- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

محاولات تونس تحرير الاقتصاد يكتنفها الغموض | سناء عدوني

تونس – يطرح قرار الحكومة بإلغاء الرخص المسبقة في نحو 27 مجالا اقتصاديا واستبدالها بكراس شروط في مسعى لإرسال إشارة إيجابية إلى صندوق النقد الدولي في ظل مساعي الدولة للحصول على قرض تساؤلات حول جدية الخطوة، حيث تتخوف الأوساط الاقتصادية من أن تتضمن كراسات الشروط شروطا مجحفة تواصل تكبيل المشاريع وتقويض المنافسة.
وأعلنت الحكومة التونسية يوم 20 يونيو الجاري إلغاء طلب الحصول على رخص مسبقة من أجل إنجاز حوالي 27 نشاطا اقتصاديا وتعويضها بكراسات شروط (مجموعة من الشروط المطلوب تلبيتها قبل تنفيذ المشروع) وشمل هذا الإجراء مختلف المجالات مثل النقل بين المدن وصناعة الإسمنت الأبيض والرمادي وبيع التبغ وتجارة الملابس المستعملة ورخص استغلال طائرات لا يتجاوز وزنها 5.7 أطنان في أنشطة الترفيه والتنشيط السياحي وترخيص توريد وتسويق الأجهزة والمنظومات الإلكترونية وحذف تراخيص إحداث مساحة تجارية كبرى أو مركز تجاري.
نادر حداد: المشاريع التي تهم الشباب هي العملات الرقمية والتكنولوجيا
وحسب بيانات يبلغ عدد التراخيص في الأنشطة الاقتصادية الكبرى في تونس نحو 250 ترخيصا تمثل عائقا أمام المستثمرين نظرا لصعوبة الحصول عليها والإجراءات البيروقراطية التي ترافقها فضلا عن سيطرة شبكات نافذة محتكرة للاقتصاد على قسط كبير منها.
واعتبرت أوساط اقتصادية أن هذه القرارات خطوة إيجابية لكنها منقوصة في انتظار الكشف عن مضامين كراسات الشروط وتعميم الإجراء وإلغاء كافة التراخيص في مختلف المجالات مع ضمان إجراءات سهلة ومحفزة.
وتسود مخاوف أن تكون كراسات الشروط مجحفة أكثر من الرخص نفسها حيث جاءت تحت ضغوط المانحين واستجابة لأبرز شروط صندوق النقد الدولي المطالبِ بتحرير الاستثمار والمنافسة وتسهيل الأنشطة التجارية والاقتصادية وإزالة القيود البيروقراطية.
وقالت عبير بن عون، أستاذة جامعية خبيرة محاسبة وباحثة في العلوم الاقتصادية في حوار خاص مع “الـعرب” إن “المجالات التي شملها إلغاء الرخص كانت متنوعة حيث شملت النقل والسياحة الإسمنت والتجارة”.
واعتبرت أن “هذه الإجراءات تعتبر إيجابية لكنها غير كافية إذ يكمن الجانب الإيجابي في تحسين ترتيب تونس في مؤشر سرعة الأعمال وإرسال إشارة إيجابية إلى المستثمرين بأن مناخ الأعمال في تونس في تحسن، والاعتماد على كراس الشروط سيمكن من تقليص الزمن والجهد والأموال على المستثمرين”.
وأوضحت أن “هذه الإجراءات تظل غير كافية، أولا لأنه لم يتم الإعلان بعد على كراسات الشروط التي ننتظرها منذ صدور قانون الاستثمار في العام 2016” لافتة إلى أنه “على سبيل الذكر لا الحصر تم التخلي في السابق عن رخصة إنجاز مشروع في مجال التطوير العقاري واستبدالها بكراس شروط غير أن كراس الشروط تضمن نفس شروط الرخصة ونفس الوثائق المطلوبة فضلا عن الانتظار لأشهر للحصول عليها ما يعني أن شيئا لم يتغير”.
وينص قانون الاستثمار الذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام 2017 على إطلاق منوال جديد للتنمية في تونس ودفع الاستثمار الخاص وتطوير مناخ الأعمال، حيث تم حينها حذف الرخص في بعض المجالات التجارية بهدف الارتقاء بنسبة الاستثمار إلى 25 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي الخام ورفع حصة الاستثمار الخاص إلى أكثر من 65 في المئة من إجمالي الاستثمارات بحلول 2020، غير أن تلك الأهداف لم يتم تحقيقها حسب مراقبين بسبب استمرار وجود عراقيل أمام المستثمرين وتداعيات الأزمة الصحية.
عبير بن عون: على الحكومة استشارة المختصين قبل إعلان كراسات الشروط
ودعت الباحثة عبير بن عون الحكومة إلى التعامل مع المختصين في كل مجال قبل إعلان كراسات الشروط حتى تكون الإجراءات مدروسة بالتشاور مع المنظمات المختصة كالاتحاد الوطني للصناعة والتجارة (منظمة الأعراف) لتسهيل العمل وإزالة التعقيدات أمام المستثمرين.
واعتبرت أن هذه القرارات لم تأت استجابة لضغوط المانحين فقط وإنما أيضا استجابة لضغوط أصحاب الأعمال الشبان في تونس الذين لم يتمكنوا من الاستثمار في ظل رخص مكبلة للمشاريع.
وتتزامن هذه القرارات مع محادثات بدأها رئيس الحكومة هشام المشيشي منذ مطلع مايو الماضي مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد وفق خارطة إصلاحات اقتصادية تهم الدعم ومناخ الأعمال والبيروقراطية والقوانين المكبلة للاستثمار.
وأشارت عبير بن عون إلى أن “المجالات التي تم إلغاء العمل بالرخص فيها تهم الشباب نسبيا لكن أغلبها يتطلب عمليات تمويلية كبيرة مثل استثمارات الإسمنت واستثمارات المجال المالي والسياحي على غرار التنشيط السياحي والنقل الجوي بواسطة الطائرات أو شركات التصرف في المحافظ المالية غير المقيمة التي تحتاج تمويلات كبيرة وتتطلب في بعض الأحيان جمع مجموعة من المستثمرين في مشروع واحد”.
وقال الباحث في الاقتصاد نادر حداد في تصريح لـ”العرب” إن “إلغاء الرخص يعد من شروط صندوق النقد الدولي غير أن الشكوك تظل تواجه هذه الخطوة حيث يمكن أن يكون كراس الشروط أصعب من الرخص نفسها”.
وشدد على ضرورة عمل الحكومة على استعادة ثقة المواطنين مرجحا أن تكون الخطوة جرعة تهدئة، لأن كراسات الشروط غير موجودة لإظهار جدية الإجراءات المدروسة لكن بهذه الطريقة تكون كذرّ الرماد على العيون.
ودعا إلى ضرورة تفعيل الإجراءات والكشف عن كراسات الشروط في كل مجال للنظر فيها لافتا إلى أن إلغاء 27 رخصة من إجمالي حوالي 250 مكبلة للاقتصاد ضئيل ويجب مواصلة إلغاء الرخص لتأكيد السير في الإصلاحات، مشيرا إلى أن المجالات التي تم إلغاء الرخص فيها لا تهم الشباب كثيرا لأنها مكلفة جدا وتهم أصحاب الأموال السباقين في المجالات الاستثمارية.
أحمد يونس: هذه مناورة من الحكومة بعد المحاولات الفاشلة للتداين
وأكد أن “الرخص التي تهم الشباب تتمثل في مجالات تعدين العملات الرقمية والتكنولوجيا و’الباي بال’ (موقع ويب تجاري يسمح للمستخدم بتحويل المال عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني) وتسهيل المعاملات البنكية”.
وقال عضو منظمة “آلارت” (منظمة تحارب الاقتصاد الريعي) أحمد يونس في تصريح لـ”العرب” إن “الحكومة تبيع الوهم للتونسيين وهذه الخطوة هي مناورة بعد المحاولات الفاشلة للتداين، وهذه الإجراءات موجهة للمانحين غير أن الحقيقة تكشف أن أغلب المشاريع لا تعني الشباب التونسي”.
واعتبر أن “كراس الشروط سيكون بمثابة رخصة متنكرة ومطالب ووثائق وفصولا صعبة التطبيق ما يعكس طبيعة الإدارة البيروقراطية في تونس المعطلة للمشاريع”.
وشدد على أن “القرارات هي ترضيات لمحتكري الاقتصاد لأن القطاعات الحقيقية التي يريد الشباب الاستثمار فيها لا تزال محظورة مثل تعدين العملات الرقمية”.
ويلف الغموض مجال العملات المشفرة بالتزامن مع ارتفاع المطالب بتقنين استخداماتها لتحديد الضوابط، حيث يفرض جمود القوانين ضبابية بشأن هذا المجال الذي لا يزال محظورا في تونس رغم موجة الدفع التكنولوجي التي أحدثها في العالم.

- الإعلانات -

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد