من سوريا إلى ليبيا.. قصة نجاة لاجئ عبر البحر بأبنائه من أجل تعليمهم | صور
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم، “اطلبوا العلم ولو في الصين”، ربما كان هذا الحديث هو الدافع والحافز لأب صارت قصته مع ابنيه بعدها حديث وسائل الإعلام، واجه كل الصعاب واخترق البحار رغم الخطر المحدق به ليتلقى ابنه التعليم المناسب، بسبب الحرب التي أنهكت بلاده.
تحت أشعة الشمس كانت سفينة البحث والإنقاذ جيو بارنتس، التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، تجوب البحر المتوسط وإذ بها تعثر على قارب مهاجرين، والذي يجلس عليه أبطال قصتنا، مصطفى وأولاده، والذين امسكوا بيد والدهم بعد ان أنهكتهم الرحلة، لينتهي بهم المطاف على متن سفينة الإنقاذ.
وهنا رأتهم كانديدا لوبس، مديرة التواصل الإعلامي على سفينة جيو بارنتس، والتي بدأت الحديث مع الأب مصطفى، الذي يعرج في مشيته نتيجة إصابة قديمة، والجهد الّذي بذله للوقوف بعدما جلس لساعات في المكان نفسه على متن قارب مكتظ وانتقل إلى سفينة جيو بارنتس التي تتأرجح بدورها بسبب الأمواج، لكن لحسن الحظ، كان علي ابنه الصغير، يساعده على الوقوف ويمسكه بقوة.
ورأت كانديا كلمات مكتوبة باللغة العربية علي يد الطفل الصغير على الذي يحاول مساعدة والده، فبادرت بسؤال الأب “ما هذه الكلمات” فأجاب مصطفي والد علي: كنت أخشى ألا أتمكن من النجاة، فكتبت على ذراع عليّ اسم والدته ووسائل التواصل معها، إنها في سوريا، وفي حال أصابني مكروه ما، أمِلت أن يعتني أحد بـ عليّ ويبلغ والدته بما حصل.
وهنا وقف الأب مصطفي وخرج للمشي على ظهر سفينة الإنقاذ، ليتأكد أن أبناءه الثلاثة قد وصلوا إليها سالمين، وبدأ يسرد تفاصيل ركوبه قارب الهجرة قائلا: “عندما رأيت عدد الأشخاص الذين كانوا يستقلون القارب في مدينة زوارة الليبية، والتي تبعد حوالي 100 كيلومتر عن طرابلس على الشاطئ، أدركت أنه مكتظ للغاية، وشعرت بخوف كبير، وأردت أن أغادر القارب، كما صرخت للمهربين لكي يتركوننا وشأننا، إلا أن الأوان كان قد فات، فالرجل الذي دفعت له لأهرب صرخ في وجهي وأمرني بالتوقف وهدد بقتل أبنائي بسلاحه، لم يكن أمامي أي خيار سوى الانتظار”.
وبعد عبور كيلومترات قليلة في البحر، بدأ الطقس يتدهور وارتفعت الأمواج وتوقف المحرك عن العمل، هنا احتضن الأصغر علي، وتابع أصيب الناس بالذعر، لا سيما أن القارب حمل نساءً وأطفالًا تملكهم الخوف وبدأوا بالبكاء بدأ الكثيرون بالبكاء والصراخ وباتوا يتحركون على متن القارب بدافع اليأس، لم يكن بوسعي فعل أي أمر إلا أن أدعو الله أن يبقي أبنائي على قيد الحياة، إلى أن تمكنت مركب الإنقاذ من الوصول إلينا.
وفي هذه اللحظة جلس مصطفى على ظهر السفينة، وبكي قائلا لا أطمح في تحقيق أي أمر في حياتي، كل ما أريده هو أن يعيش أبنائي حياة كريمة، أريدهم أن يعيشوا بأمان وأن يحصلوا على تعليم جيد.
من هو مصطفي وما الذي دفعه للمخاطرة بحياة أولاده
ينحدر مصطفى من مدينة باب بيلا التي تقع في إحدى ضواحي دمشق الجنوبية، حوصرت المدينة لمدة أربع سنوات مع بداية النزاع في سوريا عام 2011، وعندما رُفع الحصار في عام 2015، قرر مصطفى الفرار من الحرب مع أبنائه الثلاثة.
وجد مصطفى نفسه عاطلًا عن العمل يحمل جوازات سفر منتهية الصلاحية، فاتخذ قرارًا صعبًا بالذهاب إلى ليبيا لمحاولة العبور في البحر الأبيض المتوسط. أراد مصطفى أن يمنح أبناءه فرصة الالتحاق بالمدرسة على الأقل، فعبرت العائلة الحدود من مصر إلى ليبيا، ثم مروا عبر بنغازي وطرابلس، ثم إلى صبراتة وزوارة للعثور على القارب الذي أنقذته سفينة جيو بارنتس.
ووفقا للإحصائيات في عام 2021، بلغ عدد المتوفين والمفقودين حوالي ألف و303 أشخاص من بينهم أطفال بسبب محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط في رحلة خطيرة، وبلغ عدد الأشخاص الّذين لقوا حتفهم أو فُقدوا حوالي 22 ألفا و825 شخصًا منذ عام 2014.
#من #سوريا #إلى #ليبيا #قصة #نجاة #لاجئ #عبر #البحر #بأبنائه #من #أجل #تعليمهم #صور
تابعوا Tunisactus على Google News