مخاوف متصاعدة من اجتياح ظاهرة التصحّر للأراضي الزراعية في تونس | خالد هدوي
وعلى الرغم من مجهودات الدولة والهياكل المعنية في مقاومة التصحر، وعلى رأسها وزارة الشؤون المحلية والبيئة، إلا أن الظاهرة أخذت في الاتساع على حساب الأراضي الزراعية ما يفاقم مشاكل المزارعين.
وفي هذا السياق، اعتبر الخبير البيئي أن “تونس بذلت مجهودات كبيرة بغراسة الأشجار منذ الستينات، حتى أنها أصبحت تحتفل بعيد الشجرة كل سنة، وتغرس كل سنة بين 15 و20 ألف هكتار من الأراضي، فضلا عن تهيئة الأراضي المنحدرة وبرامج كبرى لحماية واحات النخيل”.
لكنّ الهنتاتي انتقد الميزانية التي تخصصها الدولة لهذه البرامج المكلفة، قائلا “ميزانية الدولة الآن تشهد ظرفا صعبا وأمامها ضغوطات صحية واجتماعية، وهذه الجهود غيركافية، بل يجب دعم الفلاح وتعزيز نشاطه ليحذق عمليات إنتاج جديدة، على غرار استغلال مياه الري وحسن استغلال الأسمدة حتّى لا تلوّث الطبقة المائية”.
ودعا الهنتاتي الدولة إلى “ضرورة المحافظة على جودة التربة كأولوية قصوى، بالإضافة إلى استرجاع البذور الأصلية التونسية، ويجب أن تعطي الزراعة أولوية قصوى عبر إعادة الثقة في المزارعين ودعمهم”.
ودعت منظمات وجمعيات محلية تضطلع بمهمة الحفاظ على البيئة والمحيط وحماية المناطق الخضراء من التصحر، الدولة إلى ضرورة وضع برامج تنموية جديّة لمقاومة الظاهرة.
53 في المئة من الأراضي في تونس تعتبر شديدة الحساسية لظاهرة التصحر حسب معطيات رسمية
وأفاد المتحدث باسم شبكة تونس الخضراء حسام حمدي، أن “الشبكة تهتم بمشاكل التصحّر في البلاد، خصوصا وأنه لم يبقَ من الغطاء النباتي والغابي بعد الاستقلال سوى 30 في المئة، والبلاد بصدد خسارة المناطق الغابية مع تفاقم مشكل التصحر”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “لدينا مشروع تشجير يشمل 12 مليون شجرة بمعدّل شجرة لكل مواطن، لكن ما زالت هناك تجاوزات بيئية من ناحية التوسّع العمراني ومشكلة التصحّر”.
وبخصوص الحلول المقترحة لمعالجة زحف الصحراء على حساب المناطق الخضراء والأراضي الزراعية، قال حمدي “يجب أن تضع الدولة منوالا تنمويا واضحا وصديقا للبيئة ويحافظ على الموروث البيئي، إلى جانب المستوى التشريعي حيث مطالبة الدولة بوضع استراتيجية واضحة الأهداف والمعالم بشأن معالجة ظاهرة التصحّر”.
ويعتبر العيد الوطني للشّجرة من تقاليد تونس الرّسميّة، وهو مناسبة تعطى من خلالها إشارة الانطلاق لموسم التّشجير الغابي والرّعوي كما تتمّ تظاهرات وحملات تحسيسيّة لحثّ مختلف مكوّنات المجتمع على غراسة الأشجار والمحافظة عليها ودعم المجهودات المبذولة للرّفع من نسبة الغطاء الغابي وتحسين الظّروف البيئيّة الحضريّة والعناية بالمناطق الخضراء والمنتزهات.
حسام حمدي: نستهدف غراسة 12 مليون شجرة وعلى الدولة أن تضع استراتيجية لذلك
ويشير خبراء إلى أن ندرة الأمطار في الآونة الأخيرة زادت من ظاهرة التصحر، إضافة إلى الاستعمال المفرط للمياه من قبل العاملين بالمجال الفلاحي.
وتقدر الإمكانيات المائية المتاحة في تونس بحوالي 4.865 مليار متر مكعب سنويا وتتوزع بين المياه السطحية والجوفية والتساقطات.
وأثّرت التغيرات المناخية بشكل كبير على الموارد المائية، بسبب ارتفاع درجات الحرارة خاصة في الجنوب التونسي وساهمت بشكل كبير في تبخر المياه، فضلا عن الاحتباس الحراري الذي ساهم بشكل أكبر في خفض نسبة التساقطات السنوية للأمطار ما جعل سنوات الجفاف تتوالى وهو ما زاد في انخفاض المياه السطحية وفي مستوى امتلاء السدود والبحيرات الجبلية.
ويفاقم الاستغلال السيء للمياه لدى المواطن من الظاهرة، حيث تعتبر العائلات من القطاعات المستهلكة للمياه خاصة في تعبئة المسابح. كما يعتبر الاستغلال السيء للأراضي الفلاحية من أسباب أزمة المياه، فضلا عن تمدد البناءات على حساب الأشجار والنباتات ما ينجر عنه نقص في عملية التبخر ونقص في نسبة الأمطار فيؤثر ذلك سلبا في مخزون المياه الجوفية.
وباتت معالجة التصحّر أكثر شمولية نتيجة العلاقة القائمة بين المسائل الاجتماعية والاقتصادية وكذلك المواضيع البيئية الهامة وهي التغيرات المناخية والتنوع البيولوجي. وأثبتت الدراسات مدى تأثير التغيرات المناخية وظاهرة تدهور الأراضي الزراعية، وتملّح التربة والاستغلال المفرط للمياه، على الأمن الغذائي.
وتتعرض المزيد من الأراضي لظاهرة التصحّر التي تزداد حدتها بفعل التغيرات المناخية، إلى جانب العوامل البشرية المرتبطة بالإفراط في استغلال الموارد الطبيعية، فضلا عن التوسع العمراني.
واعتمدت تونس، التي انضمت إلى المعاهدة الأممية في 1995، برنامج العمل الوطني لمواجهة التصحر كإطار استراتيجي لإدماج المخططات والبرامج القطاعية.
وسبق أن أشار وزير البيئة والتنمية الأسبق نجيب درويش في تصريحات سابقة إلى أن “مكافحة التصحّر تتطلب تشكيل منظومات بيئية عالية المردود”.
تابعوا Tunisactus على Google News