فرنسا تتعهد بدعم تونس في الأزمة الصحية والاقتصادية |
تونس – تعهد رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس الخميس بدعم فرنسا لتونس في محنتيها الصحية والاقتصادية، وخصوصا من أجل تأمين إمدادات من اللقاحات المضادة لفايروس كورونا المستجد.
ويجرى كاستيكس زيارة إلى تونس ومعه وفد من الوزراء ورجال أعمال بمناسبة الدورة الثالثة للمجلس الأعلى للتعاون الفرنسي – التونسي، الذي أعلن الخميس توقيع ست اتفاقات بين البلدين.
وتشمل الاتفاقات قطاعات النقل البحري ومجابهة الكوارث الطبيعية والزراعة والمياه والتجارة والمجال الرقمي، بقيمة إجمالية تفوق 142 مليون يورو.
وبشأن الأزمة الصحية المتفاقمة في تونس التي تعيق الإنعاش الاقتصادي، ولاسيما قطاع السياحة الحيوي، قال كاستيكس إن فرنسا أرسلت آلات لإنتاج الأكسجين سيتم توجيهها إلى مستشفيات بوسط تونس ومعدات وتجهيزات طبية، بما في ذلك أجهزة تنفس وتحاليل الاختبارات بقيمة 3 ملايين يورو.
وأضاف كاستيكس “المفتاح للخروج من الأزمة هو اللقاح. نحن ملتزمون بالاتصال بشركائنا في إطار مبادرة كوفاكس من أجل تسليم تونس اللقاحات المخصصة لها بأسرع وقت ممكن”.
وتواجه تونس أزمة مزدوجة، صحية وسياسية، وتواجه السلطات خطر فقدان السيطرة على وباء كورونا والمرور إلى موجة رابعة، بجانب أسوأ أزمة اقتصادية تتخبط فيها، في ظل علاقات مهتزة بين مؤسسات الحكم.
وتعمل الحكومة على حشد الدعم من شركائها ومن بينهم فرنسا، في سبيل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لتمويل إصلاحات اقتصادية، يتوقع أن تشمل مجالات الدعم والرواتب والتوظيف في المؤسسات العمومية المتعثرة.
وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي عن تركيز المجلس الأعلى للتعاون على التنمية والإنعاش الاقتصادي وإحياء الاستثمارات في المستقبل، لخلق فرص عمل للشباب بالإضافة إلى التعاون الأمني.
لكن فرنسا تطلب أيضا، مثل باقي دول الاتحاد الأوروبي، تعاونا أكبر من تونس من أجل التحكم في تدفق الهجرة غير الشرعية عبر سواحلها، وتفيد الإحصاءات بأن 15 في المئة من الواصلين إلى السواحل الأوروبية بطريقة غير شرعية يحملون الجنسية التونسية.
وتعد فرنسا شريكا تجاريا وماليا مهما لمستعمرتها السابقة تونس، إذ ظلت في عام 2019 شريكها التجاري الأول، حيث بلغت حصة فرنسا نحو 29.1 في المئة من الصادرات التونسية، فيما بلغت حصتها من الواردات التونسية 14.3 في المئة، بحسب أرقام لوزارة الخارجية الفرنسية.
وتوظّف 1413 منشأة فرنسية متواجدة في تونس أكثر من 140 ألف عامل، وتساهم فرنسا في مشروعات تنموية في تونس ضمن خطط الوكالة الفرنسية للتنمية بقيمة 1.7 مليار يورو حتى عام 2022.
ويقدر عدد أفراد الجالية التونسية في فرنسا بنحو 800 ألف، فيما يبلغ عدد الفرنسيين الذين يعيشون في تونس قرابة 30 ألفا.
وقال كاستيكس في وقت سابق الخميس “إذا كانت تونس تواجه صعوبات، فستكون للأمر عواقب على فرنسا، الشريك والصديق”، وسط تشديده على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية في وقت تعدّ فرنسا الشريك التجاري الأول لتونس.
وأضاف “يجب أن نحاول مع شركائنا التونسيين البحث عن منطلق جديد في إطار احترام سيادتهم”.
وسرعان ما غادر كل من وزير الداخلية وكاتب الدولة وعادا إلى باريس، عقب أزمة انقطاع اتصالات خدمات الطوارئ في فرنسا.
وتأثر تبعا لذلك برنامج الزيارة ليوم الخميس الذي خصص حول انعقاد الدورة الثالثة للمجلس الأعلى للتعاون الفرنسي – التونسي، والذي انعقد في 2017 و2019.
ومع تفاقم الأزمة الوبائية ونقص مادة الأوكسيجن في تونس، قدمت فرنسا ثلاثة مولدات أوكسيجين إلى مستشفى في سيدي بوزيد (وسط)، إضافة إلى 38 ألف أداة للكشف السريع عن فايروس كورونا و240 ألف كمامة من صنف “أف.بي.بي 2”. ومن المتوقع وصول حمولة بـ4.5 مليون كمامة إلى تونس قريبا، وفق الحكومة الفرنسية.
وتراهن تونس على زيارة كاستيكس اقتصاديا، حيث تمر البلاد بوضع صعب جدا مع وجود مؤشرات سلبية على المفاوضات بين تونس وصندوق النقد.
وتعاني تونس من وضع اقتصادي صعب في ظل خوضها مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، من أجل قروض جديدة تمتد على ثلاث سنوات مقابل التعهد بتنفيذ إصلاحات واسعة.
وتواجه البلاد خلافات سياسية بين الرئيس أستاذ القانون الدستوري السابق قيس سعيّد وحزب النهضة الإسلامي وصاحب أكبر الكتل البرلمانية.
ورأى الكاتب حكيم القروي أنّ “فرنسا غير قادرة على العمل مع تونس بسبب قصور تام في المنظومة”. وتابع أنّ العديد من المشاريع التي مولتها فرنسا لم يتم إنجازها بعد.
وكانت فرنسا تعهدت بمنح قرض بقيمة 350 مليون يورو لدعم الإصلاح، يمتد إلى حدود العام 2022. وسبق أن صرف منه مبلغ مئة مليون يورو، فيما تترقب فرنسا تفعيل تعهدات الإصلاحات لتقديم بقية المبلغ.
ويرى القروي أن ذلك “ليس كافيا، وليس التوجّه الصائب”، قائلا “يجب تقديم هبات” تتراوح بين “مليار وملياري يورو” بموجب مبادرة أوروبية تندرج في إطار خطة الإنعاش الاقتصادي بهدف “تخطي ذروة كوفيد”، مشددا على أن الموسم السياحي يبدو ضعيفا.
وتابع “في الخريف سيكون هناك أشخاص لم يتمكّنوا من تجديد مداخيلهم”، مشددا على ضرورة عدم التحجج بأن الأزمة الاجتماعية والسياسية لم تكن متوقعة.
ولهذه الاضطرابات الداخلية تداعياتها المباشرة على الاتحاد الأوروبي، الذي يجري محادثات مع تونس حول اتفاق لتقديم مساعدات اقتصادية، مقابل تعزيز الجهود لمنع انطلاق المهاجرين من سواحل البلاد نحو أراضي التكتل.
تابعوا Tunisactus على Google News