موجة ارتفاع الأسعار العالمية.. كيف ستتأثر مصر بشبح التضخم العالمي ومتى تتراجع آثار الأزمة؟ – بوابة الأهرام
لا تزال اقتصاديات العالم تعاني من تداعيات تفشي وباء كورونا المستجد، إذ سجلت دول العالم ارتفاعا في معدلات التضخم والتي تهدد بكساد كبير يضرب اقتصاديات العالم أجمع، وترتفع المخاوف من خروج التضخم عن السيطرة، خاصة بعد أن سجلت أسعار الطاقة والغاز ارتفاعات هائلة مع زيادة الطلب على السلع.
بدأت أزمة التضخم العالمي في التنامي عالميا مع الحرب التجارية القائمة بين أمريكا والصين، وتعمقت بعد أزمة كورونا التي ألقت بظلالها على كل الأسواق والشركات الكبرى، وتركت آثارًا على سلاسل الإمداد والتوريد، وعلى قدرات الأسواق في التوازن بين العرض والطلب، نتيجة توقف عجلة التشغيل والإنتاج على مدار 20 شهرًا بسبب الجائحة، مع بداية التعافي حدث ارتفاع كبير للطلب وعمليات الشحن، فارتفعت أسعار الوقود والطاقة، وجرى تحميل التكاليف على الإنتاج.
الأزمة العالمية الحالية التي ظهرت نتيجة الخلل في سلاسل التوريد والإمداد تسببت في ارتفاعات كبيرة سواء في الطاقة أو السلع الأخرى، فعلى سبيل المثال أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا سجلت ارتفاعات 500% في حين ارتفعت سلع بنسبة 15 إلى 30% في بعض الدول، ومن المتوقع ارتفاع نسب التضخم لمستويات قياسية قد تصل بالعالم إلى ما يسمى الركود التضخمي وهو الخطر الأكبر الذي يهدد كل الدول.
ارتفاع الأسعار
وأظهرت الأرقام القياسية لأسعار المستهلك، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع معدل التضخم السنوي لشهر سبتمبر الماضي، نتيجة لارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث سجل قسم الطعام والمشروبات ارتفاعًا قدره 13.1%، وجاءت التغيرات نتيجة ارتفاع أسعار مجموعة الخضروات بنسبة 38.1%، وارتفاع أسعار مجموعة الزيوت والدهون بنسبة 18.3%.
كما ارتفعت أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة 14.6%، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 12.8% وارتفاع أسعار مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 8.3%، وارتفاع أسعار مجموعة منتجات غذائية أخرى بنسبة 5.4%، وارتفاع أسعار مجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 4.6%، وارتفاع أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 3.2%، وارتفاع أسعار مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة1.3%.
ويتوقع صندوق النقد الدولي معدلات تضخم في مصر والجزائر وتونس والسودان بنسب تتراوح بين 6 وأكثر من 10 بالمائة هذه السنة.
وتحاور “بوابة الأهرام” عددًا من الخبراء حول أسباب زيادة معدلات التضخم عالميًا، وإلى أي مدى سيؤثر التضخم على الدول، وتأثيره على مصر، وخطة الدولة لحماية البلاد من موجة الغلاء المتوقعة عام 2022، ودور الرقابة خلال الفترة القادمة.
أسباب التضخم العالمي
اتفق خبراء الاقتصاد، على أن موجة ارتفاع الأسعار التى يشهدها العالم في الوقت الحالى، ومن المتوقع استمرار تصاعدها الفترة المقبلة، لها عدة أسباب على رأسها تداعيات جائحة كورونا، بالإضافة إلى أزمة الطاقة التى تعانى منها الصين، أكبر منتج للسلع في العالم، وكذلك التغيرات المناخية التى أثرت على المنتجات الزراعية مما تسبب في رفع الأسعار.
تعود أسباب التضخم العالمي الذي تشهده البلاد إلى نقس الإمدادات نتيجة توقف عجلة التشغيل والإنتاج على مدار 20 شهرًا بسبب جائحة كورونا، ومع بداية التعافي حدث ارتفاع كبير للطلب وعمليات الشحن، فارتفعت أسعار الوقود والطاقة، وجرى تحميل التكاليف على الإنتاج، بحسب ما أكده خبراء الاقتصاد لـ”بوابة الأهرام”.
بالإضافة إلى أن دولة الصين التي يعتمد عليها العديد من دول العالم في المواد الخام أو السلع الأساسية والإستراتيجية، تواجه مشكلة نقص الغاز نتيجة تحولها من الطاقة النظيفة، ما يقلل السلع المتاحة في الأسواق وارتفاع أسعارها.
ويؤكد الدكتور مصطفى أبو زيد الخبير الاقتصادي، أن زيادة الطلب على السلع والمنتجات بعد إغلاق العديد من الدول أدى إلى نقص شديد للمخزونات، وبالتالي بعد فتح البلاد مرة أخرى وتخفيف القيود ورجوع الحياة الطبيعية، تحتاج الدول إلى إعادة بناء تلك المخونات للتوازن، وبالتالي زيادة الطلب يؤدي إلى زيادة الأسعار، كما أن السلع أصبحت أكثر من قدرت شركات الشحن بتنفيذ الطلبات ما أدى لارتفاع قيمة الشحن لأسعار غير مسبوقة.
السبب الثاني للتضخم
أما السبب الثاني فهو الطاقة، فيوضح الخبير الاقتصادي أن الأزمة الحالية في الطاقة سواء في الغاز الطبيعي أو البترول الذي ارتفعت أسعاره العالمية من 32 دولار إلى 85 دولار للبرميل الواحد، نتيجة تعرضهم لفترة خلل وانخفاض في السعر، ثم ارتفاع كبير في ظل ارتفاع بعض الآبار وسلاسل المداد في أوروبا وأمريكا.
وسجلت أسعار الغاز في أكتوبر الماضي بأوروبا مستويات قياسية، متجاوزة مستويات 1300 دولار لألف متر مكعب، فيما سجلت صادرات مصر من الغاز قفزات نسبتها 315% بالربع الأول من العام الجاري، مقارنة مع الفترة المماثلة من العام الماضي، لتسجل 564 مليون دولار، مقابل 136 مليونا في الفترة المقبلة من العام الماضي، وذلك وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
كيف ستتأثر مصر بالتضخم العالمي؟
تعد مصر صاحبة الأعلى تعداد سكاني في المنطقة العربية، وأكبر مستورد للقمح عالميا، الذي ارتفعت أسعاره بقوة نتيجة الطقس السيئ الذي ضرب المحاصيل في أمريكا الشمالية روسيا، وارتفع الأسعار بواقع 29% منذ بداية العام الحالي، وحتى تعاملات 20 أكتوبر الماضي، لترتفع من 213.25 دولارا للطن، إلى 275.75 دولارا للطن، بينما تعتمد موازنة العام الحالي سعر طن القمح عند 255 دولارا.
ويقول الدكتور مصطفى أبو زيد، إنه من الطبيعي أن تتأثر مصر بالتضخم العالمي لأنها ضمن الاقتصاد العالمي، وقد شاهدنا الفترة الأخيرة ارتفاع بالأسعار خاصة السلع الغذائية والقمح لأننا دولة مستوردة للعديد من السلع الغذائية، وبالتي فإن تكلفة السلع المستودة مع تكاليف الشحن ستؤثر على جميع دول العالم وليست مصر فقط.
كيف تواجه الحكومة الغلاء المتوقع بسبب التضخم العالمي؟
تعمل الدولة خلال هذه الفترة لحماية البلاد من موجة الغلاء المتوقعة في 2022، حيث وضعت وزارة الزراعة إستراتيجية تعتمد على زيادة رقعة الأراضي الصالحة للزراعة، من خلال حصر وتصنيف التربة لتحديد المناطق التي يمكن زراعتها، فيما تبنت وزارة التضامن سياسات جديدة للحماية الاجتماعية تواكب المرحلة التنموية التي تعيشها الدولة الآن، ويتم العمل على العديد من البرامج لاستهداف الفقر متعدد الأبعاد، كما قامت بوضع إستراتيجية شاملة لمد مظلة الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.
وقامت وزارة التخطيط، بإعداد ثلاث سيناريوهات حول تأثير أزمة التضخم العالمي على مستهدفات الحكومة المصرية لأداء الاقتصاد خلال العام المالي الحالي 2021-2022، أولها سيناريو متفاءل يرجح عدم امتداد الأزمة العالمية إلى مصر بشكل كبير، أما الثاني يتوقع التأثير السلبي للأزمة على مستهدفات الحكومة لأداء الاقتصاد للعام المالي الحالي، بينما ينذر الثالث بقفزة في الأسعار، وهو ما يتوقف على المدى الزمني لاستمرار الأزمة عالميًا ومدى عمقها، وبالتالي تحديد درجة تأثر السوق المحلية في مصر
وبناء على توجيهات الرئيس السيسي، قامت وزارة التموين بزيادة المخزون الإستراتيجي من القمح والسلع الأساسية وهو ما جعل الدولة تقف صامدة بأقل الأضرار أمام موجة التضخم العالمية حتى الآن، وأكدت الوزارة أنه في حال عدم مشاركة الجميع لن يتم العبور من تلك الموجة بالشكل الآمن والمطلوب الذي يكفل توافر السلع بأسعار معقولة.
التضخم المستورد
وللمرور من هذه الأزمة الاقتصادية الكبرى، يرى الدكتور كرم العمدة الخبير الاقتصادي، أنن العالم يمر بأزمة اقتصادية كبرى وبطبيعة الحال ستتأثر مصر بموجة تضخم لارتفاع الأسعار بالعالم، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة ونقص الإمدادات وارتفاع الدولار.
لذا يؤكد أنه يجب على المواطنين تجنب تخزين السلع الأساسية، حيث أن زيادة الطلب سيترتب عليها ارتفاع السعر، كما أنه يتوجب على الدولة أن تتبع إجراءات احترازية لتسيطر على الأزمة وتقلل من آثارها السلبية، مثل تفعيل الأمن الغذائي ودعم الفلاح المصري، وزيادة الإنتاج الزراعي بقدر المستطاع وتوفير مدخلات الزراعة من مبيدات وأسمدة وتقاوي.
كما يجب توفير زريعة الأسمال للمسطحات المائية، ما يترتب عليه توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين من السلع والمنتجات الغذائية المهمة والرئيسية، وترشيد الإنفاق الحكومي أصبح ضرورة ملحة، بالإضافة إلى الاهتمام بالقطاعين الزراعي والصناعي فلابد من دعم القطاع الصناعي والتعامل بحرص مع أسعار الطاقة وتثبيت أسعارها، ما يعطى ميزة تنافسية للصناعة المصرية، والتركيز على برامج الحماية الاجتماعية لأهميتها في تلك الظروف الراهنة، لأنها المنوط بها تعويض المواطنين بقدر المستطاع عن ارتفاع الأسعار.
متى تختفي أزمة التضخم العالمية؟
لا توجد دلائل على أن التضخم سيختفي قريبًا وسط أزمات سلاسل الإمداد والتوريد، وارتفاع أسعار السلع الأولية، وزيادة الطلب بعد انتهاء الإغلاق، واستمرار عمليات التحفيز النقدي، ومن المحتمل تباطؤ معدلات نمو الاقتصاد، وربما تؤدى إلى مزيد من اشتعال الأسعار.
#موجة #ارتفاع #الأسعار #العالمية #كيف #ستتأثر #مصر #بشبح #التضخم #العالمي #ومتى #تتراجع #آثار #الأزمة #بوابة #الأهرام
تابعوا Tunisactus على Google News