صندوق النقد يرسل إشارات إيجابية لمصر وتونس ويشيد بسياسات السعودية |
الرياض – أرسل صندوق النقد الدولي إشارات إيجابية عن تجاوب سريع وتسهيل توفير قروض لمصر وتونس، في الوقت الذي اعتبر فيه أن السعودية تعد نقطة مضيئة في الاقتصاد العالمي الذي تحاول فيه دول كبرى تجنب الركود.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا في مقابلة مع وكالة “رويترز” خلال زيارة للسعودية الاثنين، إن توقيع اتفاقات على مستوى الخبراء مع مصر وتونس سيتم “قريبا جدا”.
وأضافت جورجيفا أن الصندوق في مناقشات متقدمة مع الدولتين، حيث تعاني الحكومتان من أزمات اقتصادية تشكل ضغوطا كبيرة على الماليات العامة.
وقالت “يمكنني أن أؤكد أن هناك مناقشات في مرحلة متقدمة جدا مع الدولتين لإبرام اتفاقات على مستوى الخبراء، من الصعب التنبؤ إن كان ذلك سيستغرق أياما أم أسابيع، لكنه سيكون قريبا جدا”.
وتابعت “ننظر في أمر برامج كبيرة. يتم اتخاذ قرار بشأن الحجم عادة عبر المفاوضات ويتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنه مع السلطات”.
وتنتظر الحكومة المصرية الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي قبل نهاية العام الجاري، وسط توقعات لخبراء بتمويل تتراوح قيمته ما بين 5 و10 مليارات دولار.
ويأتي طلب الحكومة المصرية بسبب الضغوط التي سببتها الحرب الروسية – الأوكرانية، التي جعلت الاقتصاد المصري يعاني من خروج مليارات الدولارات من سوق الدين المحلي، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات الناشئة، ما شكل ضغوطا على العملة المحلية التي انخفضت إلى أكثر من 17 في المئة منذ مارس الماضي.
هذا بالإضافة إلى انخفاض عائدات السياحة، وتراجع الاحتياطي النقدي للبلاد إلى ثلاثة وثلاثين فاصل ثلاثة مليار دولار، بعد أن كان أكثر من 40 مليار دولار في يناير الماضي، وكذا ارتفاع تكاليف استيراد الطاقة والحبوب.
وتأمل تونس في الحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي قبل نهاية الشهر الجاري لإنقاذ ماليتها المتعثرة، وذلك بعد توصلها إلى اتفاق مع الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد)، يتعلق بالزيادة في الرواتب.
وأجرت الحكومة التونسية مع صندوق النقد الدولي خلال الأشهر الماضية مناقشات عديدة للحصول على قرض لإنعاش المالية العامة مقابل إصلاحات صعبة، من بينها خفض الدعم المخصص للطاقة والغذاء وإصلاح المؤسسات العامة التي تعاني عجزا ماليا كبيرا.
ويتخوّف صندوق النقد من ألّا يقبل الاتحاد الإصلاحات الاقتصادية، وسط إشارات وتصريحات متناقضة من قادة المنظمة بخصوص القبول بالإصلاحات أو رفضها، وهو ما أوحى بأن الاتحاد ليس جهة موثوقة يمكن الرهان عليها لبدء هذه الإصلاحات، خاصة أن الأمر لا يهم الحكومة وحدها، ذلك أن صندوق النقد وجميع المتدخلين يطلبون توافقا تونسيا قبل إعطاء ضوء أخضر لرعاية هذه الإصلاحات وتمكين تونس من التمويل اللازم.
وفي إشادة بالسعودية، وصفت مديرة صندوق النقد الدولي الاقتصاد العالمي بأنه أصبح “قاتما”، إلا أنها قالت إن “أداء الاقتصاد السعودي نقطة مضيئة وسط الأزمات العالمية”.
وقالت جورجيفا في تصريحات لها، عقب اجتماعها مع لجنة التعاون المالي والاقتصادي لمجلس التعاون الخليجي في الرياض، “نمر بأوقات صعبة”.
وأكدت مديرة صندوق النقد الدولي “حرصها على مناقشة آفاق التعاون الاقتصادي مع السعودية”.
وجاءت تصريحات جورجيفا على هامش انعقاد اجتماع لجنة التعاون المالي والاقتصادي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض الاثنين، برئاسة وزير المالية السعودي محمد الجدعان، والذي تم عقبه توقيع وزارة المالية مذكرة تفاهم بشأن إنشاء مكتب إقليمي لصندوق النقد في المملكة.
وكان صندوق النقد توقع أن تصبح السعودية واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، على أن ينمو ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 7.6 في المئة هذا العام.
وتوقعت مديرة الصندوق تحقيق دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام نموا بنسبة 6.5 في المئة، واستمرار زخم النمو الاقتصادي في منطقة الخليج.
ورأت مديرة صندوق النقد الدولي أن الركود العالمي يمكن تجنبه إذا اتسمت السياسات المالية للحكومات بالاتساق مع تشديد السياسة النقدية، لكنها رجحت دخول دول في ركود العام المقبل.
وأشارت إلى أن السياسات المالية لا يمكن أن تظل كما هي في ظل تشديد السياسة النقدية، لأن أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة تضرب طبقات من المجتمع بشكل عنيف.
وقالت “نحتاج إلى أن تتحرك البنوك المركزية بحسم. لماذا، لأن التضخم مرتفع جدا… وهو يضر بالنمو ويضر جدا بالفقراء. التضخم ضريبة على الفقراء”.
ولفتت جورجيفا إلى أن السياسات المالية التي تقدم دعما للجميع دون تمييز من خلال كبح أسعار الطاقة وتوفير الدعم على السلع، تعمل ضد أغراض السياسة النقدية.
وقالت “لديك سياسة نقدية تضغط على المكابح وسياسة مالية تضغط في اتجاه زيادة السرعة”.
ودقت مديرة صندوق النقد الدولي الاثنين ناقوس الخطر حول انعدام الأمن الغذائي، الذي يهدد 141 مليون شخص في العالم العربي.
وأشارت المديرة، في مؤتمر بالرياض، إلى أن 48 دولة معرضة لتداعيات الأزمة الغذائية في العالم، وأن ما يصل إلى 20 دولة، كثير منها في أفريقيا، قد تحتاج إلى مساعدات طارئة لمواجهة أزمة الغذاء العالمية.
وأضافت “من بين 48 دولة من المرجح أن تطلب 10 إلى 20 تقريبا مساعدات طارئة”، مضيفة أن “الكثير منها” يقع في منطقة أفريقيا جنوبي الصحراء الكبرى.
ووافق صندوق النقد الجمعة على نافذة جديدة للاقتراض للتعامل مع صدمات الغذاء في إطار أدوات التمويل الطارئة الحالية، لمساعدة البلدان المعرضة للخطر على التعامل مع نقص الغذاء وارتفاع التكاليف الناجم عن الحرب الروسية في أوكرانيا.
وأبلغت الدول الأعضاء في المؤتمر “نحن هنا من أجلكم”.
وسيضم صندوق النقد الدولي صوته إلى الدعوة إلى محاربة قيود تجارة المواد الغذائية من أجل تخفيف الوضع، ويخطط لتمويل نافذة الاقتراض الجديدة باستخدام مخصصات حقوق السحب الخاصة للعام الماضي.
وتدخلت بلدان في منطقة الشرق الأوسط وخارجها لدعم الدول التي تواجه ارتفاعا في معدلات تضخم الغذاء، والنقص الذي زادت حدته نتيجة للتطورات الجيوسياسية العالمية والمخاطر المتزايدة بحدوث ركود عالمي.
وقالت جورجيفا في بيان إن دول الخليج العربية “تخطط لتقديم المزيد من التعهدات قريبا”، بعد إعلان مجموعة التنسيق العربية في الآونة الأخيرة عن تقديم عشرة مليارات دولار مبدئيا لتخفيف أزمة إمدادات الغذاء العالمية.
ووقّع صندوق النقد والسعودية الاثنين اتفاقية لإنشاء مكتب تمثيل إقليمي للصندوق في الرياض.
وقالت أليس جاور، مديرة الجغرافيا السياسية والأمن في شركة أزور إستراتيجي الاستشارية ومقرها لندن، إن ضمان الاستقرار الاجتماعي من خلال توفير المواد الغذائية الأساسية يمثل أولوية خارج حدود الدول المتضررة بشكل مباشر.
وأضافت لرويترز “المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والأرز والعدس معرضة لخطر عدم إمكانية الوصول إلى المجتمعات التي تعاني فقر الغذاء في جميع أنحاء المنطقة”.
وتابعت “الرغبة في الاستقرار الإقليمي، وبالتالي الأمني، دفعت دولا مثل السعودية والإمارات إلى زيادة الاستثمار في دول تتعرض لضغوط مالية”.
#صندوق #النقد #يرسل #إشارات #إيجابية #لمصر #وتونس #ويشيد #بسياسات #السعودية
تابعوا Tunisactus على Google News