من أجل “إصلاح جذري”.. مغربيات إلى الشارع ضد “القوانين الرجعية”
نظمت حركة “هيَّ” الحقوقية تجمعا احتجاجيا، مساء الأحد، بمدينة الدار البيضاء، للمطالبة بإصلاح شامل للقوانين المغربية بما يضمن المساواة بين الرجال والنساء، وذلك تزامنا مع توجه الحكومة المغربية لتعديل القانونين الجنائي والأسري.
وشارك عشرات النشطاء في الوقفة التي دعت إليها حركة “هي”، حديثة التأسيس وطالبوا بإقرار تغييرات جذرية على منظومة القانون الجنائي ومدونة (قانون) الأسرة، تنهي “القيود” على الحريات الفردية وتعزّز المساواة وحقوق النساء.
كريمة نادر، العضوة المؤسسة لحركة “هي” التي تجمع عددا من المنظمات والشخصيات الحقوقية، تقول إن الخروج في هذه الوقفة، يأتي لـ”الضغط من الشارع، للتأكيد على ضرورة استعجال إقرار تعديل كلي وجذري لكل البنود القانونية الرجعية التي تهضم حقوق النساء”.
وتبرز نادر في تصريح لموقع “الحرة”، أن الرسالة من وراء وقفة الأحد، التعبير على “أننا من الآن فصاعدا، لن نكتفي بالوعود والخطابات بل سنترافع في الشارع من أجل تحقيق كل مطالبنا”، لافتة إلى “أن الإصلاحات تأخرت حتى تعبنا من الوعود والخطابات والتدافع السياسي التي لم تفض لنتيجة خلال السنوات الأخيرة”.
“إسماع أصواتنا”
وتصاعدت خلال الفترة الأخيرة، حدة النقاش الدائر بشأن التعديل المرتقب لقانون الأسرة والقانون الجنائي، بين التيارين المحافظ والتقدمي بسبب موضوعات خلافية تركز عليها المنظمات الحقوقية في مطالباتها للسلطات التشريعية بالبلاد.
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه بعد الحكومة عن تعديلاتها لهذه القوانين، تقول رئيسة منظمة “كيف بابا كيف ماما” (أبي وأمي متساويان)، غزلان ماموني إن “نزولنا للشارع يأتي لإسماع صوتنا والضغط من أجل الاستجابة للإصلاحات التي ننادي بها منذ سنوات”.
وتضيف الناشطة الحقوقية: “لا نطالب بثورة أو بتغيير إحدى ثوابت الدولة، نطمح فقط للعدالة..” مضيفة “هناك مقاومة للتغيير لكن القوانين ليست منزلة من السماء، ويمكن تعديلها إذا توفرت هناك إرادة حقيقية”.
وتواجه بعض القوانين التي تطالب الفعاليات الحقوقية بملاءمتها والتشريعات والمواثيق الدولية مقاومة من التيارات المحافظة، خاصة من طرف حزب العدالة والتنمية، أكبر حزب إسلامي بالبلاد.
في هذا الجانب، تكشف ماموني، أن بـ”الحوار الإيجابي سنتمكن من تجاوز جميع الاختلافات”، مشيرة إلى أن “مطالبنا تجد لها صدى في دستور المملكة الذي صوت عليه 99 بالمئة من المغاربة وفي الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الرباط”.
وينص الفصل 19 من دستور 2011، الذي تم إقراره بعد حراك شعبي في غمرة احتجاجات 20 فبراير، على أن “يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية (..) وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب”.
لكن الفصل نفسه يربط احترام هذه المساواة بـ”نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها” التي تتعدد تأويلاتها، وفقا لعدد من الحقوقيين.
المحتجون رفعوا شعارات تطالب بالمساواة
مطالب “هي”
وتأسست حركة “هي” قبل أسابيع قليلة، وتجمع منظمات الحقوقية “تتقاسم همّ الدفاع عن حقوق النساء والحريات الفردية في المجتمع المغربي”، بحسب كريمة نادر التي تشير إلى أن “بالرغم من أن هيّ تعود على الضمير الغائب فإنها تتكلم باسم جميع النساء من جميع الأطياف والأجيال”.
وتشير المتحدثة ذاتها إلى أن هدف مؤسسي الحركة المساهمة يتمثل في بلوغ “مغرب تكون فيه المساواة بين الجنسين والعدالة الجندرية مطبقة وفعلية ومغروسة في الوعي الجمعي للأفراد والمؤسسات، وتحترم فيه حريات الجسد والمعتقدات وأنماط العيش في الفضاءين الخاص والعام”.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، تقول كريمة نادر، إن مطالبات الحركة الحقوقية التي تعبر عنها في بياناتها وفي الشارع، تهدف أساسا إلى الوصول إلى “قوانين تجرم بشكل حاسم تزويج الطفلات القاصرات، وتضع مصلحة الطفل الفضلى جوهرا أساسيا في اتخاذ القرارات القضائية”.
كما تطالب الحركة بإصلاح القوانين من أجل بلوغ أهداف “تثمين وتقييم عمل النساء داخل المنزل، والحسم مع الأشكال القديمة والمهينة للطلاق ومنع تعدد الزوجات، وإقرار المناصفة في الإرث بين الجنسين”.
وتشمل مطالبات “هي” أيضا إقرار آليات للحماية من أشكال العنف التي تتعرض لها النساء، خاصة فيما يتعلق بما يسمى بـ”جرائم الشرف”، فضلا عن “المرافقة القانونية للضحايا ومراقبة الحق في الإيقاف الإرادي للحمل غير المرغوب فيه”.
بالإضافة إلى “إلغاء تجريم الحريات الفردية، وحماية حق الأفراد في الحياة الخاصة والحميمية وتشديد العقوبات فيما يتعلق بالجرائم ضد الأطفال”، وفقا للمتحدثة ذاتها.
وينصّ الفصل 490 من القانون الجنائي على أن “كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد، ويعاقب عليها الحبس من شهر واحد إلى سنة”.
وتعاقب فصول أخرى الإجهاض غير القانوني بالسجن بين عام وعامين، والمثلية الجنسية بالسجن بين ستة أشهر وثلاثة أعوام.
ورغم أن هذه القوانين لا تطبق دائما بحذافيرها، إلا أنها كثيرا ما تثير جدلا عاما.
ويخوض التيار التقدمي بالمغرب حملات منذ سنوات من أجل إلغاء هذه البنود، بينما يعارض المحافظون أي تخفيف للقوانين التي تطال الأعراف الاجتماعية.
وتجددت الخلافات بشأن موضوع الحريات الفردية خلال الأسابيع الأخيرة بين وزير العدل المغربي المنتمي لحزب “الأصالة والمعاصرة”، عبد اللطيف وهبي، والأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” المعارض، عبد الإله بنكيران، فيما يخص المواقف التي عبر عنها المسؤول الحكومي بشأن العلاقات الجنسية الرضائية.
وكان وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، أعاد النقاش في تصريحات مختلفة بشأن مكانة الحريات الفردية في مشروع القانون الجنائي المنتظر، عقب تصريح له قال فيه “إن غايتي أن أبرهن أن الحريات الفردية مصلحة وطنية تستجيب لمقتضيات الحداثة ولا تتعارض مع روح الدين الإسلامي”.
وعلّق وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي على ما يعتبره الإسلاميون “تقنينا للفساد”، في ما يخص موقفه من العلاقات الرضائية والخيانة الزوجية، قائلا إنهم “يحاولون خلق قوة سياسية والعودة إلى فرض أنفسهم”
#من #أجل #إصلاح #جذري. #مغربيات #إلى #الشارع #ضد #القوانين #الرجعية
تابعوا Tunisactus على Google News