- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

شراع: زيارة بايدن المرتقبة والخطأ التاريخي – جريدة الوطن

- الإعلانات -

خميس بن حبيب التوبي
حين سُئل الرئيس الأميركي جو بايدن عن الهدف من زيارته المُرتقَبة إلى الإقليم، وخصوصًا دوَل مجلس التعاون الخليجي لدوَل الخليج العربية، أجاب بالفَمِّ الملآن بأنَّ القرار (أي قرار الزيارة المُرتقَبة) يتعلَّق بأمْرٍ أكبر من قِطاع الطَّاقة ألَا وهو “أمْنُ إسرائيل”. هكذا هي زيارات الرؤساء والمسؤولين الأميركيين لا تخرج عن التقليد الثابت، ولا تَحيد قَيْدَ أُنملة عن هذا الهدف، تحقيقه لا يتأتَّى إلَّا بدغدغة عواطف أو احمرار عَيْنٍ، وما عدا ذلك من موضوعات فهي ثانويَّة.
إنَّه الأمْنُ الأزلي لقاعدة الاستعمار الامبريالي المُتقدِّمة المُسمَّاة “إسرائيل” والمُقدَّم على أيِّ أمْنٍ بما في ذلك الأمْنُ الأميركي، وهو الأمْنُ الذي بِاسْمِه لا تزال دوَل الإقليم خاضعةً رقابها لهذا الاستعمار الذي يستمرُّ في نَهْبِ ثرواتها ومُقدَّرات شُعوبها، ومُصادرة قرارها السِّيادي، وهو الأمْنُ الذي بِاسْمِه فُجِّرتْ حربُ الثماني سنوات بَيْنَ العراق وإيران، ثمَّ محاصرة العراق وشيطنته والزَّعم بأنَّه يُهدِّد أوروبا بأسلحة الدَّمار الشامل المزعومة في غضون خمس وأربعين دقيقة، وأنَّه يُهدِّد جيرانه، وهو التهديد الذي كان يفهمه قصارُ الفَهْمِ من العرب بأنَّ المقصود بالجيران الدوَل العربية، في حين كان المقصود هو القاعدة العسكرية للاستعمار الامبريالي المُسمَّاة “إسرائيل”؛ وذلك إيذانًا بِغَزْوه وتدميره، وهو الأمْنُ الذي بِاسْمِه دُبِّر بلَيْلٍ مُخطَّط ما سُمِّيَ كذبًا “الربيع العربي” لاستكمال مُخطَّط التدمير والإطاحة والتفتيت وعدَم الاستقرار لضمان هذا الأمْنِ، على النَّحْوِ الذي يشاهده الجميع الآن في تونس وليبيا وسوريا واليمن ولبنان وغيرها.
المُؤسِفُ حقًّا أنَّ مُخطَّط الشَّيطنة واصطناع الأعداء الوهميين يتواصل باسْمِ ضمان الأمْنِ لقاعدة الاستعمار في الإقليم المُسمَّاة “إسرائيل”، والأكثرُ أسَفًا ويَندَى له الجبين أنَّ هناك مِنْ بَيْنِ ظهراني هذه الأُمَّة مَنْ يَتنادَى لهذه المزاعم والأكاذيب والافتراءات ويَسمعُ لها، ويُسانِدُ في تهيئة الأسباب دُونَ أدْنَى تَفكُّرٍ واعتبار، قافزًا على حقائق التاريخ والجغرافيا، ودُونَ أنْ يَنتبِهَ إلى مَا هو ثابت وراسخ جغرافيًّا وتاريخيًّا وبَيْنَ مَا هو طارئ وَسَاطٍ على التاريخ والجغرافيا.
إنَّ الارتماء في العباءة الصهيو ـ أميركية باستعداء شركاء وأصدقاء وجيران للعرب كما هو حال الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتَّخندُق في الخندق الصهيوني لمواجهتها، هو خطأٌ تاريخيٌّ وجغرافيٌّ واستراتيجيٌّ؛ ستَكُونُ له ارتدادات وعواقب وَخِيمة على مستقبَل الإقليم، وخصوصًا دوَل الخليج العربي.
إنَّ دوَل الإقليم مَدعوَّة رسميًّا وشعبيًّا إلى استلهام عِبَرِ التاريخ ومَواعِظِه، ولعلَّ أقربَ مِثالٍ حيٍّ يُمكن الاستفادة منه هو مَا يَدورُ الآن بَيْنَ روسيا الاتِّحادية وحِلْفِ شمال الأطلسي “ناتو” على الأرض الأوكرانية، حيث تجري التَّضحية بآخر جندي ومواطن أوكراني، والتَّضحية باقتصاد أوروبا وباستقرارها ووحدتها وبلقمة شُعوبها لصالح الأنجلوـ ساكسون ولصالح الصهيونية العالمية؛ أيْ لا يُوجد في عُرف هؤلاء النَّفعيين حُلَفاء أو أصدقاء.
إنَّ محاولة إرغام دوَل الإقليم على التطبيع والمُهادنة مع القاعدة الاستعمارية المُسمَّاة “إسرائيل” والمُشاركة في توفير مظلَّة أمنية عَبْرَ شبكات من الإنذار المُبكِّر والمنصَّات الصاروخية المُوجَّهة إلى “العدو” المصطنع (وأعني بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية)، هي محاولة لَنْ تخدم استقرار هذه الدوَل؛ لأنَّ أيَّ خطوةٍ تصعيديةٍ باستهداف المنشآت النووية الإيرانية، أو أيَّ خطوةٍ يخطوها الصهاينة ومَنْ معهم لاستهداف المقاومة في لبنان على خلفيَّة عزمها التحرُّك لإفشال عملية السَّطو على الثروات النفطية والغازية اللبنانية في حقل كاريش المتنازع عليه، وتوفير احتياجات أوروبا من الطاقة بديلًا عن النفط والغاز الروسيَّيْنِ، من المؤكَّد أنَّها ستَكُونُ خطوةً غير محسوبة العواقب، فماذا لو استهدفت طهران محطَّات الكهرباء وتحلية المياه في الخليج، عندها كيف سيَكُونُ حال الدوَل المُستهدَفة بذلك؟ فضلًا عن احتمال وجود بنك أهداف لدى طهران لِتردَّ على كُلِّ مَنْ يستهدفها أو ينطلق من أراضيها.
إنَّ الحفاظ على “أمن إسرائيل” ـ أيُّها الرئيس بايدن ـ لا يتحقق باستعداء دوَل جارة، ولا يتحقق بالتطبيع القَسْري على حساب أرض الشَّعب الفلسطيني ومقدَّراته، وإنَّما يتحقق بالاعتراف بحقوق هذا الشَّعب في نَيْل حُريَّته واستعادة حقوقه المسلوبة وإقامته دَوْلته الفلسطينية المستقلَّة على أرضه وعاصمتها القدس، ومعاكسة طريق الحقِّ بطريق الباطل هي طريق النِّهاية للمظاهر الشاذَّة والمخالفة للشرائع والخارجة عن القانون الدولي في هذا الإقليم.

#شراع #زيارة #بايدن #المرتقبة #والخطأ #التاريخي #جريدة #الوطن

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد