مهرجان ايام سينمائية .. بين الفن والنضال – وكالة وطن للأنباء
وطن: لطالما استخدم الفلسطينيون خلال تاريخهم السينما كأداة من ادوات النضال السياسي خاصة في قترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي ، حيث عهدت منظمة التحرير الفلسطينية الى استقطاب المخرجين الدوليين والمناصرين للقضة الفلسطينية لتصوير وتوثيق الثورة والنضال الفلسطيني من الداخل .كان من اهمهم المخرج الفرنسي جان لوك غودارد الذي اكد على اهمية استخدام السينما كأداة نضالية سياسية تخلق نقاش سياسي ، فالفيلم من وجهة نظره لا يجب ان يوثق الاحداث السياسية كون هذه المهمة ملقاة على عاتق وكالات التلفزة والمؤسسات الاعلامية، مؤكدا ان دور المخرج يتجلى في اخراج فيلما سياسياً يخلق نقاشاً فكرياً عميقا حول القضايا ذات البعد التحرري النضالي ا. ومن هنا تنبع اهمية مهرجان ايام سينمائية الذي تنظمه مؤسسة فيلم لاب للسنة الثامنة على التوالي
شهدت فلسطين قبل أيام قليلة عقد مهرجان ايام سينمائية الذي يعتبر من اهم المهرجانات الثقافية السينمائية في فلسطين، حيث يجتمع في ظله مجموعة من المختصين والسينمائيين من مختلف دول العالم ليشاركوا بأعمالهم في هذا المهرجان ، مع تخصيص مساحة للأفلام الفلسطينية التي بدورها تقدم تنوعاً سينمائيا من حيث المواضيع المطروحة ، وتنوع الانتاج مما يعكس مظاهرة سينمائية توحد الكل الفلسطيني في شموليتها.
في الواقع الفلسطيني لا يمكن عزل الممارسة الثقافية عن النضال من اجل التحرر من الاحتلال ، فالأمران مرتبطان ببعضهما البعض ، لذا يأتي هذا المهرجان ليثبت الرواية الفلسطينية ويعكس اهمية الدور الثقافي الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز هذه الرواية الوطنية التعددية المنفتحة على ثقافات مختلفة من العالم سواء من العالم العربي او الغربي. خاصة في ظل التحديات الجمة التي تمر بها القضية الفلسطينية في ظل الانقسام الداخلي، وضعف مؤسسات السلطة الفلسطينية التي اصبحت عاجزة عن تبني مثل هذه الفعاليات بشكل كامل واكتفت بالمشاركة المحدودة
افتتح المهرجان في فيلمه “الغريب” حيث نجح المخرج الصاعد أمير فخر الدين في تصوير المعانا اليومية للشعب السوري في الجولان المحتل حيث ابدع المخرج وهو ابن الجولان السوري المحتل على مدار الفيلم الذي استمر 112 دقيقة في تجسيد المعاناة والرتابة اليومية لسكان الجولان المحتل الى حد تماهي الجمهور الذي تملل من احداث الفيلم البطيئة، والتي خلت من التشويق كما قُصد لها ان تكون لتعكس واقع الحال . فكان اللون الرمادي الضبابي هو اللون المسيطر على المشهد في اشارة الى ان الحياة في هذا المكان لا لون لها في ظل الضغط اليومي والممارسات الاحتلالية الإسرائيلية التي جعلت من هذا المكان باردا، يخلو من العواطف البديهية الحميمية التي تحكم العلاقات المجتمعية الى حد الشعور بالغربة، وعدم الانتماء للمكان الذي تحكمه سلطه ذكورية من ناحية أخرى برع الممثل أشرف برهوم في اجادة دوره بكفاءة عالية أكسبته تعاطف الجمهور بالرغم من سريالية وعبثية حياته التي اوصلته الى حالة من الاغتراب الوجودي مع المكان والمجتمع . ممثلة في رجال الدين “المشايخ” وسلطة الاب المأزوم من ظروف قهرية فرضها الاحتلال، والتي يتصدى لها الاب باضطهاده لابنه الذي لم يستطيع تحقيق حلمه بأن يصبح طبيباً.
من ناحية أخرى غاب دور المرأة سواء كانت الأم او الزوجة او الأبنة من مجريات الأحداث اليومية والاكتفاء بوضعها في دور المراقب الذي لا صوت له في ظل صدى أصوات الرصاص والانفجارات التي شكلت خلفية الفيلم في بعض المشاهد، وفي مشاهد اخرى كان صوت الطرق حاداً لدرجة ازعجتنا كمشاهدين وكأنها مناشدة من قبل المخرج للقرع على جدار الخزان ودعوة للنضال للتصدي للواقع الأليم، والغير محتمل والذي جسده المخرج في تعامل عدنان ايجابيا مع الجريح السوري العائد الى وطنة .
من وجهة نظري عمد المخرج الى تجنب الخوض بشكل مباشر بممارسات الاحتلال في الجولان كما انه لم يكن مباشرا في التصوير وهذا بدا واضحا من خلال زاوية الكاميرا التي استخدمها في تصوير لقطات الفيلم التي في معظمها لم تكن مباشرة، بل كانت تصور من زاوية جانبية بحيث اعطت انطباعا بعدم الجرأة في مواجهة الواقع والاكتفاء بالتعايش معه.
لعب برهوم الدور المحوري في الفيلم ونجح في السيطرة على عناصر الشخصية بطريقة جاذبة الى حد تماهي الجمهور مع هذه الشخصية المرفوضة مجتمعياً، العنصر الوحيد الذي بدا واضحا لنا في هذه الشخصية هو هويتها الوطنية التي بدت محددة المعالم ناضجة ورافضة للتعاطي مع للاحتلال بكل مكوناته ، وحازمة في تعاطيها مع القضايا الوطنية وتجلى ذلك في موقفة من الجريح السوري على الحدود وتعامله مع تداعيات إنقاذه، و عازما في تحقيق رغبته بدفنه في برهة بيت عائلته الذي يقيع بالجولان المحتل وحيث كان مقصده عندما وصل جريحا الى الحدود السورية الفلسطينية في واشارة واضحة من المخرج الى حتمية العودة .
أما الممثل القدير محمد بكري الذي لعب دور الأب الذي لا يتقبل ويرفض الواقع الفوضوي لابنه ظهر في الفيلم في مشاهد قليله صور فيها من مكان منخفض بحيث ظهر فيها ضخما متجهماً وسلطوياً .
الفيلم في مجملة وظف الجماليات السينمائية لتسليط الضوء على ما يعانيه المواطنين السوريين في الجولان المحتل من ممارسات الاحتلال في ظل حالة من الاغتراب المكاني والهوياتي .
#مهرجان #ايام #سينمائية #بين #الفن #والنضال #وكالة #وطن #للأنباء
تابعوا Tunisactus على Google News