سعيّد يكلف “الصحة العسكرية” بإدارة أزمة كورونا.. ويقيل مدير التلفزيون
بينما أعلن زعيم “حركة النهضة” التونسية رئيس مجلس النواب، راشد الغنوشي، تكوين جبهة وطنية لمواجهة الرئيس، قيس سعيد، أبدى متابعون تخوفهم من انزلاق الأوضاع الأمنية في تونس، إذا تقرر اللجوء إلى ردود “خارجة عن القانون” وفق محلل تونسي.
إعلان الغنوشي، جاء بعد قرار سعيد، إقالة حكومة هشام المشيشي، وتجميد عمل مجلس النواب، ورفع الحصانة عنهم.
وبينما قال المشيشي إنه قرر الامتثال لرغبة الرئيس، وتسليم السلطة للشخصية التي يختارها، قرر الغنوشي، الاعتصام أمام البرلمان، وطلب من مؤيديه بفعل الشيء نفسه للضغط على الرئيس.
بعدها حاول كبح “التصعيد” الذي بدا واضحا في المشهد التونسي، خصوصا بعد تراشق أنصار سعيد والمتعاطفين مع حزب النهضة في شوارع تونس، بالقرب من مبنى البرلمان، ودعا إلى حوار وطني للخروج من الأزمة.
وجاء في بيان أصدرته الحركة الممثلة في البرلمان بـ53 عضوا من أصل 217، في وقت سابق، أن النهضة، “من أجل الخير للحياة الديمقراطية، مستعدة لانتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة ومتزامنة من أجل ضمان حماية المسار الديمقراطي وتجنب كل تأخير من شأنه أن يُستغل كعذر للتمسك بنظام استبدادي”.
يذكر أنه فور إعلان الرئيس سعيد قراراته، ندّد حزب النهضة بها وصفها بـ”الانقلاب على الثورة”.
تونس.. الولادة من الخاصرة
تونس مقبلة على ولادة من الخاصرة، ومخاض صعب؛ فالرئيس الذي يحظى بتأييد شعبي لم يكن قبل فوزه شخصية سياسية معروفة، وحاضرة، وهو الآن يحكم قبضته على السلطة، والسؤال المصيري هل سيعود إلى الاحتكام للدستور، وقواعد اللعبة الديمقراطية؟
واختلف وقع إعلان الغنوشي، إنشاء “جبهة وطنية لمواجهة الرئيس قيس سعيد” بين من رأى أن الأمر سياسي محض، ومن رأى أن الإعلان يحمل نوعا من “التهديد الضمني”.
في غضون ذلك، نقلت وكالة رويترز عن مصدر قضائي أن القضاء التونسي فتح تحقيقا مع 3 أحزاب سياسية، من بينها حزبي النهضة وقلب تونس، للاشتباه في تلقيهم أموال أجنبية خلال الحملة الانتخابية لعام 2019.
وهو “تصعيد” آخر يمكن أن يعمق الهوة بين حزب النهضة والرئيس أكثر، وفق متابعين.
لكن التخوف الأكبر، بحسب محللين تونسيين، هو أن تنزلق الأمور إلى العنف، وهو ما يمكن أن يزيد الوضع تعقيدا في تونس، التي تعيش على وقع أزمة اقتصادية ومالية حادة، فاقمها وباء كورونا.
فهل يمكن أن يؤول المشهد التونسي إلى العنف؟
في نظر المحلل التونسي، خالد عبيد، فإن “التخوف موجود” إلا أنه لا يرقى لكي يشكل تهديدا أمنيا على تونس، وفق تعبيره.
يقول عبيد في اتصال مع موقع “الحرة” إن حركة النهضة التي قد تكون الخاسر الأكبر من الوضع الحالي “لا يمكن أن تجنح للعنف” وأن الاحتشاد المحتشم لأنصارها أمام مبنى البرلمان مقابل الأعداد الهائلة التي خرجت تؤيد قرارات الرئيس “يثبت أنها لن تستطيع تعبئة التونسيين”.
ويرى في السياق بأن الوقع الإيجابي الذي أحدثته قرارات سعيد على “أغلبية المواطنين” يؤمّن لتونس مستقبلا مستقرا على المستويين الاجتماعي والأمني “على الأقل”.
جبهة وطنية..
من جانبه، استبعد المحلل السياسي، بدر السلام أن تلجأ أي من القوى السياسية في تونس إلى العنف، وقال إن الحديث عن “الجبهة الوطنية” يقصد به جبهة القوى السياسية التي تتقاطع مع النهضة سياسيا “على الأقل في تقدير ما أقره الرئيس” يعني الأحزاب التي وصفت قرار سعيد بـ”الانقلاب”.
ورجح في حديث لموقع “الحرة” أن يكون الرد سلميا “لأن العنف لا يخدم أحدا” وفق تعبيره.
وأضاف أن خيار العنف يخدم دائما الطرف الآخر، مشككا في أن تلجأ “النهضة” أو أي حزب آخر، إلى أي حركة من شأنها أن تؤدي إلى العنف.
يقول إنها (النهضة) ستلجأ إلى الخيار السياسي السلمي الذي يقوم على ثلاثة عناصر في نظره.
أولها، الدعوة إلى حوار وطني، وهو ما فعلته الحركة فعلا يوم 26 يوليو، والثاني محاولة الالتقاء مع الأحزاب التي رفضت ما قام به سعيد، على اعتبار أنها تتقاطع معها سياسيا في وصف ما حدث بـ”الانقلاب” لكنه شكك في أن تؤيد تلك الأحزاب كل ما تقرره الحركة للرد، وبالتلي فإن “الجبهة الوطنية التي دعت إليها النهضة لن تكون بتلك القوة المفترضة، حسب تعبيره.
تونس.. هل تنجح قرارات سعيد في تحويلها للنظام الرئاسي؟
لا يزال الجدل مستمرا في تونس بعد الخطوات الاستثنائية التي أصدرها الرئيس، قيس سعيد، في وقت سابق من الأسبوع الحالي، بإقالة الحكومة وتجميد عمل البرلمان وإسناد كامل السلطة التنفيذية لنفسه.
أما الخيار الثالث، فيتمثل وفق المحلل، في استثمار حلفائها في عواصم العالم للضغط على مؤسسة الرئاسة، ولا سيما التنظيم العالمي لحركة الإخوان المسلمين.
مستقبل غامض
وبعد أكثر من 48 ساعة على تولي سعيّد للسلطة التنفيذية، يترقب التونسيون ما ستكون عليه خارطة طريق المرحلة المقبلة، فيما يحذر المجتمع المدني من أي تمديد “غير شرعي” لفترة تجميد عمل البرلمان.
ويبرر الرئيس التونسي الإجراءات التي اتخذها وعلى رأسها تجميد أعمال البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه بـ”الخطر الداهم” الذي تواجهه البلاد في ظل أزمة سياسية عميقة أدت إلى شلّ الحكومة والمؤسسات العامة.
وجاءت إجراءات سعيد في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية فاقمتها تداعيات جائحة كوفيد- 19.
“هناك أمل”.. تونسيون يحلمون بالإصلاح السريع
بعد الهدوء الذي عم تونس العاصمة على خلفية الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس، قيس سعيد، أظهر تونسيون دعما واضحا لقراراته التي استولى فيها على السلطة، كما تقول صحيفة “نيويورك تايمز”.
وبعد أن جمّد ليل الأحد، أعمال البرلمان لمدة شهر وأعفى المشيشي من مهامه وتولى بنفسه السلطة التنفيذية، أعفى الإثنين وزير الدفاع ابراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة ووزيرة الوظيفة العمومية والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان، من مهامهما.
ويخول الفصل 80 الرئيس اتخاذ تدابير استثنائية “في حالة خطر داهم”، دون أن يحدد طبيعتها.
تابعوا Tunisactus على Google News