قصة “المؤامرة الكاثوليكية” للقضاء على ملك إنجلترا البروتستانتي وبرلمانه – BBC News عربي
- وليد بدران
- بي بي سي
تذكر الخامس من نوفمبر فرغم مرور 417 عاما على “مؤامرة البارود” مازال البريطانيون يتذكرون كيف فشل غاي فوكس ورفاقه في تفجير البرلمان وقتل الملك جيمس الأول.
ويتم الاحتفال بيوم غاي فوكس أو ليلة الشعلة أو البون فاير Bonfire كل عام في 5 نوفمبر/تشرين الثاني حيث تنطلق الألعاب النارية في المتنزهات والحدائق في جميع أنحاء البلاد، وفي بعض الأحيان يتم إحراق دمية من المفترض أنها تمثل غاي فوكس.
ومنذ ذلك الوقت بات هناك تقليد راسخ وهو أنه كلما زار الملك أو الملكة البرلمان قام الحرس الملكي بالتفتيش تحت مجلسي البرلمان عن أي متآمرين محتملين يخفون متفجرات.
لكن ما هي “مؤامرة البارود“؟
تقول دائرة المعارف البريطانية إن المتآمرين بقيادة روبرت كاتيسبي، وهم من الكاثوليك المتعصبين، كانوا غاضبين من الملك جيمس الأول لأنه لم يبد تسامحا دينيا تجاه الكاثوليك.
لقد خططت تلك المجموعة التي ضمت 12 شخصا لتفجير مبنى البرلمان (قصر وستمنستر) في 5 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1605، بهدف قتل الملك وأعضاء البرلمان من أجل تمهيد الطريق لإعادة الحكم الكاثوليكي إلى إنجلترا.
كانت خطة كاتيسبي الأولى هي حفر نفق تحت البرلمان، ووضع البارود هناك، لكن المتآمرين اكتشفوا أنه يمكنهم استئجار غرفة أسفل مجلس اللوردات مباشرة، لذلك لم يكن النفق ضروريا.
وكان قد تم الحفاظ على السر جيدا حتى تلك اللحظة حيث انتهت الاستعدادات للتنفيذ بنجاح غير عادي.
ومع حلول وقت العمل، واجه المتآمرون مشكلة كبيرة فمن بين من سيتم اغتيالهم العديد من الروم الكاثوليك وبعض اللوردات المرتبطين ارتباطا وثيقا بالمتآمرين أنفسهم وأصدقاء لهم. ومع ذلك، رفض كاتيسبي رفضا قاطعا جميع النداءات للسماح بتحذير أفراد معينين.
وكان عضو البرلمان اللورد مونتيغل، صهر عضو فريق المؤامرة فرنسيس تريشام، ابن عم كاتسيبي ، كما كان على علاقة ببعض المتآمرين الآخرين وشارك في مؤامرات كاثوليكية سابقة ضد الحكومة. ومع ذلك، فقد أعلن دعمه للملك في 26 أكتوبر/ تشرين الأول.
وقد تلقى اللورد مونتيغل رسالة من مجهول تحذره بأن يظل بعيدا عن وستمنستر في 5 نوفمبر/تشرين الثاني.
لم يتم الكشف عن كاتب الرسالة أبدا، ولكن تشير جميع الأدلة إلى تريشام وإلى احتمال أن يكون قد حذر مونتيغل قبل بضعة أيام واتفق معه على أفضل السُبل لكشف المؤامرة ومنع تنفيذها وفي نفس الوقت إعطاء المتآمرين الوقت للهروب.
قدم مونتيغل الرسالة لروبرت سيسيل، إيرل سالزبوري الأول، ووزراء آخرين فتقرر تفتيش القبو تحت مجلس اللوردات قبل اجتماع البرلمان، ولكن في وقت لاحق عندما تكون المؤامرة قد نضجت وكُشف عنها بالكامل.
في 27 أكتوبر/تشرين الثاني، أبلغ توماس وارد، خادم مونتيغل، صديقه توماس وينتر، أحد المتآمرين وخادم كاتسيبي، أنه تم كشف المؤامرة، وفي اليوم التالي أبلغ وينتر كاتيسبي وتوسل إليه أن يتخلى عن المخطط برمته.
لكن عندما علم كاتيسبي من فوكس أنه لم يتم لمس أي شيء في القبو، قرر المضي قدما في الخطة.
في ليلة 5 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1605 كان غاي فوكس في الغرفة محاطا بـ 36 برميلا من البارود، ولم يكن أمامه سوى ساعات قليلة للانتظار قبل وصول الملك جيمس الأول، والعديد من الأعضاء البارزين في المؤسسة البروتستانتية لافتتاح دورة جديدة للبرلمان.
وقبل افتتاح الجلسة، اقتحم الحراس الأقبية تحت وستمنستر حيث تم العثور على فوكس ليتم اعتقاله وسجنه في برج لندن.
وقد نجح بقية المتآمرين في الهروب في البداية، لكن قُتل بعضهم خلال رحلة الهروب مثل كاتيسبي، فيما اعتقل الباقون.
وتمت محاكمة غاي فوكس وبقية المتآمرين في وستمنستر في 27 يناير/كانون الثاني من عام 1606 حيث أدينوا بالخيانة وتم إعدامهم.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن كاتيسبي ومجموعته خاطروا وخسروا كل شيء في محاولة لتحسين وضع الكاثوليك في إنجلترا، لكن جريمتهم أضرت بشكل لا رجعة فيها بالقضية التي أخلصوا لها.
فقد فُرضت المزيد من القوانين المقيدة على الكاثوليك على الفور. وكثفت المؤامرة شكوك البروتستانت تجاه الكاثوليك، وأدت إلى التطبيق الصارم للغرامات على أولئك الذين يرفضون حضور الصلاة في الكنائس الأنجليكانية.
وفي يناير/كانون الثاني من عام 1606، اعتبر البرلمان يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني عيدا للشكر كل العام.
من هو غاي فوكس؟
وُلد غاي فوكس في أبريل/نيسان من عام 1570 في يورك بإنجلترا. كان والداه من البروتستانت ولكن خلال طفولته تحول فوكس إلى الكاثوليكية.
وعندما كان يبلغ من العمر 21 عاما، غادر إنجلترا للانضمام إلى الجيش الإسباني الكاثوليكي حيث قاتل في حرب الثمانين عاما.
وخلال فترة وجوده في الجيش، تبنى النسخة الإيطالية من اسمه وأصبح يعرف باسم “غايدو”.
وعندما تم القبض عليه أعطى اسما مستعارا هو “جون جونسون”.
الاحتفالات حاليا
وفي الوقت الراهن يتم اليوم الاحتفال بيوم غاي فوكس في بريطانيا، وفي عدد من البلدان التي كانت في السابق جزءا من الإمبراطورية البريطانية، بمسيرات المشاعل والألعاب النارية والطعام.
وتقليديا، يحمل الأطفال هذه الدمى المسماة “غاي” في الشوارع في الأيام التي تسبق يوم غاي فوكس ويطلبون من المارة “بنسا مقابل غاي”، وغالبا ما يرددون الأغاني المرتبطة بهذه المناسبة.
كما يتم أحيانا إلقاء دمى من القش تمثل فوكس في النار. وفي السنوات الأخيرة، باتت تلك الدمى تمثل شخصيات سياسية معاصرة.
وتمثل الألعاب النارية، وهي عنصر رئيسي في معظم احتفالات يوم غاي فوكس، البارود الذي أراد المتآمرون استخدامه.
ويجري الحراس، بشكل احتفالي تفتيشا سنويا لمبنى البرلمان للتحقق من عدم وجود متآمرين محتملين.
وتُعد منطقة لويس في جنوب شرق إنجلترا موقع الاحتفال بيوم غاي فوكس الذي يتميز بنكهة محلية مميزة حيث تضم 6 جمعيات للبون فاير في صفوفها أفراد أسر على مدى أجيال.
وقد تم إلغاء عروض الألعاب النارية الكبيرة هذا العام، والتي تديرها المجالس المحلية في بعض أجزاء المملكة المتحدة.
وقالت المجالس المحلية في مانشستر وليدز وغلاسكو وهاكني إنه تقرر إلغاء الاحتفالات هذا العام حيث أُلقى معظمهم باللوم على ارتفاع التكاليف وضغوط الميزانية.
وفي كارديف، تم إلغاء حدث الألعاب النارية الذي ينظمه المجتمع المحلي منذ 40 عاما.
وكانت العديد من عروض الألعاب النارية قد أُلغيت أثناء وباء كورونا، لذلك كانت هذه هي المرة الأولى منذ عام 2019 التي قد تحدث فيها بعض تلك العروض.
بعض الحقائق المرتبطة بالبون فاير
ليس خلال الحرب
خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، لم يُسمح لأي شخص بإطلاق الألعاب النارية.
كان ذلك جزءا من قانون برلماني في عام 1914 يسمى قانون الدفاع عن المملكة، والذي استهدف حماية الناس أثناء الحرب من خلال عدم الكشف للعدو عن مكان وجودهم.
ولكن حتى عام 1959، كان من غير القانوني عدم الاحتفال بليلة البون فاير في بريطانيا، لذلك كان الناس في وقت الحرب يقيمون الاحتفال في أماكن مغلقة.
الألعاب النارية
غالبا ما يجري إطلاق صواريخ Sparklers (نوع من الألعاب النارية) في حفلات البون فاير، لكنها يمكن أن تصبح ساخنة بشكل لا يصدق.
ويمكن أن تتراوح درجات حرارة بعضها بين 1000 و 1600 درجة مئوية، أي أعلى بحوالي 15 مرة من درجة غليان الماء.
ويمكن أن تصل صواريخ الألعاب النارية إلى سرعات تصل إلى 150 ميلا في الساعة عند انطلاقها.
والسبب الذي يجعلك ترى الألعاب النارية تنفجر قبل أن تسمع الانفجار، هو أن الضوء ينتقل أسرع بكثير من الصوت حيث ينتقل الصوت بسرعة 761 ميلا في الساعة، لكن الضوء ينتقل بسرعة هائلة تبلغ 671.000.000 ميل في الساعة، لذلك قد تراها قبل أن تسمعها.
متى تم اكتشاف الألعاب النارية لأول مرة؟
قامت مجموعة من العلماء الصينيين، منذ آلاف السنين، عن طريق الخطأ بخلط المواد الكيميائية معا لصنع خليط بدائي من البارود.
وقد تم حشو ذلك الخليط في سيقان الخيزران القديمة وإلقائها في النار لإحداث ضجة عالية. ويُعتقد أن فكرة الألعاب النارية ولدت حينها.
ثم استخدم الصينيون هذا الاختراع لإخافة أعدائهم والأرواح الشريرة.
وفي ثلاثينيات القرن التاسع عشر، ابتكر الإيطاليون طريقة تمكنهم من إطلاق الألعاب النارية في الهواء. كما توصلوا إلى طرق لخلط مساحيق معدنية مختلفة لإحداث انفجارات ملونة.
أول عرض للألعاب النارية في بريطانيا
أُقيم أول عرض للألعاب النارية في إنجلترا في حفل زفاف هنري السابع عام 1486.
وكان حفل الزفاف كبيرا جدا لأن هنري وزوجته إليزابيث ينتميان لعائلتي لانكستر ويورك اللتين كانتا تتقاتلان لسنوات عديدة.
وقد أدى هذا الزواج إلى السلام بين الأسرتين وتوقف القتال.
وكانت الملكة إليزابيث الأولى تحب الألعاب النارية بل إنها ابتكرت لقبا فخريا هو “سيد الألعاب النارية في إنجلترا” للشخص الذي يبتكر أجمل الألعاب النارية.
يذكر أن أكبر عرض الألعاب النارية جرى في كونوسو باليابان في عام 2014 ، وقد صنعت الألعاب النارية وردة جميلة من الضوء يبلغ عرضها 800 متر.
#قصة #المؤامرة #الكاثوليكية #للقضاء #على #ملك #إنجلترا #البروتستانتي #وبرلمانه #BBC #News #عربي
تابعوا Tunisactus على Google News