رياض الشعيبي لـ”القدس العربي”: ملاحقة من تساءل عن صحّة قيس سعيّد محاولة لتكميم الأفواه
تونس- “القدس العربي”:
قال رياض الشعيبي، مستشار رئيس حركة النهضة التونسية، والقيادي البارز في جبهة الخلاص الوطني، إن الجدل المُثار حول صحة الرئيس قيس سعيّد، جاء بعد “تكتّم” السلطة عن أسباب غيابه، معتبراً أن ملاحقة من تحدث عن مرضه هي محاولة جديدة لتكميم الأفواه في البلاد.
وقال الشعيبي في حوار خاص مع “القدس العربي”: “هذا الجدل كان نتيجة لتكتم السلطة عن أسباب غياب رئيس الدولة لأكثر من 12 يوما. فلو تعاملت السلطة بشفافية مع الموضوع وتوجّهت للرأي العام بحقيقة وضعه الصحي، لما انتشرت تلك الشائعات”.
صحة الرئيس شأن عام
اعتبر الشعيبي أن “صحة رئيس الدولة شأن عام يجب إحاطة كل المواطنين بمستجداتها، لأن أي تعذّر قد يطرأ على الرئيس يستوجب حتماً اتخاذ الإجراءات الدستورية المناسبة. فبعيداً عن الوضع الإنساني الذي يحتّم التعاطف إزاء مشاكل الرئيس الصحية والتمنيات له بالشفاء، فإن وضعه السياسي في رأس السلطة يحتّم التعامل الجدي مع هذا الموضوع”.
المعارضة التي ترغب بعودة الديمقراطية لا يمكن أن تطالب الجيش بالانقلاب على السلطة
وأضاف: “لكل ذلك، لا أرى عيباً في أي رأي عبّر عنه صاحبه، سواء بالمطالبة بالشفافية وإطلاع الرأي العام على حقيقة الوضع الصحي للرئيس، أو فيما يتعلق بالنقاش العام الذي انطلق حول الآليات الدستورية والسياسية التي يجب توخّيها للمحافظة على استقرار البلاد واستمرارية الدولة”.
لكنه أكد رفضه لعبارات التشفّي، التي قال إنها “لا تُلزم إلا أصحابها، وتدخل في فوضى الخطاب الذي يسود الساحة الوطنية، والذي لا يقل في تدنيه عن خطاب الكراهية والتحقير الذي يصدر باستمرار عن فريق السلطة”.
وفي أول ظهور له بعد غيابه لحوالي أسبوعين، هاجم الرئيس سعيّد المعارضة التي اتهمها بترويج الشائعات ومحاولة الانقلاب على السلطة ودعوة الجيش لاستلام الحكم.
وعلّق الشعيبي بقوله: “المشكلة أن الرئيس اعترف أثناء خطاب العودة أنه بالفعل مريض، فضلا عما لاحظه الجميع من علامات الإرهاق والضعف العام التي بدت عليه، فأين المشكلة إذن؟ هل المشكلة في أن يمرض الرئيس، أم في أن يعترف بمرضه، أم في أن يتحدث الناس عن هذا المرض؟”.
وأضاف: “لو بقي سعيد خارج نطاق المسؤولية الأولى في البلاد، هل كان الناس سيهتمون لمرضه؟ إذن الاهتمام بمرض الرئيس سببه ما يتحمله من مسؤولية إدارة البلاد، وهذا شيء مشروع ويدخل ضمن حقوق المواطنين في الوصول إلى المعلومة”.
لم نطلب تدخّل الجيش
كما انتقد الشعيبي “العنف والتوتر اللذيْن اتسم بهما خطاب الرئيس” والذي قال إنه أصبح “طابعاً ملازماً لكل خروج إعلامي لسعيّد منذ توليه السلطة”.
وأكد أن “المعارضة التي تبحث اليوم عن العودة للمسار الديمقراطي ليست في حاجة لتوعّك صحي قد يصيب الرئيس للبحث عن بديل له، أو أن تطلب تدخّل الجيش، وهي التي تبني شرعية خطابها على رفض انقلاب الرئيس على الشرعية الدستورية بمساعدة من أجهزة الدولة الصلبة. فطلبها الأساسي هو الذهاب لانتخابات رئاسية مبكرة بعد أن هُدِّمت كل المؤسسات وانتُهِكت كل الضمانات القانونية والحقوقية ودخلت البلاد مرحلة التراجع الخطير عن المسار الديمقراطي”.
القضاء ضد المعارضة
كان القضاء التونسي قد قرر ملاحقة جميع الأطراف التي نشرت “شائعات” حول مرض الرئيس سعيد.
وعلق الشعيبي بقوله: “هذه محاولة جديدة لتكميم الأفواه والتنكيل بكل رأي حر، والأخطر من ذلك، محاولة توظيف القضاء ضد المعارضة وقادة الرأي وحرية الإعلام. فالاعتقالات السياسية التي شملت كل العائلات السياسية، كرست نهج السلطة القمعي، أمام تراجع الدعم الشعبي للسلطة وعجزها عن إيجاد الحلول الضرورية لأزمات البلاد، كل ذلك لم يترك للسلطة من أسلوب لفرض الأمر الواقع غير قمع المعارضين والتنكيل بهم. وهذا القرار الأخير ليس أكثر من حلقة من حلقات الاستبداد المتمدد في البلاد”.
البرلمان غير الشرعي لا يجرؤ على المغامرة بالحديث عن صحّة الرئيس
وأضاف: “من حقنا أن نراقب أداء السلطة والتعبير عن رفضنا لسياساتها والاحتجاج على كل تجاوزاتها. كما أن أي معلومة تتعلق بصحة الرئيس يجب أن توضع بيد التونسيين ليطمئنوا على عدم وجود فراغ في إدارة الدولة، وعدم تسلل بعض اللوبيات للهيمنة على السلطة خارج كل إطار قانوني”.
البرلمان بلا شرعية
وحول “عدم اكتراث” البرلمان الجديد بغياب الرئيس، قال الشعيبي: “في الحقيقة، لا أحد في تونس يكترث لهذا المجلس نظراً لضعف شرعيته الانتخابية وللمسار السياسي الانقلابي الذي انبثق عنه، وأيضا بسبب تهالك مكوناته”.
وأضاف: “لذلك لا يجرؤ هذا المجلس على المغامرة بالحديث عن موضوع صحّة الرئيس وتبعاته القانونية والسياسية. ورغم أن البرلمان في أي نظام سياسي ديمقراطي هو المكان الطبيعي الذي تعالَج فيه مثل هذه الأزمات، لكن بسبب خصوصية هذا المجلس وضعفه، لا يمكنه إلا أن يبقى على هامش مثل هذه المعالجات”.
#رياض #الشعيبي #لـالقدس #العربي #ملاحقة #من #تساءل #عن #صحة #قيس #سعيد #محاولة #لتكميم #الأفواه
تابعوا Tunisactus على Google News