سابقة تاريخية.. مدربون محليون على رأس المنتخبات الأفريقية بالمونديال.. خيار مدروس أم ظرفي؟
تواصل المنتخبات الأفريقية المتأهلة لكأس العالم لكرة القدم آخر تحضيراتها لخوض مونديال قطر، وعلى رأس طواقمها الفنية مدربون محليون، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ المسابقة، بعدما كان من المعتاد حتى الآن تكليف مدربين أجانب، وبالأخص أوروبيين. واختلفت ظروف تعيين هؤولاء المدربين المحليين من بلد لآخر. فهل كان اعتماد هذه المنتخبات على المدرب المحلي خيارا مدروسا أم فرضته الظروف؟
بتعيين وليد الركراكي مؤخرا على رأس المنتخب المغربي، ستخوض المنتخبات الأفريقية الخمسة المتأهلة لكأس العالم لكرة القدم قطر 2022 المسابقة لأول مرة، بمدربين محليين اختلفت سياقات تعيينهم على رأس الجهاز الفني.
ومن بين المدربين المحليين الخمسة، يعد مدرب السنغال أليو سيسيه، الفائز بكأس الأمم الأفريقيية في فبراير/شباط 2022 بالكاميرون، الوحيد الذي يدرب منتخب بلاده منذ فترة طويلة. أما باقي المنتخبات فقد لجأت إلى مدرب محلي قبل الموعد العالمي ببضعة أشهر، حتى أن بعضهم قد تم تعيينه أصلا لتسيير فترة انتقالية.
فما هي مسيرة هؤلاء المدربين وظروف اختيارهم لقيادة منتخبات بلدانهم في كأس العالم؟
ريغوبر سونغ: رئيس الاتحاد الكاميروني صامويل إيتو يضع ثقته في صديقه القديم
بعد الفشل في التتويج بكأس الأمم الأفريقية التي أقيمت على أرضها في كانون الثاني/يناير الماضي، اختار رئيس الاتحاد الكاميروني لكرة القدم صامويل إيتو قائده السابق في منتخب “الأسود غير المروضة” ريغوبر سونغ، 46 عاما، لخوض مبارتي الدور النهائي من التصفيات المؤهلةلمونديال قطر، بعد إقالة البرتغالي توني كونسيساو الذي فشل في السيطرة على غرفة تبديل “الأسود”. إذ رفض مهاجم المنتخب إيريك شوبو موتنغ اللعب تحت قيادته مجددا بعد كأس أفريقيا بسبب عدم التعويل عليه أساسيا.
ونجح سونغ، الذي كان قائد منتخب بلاده في بداية الألفية في فترة تألقه، في قيادة الكاميرون لتأهل دراماتيكي لكأس العالم في آخر الدقائق على حساب الجزائر. وكان تعيينه بإصرار شخصي من إيتو، على الرغم من معارضة وزارة الرياضة الكاميرونية التي تمسكت بكونسيساو على رأس المنتخب على الأقل إلى غاية خوض مبارتي الدور النهائي للتصفيات ضد الجزائر. لكن بقرار سياسي جاء من رئيس البلاد بول بيا الذي تمكن إيتو من إقناعه بمهارات وفنيات سونغ، اضطر وزير الرياضة في النهاية للإعلان بنفسه عن تعيين سونغ في المنصب.
ويعول إيتو على قائده السابق لفرض الانضباط ضمن لاعبي المنتخب خصوصا بعد الفضائح السابقة التي تسربت عن “الأسود” خلال كأس العالم 2014 من سهرات ماجنة للاعبين ومطالبة بالمنح والتهديد بالإضراب.
ولا يملك سونغ أي تجربة تدريبية باستثناء تدريب المنتخب الكاميروني الأولمبي لأشهر قليلة، ما يجعل من تعيينه مخاطرة من إيتو المعروف بشخصيته القوية.
ويلعب “أسود” الكاميرون في مشاركتهم الثامنة بكأس العالم في المجموعة السابعة الصعبة إلى جانب البرازيل وسويسرا وصربيا.
وليد الركراكي، خيار اللحظة الأخيرة
بعد وصول علاقة المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش إلى نقطة اللاعودة مع الجماهير المغربية، وصدامه مع نجمي “أسود الأطلس” حكيم زياش ونصير مزراوي، لم يجد الاتحاد المغربي لكرة القدم بُدّا من تغييره قبل نحو شهرين من انطلاق كأس العالم.
وتردد اسم وليد الركراكي، 47 عاما، طيلة فصل الصيف للإشراف على قيادة منتخب بلاده في مسابقة بحجم كأس العالم، ليتم تعيينه في المنصب قبل بضعة أسابيع.
وكان المردود المهزوز للمنتخب المغربي في مباراة ودية ضد المنتخب الأمريكي والفوز بشق الأنفس على جنوب أفريقيا في تصفيات “الكان” في يونيو/حزيران، القطرة التي أفاضت الكأس في علاقة المغاربة به، جماهيرا ووسائل إعلام وحتى لاعبين.
ودفع التألق اللافت للوداد البيضاوي بقيادة الركراكي بفوزه بدوري أبطال أفريقيا على حساب العملاق الأهلى المصري والتتويج بالدوري المحلي، عاملا محفزا لرئيس الاتحاد المغربي فوزي لقجع للتعجيل بوضع ثقته في الركراكي، في قرار رحب به الشارع الرياضي المغربي.
وخلافا لريغوبرت سونغ، يملك الركراكي خبرة تدريبية جيدة، إذ قاد الفتح الرباطي للفوز بالدوري المغربي وكأس العرش، وتوج بدوري نجوم قطر مع الدحيل إضافة إلى إنجازاته الأخيرة مع الوداد.
يشارك المغرب للمرة السادسة في تاريخه في كأس العالم، وكانت أفضل نتائجه بلوغ الدور الثاني في مونديل المكسيك 1986. وسيلعب “أسود الأطلس” في المجموعة السادسة القوية مع كرواتيا وصيفة بطل العالم وبلجيكا المدججة بالنجوم وكندا الطموحة.
جلال القادري: من مدرب طوارئ إلى مونديال قطر
قبل بضعة أشهر، لم يكن أحد تقريبا في الشارع الرياضي بتونس يتنبأ أن جلال القادري سيقود المنتخب للتأهل لكأس العالم، وسيكون المدرب الأول لـ “نسور قرطاج” في قطر. لكن القادري الذي شغل خلال فترات مختلفة منصب مساعد المدرب الوطني، استغل فرصة حصوله على ثقة المشرف على الكرة التونسية وديع الجري لتدريب “النسور” في مبارتي الدور النهائي للتصفيات ضد مالي ليخلد اسمه في تاريخ الكرة التونسية.
ولدى القادري (51 عاما) تجربة تدريبية طويلة لكن معظمها كانت في فرق صغيرة في تونس والسعودية، ولعل إصابة المدرب السابق منذر الكبير بفيروس كورونا خلال كأس أمم أفريقيا 2022 وقيادته الناجحة لـ “نسور قرطاج” للفوز على نيجيريا منحاه نقاطا لتدريب المنتخب.
وحتى بعد نجاحه في تأهيل الفريق للمونديال، لم ينج القادري من الانتقادات والمطالب بتغييره بمدرب من “طراز عال” بعد أداء مخيب ضد بوتسوانا في تصفيات “كان 2023” في حزيران/ يونيو الماضي. لكن فوزين باهرين على تشيلي 2-0 وعلى اليابان 3-0 في دورة “كيرين” الودية جعلته يثبت نفسه مدربا لتونس في كأس العالم.
وتأهل المنتخب التونسي للمرة السادسة في تاريخه لكأس العالم، وكانت أفضل إنجازاته تحقيق أول فوز عربي وأفريقي في كأس العالم ضد المكسيك في مونديال الأرجنتين 1978.
ويلعب “نسور قرطاج” في المجموعة الرابعة المعقدة إلى جانب فرنسا بطلة العالم والدانمارك الصلبة وأستراليا.
أوتو أدو يعيد البريق لـ “النجوم السوداء”
جاء الاتحاد الغاني لكرة القدم بنجم هامبورغ الألماني السابق أوتو أدو (47 عاما) كمدرب مؤقت على عجل، بعد كارثة الإقصاء من الدور الأول في كأس أمم أفريقيا الأخيرة، والهزيمة المذلة أمام منتخب جزر القمر المغمور.
وقاد أدو منتخب “بلاك ستارز” للتأهل لكأس العالم للمرة الرابعة في آخر خمس نسخ على حساب نيجيريا القوية والمدججة بلاعبين في أعتى الفرق الأوروبية.
وفقد منتخب “النجوم السوداء” خلال الأعوام الأخيرة بريقه بعد اعتزال نجوم مونديال 2010 الذين بلغوا ربع النهائي، على غرار أسامواه جيان ومايكل إيسيان وسليمان علي مونتاري.
ولا يملك أدو، الألماني المولد والمنشأ، تجربة تدريبية حافلة، إذ اكتفى بتولي مهمة المدرب المساعد لفريقي هامبورغ وبوروسيا دورتموند.
ويعول أدو على إضافة لاعبين مزدوجي الجنسية قبلوا الانضمام لـ “النجوم السوداء” للمشاركة في المونديال، أبرزهم مهاجم أتلتيك بلباو الإسباني إيناكي وليامس ولاعب منتخب إنكلترا للشباب سابقا مارك لامبتي الذي يلعب حاليا لصالح برايتون.
وفي مشاركته الرابعة في كأس العالم، يلعب منتخب غانا في المجموعة الثامنة المتوازنة نسبيا مع البرتغال وكوريا الجنوبية والأوروغواي.
أليو سيسيه يحظى بثقة متجددة من السنغاليين
يتولى أليو سيسيه، قائد “أسود التيرينغا” في مونديال 2002 الذي وصلت فيه السنغال لربع النهائي، تدريب منتخب بلاده منذ سبع سنوات. ويحظى بثقة واسعة من السنغاليين لقيادة كتيبة من نجوم الطراز أول عالميا للمرة الثانية في كأس العالم.
وقاد سيسيه (46 عاما) منتخب بلاده أخيرا للفوز بكأس أمم أفريقيا (بالكاميرون) للمرة الأولى في تاريخها، وهو أمر متوقع بل كان مطلبا جماهيريا في السنغال التي تملك نجوما عالميين من أمثال ساديو مانيه مهاجم بايرن ميونيخ وليفربول سابقا وخاليدو كوليبالي مدافع تشيلسي، وإدوارد ميندي الذي اختارته الفيفا أحسن حارس مرمى في العالم لسنة 2021.
لم يدرب سيسيه طيلة مسيرته سوى منتخب السنغال كمدرب مؤقت في 2012، ومن ثم مدرب مساعد للمنتخب الأولمبي بين 2012 و2015، قبل أن يصبح مدرب المنتخب الأول منذ ذلك العام.
طيلة تلك الفترة، كانت السنغال تطارد لقبها القاري الأول ولكنها فشلت في 2017 و2019 في نيل اللقب على الرغم من ترسانة النجوم.
هذا الفشل القاري جلب كثيرا من الانتقادات لسيسيه، جاء أبرزها من النجم السابق الحاج ضيوف الذي صرح قبل 3 أعوام: “هذا الفريق بإمكانه الفوز بكأس أمم أفريقيا ولكن ذلك لن يكون ممكنا تحت قيادة سيسيه”.
ويعرف عن سيسيه التزامه التام بفرض الانضباط في غرفة تبديل الملابس وإصراره الكبير على العمل واحترام المواعيد والتركيز، وهي عوامل ضرورية للنجاح في المستوى العالي لكرة القدم.
وفي مشاركته الثالثة في كأس العالم، يلعب منتخب السنغال في مجموعة متوازنة تضم قطر المضيفة وهولندا والإكوادور.
عمر التيس
#سابقة #تاريخية. #مدربون #محليون #على #رأس #المنتخبات #الأفريقية #بالمونديال. #خيار #مدروس #أم #ظرفي
تابعوا Tunisactus على Google News