قانون المحال التجارية.. حكومة الانقلاب تعفي المستثمرين من المليارات وتستنزف الغلابة
عدد القراءات 0
أثار قانون “المحال التجارية” الذي أعلنت حكومة الانقلاب عن بدء تطبيقه الكثير من الانتقادات في الشارع المصري، خاصة وأن النظام لا يهمه إلا جمع الأموال واستنزاف المواطنين وتعقيد إجراءات الحصول على الخدمات بوضع المزيد من الشروط والرسوم .
والغريب أنه في الوقت الذي تعفي فيه حكومة الانقلاب المستثمرين من مليارات الجنيهات فإنها تحاول تعويض هذه المليارات بملاليم الغلابة .
الخبراء من جانبهم أكدوا أن قانون “المحال التجارية” لا يفرض المزيد من الأعباء على كاهل المواطن فحسب ، ولكنه يهدد الاقتصاد المصري المتعثر بالانهيار .
وانتقد الخبراء قرار حكومة الانقلاب بإلزام 84 نشاطا تجاريا باستخراج تراخيص أمنية ما يعني فرض رسوم جديدة وأعباء ضريبية مُرهقة، مطالبين بسياسات ضريبية أكثر عدالة في ظل الأوضاع المأزومة التي تعيشها البلاد.
وحذروا من أن هذا القانون يأتي في وقت تعاني فيه مصر أسوأ أزمة اقتصادية وتتزايد الأسعار يوميا ويتراجع الجنيه المصري بدرجة خطيرة ، مما يؤثر على الجميع خاصة صغار المشتغلين مطالبين نظام الانقلاب بوقف هذه القوانين حتى لا تندلع ثورات ضده في كل أنحاء البلاد .
المليارات والملاليم
من جانبه انتقد الخبير الاقتصادي الدكتور زهدي الشامي قانون “المحال التجارية” الصادر مؤخرا معتبرا أنه يأتي لزيادة الجباية من مختلف الفئات من صغار المشتغلين في الاقتصاد المصري في سياق طلب تسليم الفكة لحكومة الانقلاب لتعويض العجز المالي الناتج عن سياساتها التي تتسم بالبذخ والتبذير والهدر .
وقال الشامي في تصريحات صحفية إن “حكومة الانقلاب تهدر المليارات وتطلب الملاليم غير القادرة على تعويض هذا النزيف ، معريا عن اندهاشه لأن حكومة الانقلاب تعفي أنشطة تتعامل بمليارات الجنيهات من الضرائب، وتحاول تعويض ذلك بالجباية من صغار المهنيين وأصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وملايين العاملين على باب الله في الاقتصاد غير الرسمي في الشوارع والحارات”.
وأشار إلى أن من أبرز خطوات الاستنزاف الانقلابية قرار تطبيق الفاتورة الألكترونية في شهر ديسمبر الحالي، وهو قرار تسبب في ثورة في قطاعات عديدة أبرزها المحامين وبعدها الأطباء والمهندسين وغيرهم .
وأوضح الشامي أن المحامين ليسوا تجار سلع حتى تعاملهم حكومة الانقلاب بهذه الطريقة، وهم يدفعون فعلا ضريبة القيمة المضافة لخزينة المحكمة، مؤكدا أن الرسوم المفروضة للتحول للفاتورة الإلكترونية مبالغ فيها وتصل لآلاف الجنيهات، وتحصلها شركة أنشأتها حكومة الانقلاب مع شركات خاصة ستكون المستفيد الأول مما تحصله من رسوم، ولا تميز الفاتورة والنظام بين كبار الممولين وصغار المحامين المبتدئين وهم القاعدة العريضة، ولا تأخذ في الاعتبار كافة المصروفات التي يتكبدونها يوميا.
وأكد أن المواطن سيتحمل في النهاية تلك الزيادات الكبيرة، محذرا من أن التفنن في رفع رسوم التقاضي أضعافا مضاعفة أصبح يهدد بالفعل حق المواطن في ممارسة حق التقاضي وهو حق كفله له الدستور .
قانون قديم
وتابع الشامي ، تزامنا مع أزمة الفاتورة الإلكترونية، اختلقت حكومة الانقلاب أزمة جديدة هي أزمة ما يسمى قانون المحال العامة ، موضحا أنه من الغريب أن يتم تفعيل قانون قديم صدر قبل ثلاث سنوات وتم تجميده طوال تلك الفترة للصعوبات التي لا حصر لها في تنفيذه على أرض الواقع، شأنه شأن قانون الشهر العقاري الشهير الذي أحدث ثورة عارمة في المجتمع أدت لتجميده وقتها .
وتساءل ، ما الذي استجد حتى تُفعّل حكومة الانقلاب قانون المحال التجارية بالتزامن مع الفاتورة الإلكترونية، وفي وقت تعاني فيه مصر أسوأ أزمة اقتصادية وتتزايد الأسعار يوميا ويتراجع الجنيه المصري بدرجة خطيرة مما يؤثر على الجميع خاصة صغار المشتغلين .
وأكد الشامي أن حكومة الانقلاب تريد فرض أعباء جديدة على القطاعات الاقتصادية برسوم معاينة وترخيص بمبالغ كبيرة تصل إلى ١٠٠ ألف جنيه، وبمتطلبات إضافية متعددة كأوراق تصل إلى ١٣ مستندا، واشتراطات مكلفة أخرى كتركيب كاميرات وخلافه .
وحذر من أن المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والقطاع غير الرسمي الذي يعمل فيها الملايين والنسبة الأكبر من المشتغلين فيه لا يملكون الموارد الكافية لتلبية تلك الشروط ، لافتا إلى أن عدد المنشآت في القطاع غير الرسمي ٢ مليون منشأة بنسبة ٥٣ % من إجمالي المنشآت العاملة في مصر، وبعدد مشتغلين يصل إلى أربعة ملايين مشتغل، والمبالغ المستثمرة فيه وفقا للبيانات الرسمية هزيلة تبلغ حوالي ٦٩ مليار جنيه، بما نسبته ٥.١ % فقط من رأس المال المدفوع لقطاعات النشاط الاقتصادي الإجمالية .
وقال الشامي إن “القطاع غير الرسمي ومعه كل المشروعات الصغيرة، وهي كلها تعاني من مؤشرات تدهور كبير وخطير، كانت بحاجة لخطة حكومية لدعمها وتطويرها وربطها بالقطاعات الاقتصادية المنتجة الكبرى على نهج الدول الناجحة، وليس النظر لها كوعاء تبتغي منه حكومة الانقلاب زيادة الضرائب والرسوم “.
وأعرب عن أسفه لأن كل قرارات حكومة الانقلاب تتحول إلى متاهة من الإجراءات العقيمة والتقييدية التعسفية، وهذا ما ظهر مبكرا من القائمة التي أعلنت عنها الأجهزة الحكومية الانقلابية للأنشطة التي تتطلب ترخيصها موافقة أمنية وتضم ٨٣ نشاطا، وإن كان اشتراط هذا الترخيص الأمني لأصحاب تلك الأنشطة ينتهك في حد ذاته حقهم الدستوري في العمل، فإنه فوق ذلك يبدو مثيرا لأشد الاستغراب إذ يتضمن أنشطة لا يتخيل عاقل أنها يجوز أن تتطلب تصريحا أمنيا خاصا كمحلات بيع المياه الغازية، ومحلات البقالة، وتصليح الأحذية، والخردوات .
ضرائب عمياء
وقال الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني إن “هناك صحوة ضريبية لحكومة الانقلاب لكنها صحوة في غير موضعها ، لافتا إلى أن هناك مطالبات منذ سنوات طويلة بتحقيق العدالة الضريبية خاصة أن قانون ضرائب الدخل أصبح ثوبا مهلهلا بعد أن خضع لأكثر من ثلاثين تغييرا”.
وأوضح الميرغني في تصريحات صحفية أن الضرائب من المفروض أن تكون المصدر الرئيسي لتمويل الموازنة بمصروفاتها المختلفة وتمويل التنمية ، لكن للأسف الضرائب لا تمثل إلا 12% فقط من الناتج المحلي بينما تمثل القروض المصدر الأساسي للتمويل وهي تمثل 54% من مصروفات الموازنة العامة 2022/ 2023 كأقساط وفوائد .
وأشار إلى أن الضرائب تمثل 34% من الناتج المحلي في الدانمارك و25% في إيطاليا وإنجلترا وفرنسا و 22.2% في إسرائيل و 21.2% في المغرب و 20.1% في تونس محذرا من محاولة التمويل بالضرائب في ظل وجود خلل في النظام الضريبي المصري الذي يعتمد علي الضرائب غير المباشرة والتي تمثل 47% من الإيرادات الضريبية تأخذ نسبة موحدة من الأغنياء والفقراء ولذلك تعتبر ضرائب عمياء لأن الأفضل هو ضرائب الدخل الأكثر عدالة خاصة لو كانت تصاعدية على عكس الوضع في مصر الذي يضع حدا أعلى متواضعا يبلغ 22.5% للشركات و 25% للأفراد.
إتاوات
وكشف الميرغني أن الأخطر من ذلك هو الرسوم والإتاوات التي يتحملها المواطن عند الحصول على الخدمات مثل رخص السيارات ورخص القيادة والمحررات الرسمية والشهادات بما يزيد الفقراء فقرا.
واعتبر أن الضرائب أداة هامة لإعادة توزيع الثروة لو طبقت بشكل عادل مثل ضرائب علي الثروة وضرائب على المضاربات في البورصة وتصاعدية الشرائح الضريبية ورفع حد الإعفاء الضريبي إلى 60 ألف جنيه في السنة ومواجهة التهرب الضريبي وتشديد العقوبة عليه لنصل لتحقيق نظام ضريبي أكثر عدالة.
ولفت الميرغني إلى أن حكومة الانقلاب تتغنى صباحا ومساء بدعم المشروعات الصغيرة لكن قانون المحال العامة وما يحمله من رسوم معاينة ورسوم تسجيل تصل لأكثر من 10 آلاف جنيه وتجديد سنوي للتراخيص، هذه قوانين جباية مملوكية تريد فقدان 46% من المصريين في القطاع غير المنظم من السوق ليتحولوا إلى لصوص وقطاع طرق نتيجة هذه السياسة المختلة .
واختتم قائلا ، في مختلف عصور التخلف والتحلل منذ أيام المماليك ومن تلاهم تُفرض الضرائب على الفقراء ولكن ذلك لا يحل مشاكل الدولة بل ربما يعجل بحشد المعارضين واندلاع ثورة جديدة .
#قانون #المحال #التجارية. #حكومة #الانقلاب #تعفي #المستثمرين #من #المليارات #وتستنزف #الغلابة
تابعوا Tunisactus على Google News