- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

قصص مصرية 2/4 – عبد الناصر غريب في بيته / بقلم: فرحان صالح 20-10-2021

- الإعلانات -

مجلة الشراع 20 تشرين أول 2021

للحظات كانت دلال تفكر في الجواب عن سؤال فادي،لكنها استدركت: إن هذا الحزب لا يمكن عدّه نموذجًا أومثالاً، إذ ليس لديه مشروع سياسي اجتماعي، بل جلّ مايمكن أن تسمعه من المنتمين إليه، تردادهم لشعارات تعبوية خدمت المرحلة الناصرية في مرحلة معينة، تلك الشعارات (اليوم) التي أصبحت منفصلة عن سياقها وعن تاريخها. ولا عجب، إذا كان من يرددونها هم من الشرائحالريفية المسحوقة الذين استفادوا من الإصلاح الزراعي في العام 1952، فجاء السادات للسلطة متحالفًا مع الاخوان لينتزع منهم حقوقهم، معيدًا إلى الاقطاعيين وإلىالطبقة البورجوازية مجدهم الذي غاب. قرار السادات أدى إلى تشردهم ونفيهم وتقهقرهم من قراهم وممتلكاتهمومصانعهم والسكن في الهوامش المحيطة بالمدن، خاصة بالقاهرة.

لم تتوقف حالات النزوح والهجرة التي أدت إلى تضخمالعشوائيات عند هذا الحد، بل زادت المأساة بسبب فقدان الاهتمام بمشاكلهم الاجتماعية والتربوية والصحية. فكان السادات بما فعله يقدم هؤلاء لقمة سائغة لمستقبل مجهول، عبر تدميره للقطاع العام، تحت حجج متنوعة، إذ حول المصانع إلى خردة، وأراضي الفلاحين التي أصبحت بيد الاقطاع، من أرض خضراء يعود ريعها للملايين من الفلاحين، إلى أرض يعود ريعها إلى العشرات منالاقطاعيين، وتحول الفلاح من مالك أرض إلى عبد أو أجير مياوم عند اقطاعي اغتصب الأرض دافعًا الفلاحين إلى المجهول. كما تحول العامل من شريك في مصنع إلىعامل يبحث عن فرصة عمل عند مستغل جديد؛ ففي المناطق التي نزح الفلاحون إليها، تأسست مدارس ومستوصفاتبإدارة الاخوان، وحلت بديلا من المدارس التي أنشأتها الثورة في الريف. في العشوائيات أعيد إحياء المناهج التقليدية والثقافة التربوية الموروثة عن العصر الاقطاعي، بديلا من المناهج الحديثة التي كانت جزءًا من مشروع الثورة الذي ربط العلم بالإنتاج الزراعي والصناعي والتقني الحديث والمعاصر، وكان الهدف جعل الريف مكانًا صالحًا لحياة أفضل لمستقبل المصريين. لكن سياسة السادات استبدلت هذه الأمكنة بالعشوائيات التي انتشرت فيها المدارس والمناهج التقليدية، وإلى إعادة إحياء الثقافة الموروثة (الجنة الموعودة) واستبدالها بجنة الحياة الأرضية الخضراء. لقد أعاد الاخوان في المناهج المدرسية نشر القصص والبدع والخرافات… التي كانتسائدة قبل الخمسينيات من القرن العشرين، وتحديدًا في العصر الملكي؛ ثقافة الفقر والتوكل على الله، والإيمان بالغيب لتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصاديةوالثقافية. تلك التعاليم الموروثة التي رهنت الفلاح المصري لماضيه، ورضوخه لفقره، وهو الموعود بجنة سماويةوبحاضر يؤبّد الأمية ويعمم الجهل.

بهذه السياسة دمر السادات أحلام المصريين في أن يعيشوا في قراهم وبيوتهم وأرضهم، وأن ينتموا إلى مكانيستغلونه وأرض يعملون فيها ويبنون مستقبلا آمنًا لهم ولأولادهم. أعاد السادات الأرض التي كانت ملكًا لأباء الفلاحين وجدودهم إلى الاقطاع.

لم يكتف (الاقطاعي الجديد) السادات بذلك، بل امتد فعله لتدمير القطاع العام، ولدفع العقول والكفاءات والنخب العلمية والمهنية التي غيّرت وجه مصر القديم، إلىالخارج، وكانت نتائج سياسة الانفتاح الاقتصادي كارثيةعلى القطاعات المنتجة الفلاحية منها وعلى المصانع والمعامل والحرف، وعلى الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

بهذه السياسة المعتمدة وبمواجهته الشرسة لمعارضيه وخصومه السياسيين، وبتحالفه مع الاخوان، رسخ الساداتسيطرته ونفوذه، فتم تدجين وتطويع معارضيه قصرًا، عبر زجّهم في السجون ودفعهم للتهجير والتغريب، كما ساهمتآلة السلطة الإعلامية إلى جانب إدارة الاخوان، بدورأسهم بإعادة إحياء الثقافات الماضوية التي غرّبت العقول ودمرت أحلام الناس، تلك التي زرعت أوهامًا ووعودًا ليس لها علاقة بحاجات الناس ومتطلباتهم الحياتية. 

هنا حددت دلال أسباب المشكلة الثقافية والسياسيةوالاجتماعية التي عرفتها مصر خلال عهدي السادات وحسني مبارك. تلك المشاكل التي واجهتها الثورة، فكان الإصلاح الزراعي بداية للمعالجة وليس نهاية للمشاكل المتوارثة عن احتلال أجنبي واقطاع مسيطرين منذ مئات السنين على رقاب المصريين. لقد تحولت مصر بعد وفاة عبد الناصر من دولة منتجة تنافس الدول العظمى، إلى دولةمرتهنة وضعيفة ومعزولة عن محيطها، ومن دولة لها مشروعها وموقعها المؤثر إلى دولة ضعيفة تتمحور مؤسساتها حول رئيس لا مشروع له سوى بقائه في السلطة. رئيس يدير الظهر لكل المنجزات التي تحققت بين الأعوام 1952 و1970.

بهذه السياسة أعاد السادات والاخوان الذين أفرج عنهم، وعاد معظمهم من الخارج، دورة الزمن إلى ما كانتعليه قبل ثورة يوليو. نهج السادات كان بهدف تطويع المصريين، خاصة من ساهموا بتنفيذ المشروع الناصري وكانوا عماده ورافعته. هؤلاء الذين زجهم بالسجون عند استلامه للسلطة حيث بدأ بتطويع الشعب المصري وتخديره بأوهام ووعود لم ير المواطن المصري منها شيئًا، وهي أيضًا السياسة ذاتها التي اعتمدها وريثه مبارك وأوصلت مصر إلى ما وصلت إليه العام 2011، ففي هذين العهدينكانت هناك سلطتان: سلطة المدينة وهي للسادات، ومن ثم لمبارك، وسلطة العشوائيات للإخوان.

وللتذكير فقد تجاوز عدد سكان العشوائيات المحيطةبالقاهرة، كذلك عدد المهجرين والمهاجرين المغتربين عشرات الملايين. لقد تأثر معظم الذين انتموا إلى الأحزاب الناصرية، وسكان العشوائيات، بهذه السياسات التي كانت تبثّها الشبكة المشتركة الساداتية – الاخوانية،ومن بعض هؤلاء المضللين من عاشوا التجربة الناصرية،واستفادوا من منجزاتها ومنهم من شارك فيها أيضًا. لكنالسموم التي تكثفت في عهدي السادات ومبارك كانت تبرركل ما يقوم سواء السادات أو مبارك به من تدمير لما أنجزه الشعب المصري في العهد الناصري، ومن تضليل وتشويه لمشروع الثورة. كانت تتلقاه هذه الشرائح التي أصبحتالضحية السهلة وجلّ هؤلاء من التحقوا بتلك الأحزاب.

في العام 1981 اغتيل السادات من قبل حلفائه من الأخوان، ليتولى بعده الرئيس حسني مبارك الذي ورث هذه الحالة، وكانت عدته إحياء الماضي الساداتي بوجوهجديدة، وإن كانت هذه الوجوه هي ذاتها من أفرزتها ورعتها سلطة السادات، وجلهم استفادوا من عهده، والقسم الأكبر منهم من الاخوان المسلمين. لقد انتقل الاخوان من حضن السادات إلى حضن مبارك، فمن كان في هذين العهدينينتقد التجربة الناصرية كانت أبواب السلطة مفتوحةأمامه.

لقد رسم السادات وحسني مبارك والأخوان صورةجديدة مزيفة ومشوهة للمرحلة الناصرية، فكانت للأجهزه السلطوية المتنوعة والمتعددة مؤثرات خاصة على عقول الأجيال الجديدة، كما ذكرنا من انتموا لهذه الأحزاب المسماة ناصرية، حيث عشعشت وانغرزت في عقول هؤلاءالأمراض التي بثتها الأيديولوجيتين الإخوانيه والساداتيه – المباركية. والنتيجة تشكيل صورة هجينة للمشروع الناصري، صورة تصوّر السادات ومبارك كمنقذين لمصر مما عرفه الشعب المصري، أيام عبد الناصر، من ظلم وتعسف. لقد حملت بعض النخب المستفيدة من هذينالعهدين، ثقافة ورؤية جديدة كانت مؤثراتها واضحة علىعقول البعض، منهم ما حمله المنتسبون إلى الأحزاب الناصرية الذين رأوا أن المرحلة الساداتية هي استمرار للمرحلة الناصرية وليست منفصلة عنها. وهنا يكمن التشويه والتزوير للتاريخ والواقع.

تقول دلال: وأنا الآن بعد انتسابي إلى هذا الحزب، وإن كانت آرائي متباينة، إلا أنني احترم طيبة ليس فقط قياداته الوطنية، بل أيضا كل فرد ينتمي اليه. 

في المقابل، كان يرى فادي أن دلال بدأت تراجع جدوى انتسابها، وهي من توصلت بعد المراجعة إلى أن هذا الحزب، الذي دمج بين المرحلتين الناصرية- الساداتية عليه أن يعيد النظر بسياساته وأفكاره وبالتالي ممارساته. ولا عجب فقد تعممت في عهدي السادات ومبارك الأفكار السلبية التي تم الترويج لها بمختلف الطرق، والهدفالتخلص من مؤثرات هذه المرحلة فكريًّا وثقافيًّا. لقد روّج أعداء الناصرية مع تشريع السادات لمئات الشركات للاستيراد من الخارج، أفكارًا من أن الانفتاح السياسي الاقتصادي الذي شرّع له تحت مسميات نشر الديمقراطيةالسياسية، أنه انتصار للديمقراطية التي كانت معدومةفي العهد الناصري. وبهذه السياسة تم تبرير ما قام به كل من السادات ومبارك، حيث ربطت وسائل الإعلام الساداتية بين الانفتاح على الخارج وبين الديمقراطيةالتي كانت نتائجها تدميرية على الداخل، وإلى ما وصفته بديكتاتورية عبد الناصر المغلقة على الخارج والمنفتحة على الداخل، وكان الانفتاح الداخلي على المضطهدين والفقراء من جميع مكونات الشعب المصري أصبحت نقيضًا للديموقراطية. لقد نسي المنظرون لسياسة السادات أن عبد الناصر كان يحمل مشروعًا يؤسس لتحويل المجتمع المصري من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج يوفر للمصريين حاجاتهم، ويحدّ من الاعتماد على الخارج، وهو ما تحققبنسبة كبيرة على مختلف الصعد. كان هدف ناصر تحقيق الاكتفاء الذاتي وهو ما عمل من أجله حتى الساعات الأخيرة من حياته. لقد أصبحت كل الحاجات البيتيةمتوفرة ومصنعة بأيدٍ مصرية، كما تم تصنيع الأدوات التي يستعملها الفلاحون في أعمالهم الزراعية.

كان المشروع الناصري يحقق جلّ حاجات المصريين من السيارة إلى الإبرة، وقد نسي منتقدو السياسةالاقتصادية لعبد الناصر أن أوضاع الشعب المصري الاجتماعية والحياتية كانت مماثلة إن لم تكن أفضل بكثير مما هي عليه بعض أوضاع الدول في ذاك الزمن، سواء منها أوضاع الشعب الروسي أم الصيني واليوغسلافي والايطالي والاسباني، ومن هذه الدول كان يأتي للعمل في مصر، وكانت النتاجات المصنعة في مصر تغزو الأسواق الافريقية وأسواق بعض دول آسيا. وكانت القطنيات المصرية لا منافس لها في الدول الأوروبية.

لقد حطم عبد الناصر سلطة الاستعمار والاقطاع، فتحولت السلطة من أيدي الاقطاع والرأسماليين والاستعمار إلى سلطة تديرها عقول ونخب وطنية مصرية. أما حديث السادات عن الديمقراطية والانفتاح، فكان بمثابة إعلان لتبعية اقتصادية يليها سياسية، وهذ ما توضح في ما بعد. لقد رسم السادات صورة لمشروع سياسي اقتصادي منفتح على القوى الرأسمالية، ومعادٍ للطبقات العمالية والفلاحية وللطبقة الوسطى، وبالتالي لمجمل القوى التي شكلت روافع المشروع الناصري، وكانت تعارض وتنتقد سياسات السادات وانفتاحه على السياسةالأمريكية المعادية للمصالح المصرية العربية، ولمصالح الفقراء في العالم. لقد تنكر السادات لما قدمه الاتحاد السوفياتي فطرد الخبراء الروس الذين كان لهم دور مهم في مجمل تطور الاقتصاد المصري. وبطرده للخبراء الروس كان يدشن الطريق أمام الولايات المتحدة الأمريكية لمحاصرة الاتحاد السوفياتي، ولتصفية إرث دول عدم الانحياز، وأيضا لتحويل السياسة المصرية من سياسةداعمة لحركات التحرر إلى سياسة أقل ما يقال فيها: إنها سياسة محايدة، ولم تكن كذلك. أيضًا إلى دق أسفين فينعش منظمة عدم الانحياز التي انتهت، وانتهى دورها بعد وصول السادات للسلطة، كما أن السادات رأى خلال حرب 1973، أن 99 في المئة من قدرات القوة في الشرق الأوسط هي بيد الولايات المتحدة الأمريكية، في حين أن عبد الناصر رأى وهو في ذروة أزمته في العام 1967، أن القرار بيد الشعب المصري الذي يملك 99 في المئة من القوةلمواجهة أعدائه. وأننا إذ نقارن بين قائد يثق بقدرات شعبهوبين رئيس انتصر شعبه وجيشه في حرب 1973، وهو بتصريحه هذا، يستهين بقدرات الشعب المصري وجيشه.لقد ربط عبد الناصر مصيره بالمصير العربي وهو من شاركت جميع الدول العربية ماديًّا إذا لم يكن عسكريًّا الى جانب مصر، في نضالها ضد العدو الصهيوني، فكان عبد الناصر وفيًّا لهذه الشعوب لما قدمته لمصر من تضحيات مادية ومعنوية.

لكن كل ما كان يبثّه الإعلام الساداتي من أفكار عن اصلاح اقتصادي، كان الهدف منه تمويه وتبرير ما كان ينفذه من سياسات أفقدت مصر دورها الاقتصادي والسياسي عربيًّا وعالميًّا، كما أدت إلى تدمير القطاعات المنتجة، وإلى نشوء طبقة من الحيتان الذين نهبوا مصروجلّهم ينتمون للإخوان، أما في ما يتعلق باتفاق “كامبدايفد”، فقد كان على السادات ألا يوقّع هذا الاتفاق إلىحين توقيع شركاء مصر في الحرب، ولا مانع من هدنةطويلة تساهم فيه مصر بخلق مناخات لتسوية تحقق السلام وتعيد الحقوق للشعب الفلسطيني. لكن تخلي مصر عن دورها وموقعها العربي أدى إلى نقل الجامعة العربيةإلى تونس، وإلى عزلة مصر عربيًّا خاصة مع جيرانها من الدول العربية. لقد كان على السادات أن يحول الدور المصري إلى دور موثوق عربيا وعالميا وبالتالي المساهمةفي وضع حد للنزعات والحروب. فعلى الرغم من الحروب التي تعرضت لها مصر كان همّ عبد الناصر الداخلي هو الغاية والهدف… لقد أسس لمشروع اجتماعي سياسييحمي مصر من الارتهان الاقتصادي والسياسي، ويعززموقعها وتحررها على الصعيدين العربي والدولي، وهو من وضع الأسس لتحرير الشعب المصري من الثقافاتوالأيدلوجيات التقليدية، فوضع خطة لمكافحة الأمية التي استفاد منها ما يزيد على ثلاثة ملايين مواطن مصري. لم يجعل عبد الناصر من السياسة منبرًا للدفاع عن سلطته التي كانت تتعزز من خلال الانجازات المتتالية التي كانت تحققها العقول والأيدي المصرية، بل إن المشروع الناصري ساعد على تحويل مصر من عصر مظلم معتم إلى عصر رأى فيه المصريون مستقبلهم سواء في القطاع التربوي أم الصحي أم في الإدارة وفي الفنون على أنواعها. لقد فصلت الأيديولوجية الناصرية بمشروعها مع ما قبلها، وشكلت بما قامت به، عنوانًا من عناوين عودة مصر إلى ذاتها. لكن في عصر السادات أوهمت وسائل إعلام السلطة المصريين بأن ما تقوم به من انفتاح هو لخدمة مصر وتعزيز موقعها ودورها. إن السادات بسياسة الانفتاح التي سار عليها أدت إلى تدمير الدور المصري الاقتصادي والسياسي، وبالتالي إلى العزلة التي عرفتها خلال فترةحكمه، وإلى تحويل الاقتصاد المصري من اقتصاد منتج إلى اقتصاد استهلاكي غير منتج. بهذا الوهم كان يبرر السادات لبعض السذج من الناصريين عمليات التدجين التي يقوم بها.

في العودة إلى المشروع الناصري على سبيل المثال، ركزت توجهات ناصر على فتح آلاف المدارس والجامعاتوالمستشفيات، ومدّ شبكات خطوط الهاتف، وتأمين البنىالتحتية من مجاري صحية وغير ذلك، وهو من دعا إلى التعليم المجاني، مدشنًا سياساته بإنشاء آلاف المصانع والمعامل، وبتجديده للحِرف التي تحولت إلى أعمال فنيه راقية، وبتوطينه للعلوم المعاصرة في المناهج التربوية وغيرها كان عبد الناصر يدشن طرقًا جديدة لتحديث الحياة السياسية والاجتماعية في مصر. إذ لم يكن من كتاب علمي مفيد يصدر في مكان ما من العالم إلا ويصار إلى ترجمته ووضعه بين أيدي المصريين. بهذا التوجه أصبحت مصر في عهده تنتج كل ما يحتاجه البيت المصري من حاجات، إذ تم تصنيع السيارة والثلاجة إلىالطائرة…، بعقول مصرية، وبعضها عسكرية أنجزت بالتعاون مع يوغسلافيا والهند.

لقد نمت وتطورت في عهد عبد الناصر العقول العلميةوالمهنية والفكرية التي أصبح لها حضورها في المنتديات والمراكز العلمية، وهي ذاتها هذه العقول أنجزت كل ما يحتاجه الشعب المصري من حاجات بيتية وزراعية في فترة قياسية لا تتجاوز العقدين من الزمن. بهذه السياسةوبهذا التوجه كان عبد الناصر يرسم صورة مصر الجديدة.

لذا لم يكن من صلة بين الأيديولوجية الناصرية، وما بعدها، فما بعدها كان تهديمًا للمشروع الناصري وللمنجزات التي أنجزت ولم يكن لدى السادات أو مبارك مشروع مضاف إلى ما كان. علمًا ان المنجزات التي حصلت في عهد عبد الناصر ترافقت مع صراع وضغوطات وحروبمنها حرب اليمن، وحرب 1956، وحرب 1967. وبين هذا وذاك، كان صراعه مع الاخوان الذين أرادوا عودة مصر إلى الوراء. أيضًا مواقف الدول الغربية التي سعت إلى إعادة نفوذها، ولن ننسى محاربة بعض الدول العربية أيضا، للسياسات التي قام بها عبد الناصر.

لذا لم يكن من صلة بين المشروع الناصري والمشروع الساداتي الذي قام البعض بالدمج بينهما، معيدين بذلك الاعتبار للثقافة الساداتية وللشعار الذي رفعه السادات العام 1972 (العلم والإيمان) مبررين للسادات وحسني مبارك التحالف مع الاخوان المسلمين الذين قتلوه في العام1981.

موضيع متعلقة:

#قصص #مصرية #عبد #الناصر #غريب #في #بيته #بقلم #فرحان #صالح

تابعوا Tunisactus على Google News

- الإعلانات -

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد