ما الذي ينتظر الاقتصاد العالمي في 2021؟
سينتعش الاقتصاد العالمي بسرعة مع السيطرة على فيروس كورونا، لكن المشاكل القديمة التي غذت السياسة الشعبوية تفاقمت وقد يكون حلها أكثر صعوبة.
ويرى الكاتب مايكل هيرش، في تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية (Foreign policy)، أنه بعد انقضاء عام 2020 الذي كان أشبه بكابوس وتوزيع لقاحات “كوفيد-19” بكميات كبيرة، يعتقد العديد من الاقتصاديين أن التعافي الاقتصادي العالمي في عام 2021 قد يكون الأسرع منذ عقود.
لكن الوباء وعمليات الإغلاق المرتبطة به سيتركان إرثا قاتما قد يستغرق التخلص منه عقودا أيضا، منها اتساع فجوة عدم المساواة في الدخل الذي قد يؤدي إلى إعادة إحياء السياسة الشعبوية في الولايات المتحدة والدول الكبرى الأخرى.
وبعد عام شهد فيه كل اقتصاد رئيسي تقريبا انكماشا، مع استثناء وحيد واضح للصين، يتوقع معظم الاقتصاديين أن يجلب عام 2021 النمو، ووفقا لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يبلغ النمو العالمي 5.2% هذا العام.
ويتوقع اقتصاديون آخرون أن تكون أقوى الدول أداء هذا العام هي تلك البلدان التي فرضت إغلاقا صارما في عام 2020، بقيادة المملكة المتحدة وإسبانيا. ومن جانبها، عادت الصين بالفعل إلى النمو الاقتصادي العام الماضي مع إمكانية عودة نمو الناتج المحلي الإجمالي القوي باعتدال هذا العام.
الولايات المتحدة
تشير التوقعات إلى انتعاش كبير في الولايات المتحدة بعد صيف مدمر، وفي هذا الصدد، يقول أندريه شليفر، الاقتصادي البارز في جامعة هارفارد (Harvard) “أفترض أنه إذا لم يفشل التطعيم أو يتباطأ، فسوف نحقق انتعاشا اقتصاديا كبيرا، آمل أن يركز (الرئيس الأميركي المنتخب جو) بايدن على هذا الأمر، فالتغلب على فيروس كوفيد هو انتصار كبير يمكنه تحقيقه في الأشهر الستة المقبلة”.
ويرجح الكاتب أن بايدن لن يكون قادرا على فعل المزيد بسبب احتمال عرقلة الجمهوريين له، هذا إلى جانب تطور تفكيره الاقتصادي منذ أيامه كنائب للرئيس باراك أوباما، ولكن حتى إن كانت لبايدن حرية نسبية، فقد أشارت الإدارة المقبلة بالفعل إلى أنها لن تعود ببساطة إلى سياسات الوسط المؤيدة للتجارة الحرة التي دعمها الرؤساء الديمقراطيون السابقون.
من جهة أخرى، أشارت مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس” (Oxford Economics) في تقرير حديث إلى أن “الصفقات الكبرى مثل اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية الموقعة في عهد بيل كلينتون أو الشراكة عبر المحيط الهادئ تحت قيادة باراك أوباما، أصبحت لا تحظى بشعبية عبر الطيف السياسي، الأمر الذي قد يجعل الرئيس المنتخب بايدن أقل تأييدا للتجارة الحرة مما كان عليه عندما كان نائبا للرئيس”.
وإذا كان صعود ترامب مدفوعا جزئيا بعدم المساواة في الدخل الذي تفاقم بعد الركود الأخير ما بين 2008 و2009، فإن استمرار عدم القدرة على حل هذه المشاكل ستتمخض عنه مشاكل سياسية، خاصة في أعقاب الاضطرابات الاقتصادية غير المسبوقة أثناء الوباء.
وفي تقرير حديث، خلص الاقتصاديان في معهد ماساشوستس (Massachusetts) للتكنولوجيا، ديفيد أوتور وإليزابيث رينولدز، إلى أن أزمة “كوفيد-19″، “ستؤدي إلى تفاقم المعاناة الاقتصادية على المدى القصير والمتوسط للعمال الأقل أمانا اقتصاديا، ولا سيما أولئك الذين يعملون في قطاع الخدمات الذي ينمو بسرعة ولكن لا يوفر أجورا عالية”.
وقبل وقت قصير من العام الجديد، وقّع ترامب على حزمة إغاثة جديدة خاصة بكوفيدـ19 بقيمة 900 مليار دولار بعد شهور من الجمود، فضلا عن تمديد التأمين ضد البطالة وتأجيل عمليات الترحيل وسداد الديون ما سيخفف بعض الآلام الفورية ويؤجل بعض أسوأ آثار عدم المساواة في الدخل، ولكن ذلك لن يحل المشاكل الأساسية، خاصة أن الركود الناجم عن الوباء، على عكس معظم فترات الركود السابقة، لم يؤثر على الأغنياء.
الاتحاد الأوروبي
الوضع متشابه إلى حد كبير في أوروبا، فمن المؤكد أن البنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي سارعا إلى وضع حزمة إنقاذ ضخمة في وقت مبكر وتمرير ميزانية الاتحاد الأوروبي الجديدة الضخمة التي خففت من التهديد الاقتصادي الفوري وساعدت في سد الفجوة بين شمال أوروبا وجنوبها، لكن الموجة الثانية من الوباء، التي انطوت على جولة جديدة من الإغلاق والشركات المغلقة والبطالة المتزايدة، تثير مشاكل مماثلة كما هي الحال في الولايات المتحدة.
ونبه الكاتب إلى أن هذا لا يشمل حتى الاضطراب شبه المؤكد الذي خلقه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومع انتهاء شهر ديسمبر/كانون الأول، أبرمت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي صفقة تجارية تحكم علاقتهما المستقبلية، وينص الاتفاق على عدم فرض رسوم جمركية أو حصص على البضائع. وقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن هذا الاتفاق هو انتصار كبير.
لكن لا يبدو أن اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي طال انتظارها تغطي خدمات مثل التمويل، التي تستأثر بنسبة كبيرة من الاقتصاد البريطاني المتعثر ومعظم تجارتها مع الاتحاد الأوروبي، ولن يتمتع المواطنون البريطانيون بحقوقهم السابقة في العيش والعمل في الاتحاد الأوروبي، ولا يزال الاتحاد الأوروبي يخوض معارك تجارية واقتصادية طويلة الأمد مع واشنطن لن يتم حلها بعصا سحرية من بايدن.
إرث الوباء المخيف
أكد الكاتب أن هناك إرثا اقتصاديا مخيفا آخر للوباء يمكن أن يشكل تحديا كبيرا لبايدن في المستقبل، وقد بدأت أشهر من العمل الافتراضي خلال الوباء في تغيير أنماط العمل، مما سيكون له في النهاية تأثير غير متناسب على الطبقات العاملة التي تكافح بالفعل.
تعتقد إيدلبيرغ، التي أصبحت مديرة مشروع هاملتون الذي يديره معهد بروكينغز (Brookings)، أنه “سيكون هناك بعض التحولات المهمة في الوظائف، ولن نتخلص من كل الطرق الجديدة لممارسة الأعمال التجارية بعد الوباء، وسيكون هناك الكثير من العمل عن بُعد وسيقل السفر من أجل العمل كثيرا، ومن المحتمل أن يكون هناك الكثير من الأتمتة في مختلف القطاعات”.
كما سيكون هناك المزيد من ماكينات السحب الآلي في المتاجر وشركات البيع بالتجزئة الأخرى، مما يسرع من حاجة ملايين العمال للانتقال إلى قطاعات جديدة، وهذا بدوره سيخلق الحاجة إلى برامج إعادة التدريب الكبيرة الممولة من الحكومة الفدرالية.
وقد أوضح فريق بايدن الانتقالي أن برامج إعادة التدريب على الوظائف، بالإضافة إلى فاتورة البنية التحتية الضخمة التي يمكن أن تعيد بناء دولة متداعية وتكون بمثابة حافز مالي، هي أولويات كبيرة، لكن الرئيس الجديد سيجد صعوبة في تمرير التشريعات الضريبية التصاعدية، مثل الضريبة الجديدة التي اقترحها على الأثرياء والإعفاءات الضريبية الجديدة للتأمين الصحي ورعاية الأطفال ورعاية المسنين، وملكية المنازل.
المزيد من اقتصاد
#ما #الذي #ينتظر #الاقتصاد #العالمي #في
تابعوا Tunisactus على Google News