لا غالب في ليبيا إلا الميليشيات بفضل فشل الأمم المتحدة |
وقال صنع الله إنه دون ضغط دولي قد تؤدي الأزمة إلى ظهور مؤسسة نفط وطنية موازية كما حدث خلال الحرب الأهلية الأخيرة في البلاد عندما حكمت إدارتان متنافستان في الشرق والغرب.
وأضاف “إذا لم يكن هناك التزام كما حدث سابقا من المجتمع الدولي، فهذا متوقع”.
السفير الأميركي في طرابلس ريتشارد نورلاند أعرب عن خيبة أمله لقرار إقالة صنع الله. وقال في بيان إنه يتابع “بقلق بالغ التطورات المحيطة بالمؤسسة الوطنية للنفط التي تعتبر حيوية لاستقرار ليبيا وازدهارها، والتي ظلت مستقلة سياسيا وكفؤة تقنيا تحت قيادة صنع الله”.
الأمم المتحدة دعت، من باب التغطية على دورها الحقيقي، إلى عدم تسييس ملف النفط وأكدت على “أهمية وجود مؤسسات موحدة ومستقلة ومستقرة في البلاد”. وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق في مؤتمر صحافي عقده بمقر المنظمة الدولية في نيويورك إن “المستشارة الخاصة للأمين العام ستيفاني ويليامز على اتصال بالأطراف المعنية حول هذا الموضوع”.
ريتشارد نورلاند: أتابع بقلق بالغ التطورات المحيطة بالمؤسسة الوطنية للنفط التي تعتبر حيوية لاستقرار ليبيا وازدهارها
ولكن الفشل، حسب تقديرات المراقبين، هو فشل ويليامز نفسها، بالدرجة الأولى، من ناحية، لأنها أشرفت على عملية حوار فاسدة أدت إلى تعيين حكومة تابعة للميليشيات، انتهت إلى خرق التزاماتها بإجراء انتخابات وعدم الترشيح لأيّ منصب. ومن ناحية أخرى، لأن هذه الحكومة ظلت تحظى باعتراف الأمم المتحدة بها.
ويرى المراقبون أن الطريقة التي تم بها تعيين رئيس جديد لمؤسسة النفط، لا تثبت أن ملف النفط قد أصبح مسيّسا، فحسب، بل أصبح خاضعا لسلطة الميليشيات مباشرة. وباتت هي القوة الوحيدة التي يمكنها أن تتحكم بكل مسارات الأوضاع في ليبيا، ومنها إعاقة التوصل إلى حل للخلافات الدستورية حول أسس إجراء الانتخابات.
وفي دلالة على أن السلطة المطلقة آلت إلى الميليشيات الموالية للدبيبة دون سواها من الميليشيات الأخرى، فقد فشل خالد المشري “رئيس المجلس الأعلى للدولة” في إقناع الدبيبة بالعدول عن قرار إقالة صنع الله.
المشري قال إن “قرار إعادة تشكيل مجلس إدارة مؤسسة النفط في هذا التوقيت المفصلي الذي تمر به البلاد قد يؤدي إلى تفكيك المؤسسة وانقسامها، الأمر الذي سيعود بكارثة حقيقية على الاقتصاد الوطني”.
ونقلت مصادر مطلعة القول إن الدبيبة رد على المشري برسالة تقول إنه “يشكره على رأيه الاستشاري غير الملزم، بشأن مطالبته بعدم تغيير مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مؤكدا على أنه أمر لا يعنيه وليس في نطاق اختصاصه”.
وهو رد يعادل صفعة على الوجه من وجهة نظر المقربين من المشري.
وكتب الدبيبة على تويتر “نرحّب بإعلان مجلس الإدارة الجديد لمؤسّسة النفط رفع القوّة القاهرة عن الحقول والمنشآت النفطيّة”، مضيفًا “من المهمّ أن ينعكس ذلك في تحسين وضع شبكة الكهرباء وتعزيز إمدادات الوقود”.
والقوّة القاهرة إجراء قانونيّ يسمح للشركات بتحرير نفسها من الالتزامات التعاقديّة في حال حدوث ظروف خارجة عن إرادتها.
وكان بن قدارة يتولى منصب رئيس البنك المركزي بين أعوام 2006 – 2011 في عهد معمر القذافي، ولكنه أنشأ روابط مع الميليشيات التي تدعم الدبيبة، ما يجعل مؤسسة النفط خاضعة كليا إلى سلطة هذه الميليشيات.
ومثلما فشلت الجهود لتوحيد المؤسسة العسكرية، فإن تحويل مؤسسة النفط إلى مؤسسة ميليشياوية، يقطع خطوة إضافية في طريق تكريس الانقسامات في ليبيا، وإفشال كل الجهود الرامية إلى وضع خارطة طريق للخروج من المأزق الراهن.
ويعود جانب من أسباب هذا الواقع إلى فشل إدارة ويليامز للحوار بين الليبيين، وذلك منذ أن حاولت شق طريق للحوار خارج مجلس النواب، وخارج الجهد لتوحيد المواقف بين أعضائه، على الرغم من أنه المؤسسة الوحيدة المنتخبة، وعلى الرغم من كل ما تحقق من نتائج في الحوارات التي رعتها الرباط.
ولقد أدى اختيار ويليامز للطريق الذي بدأ من “منتدى الحوار في تونس”، إلى نشوء سلطة موازية، وسرعان ما ثبت أنها مجرد نسخة من سلطة الميليشيات التي كان يتولى قيادتها فايز السراج قبل أن تتولاها ما صار يعرف بـ”حكومة الوحدة الوطنية” برئاسة الدبيبة.
وحيث أنها خاضعة للأهواء الميليشياوية ذاتها، فقد كان من الطبيعي أن يمضي تكليفها إلى تلك النهاية التي أدت إلى فشل إجراء الانتخابات، وامتناع الدبيبة عن تسليم السلطة إلى حكومة وحدة وطنية فعلا.
ويقول المراقبون إن ويليامز لم تبذل جهدا في الاتجاه الرامي إلى إعادة بناء حكومة الوحدة الوطنية بالعودة إلى أطراف النزاع مباشرة، أي بين أطراف مجلس النواب نفسه، واختارت بدلا من ذلك القبول ببقاء حكومة الدبيبة.
والملاحظ في هذا السياق أنه بينما كان رئيسا مجلس الدولة والبرلمان يبدوان طرفين رئيسين في السعي للتوصل إلى صيغة دستورية متوافق عليها لإجراء الانتخابات، فقد بقيت حكومة الدبيبة خارج الحوار، لأنها لا تريده من الأساس، وأثبتت أنها غير معنية بنتائجه. وحتى لو تم التوصل إلى اتفاق على صيغة ما، فهي سوف تتكفل بتدميرها بالاعتراضات والطعون، مثلما فعلت مع الانتخابات التي كانت مزمعة في ديسمبر الماضي.
هذا الواقع، إنما يؤدي إلى نتيجة واحدة في النهاية، وهي أن سلطة الميليشيات سوف تظل تملك اليد العليا في تقرير مصير البلاد، وهي التي تتحكم بمؤسساتها ومواردها، مستفيدة من واقع أن الوصف الرسمي لحكومة الدبيبة هو أنها تحظى باعتراف الأمم المتحدة.
والفضل الرئيسي في ذلك إنما يعود إلى مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة. ليس لأنها اختارت الطريق الذي أوصل الدبيبة إلى السلطة، عن طريق أعمال تصويت تم شراؤها عن طريق الرشاوى، فحسب، بل لأنها ظلت تدعم بقاءه رغم فشله في أداء ما نص عليه التكليف أيضا.
#لا #غالب #في #ليبيا #إلا #الميليشيات #بفضل #فشل #الأمم #المتحدة
تابعوا Tunisactus على Google News