- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

قطاع الزراعة ركيزة الاقتصاد في تونس ضحية أخرى للفساد | آمنة جبران

- الإعلانات -

تونس- لم يسلم قطاع الزراعة الذي يعد ركيزة أساسية للاقتصاد في تونس من تغول الفساد، وعلى العكس يعد أهم وأخطر بؤره التي بدأت تنكشف للعلن معالم المتورطين فيه خلال السنوات الأخيرة.

وأعلنت محكمة تونس العاصمة منذ أيام الاحتفاظ بوزير الزراعة السابق سمير بالطيب وسبعة مسؤولين للتحقيق في شبهات فساد مالي، في خطوة تعكس جدية الحكومة الجديدة برئاسة نجلاء بودن التي وضعت محاربة الفساد ضمن أولوياتها.

وتتضمن الدعوى القضائية وجود شبهة ارتكاب جرائم مخالفة تتعارض مع قوانين الصفقات العمومية، وغسيل أموال عبر اقتناء معدات لوزارة الزراعة.

وتشمل قائمة الموقوفين على غرار سمير بالطيب الذي شغل منصب وزير الزراعة بين 2016 و2020، مستشارا بديوانه مكلفا بالحوكمة وثلاثة مسؤولين آخرين في لجنة فتح العروض ووكيل الشركة المنتفعة بالصفقة.

ويؤكد الخبراء أن قطاع الزراعة تضرر بشكل فادح من ظاهرة الفساد التي تنخر اقتصاد البلاد وتكلفها الكثير من الخسائر، ويشمل الفساد بصفة خاصة توريد البذور والأسمدة من الخارج، واحتكار مادة الحبوب، وعدم التقيد بالإجراءات الصحية في المناطق السقوية المعرضة للتلوث.

tun1 58.jpg?VwgXyfKropV8A8WXcWMrwQYTiWDNFiw

رضا بن محمد: وسائل التغذية غير صحية هو شكل من أشكال الفساد أيضا

وتتعالى أصوات المزارعين بين فترة وأخرى لمطالبة الحكومة بإنقاذ القطاع وإيلائهم المزيد من الدعم في ظل ما يواجهونه من صعوبات، حيث أنهم الحلقة الأضعف التي تدفع فاتورة استشراء الفساد في القطاع.

ويشكل غياب الأسمدة، التي تساعد في رفع الإنتاجية والعائد، فضلا عن ارتفاع كلفة الري مع تقلص منسوب المياه المخصص للأراضي الزراعية، أبرز المشاكل التي يعاني منها المزارعون.

ورغم تراجع الاهتمام بقطاع الزراعة، فهو برأي خبراء الحل للنهوض بالاقتصاد منذ اندلاع ثورة يناير 2011، إلا أن الفساد يشكل عائقا حقيقيا لتطوره.

ويساهم القطاع الزراعي بحوالي 10 في المئة من الناتج الداخلي الخام، ويمثل 10 في المئة في الصادرات التونسية، ويستقطب 8 في المئة من جملة الاستثمارات في الاقتصاد الوطني، و14 في المئة من اليد العاملة النشيطة.

ويؤمن موارد رزق لأكثر من 570 ألف عامل فلاحي وبحار. ورغم هذه الأرقام الإيجابية التي يحققها القطاع، فإنه يعاني من تهميش كبير من طرف الدولة، وحسب استنتاج المتابعين يعد ضحية أخرى للفساد المستشري في البلاد.

وفي أغسطس الماضي دعا الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (اتحاد المزارعين)، إلى فتح ملفات الفساد في قطاع الزراعة وخاصة في منظومة الأعلاف غير المحوكمة.

وأكد الاتحاد في بيان له أن “وزارتي الزراعة والتجارة تتحملان وحدهما المسؤولية كاملة في عدم تأمين حاجات المزارعين من الأعلاف المدعمة وغضّ الطرف عن مراقبة عمليات توزيعها بشكل جادّ وفعّال وتستّرهما على نشاط الأسواق الموازية وعلى تصرفات الدخلاء والمضاربين”.

كما أبدى الاتحاد توجسه من “تفاقم متاعب المزارعين بسبب الارتفاع الجنوني في كلفة المستلزمات والمدخلات وجشع لوبيات السوق وعدم وجود سياسة سعرية مجزية وانعدام آليات الإحاطة والدعم وتواتر الجوائح الطبيعية”. وجدد دعوته إلى التراجع فورا عن الزيادة الجائرة في أسعار الأسمدة.

ويرى خبراء الاقتصاد أنه رغم الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة إلا أنها غير كافية حيث ما يزال الفساد متغولا في القطاع، ما جعله ينعكس سلبا على التنمية الشاملة والاستقرار السياسي والاجتماعي.

واعتبر الخبير الاقتصادي رضا بن محمد في حديثه لـ”العرب” أن “الزراعة هي أكبر بؤرة للفساد في تونس وذلك من خلال احتكار الأدوية والبذور والأسمدة، أو استيراد الآلاف من الأطنان رغم توفر المنتوج كما حصل في فترة الوزير بالطيب”، حسب تعبيره.

عادل الهنتاتي: من أخطر مشاكل قطاع الزراعة التلوث واستيراد البذور

وتابع “لم يعد لدى المزارع ثقة في المسؤول، كما المسؤول أيضا”. وأشار إلى ضرورة فتح تحقيق في الإدارات الجهوية التابعة للقطاع والمورطة في الفساد، حسب تقديره.

وبالنسبة إلى خبراء آخرين فإن أقسى مظاهر الفساد تتجلى في عدم مبالاة الحكومة لتداعيات التلوث على المناطق الزراعية السقوية أو في ظل تكلفة الري الباهظة.

وسبق أن أوضحت دراسة محلية خاصة بتشخيص وضعية المناطق السقوية في تونس وشملت 43 منطقة سقوية في البلاد، أن الفارق شاسع بين تسعيرة مياه الري المعمول بها وتكلفة المياه، وهو فارق أثر سلبا على البنية التحتية للمناطق السقوية وبصفة خاصة شبكة الري في ظل عدم توفر الموارد المالية الكافية للقيام بعمليات الصيانة المطلوبة، مما قاد في النهاية إلى التآكل السريع للمناطق السقوية.

ولفت عادل الهنتاتي الخبير الدولي في البيئة والتنمية المستدامة في حديثه لـ”العرب” إلى أن الفساد انعكس حين وقع توريد القمح المسرطن في الصائفة الماضية، فيما لم يقع تقييمه كما ينبغي.

وأشار الهنتتاني إلى عدم وجود سياسة زراعية واضحة الأمر الذي فاقم مثل هذه المشاكل. ورأى أن من أخطر مشاكل القطاع هو استيراد البذور والأسمدة لإنتاج زراعي محلي.

ويواجه المزارعون في تونس صعوبات ناجمة عن النقص في التزود بالأسمدة خاصة مادة “دي.أي.بي” مما يعيق انطلاق موسم الزراعات الكبرى في كل سنة في مناطق سقوية مثل جندوبة (الشمال الغربي).

وإضافة إلى ذلك يشكل التلوث تحديا حقيقيا لحماية المنتجات الزراعية خاصة في ظل ضعف الرقابة ومحدودية الإمكانيات.

وشرح الهنتاتي بالقول “هناك تركز كبير للأجسام الكيميائية المضرة بصحة الإنسان في المناطق السقوية التي من تعاني التلوث”. وعلّق “وسائل التغذية غير صحية وهو شكل من أشكال الفساد أيضا”.

وكان القطاع الزراعي قد تضرر في السنوات الأخيرة مع انتشار أمراض مثل “سوسة النخيل” ومرض اللسان الأزرق الذي تسبب في خسارة كبيرة في قطاع المواشي، على غرار التداعيات الوخيمة لظاهرة الفساد.

وأحصى تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (حكومية) سنة 2018 حوالي 509 ملفات فساد في قطاع الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري. وكشف التقرير الذي نقلته وكالة الأنباء الرسمية حينها عن إحالة العديد من هذه الملفات على أنظار القضاء تعلقت بهياكل ومؤسسات مهنية تابعة للقطاع.

رغم الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة إلا أنها غير كافية حيث ما يزال الفساد متغولا في القطاع، ما جعله ينعكس سلبا على التنمية الشاملة والاستقرار السياسي والاجتماعي

ومن بين هذه الملفات أورد التقرير شبهة فساد في إسناد منحة الحليب المجفف بالمجمع المهني المشترك للحوم الحمراء والألبان تمثلت في مخالفة التراتيب القانونية الجاري بها العمل في تحديد قيمة منحة تجفيف الحليب.

وتحدث التقريرعن شبهة فساد تخص تعمد قبول حبوب تحتوي على حشرة السوس الحي وتخزينها في مجموعة من خزانات ديوان الحبوب، بالإضافة إلى تقديم ملف حول تسجيل تجاوزات بأحد فروع الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه تخص عمليات ربط غير قانونية لمجموعة من المواطنين بشبكة توزيع المياه دون قيامهم بخلاص التعريفات اللازمة.

#قطاع #الزراعة #ركيزة #الاقتصاد #في #تونس #ضحية #أخرى #للفساد #آمنة #جبران

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد