لماذا تردى وضع الرعاية الصحية في العراق؟
بي بي سي
نشر في:
الأربعاء 16 نوفمبر 2022 – 2:32 ص
| آخر تحديث:
الأربعاء 16 نوفمبر 2022 – 2:32 ص
أثارت زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني المفاجئة إلى مستشفى الكاظمية التعليمي شمالي العاصمة بغداد جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي.
فقد عبر السوداني عن استيائه من الخدمات المقدمة للمرضى، خلال زيارته الأولى للمستشفى منذ توليه منصبه، وفقا لفيديو تم تداوله على الإنترنت.
وخلال الفيديو قال السوداني في حديثه مع الطاقم الطبي للمستشفى بالدارجة العراقية “حتى الصاحي إلي يجي هنا يتمرض.. الله لا يوفقنا على هاي الخدمة ” ويعني أن ( المعافى الذي يأتي للمستشفى يمرض بسبب سوء الأوضاع ).
آراء العراقيين الذين تفاعلوا مع الفيديو انقسمت ما بين مرحب بزيارة السوداني التي قالوا إنها ستكون بداية لإصلاح الخلل في المنظومة الصحية كما قال البعض، وما بين منتقد لها إذ وصفها البعض بأنها “استعراض إعلامي”.
من هؤلاء رأفت الياسر الذي قال في تغريدة عبر موقع تويتر “الأطباء المتغيبون وغيرهم في وزارات أخرى مثل الإخطبوط يد في وزارتهم يأخذون راتبا بدون دوام بالتنسيق مع المدراء (فضائيين) ويد في القطاع الخاص ينافسون الفقير، خطوة السوداني مهمة جدا وستؤدي إلى اهتمام وزارة الصحة بتقديم الخدمات كما ينبغي للمحرومين”.
في المقابل قال أسد الأسدي في تغريدة أخرى “وزراء الصحة أغلبهم من دولة القانون ومحمد شياع السوداني من دولة القانون يسوي نفسه ما يدري بفضيحة عديلة حمود عندما كانت وزيرة الصحة الله لا يوفقهم دنيا وآخرة”.
نظام صحي متدهور
ويعاني نظام الصحة في العراق من أزمة، فثمة نقص في الدواء وفي أعداد العاملين القائمين على الرعاية الطبية.
ويعمد الأطباء للهرب إلى الخارج بالآلاف كما أن متوسط الأعمار ومعدلات وفيات الأطفال أقل بكثير منها في باقي أنحاء المنطقة.
فخلال الثلاثين عاما الماضية تعرضت البلاد للخراب بفعل الحروب والعقوبات الدولية والصراع الطائفي وظهور تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية لعدة سنوات قبل القضاء عليه.
لكن حتى في أوقات الاستقرار النسبي ضاعت على العراق فرص توسيع نظام الرعاية الصحية وإعادة بنائه.
حصة ضئيلة للصحة
أشار تقرير لوكالة رويترز للأنباء نشرته قبل نحو عامين إلى أن الحكومة خصصت 2.5 في المئة فقط من موازنة الدولة البالغة 106.5 مليار دولار لوزارة الصحة في عام 2019، وهو عام شهد هدوءا نسبيا.
ويعد هذا مبلغا ضئيلا مقارنة بما يتم إنفاقه في دول أخرى بالشرق الأوسط.
وفي المقابل حصلت قوى الأمن على 18 في المئة ووزارة النفط على 13.5 في المئة.
وتظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أن الحكومة المركزية في العراق أنفقت خلال السنوات العشر الأخيرة مبلغا أقل بكثير على الرعاية الصحية للفرد من دول أفقر كثيرا، إذ بلغ نصيب الفرد من هذا الإنفاق 161 دولارا في المتوسط بالمقارنة مع 304 دولارات في الأردن و649 دولارا في لبنان وفقا لتقرير نشر قبل عدة سنوات.
هجرة الكوادر الطبية
يبلغ عدد الأطباء والممرضات في العراق مقارنة بعدد السكان أقل بكثير من دول أخرى بل إن عددهم أقل بكثير من دول أفقر مثل الأردن وتونس وفقا لتقرير رويترز.
ففي العام 2018، كان العراق لديه 2.1 ممرضة وقابلة لكل ألف نسمة مقارنة مع 3.2 في الأردن و3.7 في لبنان وذلك وفقا لتقديرات كل بلد.
وبلغ عدد الأطباء 0.83 فقط لكل ألف نسمة أي أقل بكثير من الدول المماثلة في الشرق الأوسط. فقد بلغ العدد في الأردن على سبيل المثال 2.3 طبيب لكل ألف نسمة.
نقابة الأطباء العراقية قالت إن 320 طبيبا على الأقل سقطوا قتلى منذ العام 2003 الذي أطاحت فيه القوات الأمريكية بالرئيس الراحل صدام حسين لتبدأ سنوات من العنف الطائفي وتمرد المتشددين الإسلاميين.
وبعد الاجتياح الأمريكي بدأ العاملون بالقطاع الهجرة بأعداد كبيرة الأمر الذي جعل نظام الرعاية الصحية العام غير مهيئ لمعالجة أمراض سكان العراق البالغ عددهم الآن حوالي 42 مليون نسمة.
وقالت النقابة إن حوالي 20 ألف طبيب، أي حوالي ثلث الأطباء المسجلين في العراق البالغ عددهم 52 ألفا، فروا من البلاد منذ التسعينيات.
وقد أدت أزمة الرعاية الصحية إلى انهيار الثقة بين الأطباء والمرضى، وأصبح عاديا أن تعتدي عشيرة مريض على الطبيب إذا ما ساءت الأمور خلال فترة العلاج.
يبلغ متوسط أجور الأطباء في العراق ما بين 600 و 700 دولار في الشهر فقط ويبحث كثيرون منهم عن وظائف إضافية في القطاع الخاص لزيادة دخلهم المنخفض.
ويتأثر أداء الأطباء بطول ساعات العمل الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الأخطاء ويقود بدوره إلى مزيد من الاعتداءات عليهم.
#لماذا #تردى #وضع #الرعاية #الصحية #في #العراق
تابعوا Tunisactus على Google News