سياسيون تونسيون يرجّحون «تخلي» السعودية والإمارات عن وعودهما السابقة بتمويل ميزانية الدولة | القدس العربي
منذ 23 ساعة
تونس – «القدس العربي»: أثارت دعوات الرئيس قيس سعيد المتكررة للتونسيين بالتقشف والاعتماد على الموارد المحلية لتعزيز الميزانية، جدلاً سياسياً دفع بعض المراقبين للحديث عن «فشل» رئيسة الحكومة نجلاء بودن، خلال زيارتها الأخيرة للرياض، في إقناع السعودية والإمارات بتمويل الميزانية العامة التي تعاني عجزاً كبيراً، وخاصة في ظل ورود أنباء عن تكليف سعيد لوزير الخارجية عثمان الجرندي بمهمة طلب الدعم المالي من الجزائر، بعد أيام من امتناع تونس عن التصويت لقرار مجلس الأمن التمديد لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية (مينورسو).
وكان الرئيس قيس سعيد دعا، خلال استقباله محافظ البنك المركزي مروان العباسي، إلى «التقشّف في التصرّف في المالية العمومية حتى لا تُصرف الأموال في واردات تونس ليست في حاجة إليها في هذا الوقت بالذات» مشدداً على «ضرورة التعويل على أنفسنا قبل كل شيء، وعلى أن يكون التعاون على المستوى الدولي في خدمة حاجيات تونس وفي إطار اختياراتنا الوطنية».
كما أكد خلال استقباله رئيسة الحكومة نجلاء بودن «ضرورة التعويل على القدرات الوطنية قبل البحث عن موارد من الخارج» مجدداً «الدعوة إلى التقشّف في المال العام، وشدّد كذلك على ضرورة أن يشعر جميع المواطنين بأنهم معنيون بالسياسات التي تنتهجها الدولة» وفق بيان الرئاسة التونسية.
وقال غازي الشواشي، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي: ”يبدو أن بعض الأشقاء رفعوا أيديهم عن مساعدة تونس مالياً”، معتبراً أن «تراجع بعض الأشقاء (في إشارة لدول الخليج) عن دعم تونس يعود للضبابية، وهو ما دفع برئيس الجمهورية قيس سعيد إلى التشديد على ضرورة التعويل على القدرات الوطنية قبل البحث عن موارد من الخارج.
وأضاف، في تصريح إذاعي: «الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال، ولن تكون قادرة على القيام بالحد الأدنى المتعلق بإيقاف نزيف المالية العمومية أو ارتفاع الأسعار، والمسؤول الوحيد عن ذلك هو رئيس الجمهورية الذي وضع بيده كل المسؤولية. ومهمة الحكومة الآن تنحصر في تطبيق توجيهات رئيس الدولة وليس وضع السياسات، في حين أن البلاد مهددة بالانهيار والإفلاس والانفلات».
وكتب رفيق عبد السلام، القيادي في حركة النهضة: «نادية عكاشة (رئيسة الديوان الرئاسي) على اتصال مستمر بقرقاش وزير الدولة للخارجية الإماراتية، طلباً لضخ بعض المال في خزينة الدولة التي أوصلها الرئيس قيس سعيد للإفلاس، لكن جواب الرجل «أبشري» على طريقة أهل الخليج، ومعناها لا شيء غير بيع الكلام والأوهام. سعيد يعد التونسيين بأنه سيجلب لهم الرخاء بعد الانقلاب، والإماراتيون يعدون سعيد بالعطايا بمجرد تنفيذ المهمة، لكن الحصيلة انعدام الرواتب وفقر وإفلاس يتهدد الجميع».
وقبل أيام، تحدث مسؤول كبير في البنك المركزي التونسي عن مفاوضات «متقدمة جداً» مع السعودية والإمارات لتمويل موارد الدولة التي تعاني نقصاً شديداً، دفع وزير التربية للتحذير من عدم تمكن الحكومة من تأمين أجور المعلمين، لكن يبدو أن الدولتين تخلتا ربما عن وعودهما السابقة، وفق بعض المراقبين.
وكتب السفير السابق إلياس القصري: «آمل أن تنقذ قروض أو تبرعات من دول شقيقة وصديقة تونس من الأزمة العميقة التي ضاعت فيها. عقد من النهب والحكم المتخبط قد يكون عبثاً ومضللاً؛ لأن هذه المساعدات لن تتمكن من التصدي للإخلالات الخطيرة للإدارة والاقتصاد التونسيين. ينبغي الاعتراف بأن الأزمة في تونس ليست ظرفية، بل مستمرة منذ مدة وتستلزم إصلاحات عميقة مؤلمة، وأن الهروب إلى الأمام من الديون والتسول لا يمكن أن يجعلها أكثر اذية واقتصادياً واجتماعياً ودبلوماسياً».
وأضاف، على صفحته في موقع فيسبوك: «من ناحية أخرى، كيف يمكننا أن ندعي الديمقراطية الحديثة ونحن في الوقت نفسه مديونون لدول تشهد نكوصاً اقتصادياً، وهذا يقوض ديمقراطيتنا الناشئة وسيادتنا الداخلية». وتحت عنوان «تقشّفوا واستعدّوا نفسيّاً للفقر والأيّام السوداء!» كتب المحلل السياسي عبد اللطيف دربالة: «رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد، وبعد أن أغرق الشعب الحالم والواهم في الأحلام الورديّة والوعود العسليّة وقال لهم بأنّ الأموال موجودة وأن تونس غنيّة وتحتاج فقط لحاكم «نظيف» و»وطني» مثله، بدأ التمهيد للأيّام التعيسة القادمة، فبشّر الشعب بأنّه لا وجود لمساعدات ولا لقروض أجنبيّة (…) يعني ذلك بوضوح أنّه لا توجد حاليّاً موارد من الخارج». وأضاف، على صفحته في موقع فيسبوك: «لا مساعدات ولا قروض ولا هبات في ظلّ شبه قطيعة معلنة من الدول المانحة ومن المؤسّسات الماليّة الدوليّة المقرضة، بسبب ما اعتبروه انحرافاً عن الديمقراطيّة في تونس، واستيلاء على كامل الحكم والسلطة خارج الدستور من قبل شخص واحد نصّب نفسه بنفسه مكان وفوق جميع السلط، وبفعل عدم الاعتراف الدولي ضمنيّاً بشرعيّة وتمثيليّة نظام سعيّد الحالي وحكومته حتّى مع الاعتراف السياسي بهما، ولأنّ المعاهدات الدوليّة والاتفاقيّات الماليّة والقروض تستوجب موافقة ومصادقة السلطة التشريعيّة عليها طبقاً للقانون الدولي، في حين أغلق قيس سعيّد مقرّ السلطة التشريعيّة في تونس عبر مدرّعات أمنيّة وعسكريّة، ورفض حتّى الذهاب لانتخابات جديدة سابقة لأوانها. لذا، انسوا أحلام العظمة والرخاء والازدهار التي وعدكم بها قيس سعيّد قبل وبعد استيلائه على السلطة لتبرير ذلك، وجهّزوا أنفسكم للسنوات العجاف، ولدفع الضريبة الثقيلة فوراً!».
فيما قال الخبير الأممي السابق ورئيس حزب المجد، عبد الوهاب الهاني، إن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية التونسي إلى الجزائر تأتي في إطار طلب الدعم المادي لاستكمال تمويل الميزانية، وذلك بعد أيام من اصطفاف تونس إلى جانب الجزائر ضد المغرب فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية.
وكتب على صفحته في موقع فيسبوك: «غموض كبير يكتنف زيارة وزير الخارجية في حكومة التدابير الاستثنائية إلى الشقيقة الجزائر، بعد 24 ساعة من السفر ليلة أمس على عجل (للمشاركة في إحياء الذكرى 67 لاندلاع الثورة الجزائرية، حسب البلاغ الخشبي لوزارتنا للخارجية)».
وأضاف: «الزيارة تأتي في سياق صعوبات مالية وبحث عن استكمال تمويل الميزانية، وعشية امتناع تونس إلى جانب روسيا عن التصويت على قرار مجلس الأمن التمديد بسنة لبعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية مينورسو، في تغيير مفاجئ وانقلاب في الموقف التونسي. وهو انقلاب واضح في المواقف، بعد تصويت تونس السنة الفارطة مع القرار، لا يمكن أن يقر نفسه أ إلا في إطار محاولة التقرب من المحور الجزائري، ومن ورائه الدب الروسي وشركاؤه الإقليميون».
وأثار امتناع تونس عن التصويت لقرار مجلس الأمن التمديد لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية (مينورسو) جدلاً واسعاً داخل البلاد وخارجها، واعتبر البعض أنه انحياز للموقف الروسي المعارض للقرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة، وقال آخرون إنه انحياز للجزائر على حساب المغرب، وهو ما نفته الرئاسة التونسية التي أكدت أنها تلتزم «الحياد الإيجابي» تجاه قضية الصحراء.
#سياسيون #تونسيون #يرجحون #تخلي #السعودية #والإمارات #عن #وعودهما #السابقة #بتمويل #ميزانية #الدولة #القدس #العربي
تابعوا Tunisactus على Google News