صورة ألمانيا النازية في العالم العربي | صحيفة الخليج
القاهرة: «الخليج»
يتناول المؤرخ البولندي لوكاز هيرزويز في كتابه «ألمانيا الهتلرية والمشرق العربي» الفترة التي خضعت فيها ألمانيا للحكم النازي بقيادة أدولف هتلر، منذ عام 1933 حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، وسقوط هتلر والنازية، وإن كان المؤلف قد قدم لذلك باستعراض عام للفترة السابقة، منذ توحيد ألمانيا عام 1871 ونظراً لأن ألمانيا الموحدة إلى حد كبير لم تكن قوة احتلال في العالم العربي منذ ظهورها كدولة موحدة، لأسباب عديدة، فضلاً عن أنها لعبت دوراً مناوئاً ومنافساً للقوى الاستعمارية الغربية في بلدان العالم العربي حين تقاسمت فيما بينها احتلال معظم دول، فقد وقر في ذهن المواطن العربي أن ألمانيا دولة غير استعمارية.
يتناول الكتاب بالدراسة علاقة ألمانيا والألمان بالعالم العربي خلال الفترة التي سادها تيار الإعجاب العربي بالألمان حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، والذي تبدى في صور وأشكال عديدة لأفراد وتنظيمات وقادة وساسة في كثير من أرجاء العالم العربي، وقد تناول المؤلف دراسته بروح علمية أكاديمية رصينة، اعتمد فيها على أوثق المصادر الأصلية المتاحة وأهمها الوثائق الألمانية الرسمية في الأرشيفات الألمانية أو تلك التي استولى عليها الحلفاء والمنتصرون، هذا بالإضافة إلى ما تيسر له من مؤلفات ومذكرات وكتابات لبعض الشخصيات العربية، التي كانت لها صلات أو علاقات وثيقة بالسياسة الألمانية خلال فترة الدراسة.
من بين أبرز الموضوعات التي تناولها المؤلف بالدراسة في فصوله الأربعة عشر: ألمانيا والدولة العثمانية، ألمانيا والمسألة الفلسطينية، ألمانيا والدولة السعودية، ألمانيا والبلدان العربية: سوريا ولبنان وفلسطين ومصر والعراق والسعودية عند اندلاع الحرب العالمية الثانية، ألمانيا والعراق والثورة العراقية ورشيد عالي الكيلاني، ألمانيا ومعارك الحرب في سوريا، ألمانيا والحرب في مصر، ألمانيا ومعارك الشمال الإفريقي، خاصة في تونس، وغير ذلك من الموضوعات والقضايا المهمة التي تمثل رؤية مهمة وجديدة من خلال الوثائق الألمانية.
تستند أصول الأحداث التي يعرض لها الكتاب إلى عاملين لم يحل اختلافهما دون تلاقيهما وتشابكهما في كثير من الأحيان، وهذان العاملان هما المنافسة التي نشبت بين الدول الكبرى وأوقعت الإنسانية في حربين عالميتين، ورغبة الشعوب المستعبدة في رفع نير السيطرة الأجنبية، وفي الفترة التي يتناولها الكتاب اتضحت المنافسة بين الدول الكبرى التي خرجت صفر اليدين من التسابق الاستعماري – أي ألمانيا وإيطاليا واليابان – لإعادة تقسيم العالم، وكانت النتيجة المعروفة لهذا الاتجاه هي احتلال اليابان لمنشوريا، والتدخل الدولي في شؤون إسبانيا، والاعتداء الإيطالي على الحبشة، والقضاء على استقلال النمسا وتشيكوسلوفاكيا وألبانيا، وغزو بولندا، وكارثة الحرب العالمية الثانية، وهذا الكتاب يعرض لسياسة أهم الدول التي خرجت صفر اليدين من المنافسة الاستعمارية – أي ألمانيا النازية – إزاء العالم العربي.
يوضح الكتاب بالتفصيل علاقات ألمانيا الهتلرية بالعالم العربي، مستنداً إلى المادة الوثائقية التي لم تستغل من قبل، على هذا المدى الشاسع، وهو يبين الخطأ الرئيسي الذي تردى فيه هتلر حين اتبع استراتيجية عسكرية قصيرة النظر، بتركيزه كل جهوده على «خطة برباروسا» الخاصة بالهجوم على الاتحاد السوفييتي، وتجاهله إمكانات الثورة في العالم العربي ضد الاستعمار الغربي، كما أن هذا الكتاب من ناحية أخرى يوضح موقف القادة العرب والرأي العام العربي من المشروعات والدعاية النازية، ويقدم للقارئ العربي عرضاً ممتعاً لموضوع كان في الماضي القريب موضعاً لكثير من التساؤلات.
#صورة #ألمانيا #النازية #في #العالم #العربي #صحيفة #الخليج
تابعوا Tunisactus على Google News