«فالكيري».. مثال حي على خطورة أخونة الجيش والدولة
شاهدت منذ فترة قصيرة فيلماً أمريكياً يحمل اسم «فالكيرى» تم إنتاجه عام 2008، و«فالكيرى» هى خطة وضعها الضباط الألمان، الذين حاولوا الانقلاب على «هتلر»، وكانت هذه الخطة تستهدف اغتيال الزعيم النازى، عن طريق تفجير لغم خلال أحد الاجتماعات التى يحضرها الرئيس هتلر، وكان رئيس أركان الجيش الداخلى هو الذى سيفجر هذا اللغم ثم يعمل الانقلابيون الأبطال، على نشر قوات الاحتياط لنزع سلاح فرق الصاعقة ثم حل المنظمات النازية.
وكان قائد تنفيذ هذه الخطة هو العقيد «شتاوفنبرج»، حيث اقترح على قياداته الأبطال أن يفجر لغماً فى أحد الاجتماعات التى يشارك فيها الرئيس الألمانى أدولف هتلر وينتحر ليخلص ألمانيا وأوروبا بشكل عام من خطر النازية، ولكن قادته وزملاءه أكدوا له أهمية بقائه حياً بعد الاغتيال لاستكمال تنفيذ الخطة باعتباره أحد العسكريين البارعين فى تنفيذ مثل هذه الخطط.
فوافق هذا العقيد وترك اللغم فى الاجتماع وترك الاجتماع بحجة أنه سيذهب لأمر ما عاجل وانتظر حتى انفجر اللغم وظن أن «هتلر» قد مات ورغم أنه بعد مشاهدته للانفجار وتم إغلاق كل المنافذ المحيطة بموقع الانفجار إلا أنه أقنع أحد الضباط الصغار الذى منعه من الخروج بأن القيادة النازية وقيادة الجيش أعطته استثناء بالخروج، ونجا بنفسه بالفعل فقط فى هذه اللحظة.
وتدور الأحداث وينجح رئيس أركان الجيش الألمانى الداخلى فى إقناع قياداته المشاركين فى الانقلاب بأن هتلر مات رغم أن الحزب النازى ينفى هذا الأمر حتى يختاروا زعيماً جديداً للحزب ولهذا وافقوه على تنفيذ الخطة وأرسلوا للمطبعة العسكرية نداء بنزول القوات الشعبية العسكرية للشارع واحتلال مواقع المنظمات النازية وأهمها مقر جهاز المخابرات النازى وسيطرة الجيش الاحتياطى والأساسى على قوات الصاعقة ومواقع الجيش المختلفة ثم التليفزيون لإعلان نجاح الانقلاب والتخلص من النظام النازى.
ولكن حسبما قرأنا فى التاريخ وجاء فى الفيلم فقد تحدث أحد الضباط مع هتلر عبر الهاتف فى غرفة رئيس المخابرات النازى أثناء القبض على الأخير واكتشف أن أدولف لم يمت ففضح الأمر وسط قيادات الجيش الوسيطة وعادت سيطرة المخابرات النازية على الجيش مره أخرى وأُعدم المناضل «شتاوفنبرج» ورفاقة رمياً بالرصاص وخلدت أسماؤهم فى التاريخ بعد أن انتصر الحلفاء على ألمانيا النازية وانتحر زعيم النازية قبل القبض عليه.
كان هذا الضابط الذى فقد عينه اليسرى ويده اليمنى فى تونس حيث يحارب هناك، غاضباً من السياسات الهتلرية النازية وعرف عنه فى ذلك الوقت وسط بعض قياداته القليلين وزملائه أنه ناقم على هذه السياسات ولكنهم لم يفضحوا سره، كما أثاره مشاهدة آلاف الضباط والجنود يعانون بسبب الحرب العالمية الثانية ولم يكن مقتنعاً بأى رسالة سامية للحزب النازى بل كان يعتبره حزباً إرهابياً بامتياز.
وللأسف ظل الحزب النازى الذى كان يرفع شعار: «ألمانيا أولاً» ويعتقد قياداته أن العرق الألمانى هو أطهر عرق فى العالم يحكم لمدة 15 عاماً، وسيطر هذا الحزب على الجيش وكافة مؤسسات الدولة بسبب طول مدة الحكم وأقنعوا كثيراً من الألمان تارة بالأفكار وتارة بالقوة والديكتاتورية والقتل والتعذيب بحق الحزب النازى فى حكم العالم والاستمتاع بثرواته على حساب حق الإنسان فى الحياة.
وفى ظنى أن المصريين واجهوا نفس هذا الموقف وهذه الحالة بل ما هو أخطر منها عندما وصل الإخوان للحكم عن طريق التجارة بالدين وأوضحت فى مقالات سابقة أن الحكم الدينى أخطر من الحكم النازى والفاشى لأن المتأسلمين أو الذين يحكمون باسم الله يؤمنون بأنهم الأفضل والذين يملكون الحقيقة المطلقة، بل إنهم يحكمون بدعم من الله وهذه الأخيرة تجعلهم أكثر خطورة من النازيين الذين يؤمنون بأنهم الأفضل ويملكون الحقيقة المطلقة ولكن ما زالوا بشراً ومن الأسهل مواجهتهم، بينما المتحدثون باسم الله من الصعب نهرهم خوفاً من إغضاب الإله بشكل عام.
وللحقيقة، نحن قلبنا موازين العالم حيث إننا تخلصنا من الحكم الدينى والإرهابى بعد عام واحد فقط ولو كنا فشلنا لكان الإخوان الإرهابيون سيطروا على الجيش ومؤسسات الدولة المختلفة من قضاء وإعلام وشرطة وإلى آخره بأفكارهم الإرهابية والمتطرفة وظلوا يحكمون بالحديد والنار لسنوات طويلة لا أعلم مدتها وكنا سننهار كدولة فى المنطقة وستنهب آثارنا وستتغير ملامحنا وطباعنا أكثر وأكثر.
وبعد أن شاهدت هذا الفيلم مر أمام عينى فيلم تخيلى ماذا كان سيحدث فى مصر والمنطقة العربية لو أجهز الإخوان على حكم الوطن العربى؟
بالطبع هناك أمثلة كثيرة لخطورة الحكم الدينى على أوروبا بالعصور الوسطى وفى المنطقة وخاصة السودان واستمرار هذا الحكم لسنوات بينما اعتقد أن المثال النازى فى القرن العشرين باعتباره تصوراً ومعتقداً بشرياً وليس ربانياً، كما يسوق تجار الأديان والإرهابيون يجعلنا نشعر إلى أى قدر خطورة استمرار الجماعات الدينية والإرهابية فى الحكم أكثر من عام.
وأعتقد أن ثقافة المصريين الوسطية بحكم التاريخ والجغرافيا وحالة التعايش بين الأديان منذ قديم الأزل فى مصر وقربنا من الحضارة الأوروبية وتأثرنا بالحضارات السبع التى كتب عنها ميلاد حنا أحد قيادات حزب التجمع فى كتابه «الأعمدة السبعة» هو الدافع الرئيسى لشعورنا بالخطر.
كما أن نجدة الجيش المصرى وتدخله فى الوقت المناسب وتحدى الفريق عبدالفتاح السيسى لكل القوى العالمية التى كانت تدعم الإخوان فى هذا الوقت تعبير أصيل على أن جيش القدماء المصريين وهو أول جيش فى التاريخ لن يسمح بتمزيق مصر والعالم على يد جماعات إرهابية، ولهذا فعلينا أن نفتخر بمخزوننا الحضارى الذى جعلنا أكثر قدرة من شعوب كثيرة وعلى رأسهم الشعب الألمانى، وما أدراك الأخير فى أن نكتشف خطورة جماعات الدم سريعاً جداً ونصمد أمامهم ونهزم كل القوى العالمية التى دعمتهم، فالمجد لمصر وجيشها وشعبها المناضل.
#فالكيري. #مثال #حي #على #خطورة #أخونة #الجيش #والدولة
تابعوا Tunisactus على Google News