- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

منى زكي ويسرا ومنة وأنغام.. وأخيرًا شيرين رحلة الفنان مع المرض النفسي سنوات العذاب والمتعة – الأسبوع

- الإعلانات -

رحلة إثبات الذات.. ربما تكلفنا أكثر من الذات نفسها، كفاح، مشقة، طموح يدفع الفنان لأن يتشابك مع الحياة، يتصارع في حلبة المنافسات حتى يفوز، ويحصل على نياشين النصر، يهزم خصومه ويحصد النقاط، وتنحني أمامه الجماهير وتتعالى صيحات الإعجاب، ويدوي التصفيق في انبهار ينساب إلى خلايا جسد الفنان فيغلفه بشيء أشبه بمادة هلامية تجعله يتخيل أنه أصبح “فوق البشر بدرجة”، وكأنما خلايا جسده ارتقت درجة، وأكسبتها النجومية ميزة يستحيل على البشر الفوز بها إلا عبر بوابة النجومية، تلمع أضواء الشهرة فتغشى بصر هذا، وتعمى بصيرة ذاك، وتزوغ الأبصار وتشخص في دوامات من البريق تسحب بداخلها الأنفس، ليغرق من يغرق، ولا ينجو إلا من رحم ربي.

حياة النجومية ليست واحدة، إنها حيوات متناثرة بين نجاحات وإخفاقات، برق ورعد، سيول وتصحر، أربعة فصول تتعاقب على النجم في يوم واحد، ليعيش رغمًا عنه في دورات حياة متجددة ومتلاحقة، وهو الإنسان المسكين الذي خلقه الله ليحيا حياة واحدة بالكاد يستطيع أن يكملها، ليجد نفسه محاطًا بحلقات النيران الملتهبة المسماة “شهرة”، ويفاجأ بنفسه يغوص في صراعات لا نهائية تقضم أجزاء من روحه، رغمًا عنه، طوال الوقت، بينما هو مضطر أن يبتسم أمام الجميع، نفس الابتسامة، (راكور)، دون زيادة أو نقصان.

لا شك أن النفس البشرية المعقدة، تزداد تعقيدًا في تلك الحالة، وبعيدًا عن المجاز، فإن الفنان بشكل عام، سواء ممثلاً أو مطربًا، إن كان “حقيقيًّا”، فهو يعيش سنوات المتعة والعذاب بشكل متوازٍ لحظة بلحظة، يعيش بكل ذرة في كيانه داخل حالات متناقضة من المشاعر والانفعالات الصادقة، يصفق لها الجمهور ولكنها تترك بصماتها الغائرة في أعماق روحه، يلمع وينطفئ، يظهر ويخبو، يفرح ويشقى، يهدأ ويضطرب، يضحك ويبكي، يفعل الشيء ونقيضه في ذات الوقت، في نفس الفيمتو ثانية، فينشطر نصفين!

ربما لا تفلح أقنعة الفنان التي يحرص على ارتدائها أمام الجميع، فيضطر في لحظة فارقة أن يخلع كل الأقنعة، ويحاول الاكتفاء بوجهه الحقيقي، ولكنه أحيانًا لا يجد وجهًا يستره من فرط ذوبان الحقيقة وامتزاجها بالخيال، ليصبح الاثنان واحدًا في لحظة مرض وتشويش جهنمية تصيب الفنان بالصدمة، ليلجأ بعضهم للطبيب النفسي للمساعدة، بينما ينزوي البعض الآخر بعيدًا عن بوابات الجحيم المسماة بالشهرة، في حين يقرر أحدهم التخلص من تلك الشيزوفرينيا باعتزال الحياة تمامًا، بحثًا عن الأمان المفقود.

لم يكن مشهد تقبيل شيرين عبد الوهاب لـ”يد طبيبها النفسي”، سوى لحظة “اعتراف صامت” بالفضل الذي أنعمه ربها عليها عن طريق متخصص مدّ لها يد العون والدعم النفسي في فترة حالكة السواد، تعيشها نجمة ملء السمع والأبصار، تزلزل القلوب بحنجرتها، وتضرب الذكريات بآهاتها، وتنزع الحزن من عرشه وتطرحه أرضًا حين تشاء، ليحل محله بساتين الفرح، وبعدها بأقل من ثانية تهوي بسنوات المرح إلى ثقوب الجحيم.

تابع ملايين البشر، صدمات شيرين، وتناقضات حياتها، وطعنات مشوارها سواء التي نالتها من أيادٍ غادرة، أو حتى تلك التي طعنت بها نفسها بتآمرها على ذاتها، وإصابتها بـ”لدغات” لسانها الأهوج، وبعيدًا عن التفسيرات اللانهائية، كانت النتيجة تلك التي رأيناها على مسرح قرطاج بتونس، امرأة بدينة تخلّت عن جمالها وهو أعز ما تملك النجمة، في رحلة اضطراب نفسي واضح، لم تكن شيرين أول ضحاياه، وإنما كانت أشجع من اعترفوا بالسقوط في بئره العميق.

على مدار سنوات، كشف العديد من النجوم، وقوعهم في ذات البئر، وتشبثهم بمحاولات الخروج وعدم الاستسلام، في مقدمتهم المطربة اللبنانية إليسا، التي ساعدها طبيبها النفسي على الخروج من محنة الإصابة بالسرطان، وحذرت متابعيها على “تويتر” من التردد في طلب الدعم النفسي لإعادة السلام الداخلي في أحلك الظروف، ومواصلة رحلة الحياة، بل دعت الجمهور لضرورة الذهاب للطبيب النفسي بشكل دوري لضمان الحماية من “غول الاكتئاب”، وضمان حياة آمنة.

“معظم الفنانين مصابون بانفصام”.. شهد شاهد من أهلها، حيث أكدت المطربة اللبنانية سيرين عبد النور في عدد من تصريحاتها، أن معظم الفنانين مصابون بانفصام، باعتبار أنهم لا يستطيعون أن يكونوا على طبيعتهم، ولا يسمحون لأنفسهم أن يتركوا لها العنان أمام الآخرين للتصرف بتلقائية، مما يصيبهم بانفصام حقيقي، بمرور الوقت.

الفنانة الكبيرة يسرا، اعترفت ذات مرة، أنها لجأت لطبيبة نفسية في أمريكا، مطلع الثمانينيات، وظلت تبكي أمامها لأكثر من أربع ساعات، لمرورها بأزمة نفسية عنيفة، أذابت إحساسها بالزمن.

غادة عبد الرازق، لم تخجل من الاعتراف بمواظبتها على الذهاب لطبيب نفسي على مدار “12” عاماً، وتعاطيها أدوية مهدئة في كثير من الأحيان، بسبب تعرضها للخيانة والصراعات القوية.

بينما كشف الفنان السوري عابد فهد، عن مروره بأزمة نفسية شديدة، مطلع الألفية الجديدة، بسبب خوفه من الفشل في حياته التي كان يسعى لبنائها، مما دفعه للتردد على طبيب نفسي، وتعاطي المهدئات، للحفاظ على استقراره العائلي.

منى زكي، حورية فرغلي، علا غانم، أحمد زاهر، منة شلبي، أنغام، أصالة، هند صبري، باسل خياط، أحمد الفيشاوي، والراحل عزت أبو عوف، قائمة طويلة من النجوم لم يترددوا في الذهاب لأطباء نفسيين لمساعدتهم على الخروج من أزمات وأمراض نفسية في مراحل صعبة، ولم يترددوا أيضًا في الاعتراف بذلك، على الملأ.

على الجانب الآخر من الكرة الأرضية، كانت هناك أساطير تعيش كناطحات سحاب بحجم فان جوخ، بيتهوفن، ومن بعدهم شموس هوليوودية مثل روبين ويليامز، والجوكر هيث ليدجر، وآخرون نهشهم المرض النفسي، بلا رحمة، وهم على قمم النجومية.

قالها المعلم الأول “أرسطو”، قبل آلاف السنين، “لا عبقرية دون ذرة جنون”، وانهالت الدراسات الحديثة التي تثبت الارتباط الشرطي بين الإبداع والاضطرابات النفسية، وفي 2012، تتبعت إحدى الدراسات النفسية، حالات قرابة مليوني مريض مصاب بـ”اضطراب ثنائي القطب”، وجدت الأشخاص الأكثر تعرضًا للإصابة بالمرض من “الفنانين”، و”المصوّرين”، و”الكُـتّـاب”، وكذلك الحال بالنسبة للاكتئاب والقلق المرضي وانفصام الشخصية، هذا هو حال الفنان مرهف الحس، هش النفسية، مفرط الحساسية، رقيق القلب.

في أغوار تلك النفسية الهشّة الرقيقة، تتعدد “الوحوش المخيفة” بين التشبث بالقدرة على جذب الانتباه، والتعرض للخيانات، والغرق في متاهات الخذلان والفقد، والخوف وغياب الأمان، يبقى العالم “آخذًا في التغيّر”، كما في شعار منظمة الصحة العالمية حين أطلقت اليوم العالمي للصحة النفسية، العاشر من أكتوبر، وفي كل يوم نشعر نحن بهذا التغيّر “الموحش”، ويشعر به (أكثر) نجومنا الذين نحبهم، ويبذلون من روحهم من أجل إسعادنا، ليدفعوا ثمنًا باهظًا من عذابات القلب، وانشقاق الروح، وانشطار النفس إلى ألف نفس ونفس، ويبقى المبدع “مشروع مختلّ عقلي”، حتى إشعار آخر.

#منى #زكي #ويسرا #ومنة #وأنغام. #وأخيرا #شيرين #رحلة #الفنان #مع #المرض #النفسي #سنوات #العذاب #والمتعة #الأسبوع

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد