قصر الجوامع في تونس معلم سياحي يعتلي الجبال
يعتلي “قصر الجوامع” قمة جبال الظاهر جنوب شرقي تونس، كلوحة فنية منحوتة في قلب الصخور الشاهقة المطلة على عمق الصحراء وعراقة التاريخ الثقافي للمنطقة.
وبفضل مميزاته العديدة، أصبح “قصر الجوامع” أحد قصور مدينة بني خداش التّابعة لولايَة مدنين مزارا بديلا عن السياحة التقليدية، ودار ضيافة للراغبين في قضاء أوقات ممتعة بعيدا عن حياة الصخب والتعب.
وشيد أهالي بني خداش منذ قرون بعيدة القصور الصخرية بغرف يصل عددها نحو 300 غرفة لأغراض عديدة، منها تخزين المؤونة والتحصن من الأعداء، وفق مؤرخين.
وتتألف القصور الشامخة من طوابق عدّة تتراوح بين 3 و6 طوابق، ويضم كل طابق غرف صغيرة متلاصقة يصل ارتفاع الواحدة منها 6 أمتار وعرضها بين المتر ونصف إلى مترين.
وتتوسط القصور الشامخة صحراء شاسعة تأخذ الزوّار في أفق الزمان والمكان، بعيدا عن السياحة التقليدية التي طالما ميزتها الشواطئ والفنادق.
وتم تشييد قصر الجوامع من قبل المجتمعات البربرية التي سكنت شمال افريقيا لتأمين الحماية من هجمات البدو قديماً، وهو عبارة عن قصر مُحصّن قديم بأصول تعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي، ويتألف من مجموعة من الغرف ذات الزخارف الجميلة والحجرات المخصصة للسكن ولتخزين الحبوب والممرات المؤدية إلى الفناء الداخلي وغيرها من الآثار التي تروي الكثير عن تاريخ المحليين والريف.
وقال صالح عبد العزيز الحرشاني عضو ببلدية بني خداش إنّ “المدينة معروفة بالمعالم الأثرية التّي أصبحت وجهة لعشاق السياحة الثقافية ومنها القصور الجبلية والحفريات الموجودة تحت الأرض”.
وأضاف الحرشاني أن المكان احتضن جامعة أثرية تسمى علولة كانت تدرس العلوم في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وتحوّلت هذه القصور بمرور الوقت من مكان مخصص لتخزين القمح والتين المجفف إلى مكان سياحي وثقافي، وتزخر المنطقة بـ 59 موقعا أثريا”.
وتابع: “كل فرد من أفراد القبيلة سابقا كان يمتلك مفتاحا لقصره، كما كان هناك حارس يحتفظ بمفاتيح كل الغرف يؤمّنه السكان عليها”.
وأردف الحرشاني: “يعود السكان في الصيف بعد الترحال والعمل في المراعي لجمع محصولاتهم من جديد”.
بدوره، قال المسؤول عن الإقامة الجبلية بالمنطقة أيمن عمراني إن “قصر الجوامع أمازيغي كان الرحالة يتوقفون عنده ويحظون بخدمات الإقامة فيه”.
وأفاد أن القصر يضم أكثر من 70 غرفة، إضافة لغرفتين للمطعم وأخريات للمقهى بجانب فضاء مخصص للحفلات وغرف للعاملين في دار الضيافة.
وتقدم دار الضيافة في العادة أكلات تقليدية يختص بها الجنوب التّونسي ومنها القلة والكوشة (الفرن) والكسكسي.
وأوضح عمراني أن السياح من الداخل والخارج يتوافدون على القصر بشكل كبير، فالمكان نقطة وصل بين جزيرة جربة التابعة لولاية مدنين وقصر غيلان وهي واحة بولاية تطاوين يتدفق منها ماء ساخن) لذلك يقبل عليها السياح للراحة والابتعاد عن مشاغل الحياة اليومية وضغوطها”.
وفي أكتوبر/تشرين أوّل الماضي صنفت المنظمة العالميّة للوجهة الخضراء المختصة في السياحة المستدامة جبال الظاهر ضمن أحسن 100 وجهة سياحيّة في العالم.
وسلسلة جبال الظاهر بالجنوب التونسي صنفت منذ العام 2021 ضمن أفضل 100 وجهة للسياحة المستدامة في العالم، نظرا لما تزخر به من مخزون تراثي وطبيعي هام جعلها قبلة للسياح التونسيين والأجانب.
وتتسم المنطقة بموروث جيولوجي مهم، واكتشف فيها قبل سنوات بقايا عظام وآثار ديناصورات تعود إلى أكثر من 200 مليون عام.
وفي أبريل/ نيسان الماضي حصلت جبال الظاهر على جائزة “أفضل وجهة سياحية خضراء” في العالم .
وتحتاج المنطقة بحسب المشرفين عليها إلى مزيد من الترويج والتعريف بها عالميا، حتى تصبح مقصدا سياحيا مغايرا للوجهات السياحية النمطية والتقليدية.
#قصر #الجوامع #في #تونس #معلم #سياحي #يعتلي #الجبال
تابعوا Tunisactus على Google News