ليبيا على خطى تونس ومصر.. هل “الانتخابات أولا” تقود للاستقرار؟
تواجه ليبيا معضلة قانونية تتمثل في كتابة الدستور أولا أم إجراء الانتخابات؛ ففيما يتمسك الإخوان بالدستور أولا تدعو قوى سياسية للانتخابات
المعضلة الليبية، التي توارثتها عن نظيرتيها من دول الربيع العربي مصر وتونس، يتقاطع فيها البلد مع جارتيه في بعض الجوانب، ويحلق بعيدًا في أخرى، فمن سيطرة لتنظيم الإخوان في البلدان الثلاث تتشابه الأحوال، إلى حالة حرب دامية جعلت البلد الغني بالنفط يبدو مختلفًا وظروفه تدعو لخيارات أخرى.وتوصلت اللجنة القانونية لملتقى الحوار الليبي، الجمعة، إلى الصيغة النهائية للقاعدة الدستورية اللازمة لانتخابات ديسمبر/كانون الأول 2021، قائمة على إجراء الاستحقاقات الانتخابية أولا ثم الذهاب إلى مشروع الاستفتاء على الدستور.
محوران للإخوانتلك الصيغة التي يعارضها تنظيم الإخوان في ليبيا بشدة، استطلعت “العين الإخبارية” آراء محللين سياسيين ليبيين، الذين كشفوا في تصريحات منفصلة، ما إذا كان من الضروري إجراء الانتخابات أولا أم لا ولم؟.وقال المحللون، إن تنظيم الإخوان الليبي يدفع بكل أوراقه نحو إجراء الاستفتاء على الدستور أولا، كون اللجنة التي أشرفت على صياغته يغلب عليها عناصره، مشيرين إلى أن التنظيم سيستفيد في كل الأحوال، بنتائج الاستفتاء سواء كانت بتمريره أو رفضه.
وأضافوا أن تمرير الدستور يضمن لتنظيم الإخوان تحويل ليبيا إلى مقاطعة تابعة له، فيما سيستفيد من رفض الدستور، بإطالة أمد الفترة الانتقالية عامين آخرين، يستعد فيها لتنظيم صفوفه ومن ثم دخول الانتخابات، بشكل يضمن له الاستحواذ على الأغلبية في البرلمان المقبل.
خطوة صحيحةوقال مختار الجدال عضو المجلس الانتقالي الليبي السابق، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، إن ما توافقت عليه اللجنة القانونية من تأجيل الاستفتاء إلى حين انتخاب السلطة التشريعية القادمة، خطوة في الطريق الصحيح؛ لأن الاستفتاء سيعقد الأمر ويأخذ وقتًا طويلا، في حالة أن صوت الليبيون بلا للمشروع.
وحول ما إذا كانت خطوة إجراء الانتخابات أولا ستعقد المشهد في ليبيا، على غرار مصر وتونس، قال المحلل السياسي الليبي، إن البلدين الجارين لليبيا لم يحدث فيهما حرب، أما البلد الغني بالنفط فتأثر بحروب جعلت من المجتمع غير جاهز للاستفتاء على دستور كتبه “منتصر” يسيطر على العاصمة ويستقوي بالمرتزقة والمليشيات.
وتساءل الجدال: ما السبب في الاستعجال على حسم الدستور أولا، وماذا في الأمر لو تأجل الموضوع قليلا حتى يخرج المجتمع من أزماته؟.
أوراق رابحةوتوقع المحلل الليبي، أن يحسم ملتقى الحوار الليبي الذي من المزمع أن يعقد الأسبوع الجاري الأمر لصالح تأجيل الاستفتاء على الدستور، حتى الاتفاق على قاعدة دستورية تنظم الانتخابات والتي من المقرر أن تصدر من مجلس النواب قبل يوليو/تموز القادم.
وحول أسباب دفع تنظيم الإخوان بكل ثقله لإجراء الاستفتاء أولا، قال مختار الجدال، إن مسودة الدستور الحالية تخدم تنظيمهم فتجعل من المفتي رأس الدولة المدنية.
من جانبه، قال عصام التاجوري الحقوقي الليبي، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، إن الدستور أولا يحقق مطامع الإخوان والتحالف الجهوي التابع لهم والذي يريد تكريس المركزية وسياسة المغالبة في نظام الحكم بليبيا.
تمكين الإخوانوأوضح الحقوقي الليبي، أن تنظيم الإخوان يلعب على محورين، أولهما تمرير الدستور الحالي والذي يلبي مشروع تمكين الجماعة من ليبيا، فيما الثاني يتمثل في الحشد للسيطرة على البرلمان المقبل وتشكيل لجان لفحص الدستور وتأكيد هذه السيطرة وفق قواعد دستورية ثابتة.
انتخابات ليبيا.. خلافات باجتماعات تونس والحكم لـ”الحوار السياسي”ورغم أن مسودة الدستور الحالية بها عوار، ولم تتطرق إلى بعض القضايا المهمة والتي أجلتها إلى ما بعد انتخاب السلطة التشريعية، بحسب الحقوقي الليبي، إلا أنه كان يتمنى أن تؤخذ بها الآن، لا أن تؤجل، كون إجراء الانتخابات أولا سيعيد الخطوات التي قامت بها اللجنة القانونية إلى سيرتها الأولى.
صراع أكبروأشار إلى أن ترك الدستور للسلطة التشريعية القادمة التي ستستحوذ على الأكثر تمثيلا داخل البرلمان سيجعل الصراع أكبر، لأن الاستحواذ على أكبر قدر منها، سيضمن لهم الانفراد بوضع الدستور أو توجيه آلية محددة تخدم أفكارهم، محذرًا من أن الانتخابات القادمة في ليبيا ستحمل صراعًا كبيرًا وستكون بطعم الدم.
لدعم “جدول الانتخابات”.. تحركات واسعة بين أطراف ليبياوأكد أن التيار الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين الأكثر تنظيما والقدرة على التسلل لصندوق الاقتراع عبر عدة أوجه وشخصيات غير معروفة، سيحرم وصولها للبرلمان، الشعب الليبي من حقوق كثيرة.
المحلل السياسي رضوان الفيتوري، أيد في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، إجراء الاستفتاء على الدستور بعد الانتخابات، واصفًا التوافق الحالي بـ”المثالي في ظل هذه الظروف وفي ظل ضيق الوقت”، الذي يجعل من المستحيل إجراء الاستفتاء حاليًا.
رفض شعبيوأشار إلى أن عموم الشعب الليبي رافضون لمسودة الدستور التي صاغها تنظيم الإخوان والذي يعرف في ليبيا باسم “دستور كيشلاف”، متوقعًا عدم حدوث أزمة بسبب إجراء الانتخابات قبل الدستور، لأن السواد الأعظم من الشعب الليبي يحمل توجهًا واحدًا.
بعد مهلة الـ60 يوما.. مصير “المسار الدستوري” يعود لـ”الحوار الليبي”وأوضح أن تنظيم الإخوان لا يريد الانتخابات، فهو يلجأ إلى الاستفتاء على الدستور لاستحالة إجرائه، ما يجعل من تأجيل الانتخابات عامين إضافيين أمرًا حتميًا، يكسبون من خلاله الوقت اللازم لإعادة تنظيم صفوفهم وتحويل ليبيا لدولة إخوانية.
وأكد أنه بعد إجراء الانتخابات، ستشكل لجنة جديدة، كون الحالية مرفوضة قانونيا ومن قبل رجل الشارع، متوقعًا ظهور “ليبيا الجديدة” خلال أشهر، إلا إذا حدثت مفاجآت من المجتمع الدولي.
تابعوا Tunisactus على Google News