومن كلمات سموّه «ما من أمة تسعى لأن تحتل مكاناً مرموقاً ومتميزاً إلا أولت العملية التعليمية والتربوية اهتماماً بالغاً».
#رؤية #رئيس #الدولة #التعليمية #قاطرة #التنمية #وعبور #للمستقبل
تابعوا Tunisactus على Google News