استخدمت السلسلة الجديدة من حلقات برنامج “الكوكب المتجمد” طائرات بدون طيار عالية السرعة للتحليق على طول الجدار الدقيق للثلوج المتساقطة في انهيار جليدي، وصورت لقطات حية لنمور سيبيريا النادرة وهي تطارد فرائسها، واستخدمت أجهزة الميكروسكوب لتصوير الجليد وهو يتشقق.
وبعد أكثر من عقد من الزمان من صدور السلسلة الأولى، يعود الجزء الثاني من البرنامج الوثائقي “الكوكب المتجمد”، مستخدما تقنية جديدة لمنح مشاهدي بي بي سي نظرة ثاقبة وغير مسبوقة للحياة في أبرد أجزاء كوكبنا، والتي يتعرض الكثير منها لتهديد كبير بسبب تغير المناخ.
استغرق الأمر من وحدة التاريخ الطبيعي في بي بي سي أربع سنوات ونصف من التصوير في 18 دولة مختلفة لإنتاج البرنامج المكون من ستة أجزاء.
وكانت النتيجة، كما يكشف السير ديفيد أتينبورو، هي التقاط صور لـ “ظواهر طبيعية لم يسبق للبشر رؤيتها من قبل”.
وأدى نجاح السلسلة في الكشف عن سلوك حيواني جديد بالفعل إلى إصدار علمي عن نحلة لابلاند الطنانة – مع توقع المزيد لاحقا.
ومن الحلقة الأولى، سيرى المشاهدون نمرا سيبيريا مهددا بالانقراض (يُعرف أيضًا باسم نمر آمور) يتجول بحثا عن مصادر محتملة للطعام وينام في الشتاء في الكهوف – وهي المرة الأولى التي يُصور فيها هذا الأمر.
لقد كان ذلك صعبا للغاية – لا يتبقى سوى أقل من 550 نمرا من هذا النوع في العالم – واستغرق الأمر ثلاث سنوات لتصوير ذلك.
وتتمثل ميزة الانتظار لمدة 11 عاما لإنتاج سلسلة جديدة في أن تقنية التصوير بالكاميرات قد تطورت كثيرا.
واُستخدمت أجهزة الميكروسكوب في تصوير تكسير الجليد تحت أقدام بطاريق الإمبراطور الصغيرة أثناء قيامها برحلة إلى البحر. وضُبطت كاميرات الفاصل الزمني التي يجري تشغيلها بواسطة الحركة لتصوير نمر أثناء التنقل. ودخلت وحدة التاريخ الطبيعي في بي بي سي في شراكة مع خبراء التصوير الفضائي لتوثيق ذوبان الجليد الكبير على نطاق عالمي.
ولعل الأمر الأكثر إثارة للإعجاب هو اعتماد وحدة التاريخ الطبيعي في بي بي سي لأول مرة على جيل جديد من الطائرات بدون طيار خفيفة الوزن وسريعة الاستجابة.
وقد مكّن هذا الفريق من تصوير التجربة المباشرة المرعبة المتمثلة في التحليق على سفح الجبل بجانب انهيار جليدي.
واستخدمت هذه الطائرات بدون طيار أيضا لتوثيق ولادة جليد عملاق في غرينلاند – وهو حدث سريع ويصعب التنبؤ به.
وعلى مدار أكثر من أربعة أسابيع، كان الفريق يراقب الوضع بالتناوب لمدة 24 ساعة في اليوم، وكان على استعداد لإرسال الطائرات بدون طيار لمسافة ميل تقريبا عبر المحيط للوصول إلى المخزن الجليدي الواسع. وتغمر المقاطع المصورة المشاهد بكتل جليدية شاهقة، يبلغ ارتفاعها حوالي 100 قدم (30 مترا)، وهي تنفصل عن الجبل الجليدي.
ويشير مارك براونلو، المنتج التنفيذي للبرنامج، إلى أن الجزء الثاني من سلسلة الكوكب المتجمد لا يتعلق فقط بتصوير لقطات جميلة، لكنه أيضا “يلفت الانتباه إلى التغييرات الجارية الآن”.
وتفقد غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية الجليد حاليا بسرعة تصل إلى ستة أضعاف ما كان عليه الأمر قبل 30 عاما. وتقلص الغطاء الجليدي في غرينلاند بشكل مستمر على مدار الـ 25 عاما الماضية بسبب تغير المناخ، وفقا للأمم المتحدة.
وقد بذل فريق العمل جهودا مضنية لبناء اتصال مع “الشخصيات” – كما تحب منتجة البرنامج إليزابيث وايت الإشارة إلى الحيوانات.
وفي أحد المقاطع، يستمتع المشاهد برؤية ثيران المسك حديثة الولادة خلال الأيام الأولى من حياتها الصعبة في منطقة التندرا المتجمدة القاحلة.
وفي خضم دراما الحيوانات، من السهل أن تنسى أن شخصا ما كان يعاني من نفس الظروف الصعبة خلف الكاميرا لالتقاط مثل هذه اللحظات.
يقول أليكس لانشيستر، منتج الجزء الثاني من الكوكب المتجمد، إن “مشغل الكاميرا الذي صور قصة ثور المسك كان عليه أن يخيم في القطب الشمالي في ظروف عاصفة ثلجية”.
ويضيف: “لقد جر خلفه كوخ حديقة على لوح التزلج الخاص به وعاش فيه”.
وإلى جانب الصعوبات التي تأتي دائما مع التصوير في أكثر الأماكن وعورة على سطح الأرض، فقد تزامن ذلك مع تفشي وباء كورونا.
واضطر طاقم تصوير بالفيلم إلى الدخول في حجر صحي لمدة 42 يوما في جنوب إفريقيا قبل أن يبدأ حتى رحلته إلى القارة القطبية الجنوبية.
وسجل هانز زيمر موسيقى الحلقات، وعمل مع كاميلا كابيلو لإنتاج أغنية جديدة للسلسلة الوثائقية.
وقالت كاميلا لبي بي سي: “أن أكون قادرة على الجمع بين شغفي بالكوكب الذي نعيش عليه وموسيقاي فهذا يعني أن حلمي قد تحقق”.
وأضافت: “سرد السير ديفيد قوي للغاية، ونحن نحاول حماية هذه النظم البيئية الرائعة من الاحتباس الحراري”.