منذ 3 عقود.. هكذا غادر السوفييت أفغانستان
خلال شهر ديسمبر 1979، تدخلت القوات السوفيتية بأفغانستان لدعم الحكومة الشيوعية التي تعرضت لتهديدات بسبب الحركات الاحتجاجية، وللحصول على موطئ قدم بالبلاد تزامناً مع ظهور مخاوف من قيام الرئيس حفيظ الله أمين بتغيير سياسة أفغانستان عن طريق اعتماد برنامج تقارب مع المعسكر الغربي الذي تزعّمته الولايات المتحدة الأميركية.
وخلال فترة وجيزة، نقل السوفييت عدداً كبيراً من القوات والعتاد العسكري نحو أفغانستان ليبدأ بذلك صراع استمر لنحو 9 سنوات مع الحركات الإسلامية وأسفر عن خسائر فادحة بالجانب السوفيتي. فعلى حسب مصادر وكالة المخابرات المركزية الأميركية، أسفر الصراع بأفغانستان عن مقتل نحو 15 ألف سوفيتي وخسائر مادية قدرت بمليارات الدولارات خلال فترة عانى فيها الإتحاد السوفيتي من مشاكل اقتصادية.
جنود سوفيت بأفغانستان
إلى ذلك، لعب التدخل السوفيتي بأفغانستان دوراً هاماً في تردي العلاقات السوفيتية-الأميركية. كرد على ذلك، انتقد الرئيس الأميركي جيمي كارتر (Jimmy Carter) نظيره السوفيتي ليونيد بريجنيف (Leonid Brezhnev) وأمر بفرض عقوبات اقتصادية على الإتحاد السوفيتي ووقف المفاوضات حول اتفاقيات الحد من التسلح. فضلاً عن ذلك، قاطعت الولايات المتحدة الأميركية، إضافة لنحو 60 دولة أخرى، الألعاب الأولمبية بموسكو عام 1980 كرد على الاجتياح السوفيتي لأفغانستان لتشهد بذلك الألعاب الأولمبية التي استضافتها موسكو واحداً من أدنى مستويات المشاركة بتاريخ الألعاب الأولمبية الحديثة.
صورة لليونيد بريجنيف
وفي خضم هذه الحرب التي استمرت لنحو 9 سنوات وانتهت بانسحاب السوفييت، قاتل الجيش السوفيتي الحركات الإسلامية، أو كما يسمون أيضاً بـ”المجاهدين الإسلاميين”، التي تلقت دعماً عسكرياً كبيراً من الأميركيين حيث لم تتردد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في تسليح وتمويل المقاتلين بأفغانستان بشكل سري. وخلال فترة الثمانينيات، استقبل الرئيس الأميركي رونالد ريغن (Ronald Reagan) لأكثر من مرة قادة الحركات الإسلامية الأفغانية بالبيت الأبيض وحيّا قتالهم ضد الإتحاد السوفيتي واصفاً إياهم بـ”المقاتلين من أجل الحرية” ومؤكداً على ضرورة خروج الجيش السوفيتي لحل الخلاف بأفغانستان.
صورة للرئيس الأميركي رونالد ريغن
إلى ذلك، تعقّدت وضعية السوفييت أكثر بأفغانستان في حدود منتصف الثمانينيات. فخلال تلك الفترة، لم تتردد الولايات المتحدة الأميركية في إرسال صواريخ ستينغر (FIM-92 Stinger) المضادة للطائرات للمقاتلين الأفغان مساهمةً بذلك في قلب موازين الحرب.
وتزامناً مع ارتفاع الخسائر وفشل سياسة المصالحة الوطنية، اتجه الإتحاد السوفيتي لمناقشة خارطة طريق، تتضمن انسحاب قواته وحفاظه على نفوذه بأفغانستان، مع الولايات المتحدة الأميركية. وبسبب بعض تصريحات وزير الخارجية الأميركي جورج شولتز (George Shultz) التي أسيء فهمها، آمن المسؤولون السوفييت بإمكانية وقف تدفق الأسلحة الأميركية على أفغانستان وحفاظ الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني، المدعوم من السوفييت، على موقعه بالبلاد تزامناً مع الانسحاب السوفيتي.
صورة للرئيس الأميركي جيمي كارتر
وعقب مفاوضات مطولة ومليئة بالتجاذبات حول الانسحاب من أفغانستان ووقف دعم المقاتلين، وقّعت كل من أفغانستان وباكستان، بحضور الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد السوفيتي، يوم 14 أبريل 1988 اتفاقيات جنيف. وبموجب ما جاء بهذه الاتفاقيات، باشر الإتحاد السوفيتي بسحب قواته من أفغانستان وتعهدت كل من أفغانستان وباكستان بعدم التدخل في الشؤون الداخلية بينهما ليتوقف بذلك تدفق الأسلحة نحو أفغانستان عبر حدودها مع باكستان.
خلال شهر فبراير 1989، غادر آخر جندي سوفيتي الأراضي الأفغانية. بعدها، تواصلت الحرب الأهلية الأفغانية لسنوات شهدت انهيار جمهورية أفغانستان الديمقراطية عام 1992 واستقالة الرئيس محمد نجيب الله الذي عذّبه وأعدمه عناصر طالبان يوم 27 سبتمبر 1996 بالعاصمة كابل.
صورة لمحمد نجيب الله
#منذ #عقود #هكذا #غادر #السوفييت #أفغانستان
تابعوا Tunisactus على Google News