كيف تغذي منشورات مفبركة أزمة المهاجرين في تونس؟ – BBC News عربي
فريق تقصي الحقائقبي بي سي10 مارس/ آذار 2023صدر الصورة، Getty Imagesالتعليق على الصورة، ساحل العاج بين عدد من الدول التي قامت بترحيل مواطنيها من تونسشهدت مواقع التواصل الاجتماعي في تونس انتشارا واسعا لمقاطع فيديو مفبركة ومضللة حول مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وسط موجة من مشاعر مناوئة للمهاجرين في البلاد.وقال الرئيس التونسي قيس سعيد إن الهجرة “مؤامرة” تستهدف تغيير التركيبة الديموغرافية لبلاده. وبدأت كل من ساحل العاج وغينيا في ترحيل مواطنيهما بسبب مخاوف تتعلق بسلامتهم.وقد فحص فريق تقصي الحقائق في بي بي سي عددا من الفيديوهات المتداولة عبر الإنترنت والتي يزعم ناشروها أنها تصوّر مهاجرين أفارقة في تونس. وتبيّن بالفحص أن هذه الفيديوهات تم تصويرها في بلاد أخرى.احتجاجات لمهاجرين ليست في تونستُظهر فيديوهات عديدة، تم تداولها مؤخرا عبر تطبيق تيك توك، مجموعات بأعداد كبيرة تجري في أحد الشوارع فيما يبدو مظاهرة غاضبة.وكُتب على أحد الفيديوهات، الذي حظي بملايين المشاهدات، عبارة باللغة العربية تقول: “تونس تحت الاحتلال”، كما شوهد فيديو آخر مكتوب عليه عبارة “تونس أصبحت مملكة الأفارقة”. وقد تبيّن بالفحص أن الوقائع التي تظهر في الفيديو حدثت بالفعل ولكن في العاصمة السنغالية داكار.ومن الواضح أن هذا الفيديو تم تصويره في ساحة المسلّة والتي يمكن رؤيتها عند نقطة معينة حين يتحرك الشخص الذي يحمل الكاميرا.وإضافة إلى المسلة، القائمة في العاصمة داكار، يمكن تمييز العلم السنغالي في الفيديو. كما تأكد فريق بي بي سي أن اللغة المسموعة في الفيديو هي اللغة الولوفية – التي يتحدث بها غالبية سكان السنغال.وقد تتبع الفريق أثر هذه الوقائع ووجد أنها تعود إلى مظاهرة احتجاجية قام بها معارضون في داكار في يونيو/حزيران من عام 2022.الفوضى المرورية لم يسببها المهاجرونوثمة فيديوهات أخرى انتشرت عبر تطبيق تيك توك، ويزعم ناشروها كذبا أن ما تصوره من مظاهرات في شوارع يقوم بها مهاجرون أفارقة قد وقعت في تونس. ومن بين الأمثلة التي شهدت انتشارا واسعا، أحد الفيديوهات الذي يصوّر مجموعات من الناس على أنهم من أفريقيا جنوب الصحراء في مواجهة سائقين ومتفرّجين في طريق لا يتحرك لفرط ازدحامه بالسيارات. ويحمل الفيديو عنوان: “احتلال أفارقة جنوب الصحراء لأكثر من ولاية في تونس”. وتشير بعض التعليقات على هذا المنشور إلى أنه ليس في تونس، وإنما في المغرب، وقد تأكد فريق بي بي سي من ذلك عبر شواهد وخيوط في الفيديو. وفي إحدى النقاط، تظهر سيارة حمراء عليها لافتة تقول “حجم صغير” باللغة العربية، على نحو معهود في سيارات الأجرة في العاصمة المغربية. وعلى الرغم من أن لوحة الأرقام الخلفية يتعذر رؤيتها بوضوح، إلا أنها تحمل خمسة أرقام، على نحو ما يشيع في الدار البيضاء. كما فحص فريق بي بي سي حوارا دار في نقطة ما، وتبيّن الفريق بعض الكلمات المنطوقة باللهجة المغربية المميزة.هؤلاء المهاجرون ليسوا متجهين إلى تونسوفي فيديو آخر تم تداوله مؤخرا عبر تطبيق تيك توك، تظهر مجموعات من الناس يعبرون صحراء مفتوحة. وعلى الفيديو تعليق يقول: “عدد كبير من أفارقة جنوب الصحراء يعبرون باتجاه تونس”.وقد عثر فريق بي بي سي على نسخة أخرى أطول مدة لهذا الفيديو نفسه، كان قد تمّ نشرها في وقت سابق عبر تيك توك. وكانت هذه النسخة الأطول قد نُشرت في سبتمبر/أيلول 2022 على يد رجل كان يسجّل رحلته مغادرا الجزائر بعد أن أُجبر على الهجرة.وتبيّن لفريق بي بي سي أن الفيديو الأخير خضع لعملية تقريب في الصورة فضلا عن كتابة تضفي غموضا على أجزاء من الصورة، لكن مع المحافظة على نفس الأشخاص الذين ظهروا في الفيديو الأول.وقد تعرّض آلاف المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى الطرد من الجزائر العام الماضي، بحسب وكالات إغاثة إنسانية.وثمة فيديو آخر نشره نفس الرجل، يعلن فيه عن وصوله إلى باماكو، عاصمة مالي، ويتضمن الفيديو رحلة مرهقة عبر أفريقيا جنوب الصحراء. المهاجرون لا يصلون على متن عربات مصفحةوهذا فيديو آخر حظي بعشرات الآلاف من المشاهدات، وتظهر فيه عربات مصفّحة تحمل حشودا من المسلحين وتمرّ على أشخاص يقفون موقف المتفرجين. ويحمل الفيديو تعليقا باللغة العربية يقول: “الأفارقة أيضا مسلحون”. وفي أسفل الفيديو يظهر وسْم يقول: “أفارقة في تونس”.وتمكن فريق بي بي سي من العثور على نفس الفيديو منشورا في وقت سابق، مع إشارة إلى أنه تم تصويره في السودان، وثمة شواهد في الفيديو داعمة لذلك.وعلى جانب الطريق في الفيديو تظهر لافتة مكتوب عليها “تابكو”، وهي شركة زيوت وشحوم مشهورة في السودان. كما يمكن تمييز عَلم السودان بألوانه المميزة على باب إحدى المركبات العابرة في الفيديو. كما طابق فريق بي بي سي بين الزي الذي يرتديه المسلحون في الفيديو وملابس وحدات من الجيش السوداني.وآخر الشواهد تمثّلت في كلمة تظهر على واجهات المحال في الفيديو تقول “رَكشات” باللغة العربية، وهي نُطق سوداني لمركبات التوكتوك.لقطات من حادث قديم بأحد المطارات في بعض الحالات، تُقتطع بعض الفيديوهات من سياقها بهدف كسْب تعاطف المشاهدين مع معاناة أفارقة جنوب الصحراء في تونس. ومن ذلك، ما نشره أحدهم عبر تويتر من فيديو يصوّر حادثة وقعت بأحد المطارات التونسية، وفيه يظهر رجل في مشاجرة حيث يتم تقييده بأيدي موظفي الأمن في المطار.ويقول تعليق على المنشور: “الأفارقة السود يتعرضون للهجوم في تونس حتى وهم يحاولون مغادرتها”.وقد وقعت هذه الحادثة بالفعل في تونس، ولكن في يوليو/تموز 2022 كما تشير إلى ذلك بعض التعليقات.وقد تناقلت نوافذ إعلامية عديدة هذا الفيديو وقْت نشْره، بما في ذلك نوافذ في المملكة المتحدة.
#كيف #تغذي #منشورات #مفبركة #أزمة #المهاجرين #في #تونس #BBC #News #عربي
تابعوا Tunisactus على Google News