«مقاصد الاقتصاد الإسلامي».. كتاب جديد لباحث تونسي
تونس – صدر عن «مجمع الأطرش للكتاب المختص» كتاب جديد بعنوان «مقاصد الاقتصاد الإسلامي»، من تأليف د. محمد النوري.
والكتاب – الذي جاء في 583 صفحة من القطع المتوسط، وقدم له د. عبدالمجيد النجار، رئيس فرع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بتونس- يعد محاولة لاستكشاف جملة من المقاصد الكلية في المجال الاقتصادي التي تلتقي مع مقاصد علم الاقتصاد المعاصر- بحسب ما قدّم شرحا لمحتوى الكتاب عبد الباقي خليفة من تونس ونشرته مجلة المجتمع الكويتية مؤخرا – مضيفا: وتشكل إضافة جديدة لكلا المجالين: مجال المقاصد الذي يحتاج إلى تنزيل وتفعيل في واقع الإنسان، فردا كان أو جماعة، وخصوصا الواقع الاقتصادي، ومجال الاقتصاد الذي يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى بوصلة فكرية وقيمية من خلال إضفاء مزيد من التخليق (البعد الأخلاقي)، والأنسنة (البعد الإنساني)، والانفتاح على المجالات الإنسانية الواسعة (البعد الاجتماعي والبعد الثقافي) فضلاً عن الاستدامة واعتبار حقوق للأجيال اللاحقة (البعد الزمني).
وبين الكاتب في ثنايا هذا البحث الحاجة الملحة التي عبر عنها رواد علم الاقتصاد المعاصر، ومن داخل المنظومة الرأسمالية نفسها، إلى هذه الأبعاد المتعددة من أجل إنقاذ علم الاقتصاد وتجديده، وإخراجه من الأزمة الخانقة التي تعصف به على الصعيدين النظري والتطبيقي».
كما أوضح أن كل تلك الأبعاد المرغوبة تلتقي مع أطروحة الاقتصاد الإسلامي التي تحظى باهتمام عالمي متصاعد، وترتفع أصوات عديدة للمطالبة بالالتفات إليها وإلى المبادئ الأساسية التي تقوم عليها. وبعد استعراض تناول العلماء والباحثين لموضوع المقاصد قديما وحديثا اتضح للباحث أن جل هذه المساهمات إما أن «تكون مقاربة مالية صرفة وبالتالي لا تشمل الأبعاد الاقتصادية الشاملة، وإما تكون مقاربة جزئية تلامس بعض الجوانب الاقتصادية دون أن تكون منبثقة عن مقاربة كلية تستهدف استجلاء المقاصد الاقتصادية الجامعة والحاكمة للسلوك الاقتصادي برمته؛ ما يقتضي مقاربة جديدة تجمع بين مقاصد المقاصد ومقاصد الاقتصاد للتوصل إلى استكشاف ما يمكن تسميته بـ»مقاصد الاقتصاد الإسلامي» المنبثقة من المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية».
ينقسم الكتاب إلى مقدمة وثلاثة أبواب رئيسة وخاتمة.. يتناول الباب الأول مقاصد علم المقاصد، أي الغايات الكبرى العلمية والعملية لعلم المقاصد التي يمكن الاهتداء بها في المجال الاقتصادي، وهي – كما ذكر د. أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- ثلاثة أنواع: مقاصد المقاصد في فهم الكتاب السنة، ومقاصد المقاصد في الفقه والاجتهاد الفقهي، والمقاصد العملية للمقاصد».
حيث إن «العلوم المنبثقة عن الدين، 5 مقاصد، لا تطلب لغايات معرفية خالصة، بل لا بد «أن تكون ذات مقاصد عملية ومردودية عملية»، وفي مقدمتها «ترشيد السياسة الشرعية».
ومن ضمن السياسة الشرعية بالطبع السياسة الاقتصادية.
ويتناول الباب الثاني مقاصد علم الاقتصاد بمعنى الأهداف الكبرى التي يرمي إليها التي يمكن ربطها بالمقاصد، وهي جملة الغايات العلمية والعملية (النظرية والتطبيقية) لعلم الاقتصاد على غرار مقاصد علم المقاصد من خلال استقراء الأهداف الكبرى التي رسمت لهذا العلم من جانب، وحصائل التجربة التطبيقية للسياسات والخيارات المنبثقة عنه من جانب آخر.
وتتمثل في «بناء نظرية اقتصادية جامعة تقوم على فرضيات سليمة ومنهج علمي صائب من جهة، وتقديم أدوات علمية لتحليل اقتصادي فعال وقادر على استشراف الأزمات وتشخيص المشكلات من جهة ثانية، وبلورة منوال تنموي قادر على تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية وصالح لكل الأوضاع والأحوال من جهة ثالثة».
بينما يتناول الباب الثالث المقاصد الاقتصادية للشريعة الإسلامية، التي يمكن إدراجها ضمن العنوان الرئيسي للبحث وهو مقاصد الاقتصاد الإسلامي التي من خلالها يصبو هذا البحث إلى أن يكون إضافة جديدة في إطار البحث في مجالي الاقتصاد والمقاصد في آن واحد، وبالتالي الإجابة على الإشكالية الرئيسة المطروحة في بداية هذا البحث، وهي استكشاف جملة من المقاصد الاقتصادية الكلية للاقتصاد الإسلامي المستنبطة من الشريعة الإسلامية التي تتقاطع في الوقت ذاته مع مقاصد علم الاقتصاد المعاصر.
«وقد أدى الاستقراء المقارن إلى التوصل إلى ستة مقاصد ذات علاقة بتحقيق تلك الأهداف وهي: الإعمار والأمن والتمكين والتوازن والعدل والاستدامة. ولئن كانت هذه المقاصد تحمل مضامين ومدلولات أشمل وأعم من المضمون الاقتصادي فإن تلك المضامين والأبعاد العامة والشاملة مرتبطة أشد الارتباط بالبعد الاقتصادي ولا يمكن تحقيقها إلا من خلاله».
فـ»الإعمار لا يحصل إلا بالعمل والإنتاج وتوليد الثروة واستخراج كنوز الطبيعة واستثمارها، والأمن لا يحصل إلا بتوفير حد الكفاية من الضروريات الحياتية لمعاش الإنسان والتمكين مرتبط بالمناعة والقوة الاقتصادية وبسط النفوذ المادي دون طغيان». كما أن «التوازن يتطلب تعظيم المنافع وترشيد الاستهلاك والاستخدام، وكل ذلك مرهون بتوخي العدل وتجنب الظلم وكل ألوان البغي والعدوان، والاستدامة تظل شرطا ضروريا لتحقيق كل ما سبق واستمراره».
تابعوا Tunisactus على Google News