سياحة الدراجات الهوائية في «جزيرة المساجد» التونسية
منذ ساعتين
حجم الخط
جربة (تونس) ـ الأناضول: لم تكن مجرد رحلة عادية بالنسبة للزوجين التونسيين، أمير وريم، اللذين اختارا أن يشاركا أصدقاءهما في جولة سياحية بالدراجات الهوائية شملت عدداً من الأماكن الأثرية والمعالم الدينية القديمة في «جزيرة المساجد».. «جربة» التونسية (جنوب شرق).وشارك أمير الفقيه وريم لولو، وهما من ولاية صفاقس (جنوب) مجموعة تضمّ 30 درّاجاً من صفاقس وجربة، في رحلة استكشافية رياضية امتدت 120 كلم، على مدى يومي الجمعة والسبت.وهذه هي المرة الأولى التي يقوم بها أمير (في الثلاثينيات من عمره) رفقة زوجته لولو (في العشرينيات من عمرها) بجولة سياحية بالدراجة الهوائية، تشمل أقدم مساجد جربة وأحوازها الوعرة قي تضاريسها، والتي لم يكونوا ليبلغوها من دون الدراجة.
الدراجة في خدمة السياحة
ومنذ قرابة العامين، انطلقت مجموعة من الشباب في جربة، تضم اليوم 20 درّاجاً من مختلف الأعمار، بشكل تطوعي، في تنظيم مسالك سياحية في الجزيرة، بينها المعالم الأثرية والمساجد والكنائس غير المعروفة في المسالك السياحية الأخرى التي تنظمها وكالات الأسفار.ويحاول هؤلاء الشباب التعريف بالموروث «الجربي» (نسبة للجزيرة) ودائماً ما يسعون إلى دعوة مجموعات أخرى من هواة الدراجات الهوائية من خارج الجزيرة للقيام برحلة سياحية.وقال أمير الفقيه: «نحن مغرمان بركوب الدراجة، ونحب دائماً القيام بجولات مع أصدقائنا، وهذه المرة نشارك في رحلة مختلفة في جربة، بعد أن تم استدعاؤنا من قبل أصدقائنا في الجزيرة إلى جولة سياحية هنا».وأضاف: «أكثر شيء تُعرفُ به جربة هي سياحة النُزل والبحر، ولكن هذه الرحلة مختلفة، فنحن نمارس الرياضة لتكتشف التاريخ والتراث الجربي».و»سياحة النُزل» يُقصد بها استقطاب السياح للسكن في وحدات سياحية والاكتفاء بالشواطئ، بدلاً عن الانفتاح على المخزون التراثي والثقافي في الجزيرة، وخاصة مساجها التاريخية.فيما قالت ريم لولو: «جئت هنا لأكتشف جزيرة جربة أكثر من كوني أمارس الرياضة، أعجبني كثيراً ترحاب الناس هنا ورحابة صدرهم في التعامل معنا».وما يُميّز هذه الرحلة عن غيرها من الرحلات التقليدية أنها لا تحتاج إلى أي دليل سياحي، إذ يتولى هاشم وسيف (مشرفان على تنظيم الرحلة) تقديم معلومات تاريخية حول الأماكن الأثرية والمساجد لأصدقائهما من صفاقس.وقال سيف بن هلال: دعونا أصدقاءنا من ولاية صفاقس وتبادلنا معهم أجواء ركوب الدراجة وعرّفناهم على جزيرة جربة بطريقة مغايرة، فهذه الرحلة سياحية استكشافية، لكن بمنظور رياضي ثقافي.
رياضة وثقافة
وقال أمير الفقيه: «دون الجْرَابَة (نسبة إلى أهالي جربة) لا يمكن أن تتعرف على التراث والأماكن الأثرية بطريقة جيدة، فهم من عرفوننا على تفاصيل كل هذه الأماكن».هذه الرحلة انطلقت من وسط جربة إلى مزار «جربة هود» السياحي، في منطقة الرياض (5 كلم عن مركز الجزيرة) ومنها إلى كنيس الغريبة اليهودي، وهو أقدم كنيس يهودي في إفريقيا، ويعود تاريخه إلى 2400 عام.وفي 2014 قام 100 فنان تشكيلي من 34 جنسية برسم جداريات كبيرة الحجم على بيوت أهالي الرياض في جربة، وأطلقوا على التظاهرة اسم «جربة هود» وتحولت لاحقاً إلى مزار سياحي.وتواصلت رحلة الدراجين التونسيين لتشمل عدداً من مساجد الجزيرة القديمة الموجودة في أحوازها، وخاصة جامعي «سيدي ولحي» و»الغولة» وهما يقعان في أحواز الجزيرة على إحدى الهضاب.كما امتدت الرحلة إلى جامع «فضلون» وهو مسجد مبني تحت الأرض، وتحول قبل سنوات إلى متحف، وصولاً إلى متحف العادات والتقاليد في مدينة قلالة، على بعد 16 كلم من مركز الجزيرة.وخلال الرحلة، مر الدرّاجون على أحياء الجزيرة المختلفة، في مسالك ريفية تعرف باسم «الجادية» وهي مسالك صغيرة صعبة تحاصرها أشجار الصبّار من الجهتين. ومن الصعب جداً أن تمر السيارات من هذه الأماكن الضيقة للغاية، إضافة إلى صعوبة التضاريس في الهضاب المرتفعة.وجزيرة جربة هي الوجهة السياحية الأولى في تونس، وتضم عدداً كبيراً من النُزل والوحدات الفندقة التي تستقطب آلاف السياح سنوياً.كما تُعرف الجزيرة عالمياً بالتعايش الموجود على مستوى عرقي (عرب وأمازيغ) وديني (مسلمون ويهود) ومذهبي (إباضية ومالكية|).وتُسمى بـ»جزيرة المساجد» حيث يوجد بها قرابة 285 مسجداً، أقدمها جامع «أبي مسور» (القرن الرابع الهجري) كما يوجد بها 21 مسجداً تحت الأرض.وقال حمزة بوعجيلة، عضو في مجموعة شباب جربة: «دائماً ما نقوم بجولة سياحية لمختلف المساجد في الجزيرة».وتابع: «اكتشفنا عدداً كبيراً منها (المساجد) لم نكن نعرفها في السابق، وهذا كله بفضل الدراجة التي تدخل أماكن لا يمكن للسيارات الدخول إليها».ورغم العناء الكبير الذي تكبده المشاركون في هذه الرحلة، إلا أن أغلبهم يرغبون في إعادة التجربة عبر مسالك جديدة.وقال حسام قطاطة، رئيس جمعية الشفار للدراجات الهوائية (خاصة): «كانت رحلة رائعة، ونرغب في العودة مرة أخرى إلى جربة خلال أكتوبر/تشرين الأول المقبل بعدد أكبر من اليوم».وختم بأنه «في جربة يوجد موروث تقليدي كبير يجب المحافظة عليه.. مكّنتنا اليوم الدرّاجة من التعرف عليه، لهذا يمكن أن يكون هذا نوع من أنواع السياحة البديلة لاكتشاف الجزيرة».
تابعوا Tunisactus على Google News