ما هو العدد الحقيقي لسكان الهند وهل هناك لغز وراء ذلك؟ – BBC News عربي
ريكاردو سينرا مراسل تعداد السكان العالمي – بي بي سي نيوز20 أبريل/ نيسان 2023صدر الصورة، EPAالتعليق على الصورة، قريبا، ستتربع الهند على عرش أكثر دول العالم سكاناً، ومع ذلك لا أحد يعلم الرقم الدقيق لعدد سكانها.تمكنت الحكومة الهندية من منع علماء الديموغرافيا في الأمم المتحدة، من الإعلان على وجه الدقة عن موعد تخطي الهند للصين كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، بعد أن مارست الحكومة تعتيماً غير مسبوق حول البيانات الرسمية الخاصة بعدد سكان البلاد.كان من المتوقع الإعلانُ عن هذا الحدث السكاني المهم للهند في 14 أبريل 2023، ولكن بينما كان العالم ينتظر تأكيد تخطي الهند للصين بعدد السكان يوم الجمعة الماضي، لم تُدلي الحكومة الهندية بأي بيان رسمي.وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان يوم الأربعاء 19 ابريل/ نيسان إن عدد سكان الهند سيصل إلى 1428.6 مليون نسمة مقابل 1425.7 مليون في الصين بحلول منتصف عام 2023.خلال مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية ، قال المدير التنفيذي ورئيس قسم التقديرات والبيانات السكانية في الأمم المتحدة، باتريك جيرلاند، إن أي أرقام متعلقة بالعدد الحقيقي للسكان في الهند هي “افتراضات ساذجة تستند إلى معلومات متناثرة”.وأضاف: “ليست لدينا بيانات رسمية حقيقية صادرة عن الهند”.بي بي سي تواصلت مع وزارة الداخلية الهندية، للرد على أسئلة بخصوص نقص البيانات المُحدثة، لكن الوزارة لم تُجب على أسئلتنا.السباق السكانييقدر عدد سكان الهند والصين بـ 1.4 مليار نسمة لكل دولة، ما يعني أن واحداً من بين كل ثلاثة أشخاص في العالم يعيش أما في الهند أو الصين. كانت الصين أكثر الدول اكتظاظاً بالسكان منذ أن بدأ الإحصاء السكاني قبل 70 عاماً. وبينما مؤسسات ومعاهد عدة، مثل معهد دراسة سكان العالم، تعتقدأن عدد سكان الهند قد تجاوز بالفعل عدد سكان الصين هذا العام، إلا أن رئيس قسم تقدير السكان في الأمم المتحدة غير متأكد تماماً من هذا الأمر، مبرراً ذلك بأن طبيعة ودقة المعلومات الموجودة لا تضمن أن يكون الافتراض صحيحاً ودقيقاً.ما نعرفه على وجه الدقة، هو أن عدد سكان الصين بدأ في التراجع العام الماضي وبسرعة أكبر من المتوقع، وأن عدد سكان الهند ينمو حتى اللحظة.ويتوقع خبراء السكان في الأمم المتحدة (المسؤولون عن تعداد السكان) أن يبلغ عدد سكان الهند ذروته عند 1.7 مليار في عام 2064، وبحلول ذلك الوقت سيكون العدد أكبر بنسبة 50% من الصين. أن تكون على رأس قائمة أكثر الدول تعداداً بالسكان، هذا أمر له آثار مهمة على الهند. لكن لماذا لا نستطيع التأكد من موعد إعلان الهند كأكبر الدول سكاناً؟إلغاء التعداد السكاني لأول مرة منذ 140 عاماالسبب الرئيسي وراء عدم تأكد خبير الأمم المتحدة باتريك جيرلاند، هو عدم إجراء تعداد سكاني جديد في البلاد لأول مرة منذ عام 1881.فبعد 140 عاماً من التزام الدولة بإجراء التعداد السكاني كل 10 سنوات، تم إلغاء تعداد عام 2021 بسبب وباء كورونا، على أن يتم تنفيذه عام 2022.صدر الصورة، EPAالتعليق على الصورة، لم تكن الحروب ولا حتى زمن المجاعة الكبرى سبباً لتأجيل التعداد السكاني في الهند على الإطلاق.الآن تم تأجيل التعداد مرة أخرى إلى عام 2024، العام الحاسم للانتخابات في الهند، عندما يترشح رئيس الوزراء ناريندرا مودي لولاية ثالثة على التوالي. وبالنسبة لبعض خصوم مودي، فقد يكون هذا هو السبب وراء تأجيل التعداد السكاني.لم تكن الحربان العالميتان الأولى والثانية، ولا حتى المجاعة الهندية الكبرى في سبعينيات القرن التاسع عشر، سبباً في تأخر إحصاء عدد السكان على الإطلاق.وتعد طريقة زيارة كل أسرة في الهند وإجراء مقابلات مع أفرادها، هي طريقة التعداد الموثوقة للحصول على معلومات ليس فقط عن أعداد السكان، ولكن أيضاً عن العمالة ومحو الأمية والثروة والصحة والتعليم وغيرها من الإحصاءات الاجتماعية والثقافية الرئيسية.تعتبر بيانات عملية الإحصاء مصدراً مهماً لسياسات الدولة وخططها المعتمدة على الأرقام والأدلة، من الحاجة إلى المستشفيات والمدارس الجديدة إلى التخطيط الحضري وقرارات الميزانية العامة وتحديد الدوائر الانتخابية والمقاعد البرلمانية.صدر الصورة، Getty Imagesالتعليق على الصورة، تم تأجيل التعداد السكاني القادم حتى عام 2024، وبالنسبة لبعض الخصوم فإن رئيس الوزراء ناريندرا مودي قد يكون وراء هذا التأخير.كما تقدم البيانات صورة موثوقة عن البلد، أمام الحكومات الأخرى والشركات الخاصة والمنظمات غير الحكومية والأكاديميين.وفي دولة ذات أبعاد قارية مثل الهند، يعد التعداد مهمة أكثر تعقيداً، حيث يحتاج إلى نحو 3 ملايين شخص مدرب لزيارة كل أسرة.أجرت الصين تعدادها رقم سبعين في عام 2020 وأصدرت نتائجه عام 2021.عينات “عفا عليها الزمن”لتجنب الاعتماد على أرقام التعداد القديمة التي تعود لعام 2011، اعتمد علماء الديموغرافيا في الأمم المتحدة على مصادر أخرى، كالأرقام التقديرية التي تم الوصول إليها بعد عملية مسح “عينة سنوية” من السكان على يد الحكومة الهندية.ولكن حتى هذه العينات لم يتم تحديثها حتى اللحظة.يقول الخبير الأممي جيرلاند: “بالنسبة لمسح وتسجيل العينة، ليست لدينا أي بيانات كاملة منشورة من قبل الحكومة الهندية منذ عام 2019. وعليه فإننا لا نمتلك أي بيانات رسمية حقيقية للأعوام 2020 و 2021و 2022. ما لدينا هي مجرد افتراضات وتقديرات، قمنا بها في الأمم المتحدة بناءً على الماضي، بناءً على مصادر مختلفة للمعلومات المتاحة حتى عام 2019 لاستقراء ما يمكن توقعه “. صدر الصورة، EPAالتعليق على الصورة، مع عدم وجود تعداد سكاني جديد في الهند، فإن تأثيرات وباء كورونا من حيث عدد الوفيات لم تنعكس على الأرقام السكانية.لحساب عدد سكان بلد ما، يستخدم خبراء السكان الأرقام الرسمية للمواليد والوفيات وأعداد المهاجرين. يوضح جيرلاند: “بالنسبة للهند والصين، فإن أكثر ما يساهم حقاً في تغيير عدد السكان بشكل عام، هو عدد المواليد وعدد الوفيات الجديدة”.ولكن بدون تعداد سكاني جديد، لا يمكن لأحد التأكد من تأثير وباء كورونا على أرقام عدد السكان.يقول جيرلاند : “كما هو الحال مع أي نوع من الافتراضات، قد نكون على صواب، وقد نكون مخطئين، خاصة عند الحديث عن موجات فيروس كورونا المختلفة. وعن هذه الفترة، ونظراً لعدم توفر البيانات الحقيقية لدينا حتى الآن، قمنا ببعض التقديرات الأولية، أو سمها بعض الافتراضات الساذجة القائمة على معلومات مجزأة”.ويُضيف جيرلاند أن اللحظة المحددة التي ستتجاوز فيها الهند عدد سكان الصين يمكن أن تحدث “هذا الشهر، أو هذا العام، أو ربما تكون قد حدثت بالفعل”.وعندما سألت بي بي سي عن سبب عدم تحديث العينات، لم ترد الحكومة الهندية.الدافع السياسي؟بالنسبة للمعارضة، فإن السبب وراء تأخر إجراء التعداد الوطني، هو حماية رئيس الوزراء مودي من الضرر المحتمل الناتج عن الإحصائيات القادمة. صدر الصورة، Reutersالتعليق على الصورة، يقول المعارضون إن التأخر في تنفيذ التعداد السكاني الوطني، هو من أجل حماية رئيس الوزراء مودي من الأخبار السلبية قبل الانتخابات المقبلة.ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن المتحدث باسم حزب المؤتمر باوان خيرا قوله : ” هناك أمور مهمة مثل التوظيف ووفيات كورونا وما إلى ذلك، رأينا كيف فضلت حكومة مودي إخفاء تلك البيانات المهمة”.وتعقيباً على تلك الانتقادات سألنا الحكومة الهندية، ولم يصلنا الرد منها.مؤخراً، رد متحدث باسم حزب بهاراتيا جاناتا، الذي يتزعمه رئيس الوزراء مودي، على مثل هذه الانتقادات متسائلاً: “أريد أن أعرف على أي أساس يقولون هذا. ما هو المعيار الاجتماعي الذي يكون فيه أداؤنا خلال تسع سنوات أسوأ من إداء الحكومات السابقة خلال 65 عاماً؟ “.ودون الإشارة إلى الهند على وجه الخصوص، قال المدير التنفيذي في الأمم المتحدة باتريك جيرلاند إن استخدام التعداد السكاني بشكل عام “لأغراض سياسية محددة يؤدي في كثير من الأحيان، إلى تراجع نسبة المشاركة به”.ويضيف : “إن فكرة التعداد هي استخدام المعلومات التي تم جمعها من أجل الصالح العام، وليس من أجل مجموعة ضد أخرى. وإذا شعر السكان أن هذا التعداد سيساء استخدامه، فسيخلق الأمر كثيراً من المشاكل والتحديات للحصول على نتائج مجدية “.
#ما #هو #العدد #الحقيقي #لسكان #الهند #وهل #هناك #لغز #وراء #ذلك #BBC #News #عربي
تابعوا Tunisactus على Google News