نحو رؤية عربية لمواجهة التغيرات المناخية
أصبحت التغيرات المناخية همًّا تعانيه كل دول العالم في الفترة الأخيرة، حيث هددت ظواهره وأزماته وما نتج عنهما من تداعيات، وعرّضت نحو نصف سكان العالم والحياة الطبيعية فيه لمخاطر جسيمة خلال السنوات القليلة الماضية، وهو أمر لم تنجُ منه أي منطقة في العالم، وقد كانت المنطقة العربية إحدى هذه البؤر التي يبدو أنها على موعد مع مستقبل غير آمن فيما يتعلق بالتغيرات المناخية المتوقَّعة فيها. الأمر الذي دفع مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا إلى القول “إن تواتر وشدة الكوارث المرتبطة بالمناخ تتزايد في الشرق الأوسط ووسط آسيا على نحو أسرع من أي مكان آخر في العالم، ما يشكّل خطرًا كبيرًا على النمو والرخاء في المنطقة”[1]. وقد أظهرت وثيقة جديدة للصندوق أن الكوارث المناخية في المنطقة أصابت وشردت سبعة ملايين شخص، وأسفرت عن أكثر من 2600 حالة وفاة وخلّفت أضرارًا مادية بقيمة مليارَي دولار. كما أظهر تحليل البيانات، التي تغطي القرن الماضي، أن درجات الحرارة في المنطقة ارتفعت بمقدار 1.5 درجة مئوية؛ أي ضعف الزيادة العالمية التي بلغت 0.7 درجة مئوية، إلى جانب الشح في كميات الأمطار التي تهطل على المنطقة[2].
وفي الـ 20 من فبراير 2023، أفاد تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، حول أثر الحرب وتغيّر المناخ على الأراضي الزراعية في سوريا، بأن تغيّر المناخ ظهر في رغيف الخبز الذي صار لونه أصفر شاحبًا بدلًا من الأبيض النقي التقليدي. وحذرت منظمات إغاثة دولية من أن ملايين الأشخاص في سوريا والعراق معرّضون لخطر فقدان الوصول إلى المياه والكهرباء والغذاء، وسط ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات المياه بشكل قياسي بسبب الجفاف وقلة هطول الأمطار[3]. كما ذكر تقرير سابق نشرته قناة “DW” الألمانية، في الـ 22 من ديسمبر 2021، أن التغيّر المناخي الذي تشهده درجة حرارة الأرض، وخاصة منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، سيهدد بـ”موجات لجوء جديدة”[4].
ووفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي للإنشاء والتعمير، فإن منطقة الشرق الأوسط تسهم بنحو 7% من إجمالي 32 جيجا طن سنويًّا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (انظر الرسم البياني الدائري)، حيث تعدّ الصين والهند والولايات المتحدة أكبر ثلاث دول تصدر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، حيث يبلغ مجموع انبعاثات هذه الدول معًا ما يقرب من نصف انبعاثات العالم[5].
في هذه الدراسة سنتعرض لتلك المخاطر تفصيلًا، كما سنتناول تلك الاستراتيجيات والسياسات التي تبنّتها الدول العربية في الفترة الأخيرة لمواجهة تلك التغيرات المناخية المتوقَّعة، وفي السياق ذاته سنتعرّض لأهم التحديات التي واجهتها الدول العربية في تطبيق تلك الاستراتيجيات، بالإضافة إلى النقاط الإيجابية التي استطاعت الدول العربية تحقيقها للتغلب على مثل هذا النوع من التحديات، وسوف نقدم محاولة لتعزيز حوكمة الجهود العربية لمواجهة التغيرات المناخية.
مخاطر التغيرات المناخية في المنطقة العربية
من المتوقع أن تمتد التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية إلى العديد من قطاعات الإنتاج العربي، وهي قطاعات متصلة ببعضها بعضًا تأثيرًا وتأثرًا، إلا أنه رغبة في إبراز تلك التأثيرات فسوف نتعرض للتأثيرات على كل قطاع بشكل منفرد:
أولًا: التأثير على موارد المياه العذبة والزراعة
تقع أغلب البلدان العربية في منطقة جافة وشبه جافة تتميز بموارد مائية منخفضة ومحدودة وتبخُّر مرتفع، كما يتعرض الوضع المائي في المنطقة العربية لضغوط بيئية واجتماعية واقتصادية، كما تلاحَظ تأثيرات سلبية كثيرة لتغير المناخ على نظم المياه العذبة، حيث تتفاقم مشكلة المياه خلال القرن الحالي مع نظرية تسخين الأرض وما ينتج عنها من نقص في كمية الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والتبخر وسوف تواجه مناطق جافة وشبه جافة كثيرة انخفاضًا في الموارد المائية نتيجة تغيّر المناخ.
وسوف يوسّع ارتفاع مستوى البحر مساحة المياه الجوفية المالحة، ما يؤدي إلى انخفاض في توافر المياه العذبة للبشر والنظم الإيكولوجية في المناطق الساحلية. وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا؛ لأن غالبية النشاط الاقتصادي والزراعي والمراكز السكانية في المنطقة العربية تقع في المناطق الساحلية المعرّضة بشكل كبير لارتفاع مستويات البحار، وقد يكون ذلك على شكل إغراق المناطق الساحلية وزيادة ملوحة التربة والمياه العذبة المتوافرة، مثل الخزانات الجوفية. وقد أظهرت دراسة أجراها مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن الأمريكية، أن ارتفاعًا في مستويات البحار، مقداره متر واحد، سوف يؤثر بشكل مباشر على 41.500 كيلومتر مربع من الأراضي الساحلية العربية، والتأثيرات الأكثر خطرًا لارتفاع مستويات البحار ستكون في: مصر وتونس والمغرب والجزائر والكويت وقطر والبحرين ودولة الإمارات[6]. وسوف تشهد مصر أكبر التأثيرات على القطاع الزراعي في المنطقة، حيث إن ارتفاعًا بمقدار متر واحد سوف يعرّض 12% من الأراضي الزراعية في البلاد للخطر، كما أن هذا الارتفاع سوف يؤثر بشكل مباشر في 30% من سكان البلاد العربية، مقارنة بنسبة عالمية تبلغ نحو 1.28%[7].
وإضافة إلى ذلك، سوف تنخفض إلى حد بعيد القدرة على سد النقص في المياه الجوفية في بعض المناطق التي تعاني أصلًا إجهادًا مائيًّا، كما يُتوقّع أن يزيد تغيّر المناخ مستويات ملوحة البحيرات والمياه الجوفية نتيجة ازدياد درجة الحرارة. وعلاوة على ذلك، فقد أدى ارتفاع تركيز الملوثات في الأنهار إلى ازدياد تلوث المياه الجوفية، ويُتوقَع أن يزداد ارتشاح الكيماويات الزراعية إلى المياه الجوفية نتيجة تغيرات في جريان مياه الأمطار التي تغذي المجمعات المائية. وتواجه مجمعات المياه حاليًّا جفافًا متكررًا تصحبه حالات هطول مطري غزير مفاجئ تتسبب بانجراف ترابي بشكل خطير وعمليات تصحر. وفي ظروف التغير المناخي، سوف يشتد تدهور مجمعات المياه وعمليات التصحر.
كما أن ما يُعرَف بالهلال الخصيب، الممتد من العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين، سوف يفقد كل سمات الخصوبة وقد يتلاشى قبل نهاية هذا القرن؛ بسبب تدهور الإمدادات المائية من الأنهار الرئيسية، ومع استمرار الارتفاع في درجات الحرارة فقد ينخفض تدفق المياه في نهر الفرات بنسبة 30%، وفي نهر الأردن بنسبة 80% قبل نهاية القرن.
كما شهدت منطقة الخليج تكرارًا للعواصف الترابية والرعدية، ترافقها فيضانات غزيرة. وتحذر دراسات من أن درجات الحرارة في بعض دول الخليج قد تتجاوز 60 درجة مئوية بحلول منتصف القرن الجاري[8].
وفي منطقة المغرب العربي أخذ يظهر تكرار الجفاف، فخلال السنوات العشرين إلى الأربعين الأخيرة في المغرب وتونس والجزائر، تغيّرت فترات حدوثه فـي المغرب من سنة جفاف كل 5 سنوات قبل عام 1990 إلى سنة جفاف كل سنتين، إلى حد كانت التغيرات المناخية ذات تأثير سلبي على المنطقة، وبالإضافة ذلك حدثت 10 سنوات من الجفاف خلال العقدين الأخيرين من أصل 22 سنة جفاف في القرن العشرين، بما فيها سنوات الجفاف المتتالية الثلاث، وهي: 1999 و2000 و2001.
إن مناخًا أدفأ، مع ما يرافقه من تقلب مناخي متزايد، سوف يزيد خطر حدوث فيضانات وموجات جفاف. ويُحتمَل أن تزداد المناطق المتأثرة بالجفاف، كما يُحتمَل أن تزداد حالات سقوط الأمطار من حيث التكرار والشدة، وسوف يتفاقم خطر حدوث فيضانات. وستكون هناك مضاعفات على التنمية المستدامة من ازدياد تكرار وشدة الفيضانات وموجات الجفاف.
كما أن إنتاج الغذاء سوف يواجه تهديدًا متزايدًا يؤثر في الاحتياجات البشرية الرئيسية، فازدياد قسوة الجفاف وتوسُّعه والتغيرات في امتدادات الفصول قد تخفّض المحاصيل الزراعية إلى أكثر من النصف، وهناك مخاوف من زيادة جفاف الأرض بأكثر من 60% في معظم أنحاء المنطقة، ومن المرجح أن تكون المغرب والجزائر وتونس أكثر عرضة للجفاف بشكل خاص، وستصبح كل الأراضي المتاخمة للبحر الأبيض المتوسط أكثر جفافًا. ومن المفارقات أن اشتداد الجفاف قد ينخفض في إيران والسعودية وقد يؤدي الارتفاع في درجات الحرارة واشتداد الجفاف في المنطقة، إلى تحفيز عمليات التصحر أو تعزيزها، وذلك إذا لم يتم البحث عن بدائل عاجلة تتمثل في تغييرات في أنواع المحاصيل والأسمدة وممارسات الري[9].
ومن التأثيرات الحالية للتغيرات المناخية على المنطقة، تغيير أنماط واتجاهات هطول الأمطار، فمن المحتمل أن تشهد المغرب والجزائر ومصر وتركيا هطول أمطار أقل بنسبة 50%. كما ستشهد السعودية وإيران وأجزاء من ليبيا أيضًا الانخفاض نفسه في هطول الأمطار. وفي السياق نفسه تعرّضت مجتمعات المنطقة لنقص في إمدادات المياه نتيجة لتأثيرات تغيّر المناخ، حيث لا يستطيع 60% من سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الوصول بسهولة إلى المياه الصالحة للشرب، وتشير التقديرات إلى ارتفاع مستوى انعدام الأمن المائي؛ إذ ستشهد المنطقة انخفاضًا في المياه العذبة بنسبة تزيد عن 50% بحلول عام 2050، ووفقًا لآخر تقدير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيير المناخIPCC ، من المقدَّر أن يتعرض 50-100 مليون شخص إضافي بحلول عام 2025 للإجهاد المائي الذي سيؤدي إلى زيادة الضغط على موارد المياه الجوفية، كما سيؤدي، وفقًا للبنك الدولي، إلى خسارة ما يصل إلى 14% من الناتج القومي الإجمالي بحلول عام 2050 [10].
فضلًا عما سبق، فإن التغيرات في أنماط هطول الأمطار والإجهاد المائي سيؤديان إلى إلحاق الضرر بقطاع الزراعة الذي يمتلك أعلى نسبة توظيف، حيث تشير الدلائل إلى أن انخفاض هطول الأمطار وندرة المياه مع اشتداد درجات الحرارة سوف تخفّض، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة، غلات المحاصيل بنسبة تصل إلى 20% بحلول عام 2050، ولاسيما في مناطق الزراعة البعلية (الزراعة البعلية أو الزراعة المطرية، (بالإنجليزية: Rainfed agriculture)، هي أحد أنواع الزراعة التي تعتمد على مياه الأمطار بشكل أساسي). وستكون الانخفاضات أكبر بكثير في المشرق منها في المغرب العربي. وبالتالي ستمنع تلك التأثيرات المناخية من إنتاج غذاء كاف من جميع المواد الغذائية المطلوبة محليًّا، ومن المرجح الاعتماد دائمًا على واردات الغذاء؛ ما يعرّض الأمن الغذائي للخطر، وهو ما تتضح بوادره حاليًّا في معظم أنحاء المنطقة، على سبيل المثال، تستورد الكويت حاليًّا معظم غذائها، حيث تتسم بيئتها بقلة الأمطار وارتفاع في درجات الحرارة، بالإضافة إلى الجفاف، وتعتمد على تحلية مياه البحر في الزراعة، وكذلك يمثل تغيّر المناخ مصدر قلق حقيقي على أمنها المائي واقتصادها الوطني، ووفقًا لتقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي، تمثل بعض دول المنطقة، مثل اليمن بُؤرًا ساخنة للجوع وتواجه بالفعل انعدامًا في الأمن الغذائي بشكل كارثي[11].
وقبيل مؤتمر المناخ، الذي عقد مؤخرًا في شرم الشيخ، وصف تقرير لمنظمة “غرين بيس”، المعنية بقضايا البيئة، الوضع في المنطقة بأنه على شفير الهاوية، وتناول تأثير التغير المناخي في ست دول عربية هي: لبنان والإمارات والجزائر ومصر وتونس والمغرب. وتوقّع التقرير أن تعاني نسبة 80% من المدن المكتظة بالسكان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موجات الحر، وأن تتجاوز درجات الحرارة 60 درجة مئوية مستقبلًا في بعض مناطق الشرق الأوسط ودول الخليج، في ظل انبعاثات عالية للغازات المسببة للاحتباس الحراري[12].
[13]
قطاع السياحة
السياحة قطاع مهم في الاقتصاد في عدد من البلدان العربية، وهي معرَّضة بشكل كبير لتأثيرات تغيّر المناخ، فارتفاع معدل الحرارة ما بين درجة وأربع درجات مئوية سوف يسبب تراجعًا شديد الأثر في مؤشر راحة السياح في أنحاء المنطقة. كما أن المناطق المصنَّفة بين جيدة وممتازة سياحيًّا يُحتمَل أن تصبح بين هامشية وغير مواتية بحلول سنة 2080، خصوصًا بسبب ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، والأحداث المناخية المتطرفة، وشحّ المياه، وتدهور النظم الإيكولوجية[14]، وسوف يؤثر اضمحلال الشعاب المرجانية على السياحة في بلدان حوض البحر الأحمر، وبالدرجة الأولى مصر والأردن، كما سيؤثر تآكل الشواطئ وارتفاع مستويات البحار على المراكز السياحية الساحلية، وبالدرجة الأولى في: مصر وتونس والمغرب وسوريا والأردن ولبنان، خصوصًا في الشواطئ الرملية الضيقة والمباني القريبة من الخط الساحلي، ومن المحتمَل أيضًا أن تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على ألوان وعمر الآثار والمنشآت التاريخية المختلفة، الأمر الذي يؤثر على جودتها، وبالتالي على أعداد الزائرين لمشاهدتها. كما يُتوقَّع أن يؤثر تغلغل المياه المالحة في المناطق الساحلية المنخفضة على الآثار المدفونة في المناطق الساحلية، ما يؤدي إلى زيادة معدل تدهورها[15].
قطاع الصحة
من المتوقَّع أن يحدث تدهور كبير في الجوانب الصحية التي سوف تتأثر سلبًا بارتفاع درجات الحرارة نتيجة للتغيرات المناخية في المجالات الجغرافية لناقلات الأمراض، مثل البعوض ومسببات الأمراض التي تنقلها المياه ونوعية المياه ونوعية الهواء وتوافر الغذاء ونوعيته، وسوف يزداد تفشي الأمراض المعدية، مثل الملاريا والبلهارسيا، والغدد الليمفاوية، وحمى الضنك، وحمى الوادي المتصدع، ويرجع ذلك إلى توافر المناخ والموطن المناسبَيْن لهذه النواقل، خصوصًا في مصر والمغرب والسودان، كما أن الملاريا التي تصيب أصلا ثلاثة ملايين شخص سنويًّا في المنطقة العربية سوف تصبح أكثر انتشارًا وتدخل أراضي جديدة، حيث ارتفاع درجات الحرارة الذي يقصّر فترة الحضانة ويوسّع مجال البعوض الناقل للملاريا ويزيد أعداده. كما أن ارتفاع تركيز بعض الغازات التي تُعرف بغازات الاحتباس الحراري، مثل غاز ثاني أكسيد الكربون، وازدياد شدة العواصف الرملية وتكرارها في المناطق الصحراوية سوف يزيدان ردود الفعل المثيرة للحساسية والأمراض الرئوية في أنحاء المنطقة[16].
التنوع البيولوجي
سوف يتأثر التنوع البيولوجي في البلدان العربية، المتدهور أصلًا، ويشهد مزيدًا من الأضرار؛ بسبب مخاطر التغيرات المناخية، فارتفاع درجات الحرارة بمقدار 2-3 درجات مئوية سوف يؤدي إلى انقراض ما يصل إلى 40% من جميع أنواع النباتات، مثل غابات الأرز في لبنان وسوريا، وأشجار المنجروف في قطر، وأهوار القصب في العراق، وسلاسل الجبال العالية في اليمن وعمان، وسلاسل الجبال الساحلية للبحر الأحمر، كما أنه وباستخدام معايير التهديد لدى الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة IUCN يتبين أن لدى اليمن العدد الأكبر من الأنواع النباتية المهددة؛ إذ تبلغ 159 نوعًا، بينما لدى كل من السودان والصومال 17 نوعًا، ولدى جيبوتي ومصر والأردن والمغرب والسعودية والصومال والسودان واليمن مجتمعة، أكثر من 80 نوعًا حيوانيًّا مهدَّدًا. وتأتي مصر في رأس القائمة، إذ لديها 108 أنواع، وقد يعدّل تغيّر المناخ البيئة الحيوانية للنظم الإيكولوجية برمتها. كما أن تنوع الطيور هو أيضًا مهدد نتيجة تغيّر المناخ، حيث تقع بلدان عربية كثيرة على مسارات مهمة لهجرة الطيور، حيث تُؤوي جيبوتي وموريتانيا والبحرين، على الخصوص، ملايين الطيور المهاجرة ومستعمرات كبيرة للتكاثر[17].
البنى التحتية
من المتوقَّع أن يؤثر تغيّر المناخ بشكل كبير على البنى التحتية في أنحاء العالم العربي، فالبنية التحتية للنقل معرضة عمومًا لزيادات متوقَّعة في شدة وتكرار الأيام الحارة وهبوب العواصف وارتفاع مستويات البحار، والبنى التحتية في المناطق الساحلية معرَّضة، على وجه الخصوص، لارتفاع مستويات البحار والعواصف القوية المحتمَلة، وهذه الأخطار تبلغ ذروتها في مصر والبحرين والإمارات، وسوف تتأثر منظومة إمداد المياه بتضاؤل الإمدادات المائية العذبة، وارتفاع معدل درجات الحرارة، كما ستتعرض شبكات المياه لهطول أمطار مفرطة في فترات قصيرة مع ارتفاع في مستويات البحار. وسوف يؤدي توليد الطاقة إلى ارتفاع درجات الحرارة المحيطة؛ ومن ثم انخفاض كفاءة التوربينات الغازية، وتنخفّض بالتالي كفاءة التبريد في المعامل الحرارية، وسوف تصبح شبكات نقل الطاقة وتوزيعها أكثر عرضة للأعطال؛ إذ تغدو الأحداث المناخية المتطرفة أكثر تكرارًا[18].
ونخلص من ذلك، إلى أن ظاهرة التغيرات المناخية ظاهرة عالمية لها آثار مركبة ومتداخلة على الدول العربية، وقد تختلف شدة ودرجة هذه الآثار من دولة لأخرى وفقًا لطبيعتها وموقعها الجغرافي وتركيبها السكاني ومواردها الاقتصادية وجهود الدولة في التقليل من الانبعاثات الكربونية التي تعمل على زيادة الاحتباس الحراري فيها، ومن خلال ما تم عرضه، نجد أن هناك الكثير من القطاعات الاقتصادية المتضررة من التغيرات المناخية التي تتعلق بالأمن الغذائي والموارد المائية والري والثروة الحيوانية والصحة العامة والسياحة.
ومن المتوقَّع أن يكون هناك تأثير واضح لتلك التغيرات المناخية على الدول العربية لكون معظمها – خلافًا للدول المتقدمة – لا تمتلك الوسائل الكافية التي تمكّنها من مواجهة الآثار السلبية لتغيرات المناخ، وتُعدُّ الأقل قدرة واستعدادًا للتكيف مع مخاطر التغير المناخي، فمن الصعب عليها القيام بتطوير محاصيل مقاومة للجفاف، والاستعانة بوسائل ري حديثة، وغير ذلك من وسائل التصدي لتغير درجات الحرارة. كما أنها في مقابل إنفاقها لميزانيات كبرى على سد احتياجات شعوبها، وإعادة بناء ما خلفته الأعاصير والفيضانات من دمار، وتقديم الرعاية الصحية للمتضررين من تبعات التغير المناخي، تقلل نفقاتها على المشاريع الإنتاجية والتنموية في البلاد، ما يؤثر تِباعًا على آفاق التنمية والتقدم لديها[19]. وقد أرجعت دراسة أجراها فريق من الباحثين بجامعة “ستانفورد” الأمريكية عن “تنامي تأثير التغيرات المناخية على الدول الفقيرة”، إلى أن اقتصاد هذه الدول يعتمد على القطاعات المتأثرة بالمناخ، مثل الزراعة واستخراج الموارد الطبيعية، وقد حذّر التقرير من أن “ذلك من شأنه أن يؤدي إلى خفض متوسط معدل النمو السنوي في المناطق الفقيرة من 3.2% إلى 2.6%؛ ما يعني أنه بحلول عام 2100 سيكون نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أقل من الوضع الحالي بنسبة 40%”[20].
استراتيجية الدول العربية في مواجهة آثار التغيرات المناخية
قابلية التأثر بالتغيرات المناخية في جميع المجالات دفعت بالدول العربية إلى تبنّي مجموعة من الاستراتيجيات لمواجهة تلك الآثار، وهي استراتيجيات تتمحور حول السياسة العامة الواجب انتهاجها إقليميًّا ودوليًّا، وحول ضرورة إعداد الهياكل المؤسساتية الكفيلة بمتابعة تطبيق هذه السياسات، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تثبيت حجم غازات الدفيئة من خلال آليات التكيف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية وقد اتبعت في ذلك مجموعة من السياسات والاستراتيجيات[21] تركزت على:
التعاون الإقليمي العربي
تتبنى البلدان العربية على المستوى الإقليمي الاهتمام بقضايا التغير المناخي؛ لذا فقد حظي موضوع التغير المناخي باهتمام الدول العربية، وقد انعكس ذلك في اهتمام مجلس وزراء البيئة العرب في هذا الشأن، فقد اعتمد مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة في دورته التاسعة عشرة، المنعقدة في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في 5 ديسمبر 2007، الإعلان الوزاري العربي حول التغير المناخي، الذي يعتبر أساساً للتحرك المستقبلي ويعكس وجهة النظر العربية في التعامل مع قضايا تغير المنـاخ [22]، انطلاقًا من مؤتمر الأطراف في بالي، ديسمبر 2007، وأهم ما رود فيه، أن المنطقة العربية ستكون من أكثر المناطق عرضة للتأثيرات المحتمَلة للتغيرات المناخية، وأن مجابهة التأثيرات المحتمَلة لتغيّر المناخ تتطلب تحركات قصوى للدول العربيةكما عقدت المجموعة التفاوضية العربية اجتماعًا غير دوري في عام 2011، للاتفاق حول التحرك العربي، وانبثق عن المجلس اللجنة المشتركة للبيئة والتنمية في الوطن العربي، التي تشارك في عضويتها الدول العربية والمؤسسات الدولية والإقليمية والوطنية ومنظمات جامعة الدول العربية المتخصصة، وتُعنى اللجنة بتنسيق البرامج والمشروعات والأنشطة البيئة في المنطقة العربية. [23].
التعاون العربي- الدولي
على المستوى الدولي، هناك العديد من الاتفاقيات الدولية لحماية البيئة التي تشارك فيها البلدان العربية كأعضاء، مثل: معاهدة مونتريال لحماية الأوزون، ومؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، ومعاهدة بازل، وقانون البحار، ومؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي، واتفاقية كيوتو المنبثقة عنه، وتُلزِم هذه الاتفاقيات الدولية الدول العربية كغيرها من دول العالم، بالتعاون مع الأسرة الدولية في حماية البيئة المحلية والدولية وباعتماد السياسات وخطط العمل القطرية اللازمة لمواجهة التحديات البيئية الماثلة والمستقبلية، وانطلاقًا من هذه الالتزامات تبذل دول عربية عدة جهودًا حثيثة في تبنّي السياسات والتشريعات اللازمة لحماية البيئة وتحسين تطوير البنيات الإنتاجية وترشيد الأنماط الاستهلاكية، بما يتماشى مع هذه الالتزامات وتوجهات التنمية المستدامة في هذه البلدان[24].
الاتفاقيات الدولية التي وقّعتها الدول العربية حول البيئة والتغيرات المناخية
تشارك الدول العربية في معظم الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بالتحكم في التلوث، وبالنسبة إلى اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ وبرتوكول كيوتو الملحَق بها، فقد قامت الدول العربية بتنسيق مواقفها بالنسبة إلى عدم قبول مقترحات الدول الصناعية حول التفاوض لفترة الالتزام الثانية لِمَا بعد عام 2012، وخاصة فيما يتعلق بخفض الانبعاثات في الدول النامية. واختارت غالبية الدول العربية، ولاسيما الدول المنتجة للبترول منها، عدم التوقيع على اتفاقية كيوتو؛ بحجة أن ها لن تعود عليها بفائدة تُذكر، بينما وجدت الدول غير البترولية ضالتها في الاستفادة من التنمية النظيفة والمتاجرة في حصصها من الكربون المنخفض، وعليه قامت كل من: مصر والمغرب وتونس والأردن واليمن، وأخيرًا دولة قطر بالتوقيع على الاتفاقية، كما صدّقت دولة الإمارات على الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بموجب المرسوم الاتحادي رقم 61 لسنة 1995؛ أي بعد وقت قصير من دخولها حيز التنفيذ في عام 1994، ثم صدّقت على الانضمام إلى بروتوكول كيوتو التابع للاتفاقية فور دخوله حيز التنفيذ، وذلك بموجب المرسوم الاتحادي رقم 75 لسنة 2004. كما صدّقت غالبية الدول العربية على الانضمام إلى بروتوكول كيوتو مباشرة بعد دخوله حيز التنفيذ.
موقف الدول العربية من اتفاقية باريس للمناخ
اتفاقية باريس هي معاهدة دولية مُلزمة قانونًا بشأن تغيّر المناخ. تم اعتمادها من قبل 196 دولة في مؤتمر الأمم المتحدة المَعْني بتغيّر المناخ (COP21) في باريس في 12 ديسمبر 2015. ودخلت حيز التنفيذ في 4 نوفمبر 2016. وهدفها الشامل هو إبقاء “الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية أقل بكثير من 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة”؛ بالإضافة إلى متابعة الجهود “للحد من زيادة درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة”[25]. ويمكن اعتبار الموقف العربي من أهم بنود الاتفاقية في الآتي:
المساهمات المحددة وطنيًّا (مادة 3 من الاتفاق)
يجب أن تهدف جميع البلدان إلى أن يكون لديها مساهمات وطنية طموحة مع التركيز على الدول المدرَجة في المرفق الأول لتقود المسيرة.
يجب ألا تركز المساهمات المحددة وطنيًّا على جهود التخفيف من آثار التغير المناخي فقط، بل يجب أن تتضمن جميع جوانب التغير المناخي.
التخفيف من آثار التغير المناخي
توفير مساحة للبلدان النامية للقيام بأي نوع من جهود التخفيف المعززة تدريجيًّا، وينبع هذا التوجه من أن التحول الهائل عن الوقود الأحفوري ستكون له آثار سلبية على اقتصادات الدول العربية التي تقوم على إنتاج النفط والغاز، وبالتالي تحتاج هذه البلدان إلى وقت لتنويع اقتصاداتها استجابة لإجراءات التخفيف.
تمييز جهود التخفيف بين البلدان المتقدمة، بما يعكس مبدأ المسؤوليات المشتركة، برغم تفاوت حجم تلك المسؤوليات من دولة إلى أخرى.
التكيف (مادة 7 من الاتفاق)
دعم إنشاء سِجِلّ للتكيف عبر الإنترنت على غرار سجل المساهمات المحددة وطنيًّا، حيث سيكون بمقدور الأطراف تقديم بلاغات التكيف الخاصة بها وتحديثها بشكل دوري.
ضرورة مواصلة البلدان المتقدمة دعمها لمبادرات التكيف في البلدان النامية من خلال الأدوات المتاحة، مثل صندوق التكيف والصندوق الأخضر للمناخ.
ضرورة تحديد الهدف العالمي للتكيف وتطوير منهجيات لتحقيقه.
التمويل مادة 9 من الاتفاق
مطالبة الدول المتقدمة بالوفاء بتعهداتها المالية بتقديم 100 مليار دولار سنويًّا للدول النامية والأقل نموًّا وضمان الشفافية في التقرير المالي نصف السنوي المقدَّم.
يجب أن يكون التمويل على أساس المنح وليس القروض وتسهيل إجراءات الوصول إليها.
ينبغي أن تكون التدفقات المالية متسقة مع مسار انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وأنشطة التكيف مع التغير المناخي[26].
استراتيجيات للتكيف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية
قامت الدول العربية بإعداد استراتيجيات للتكيف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية، وتتمثل فيما يلي:
أولًا: استراتيجية التكيف مع آثار التغيرات المناخية
أصبحت إجراءات التكيف ضرورة وذات أولوية للتعامل مع قضايا التغير المناخي خلال النصف الأول من القرن الحالي، انطلاقًا من جملة عوامل موضوعية تتعلق بحتمية تغيّر المناخ بسبب الانبعاثات الكربونية ومحدودية أثر إجراءات التخفيف في المنطقة العربية والظروف البيئية الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية فيها، إضافة إلى الأثر الفعال لإجراءات التكيف في إنقاذ الأرواح والحد من الأخطار المرتبطة بتقلبات المناخ وتغيره، وذلك من خلال العمل على القطاعات التالية:
القطاع الزراعي
بالرغم من أن تكيف الغطاء الزراعي مع تغيّر المناخ سيكون مكلفًا، فإنه ضروري لتحقيق الأمن الغذائي العربي، ومن بين خيارات التكيف، التحول إلى زراعة محاصيل أكثر مقاومة للجفاف، مثل الشعير، وأسرع نضوجًا مثل الذرة، وتنويع إنتاج المحاصيل ذات القيمة العالية، مثل الفواكه والخضروات، والأكثر مرونة في تأقلمها مع المناخ وتحسين إدارة التربة وخصوبتها والانتقال إلى أنظمة زراعية جيدة تتناسب مع الظروف المناخية والاقتصادية المستقبلية، مع البحث والتطوير لإنتاج محاصيل معدَّلة وراثيًّا وقادرة على الصمود أمام الجفاف وتقنية تحلية مياه البحر، وهناك خيارات أخرى للتأقلم مع تغيّر المناخ كاستخدام الأحزمة الخضراء كحواجز للحد من ظاهرة التصحر وتجنب إزالة الغابات، وزيادة الممارسات التي تعزز احتباس ثاني أكسيد الكربون في الغابات، وتحويل الفضلات الحيوانية إلى غاز حيوي كمصدر بديل ومتجدد للطاقة.
إن استراتيجيات التكيف في قطاع المياه مطلوبة على نحو عاجل في البلدان العربية التي تواجه موجات جفاف، ولعل أهمها إقامة وتطوير السدود، وتقدَّر حاليًّا طاقة التخزين للسدود في العالم العربي بنحو 280 مليار كيلومتر مكعب، وبرغم أن بعض البلدان قد طورت من قدراتها في إقامة السدود (مصر والعراق)، فإن سعة التخزين لم تعد كافية في الكثير منها وتعاني مياه السدود ارتفاع خسائر التبخر في ظل تغير المناخ. من جهة أخرى، فإن الدول العربية تنتج حاليًّا 30 مليار كيلومتر مكعب سنويًّا من المياه غير التقليدية الناتجة من تحلية مياه البحار، خاصة في الخليج العربي، وهي تستخدم خزانات المياه الجوفية كاحتياطي استراتيجي للمياه المحلاة، كما ينبغي للدول العربية الحد من هدر المياه الذي قد يتجاوز 60% في شبكات التوزيع السيئة الصيانة والاستفادة من الفرص المتاحة لإعادة استخدام مياه الصرف المعالَجَة، كما أن تثبيت أسعار المياه عند القيمة السوقية يمكن أن يساعد في الحد من الاستهلاك المفرط له[27].
مستقبل السياحة العربية يعتمد على الطريقة التي قد يتكيف بها هذا القطاع مع تغيرات المناخ، فالتنمية السياحية في المستقبل يجب أن تأخذ في الاعتبار الثغرات المتوقَّعَة من خلال التخطيط المتكامل والشامل، مثل وجود قواعد توجيهية أوضح تتعلق بالمسافة المسموح بها بين المنشآت الدائمة والخط الساحلي، والعمل على استكشاف خيارات لسياحة بديلة وأكثر استدامة تكون أقل تأثرًا بالمتغيرات المناخية، مثل السياحة الثقافية والتراثية، كما يجب تطوير المزيد من المراكز السياحية الداخلية والصحراوية كبديل عن الشواطئ المعرَّضة للفقدان.
ثانيًا: استراتيجية التخفيف من آثار التغيرات المناخية
تتضمن مختلف الاتفاقيات الدولية بنودًا تُلزم الدول الموقِّعة عليها خفض انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وبالتالي تُعتبر الدول العربية بتوقيعها على معظم الاتفاقيات الدولية مُلزَمَة بتكثيف جهودها في هذا الإطار، وبما أن أكثر غازات الدفيئة المنبعثة من المنطقة العربية تتعلق بقطاع الطاقة، فقد تمحورت معظم سياسات التخفيف من آثار التغيرات المناخية عن طريق التقليل من الانبعاثات الناتجة من قطاع الطاقة وبعض القطاعات الأخرى كالصناعة، والنقل… إلخ.
قطاع الطاقة العربي على جانبَي الإنتاج والاستهلاك، يمثل أكبر القطاعات المساهمة في انبعاثات الغازات الدفيئة في المنطقة، خاصة غاز ثاني أكسيد الكربون، حيث تشارك العمليات الإنتاجية للطاقة في 34% من انبعاثات غازات الدفيئة، وعلى ذلك فهناك ضرورة لإيلاء أولوية لبرامج التخفيف من التغير المناخي في قطاع الطاقة، ليس لمجابهة التغير المناخي فحسب، بل لرفع كفاءة عمليات إنتاج واستهلاك الطاقة وتنويع مصادرها، وذلك بما يحافظ على الموارد الطبيعية المتاحة لدول المنطقة وتحقيق اقتصادات إنتاج واستهلاك، فضلًا عن الحفاظ على البيئة والصحة العامة، فعلى مستوى الطلب، فإن إجراءات تحسين كفاءة الطاقة في أكثر القطاعات استهلاكًا، مثل: الصناعة والنقل والقطاعات التجارية، تتضمن أنظمة الإنارة ذات الفاعلية وتحسين كفاءة التبريد وتطوير كفاءة الاحتراق واستعادة الحرارة الضائعة والكثير من الإجراءات الأخرى. وهذه الإجراءات تتضمن تحسين كفاءة الطاقة في الاقتصاد بشكل عام وتنويع مصادر واستخدامات الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري وتشجيع استخدام بدائل الطاقة المتجددة[28]، ومن الأمثلة المحددة في العالم العربي، استخدامات طاقة الرياح على المستوى التجاري في مصر، واستعمال الطاقة الشمسية على نطاق واسع لتسخين المياه في فلسطين وتونس والمغرب، واعتماد الغاز الطبيعي المضغوط كوقود لوسائل النقل ومشاريع الطاقة الشمسية المركزة في الإمارات وتونس والمغرب والجزائر، وإنشاء أول مجلسين عربيين للأبنية الخضراء في دولة الإمارات، وإنشاء المدينة الأولى الخالية تمامًا من الكربون في أبوظبي، والمشروع الرائد لاحتجاز الكربون وتخزينه في الجزائر، واعتماد إعفاءات من الرسوم والضرائب في الأردن لتشجيع استعمال السيارات الهجينة، وفي تطور واعد بشكل خاص، اختارت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة IRENA ، التي تم تأسيسها حديثًا، مدينة مصدر في أبوظبي مقرًّا لها[29].
هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها أن يتجاوب قطاع السياحة العربي مع تغير المناخ؛ نظرًا لأنه في كثير من الحالات يضيف قيمة إلى الحاجة لتحسين الكفاءة في استخدام الطاقة والمياه، أو لإعادة النظر في تسويق الأماكن السياحية، وهذه تمثل تعديلات مفيدة حتى من دون الزخم الإضافي لتغيّر المناخ، فعلى سبيل المثال، تمثل السياحة الخضراء، التي تستند إلى الأنشطة والبنى التحتية للطاقة والمياه ذات الكفاءة، فرصة هائلة في هذا الصدد، وبالمثل، فإن بعضًا من الأشكال الجديدة للسياحة، مثل الطب والسياحة العلاجية، تشهد توسعًا حاليًّا وتتسم بالقدرة على مجابهة تأثيرات تغير المناخ، علاوة على ذلك، فإنها تحقق فوائد إضافية للدولة المضيفة عن طريق تحسين الخدمات الطبية والخدمات ذات الصلة.
تهدف السياسات والإجراءات التي تم تطويرها من قبل الدول العربية، إلى إنشاء أنظمة نقل مستدامة، وهي تتضمن تطوير خطط شمولية للنقل على الطرقات وأنظمة جديدة لإدارة الاختناقات المرورية في المدن؛ لتقليل الوقت المهدور وتحسين البنية التحتية، وتتضمن الإجراءات التكنولوجية إدخال بدائل للوقود أقل احتواء على الكربون، مثل السيارات العاملة على الغاز الطبيعي المضغوط والغاز المسال، وإدخال مواصفات للانبعاثات من المركبات ومواصفات اقتصادية للوقود والتحول من استخدام زيت الديزل إلى استخدام الكهرباء على مسارات القطارات. كما ساعد نظام القطارات تحت الأرض في القاهرة ودبي، على سبيل المثال، في تخفيف ملحوظ للاختناقات المرورية.
قطاع النفايات
تسعى الدول العربية لتنسيق طلب الدعم المادي والفني المتاح في الاتفاقيات البيئية الدولية الخاصة بالموارد والنفايات الخطرة، وتأييد مطلب الكويت في استضافة المركز الإقليمي للمنطقة العربية لاتفاقية ستوكهولم، وكذلك مطلب المغرب في استضافة المركز الإقليمي لأفريقيا للاتفاقية، وتعمل الدول العربية حاليًّا على اتخاذ إجراءات مشتركة لبناء القدرات وتنمية الموارد البشرية لإعداد وتنفيذ خطط العمل الوطنية، كما انضمت معظم الدول العربية إلى اتفاقية روتردام بشأن إجراءات الموافقة المسبَقَة في التعامل مع بعض الكيماويات ومبيدات الآفات الخطرة المتداولة في التجارة الدولية، ويتم حاليًّا إنشاء وحدات للتنسيق وعمل قواعد البيانات الوطنية للمواد الكيماوية، والمشاركة في أنشطة النظام العالمي الموحد والمنسق لتداول المواد الكيماوية على المستوى الدولي [30].
يعدّ القطاع الصناعي من أكثر القطاعات استهلاكًا للطاقة في العالم العربي وتعتمد معظم الدول العربية، وخاصة تلك الغنية بالموارد الهيدروكربونية (النفط والغاز) بشكل رئيسي، على هذه الموارد لتزويد الطاقة لصناعتها، حيث ازدهرت الصناعات ذات الكثافة الطاقوية العالية، مثل مصافي البترول واستخراج المعادن والكيماويات والبتروكيماويات في الدول المنتجة للنفط، حيث أثبتت بعض أنواع التكنولوجيا أنها تعدّ مناسبة عالميًّا من الناحية الفنية والاقتصادية من أجل تحسين كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي. هذه التكنولوجيا تتضمن ضبط العمليات الصناعية واستعادة الحرارة الضائعة وتحسين كفاءة الحرق وأنظمة إدارة الطاقة والدورة المركبة للطاقة والحرارة والإنارة ذات الكفاءة العالية، وغيرها الكثير، وقد تبنّت دول عربية عدة بنجاح برامج لتحسين كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي، ومنها بناء القدرات الوطنية في تنفيذ ومراجعة حسابات الطاقة وتكنولوجيا كفاءة الطاقة.
وهكذا تبنّت الدول العربية، وبدرجات متفاوتة، سياسات واستراتيجيات وبرامج طموحة لتنمية قطاع البيئة ومكافحة التلوث، كما أنشأت برامج ومراكز بحوث متخصصة، مثل لجنة شؤون البيئة بالجامعة العربية، والمنظمة الإقليمية لحماية البيئة ومقرها الكويت، ومركز 2030 للطوارئ لتبادل المعلومات التابع لها ومقره البحرين.
كما أعدّ مجلس وزراء البيئة العرب أوراق معلومات أساسية للمفاوضات بشأن الاتفاقيات البيئية الدولية، وقام بدور نشط في هذه المفاوضات، ولاسيما فيما يتعلق بتغيّر المناخ، واعتمدت جامعة الدول العربية إطارًا استراتيجيًّا إقليميًّا للتنمية المستدامة، بالإضافة إلى استراتيجيات إقليمية بشأن المياه والزراعة وتغيّر المناخ وغيرها كما سبق تفصيله. كما شهدت المنطقة تقدمًا في اعتماد سياسات الطاقة المستدامة، مثل أهداف وخطط عمل الطاقة وقوانين المباني الخضراء وسياسات الطاقة المتجددة[31].
وبما أن المنطقة العربية هي من أكثر المناطق تأثرًا بآثار تغيّر المناخ اقتصاديًّا وبيئيًّا، فإن التزام البلدان العربية بمواجهة تغيّر المناخ على الصعيد الدولي، التي بلغت ذروتها في اتفاق باريس، كان واضحًا، فقد وقّع الاتفاقية جميع أعضاء جامعة الدول العربية، البالغ عددهم 22 عضوًا، باستثناء سوريا، وصدَّق عليها 14 بلدًا، وقدّم 13 بلدًا مساهماته في مجال اقتراح سياسات مواجهة التغيّرات المناخية[32].
التحديات التي تواجه الدول العربية في سياستها لمواجهة التغيرات المناخية
برغم التزام البلدان العربية بعملية مواجهة التغيرات المناخية، فإن النهج الإقليمي للتصدي للتغير المناخي لم ينجح بشكل كامل؛ بسبب عدم وجود التزامات سياسية بالتعاون الإقليمي، فقد أدت هشاشة اقتصادات الدول العربية إلى عرقلة العديد من المشاريع التنموية في المنطقة، حيث غالبية الدول ليس لديها برامج جادة للتنمية الريفية أو تنمية الرعاة الرُّحَّل والمراعي وتطوير المزارعين وتمكينهم، بالإضافة إلى عدم وجود برامج مدروسة لدرء الكوارث ورعاية النازحين واللاجئين، كما أن عدم دمج الشواغل البيئية في خطط التنمية الوطنية الرئيسية، التي على رأسها استراتيجيات الحد من الفقر، أدى إلى عرقلة الإدارة البيئية الفعالة في الدول العربية، ما أدى إلى عرقلة تدابير التكيف مع تغير المناخ في مجالات عدة، مثل: موارد المياه، والأمن الغذائي، وأمن الطاقة، وإدارة الموارد الساحلية والبحرية[33].
أضف إلى ذلك، ضعف منظمات المجتمع المدني المحلية، مثل: النقابات والجمعيات ووسائل الإعلام والجامعات والقطاع الخاص، التي قد يكون لها تأثير على المستويين: الإقليمي، وشبه الإقليمي في توجيه صانع القرار العربي لانتهاج سياسات بيئية فعالة تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
كما أنه في غالبية الدول العربية لا توجد كيانات علمية عربية متخصصة في قضايا بيئية محددة تهم الوطن العربي، وما زالت جهود البحث والدراسة في شؤون البيئة مبعثرة في عدد محدود من الأقطار العربية[34].
يضاف إلى ذلك، أنه ومن أجل التقليل من غازات الدفيئة، فإن ذلك يتطلب تفعيل التبادل التكنولوجي دون الإضرار بعملية التنمية الاقتصادية، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تفعيل الاتفاقيات بين الجامعات ومراكز البحث الدولية والمحلية من أجل الحصول على التكنولوجيا الحديثة، وخاصة في مجال الطاقات المتجددة الذي يعتبر مجالًا خصبًا يستحق التطوير.
وعلى مستوى القطاع الخاص، فإن الدول العربية مدعوة لاتخاذ إجراءات فعالة لدعم الشراكة مع القطاع الخاص وتعزيز مشاركته في وضع السياسات والاستراتيجيات البيئية وخلق المناخ المناسب لتحفيز الاستثمار في مشروعات الإنتاج الأنظف واستحداث الآليات الاقتصادية المناسبة لدعم الالتزام البيئي للصناعات الصغيرة والمتوسطة، والعمل على توحيد المعايير والمواصفات البيئية بين الدول العربية.
كما يشكل عدم وجود أموال مخصصة متوافرة أحد التحديات الرئيسية للحد من مخاطر الكوارث، حيث لا تتضمن الميزانيات الوطنية في غالبية الدول العربية مخصصات للحد من مخاطر الكوارث، حيث تعاني الحكومات في المنطقة قيود الميزانية، ولاسيما في البلدان ذات الدخل المنخفض؛ بسبب الحالة المالية المتدنية للغاية.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه المنطقة العربية بعض التحديات الناتجة عن عمليات التصنيع والنمو السكاني والزيادة في استخدام وسائل النقل الخاصة في المجتمعات الغنية؛ بسبب ضعف وسائل النقل العام وقِدَم المركبات في بعض البلدان، كما زاد استهلاك الطاقة نتيجة النمو السكاني والاقتصادي والتنمية الصناعية وارتفاع مستوى المعيشة والتوسع الحضري، مع عدم كفاية توليد الطاقة النظيفة أو استخدام مواد بناء مستدامة محليًّا وبيئيًّا. بالإضافة إلى ذلك يفتقر عدد من الدول العربية إلى وجود نظام متكامل لجمع النفايات الصلبة من مياه الصرف الصحي ومعالجتها والتخلص الآمن منها، ما أدى إلى مشاكل صحية وبيئية.
حلول وآليات مقترحة لمواجهة التغيرات المناخية
لمواجهة مخاطر ظاهرة التغير المناخي هناك بعض الحلول المقترحة وهي كالآتي:
تطوير تعاون دولي من أجل تحسين الحصول على خدمات الطاقة الحديثة.
تقليل معدل الزيادة في انبعاثات الكربون في الدول العربية من خلال تعزيز إصلاحات قطاع الطاقة بدعم التمويل ونقل التقنية.
دمج تمويل الكربون على أساس مشاريعي من خلال آلية التنمية النظيفة وغيرها من البنود المرنة الأخرى في اتفاقية كيوتو ضمن استراتيجيات برنامجية وقطاعية ووطنية لدعم التحول إلى إنتاج منخفض الكربون.
توفير التمويل الكبير للتعاون العربي بشأن الفحم مع ابتكار محفزات لتطوير ونشر تقنية الدورة الموحدة المتكاملة للتحول الغازي وأسر الكربون وحجزه.
تعزيز القدرة على تقييم مخاطر تغير المناخ ودمج التكيف في كل جوانب التخطيط القومي.
استكشاف عدد من خيارات التمويل المبتكرة المختلفة من مساعدات التنمية لتعبئة الدعم للتكيف، بما في ذلك فرض الضرائب على الكربون ورسوم الحصص الصادرة طبقًا لبرامج الحصص المتبادلة وضرائب النقل الجوي والإجراءات الأوسع.
وضع استراتيجية محكمة لإدارة المياه؛ نظرًا للتحديات المرتقبة التي يطرحها هذا الموضوع من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية.
التوجه نحو تنويع الشراكات التقنية في مجال التعاون البيئي والمناخي والاستفادة من الخبرة الأجنبية وكذلك خلق شراكات مع الدول الأخرى في مجال مكافحة آثار التغيرات المناخية.
إقامة شبكات لتبادل ورصد المعلومات البيئية والمناخية مع الدول الأخرى.
تيسير الوصول إلى المعلومات والبيانات الموثقة المتعلقة بتغير المناخ وإتاحتها ونشرها علنًا ولعامة الناس، فمن دون توافر البيانات الموثوق بها حول درجات الحرارة ومستويات هطول الأمطار، يصعب تقييم الوضع المناخي الحالي، ويتعذر التنبؤ بالأحوال الجوية ووضع التوقعات المناخية.
وضع إطار عمل مؤسسي للتكيف، حيث إنه من شأن الشروط الأساسية للتنمية الفعلية، مثل تطبيق سيادة القانون والشفافية والمساءلة وتقديم الخدمات العامة التي يمكن الاعتماد عليها، والتي توافق معايير الجودة العالمية التي تساعد على تحقيق التنمية الفعالة وتطبيق إجراءات التكيف. بالإضافة إلى ذلك، فإن التكيف مع تغير المناخ يتطلب سياسات وبنى مناخية ذكية جديدة ومحدثة من خلال المراجعة الدورية لها على جميع المستويات تتسم بذكائها في التعامل مع المناخ وتوجيهه.
التخطيط السليم للتكيف والتعاون القوي بين الجهات الحكومية وغير الحكومية، مع توفير الموارد المالية الكافية لبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ.
تمويل المشاريع الصديقة للمناخ التي تحقق خفضًا حقيقيًّا في انبعاثات غازات الدفيئة، مثل مشاريع الطاقة المتجددة ومشاريع كفاءة استخدام الطاقة.
ترشيد استهلاك الطاقة الأحفورية الأصل وغير المتجددة والتوفير في استخدامها والتحول المدروس والمنظم إلى الطاقة المتجددة.
وضع سياسة عامة متكاملة لإدارة وتنمية المناطق الساحلية، أخذًا في الاعتبار احتمال ارتفاع سطح البحر مع مراقبة تنفيذ هذه السياسة بالرصد المستمر، وليكن بطرق الاستشعار عن البعد مثلًا، على أن تتوافر السبل التنفيذية لتعدل المسار في حالة وجود أخطاء.
تشجيع البحوث العلمية والتكنولوجية في جميع القضايا المرتبطة بتغير المناخ ووضع خطط محددة وتمويل واضح.
إصدار قوانين وطنية في ضوء قرارات اتفاقية باريس للمناخ حتى يلتزم بها كل من القطاعين العام والخاص في أعمال التخفيف والتكيف.
العمل على تفعيل تقارير التغيرات المناخية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة؛ بهدف تكوين منظمات وطنية في كل دولة وتأهيلها في مجال مراقبة غازات الدفيئة واستخدام التقنية النظيفة وتقليل الانبعاثات الضارة.
زيادة مستوى الوعي البيئي لدى شرائح المجتمع المختلفة، بما يمكّن من خلق أجيال تسهم بفاعلية في حماية البيئة والمحافظة عليها.
تقديم الدعم إلى منظمات المجتمع المدني من قبل الحكومات وصناع القرار للتصدي لتغير المناخ، وسيساعد ذلك على زيادة مستوى الوعي البيئي في الدول العربية وسيسمح للمجتمع المدني في المنطقة بالقيام بدور رائد في العمل المناخي.
ضرورة مشاركة مراكز الفكر العربي بشكل تعاوني في البحث عن كيفية استفادة المنطقة العربية من استضافة قمة المناخ الثامنة والعشرين (كوب 28)، سواء من حيث زيادة الوعي، أو وضع خطط تخدم أجندة البلدان الأكثر ضعفًا[35].
نحو تفعيل حوكمة مكافحة التغير المناخي
على المستوى الإقليمي
تعدّ جامعة الدول العربية المنظمة الرئيسية المعنية بحوكمة تغيّر المناخ في العالم العربي على المستوى السياسي، ومن بين الوكالات التابعة للأمم المتحدة، فإن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “الإسكوا” هي إلى حد بعيد أنشط المؤسسات في هذا الصدد وتقدم الدعم للدول العربية في قضية مكافحة التغيرات المناخية[36].
وقد كان مجلس وزراء البيئة العرب التابع لجامعة الدول العربية هو المسؤول عن شؤون البيئة لفترة طويلة وكان بمنزلة الملتقى الرئيسي لمناقشة السياسات رفيعة المستوى في هذا الشأن، ويتولى المجلس تنسيق كل الموضوعات المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة، في حين أن مجلس الوزراء العرب المعنيين بشؤون الأرصاد الجوية والمناخ، يختص بالموضوعات المتعلقة بالأرصاد الجوية وتغيّر المناخ[37].
فيما يخص منظمة الأمم المتحدة، تنهض لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “الإسكوا” بدور نشط في تنسيق أنشطة المناخ والتنمية المستدامة بين وكالات الأمم المتحدة وأعضائها في المنطقة العربية، وذلك بالتعاون الوثيق مع مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة والجهات التابعة لها وغيرها من مجالس الوزراء المعنية في جامعة الدول العربية[38]. وتشمل أهم منتدياتها للحوكمة في هذا الشأن المنتدى العربي للتنمية المستدامة، وهذا المنتدى عبارة عن ملتقى إقليمي سنوي رفيع المستوى للتنسيق بشأن وسائل التنفيذ والمتابعة والمراجعة لخطة التنمية المستدامة 2023 بين مختلف الأطراف المعنية[39]، ولجنة الإسكوا هي أيضًا أنشط مؤسسة إقليمية في بناء المعرفة والقدرات بين الدول العربية الـ 22 في مجالات عدة.
وفي عام 2015 وافقت الدورة الوزارية للجنة الإسكوا على إنشاء مركز عربي لسياسات تغيّر المناخ فيها لتجميع جميع الأعمال التي تنفذها اللجنة في هذا الصدد تحت مظلة واحدة، ولا يحصل المركز على مخصصات من الميزانية الأساسية، ولكن اعتبارًا من منتصف عام 2019 كانت لجنة الإسكوا تتواصل مع بعض الجهات المانحة لتوسيع أنشطتها وقدراتها في مجالات مختلفة، منها: محور الهجرة، والنوع الاجتماعي، ومخاطر كوراث المناخ[40].
على المستوى الوطني
حوكمة تغيّر المناخ في مختلف المناطق الفرعية بالدول العربية ضعيفة بصفة عامة، وتمثل في العديد من الحالات انعكاسًا لضعف أُطر الحوكمة عامة، ولكن لمجلس التعاون لدول الخليج العربية لوائح عامة بشأن البيئة، والتي تقدم إطار عمل من القواعد واللوائح العامة للاسترشاد بها في حماية البيئة بما يتوافق مع استراتيجيات النمو الاقتصادي والصناعي للدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية[41].
ولا يُعرَف في شمال أفريقيا أن اتحاد المغرب العربي يمارس نشاطًا في مجال التعاون في تغير المناخ ، كما أنه لا يوجد في المشرق والقرن الأفريقي منظمات إقليمية، ما أدى إلى غياب واضح لجهات أو مبادرات تغيّر المناخ على الصعيد الإقليمي في هذه الأجزاء من المنطقة العربية، وقد تشترك منظمة البحر الأحمر وخليج عدن، والمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية[42] وهما المنظمتان الرئيسيتان المعنيتان بالحماية على المستوى الإقليمي، ويتمحور نشاطهما حول دور مسطحات المياه في تغير المناخ، وقد كان لديهما برنامج للتكيف مع تغيّر المناخ وفرقة عمل إقليمية حول أبعاد تغيّر المناخ.
على مستوى التعاون بين الدول العربية ودول الجوار الإقليمي
دخلت الدول العربية أيضًا في علاقات شراكة تتخطى حدود دول المنطقة العربية حول قضية التغير المناخي، وأبرز هذه المنظمات: منظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد من أجل المتوسط، واتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط، وقد وافقت منظمة التعاون الإسلامي على العديد من خطط واستراتيجيات العمل المتعلقة بتمويل برامج المناخ والطاقة المستدامة ومخاطر الكوارث وآثار تغيّر المناخ، وأصدرت المنظمة مؤخرًا خطتَي عمل تشيران إلى تغير المناخ، وهما: برنامج العمل لمنظمة التعاون الإسلامي 2025 الذي صدر في عام 2016 ويتضمن البيئة وتغير المناخ والاستدامة كأحد المجالات ذات الأولوية في المجالات الثمانية عشر له[43]، وخطة العلوم والتكنولوجيا والابتكار لمنظمة التعاون الإسلامي في عام 2026 التي نشرت في عام 2017، وتتضمن توصية بإنشاء مجموعة استشارية من الدول الأعضاء لإعداد خطة عمل تفصيلية لتغيّر المناخ بما يتوافق مع ما ورد في اتفاقية باريس[44].
كما اعتمدت الدورة الوزارية الثامنة، التي عقدت برئاسة كل من الأمانة العامة للمنظمة والإيسيسكو، في 2/3 أكتوبر 2019، والتي عقدت في الرباط بالمملكة المغربية، عددًا من المقترحات من أجل تعزيز التعاون فيما بين البلدان الإسلامية، والتي تشمل اعتماد استراتيجيات من أجل الإشراك الفعال لجميع الجهات المعنية، بما في ذلك العلماء، ولاسيما الشباب، في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة[45].
وفي منطقة البحر المتوسط، يشمل نظام خطة العمل للبحر المتوسط برنامج الأمم المتحدة للبيئة في إطار اتفاقية برشلونة كإطار عمل إقليمي للتكيف مع تغيّر المناخ في البيئة البحرية والساحلية للبحر المتوسط الذي صدر في عام 1976 ويتضمن تصورًا منظَّمًا لتسهيل تحديد الأهداف الاستراتيجية والأولويات للتكيف مع آثار تغيّر المناخ[46].
وتتركز المجالات الرئيسية للدول العربية لحوكمة المناخ والتعاون حول مجالات رئيسية، أهمها: تنسيق السياسات، وإجراء البحوث، وتبادل المعرفة والمعلومات، بالإضافة إلى المساعدات الفنية وبناء القدرات، وحشد الدول والمنظمات لتمويل أعمال مكافحة مخاطر التغير المناخي.
الخاتمة
وهكذا، فإن العمل المناخي العربي يتطلب استثمارات مالية كبيرة من قبل الحكومات والشركات ومنظمات المجتمع المدني، لكن التقاعس عن العمل المناخي في المنطقة العربية قد يكلف ثمنًا باهظًا. وتتمثل إحدى الخطوات الهامة في وفاء البلدان الصناعية بالتزامها بتقديم 100 مليار دولار سنويًّا إلى البلدان النامية حتى تتمكن من التكيف والتحرك نحو اقتصادات أكثر اخضرارًا. وهو ما ذهب إليه مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP27. كذلك اتفاقية باريس، سبقت الإشارة إليهما، من خلال اقتراح إنشاء صندوق خاص بذلك، وإن كان التعويل على المؤتمر التالي، المقرر انعقاده في دولة الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر عام 2023؛ لتفعيل ذلك الصندوق وجعله حقيقة واقعة.
وفي ذلك، فإنه من الأهمية بمكان اتخاذ مجموعة من الإجراءات من أجل تحقيق منافع اقتصادية بما لا يتعارض مع إجراءات حماية البيئة، ولا بد من الحرص على ثلاثة أهداف وهي: خفض الانبعاثات، والتكيف مع تأثيرات المناخ، وتمويل التعديلات اللازمة. فالتكيف مع العواقب المناخية يحمي الناس والمنازل والشركات وسبل العيش والبنية التحتية والنظم البيئية الطبيعية، كما يشمل التأثيرات الحالية التي يُحتمَل أن تحدث في المستقبل. ومن الأهمية بمكان أن يتم التكيف في مناطق العالم وليس في منطقة دون أخرى، كما يجب إعطاء الأولوية الآن للدول والكيانات الأكثر ضعفًا، التي ليس لديها الموارد الكافية لمواجهة مخاطر تغيّر المناخ، فعلى سبيل المثال، فإن أنظمة الإنذار المبكر للكوارث تنقذ الأرواح والممتلكات، وقد تمكّن من تحقيق فوائد تصل إلى عشرة أضعاف التكلفة الأولية.
لذا ينبغي أن تشمل الحلول مراعاة البعد الاجتماعي والتركيز على الأضرار التي لحقت به من جراء التغيرات المناخية وتقديم حلول ملائمة تراعي مقدار الضرر وتحمي من تكرار حدوثه، فخسارة الإنسان وفقدانه لهما تكلفة باهظة في عمليات التنمية المستدامة التي تسعى في الأساس من أجل الحفاظ عليه وحمايته من المخاطر والكوارث التي تهدده.
المراجع
[1] https://www.reuters.com/markets/europe/world-poverty-rise-climate-change-hits-food-supplies-un-panel-2022-02-28/
[2] انظر في ذلك https://www.enabbaladi.net/archives/561074
[3] زينب شكر، في قلب العاصفة: التدهور البيئي وتغير المناخ والنزوح في العراق (أبوظبي: مركز الإمارات للسياسات) بتاريخ 24 مايو 2023 https://epc.ae/ar/details/featured/fi-qalb-alasifa-altadahwur-albiyiy-wataghayur-almunakhi-walnuzuh-fi-aleiraq
[4] Jane Arraf: Conflict and Climate Change Ravage Syria’s Agricultural Heartland، 19TH. 2022 https://www.nytimes.com/2022/02/19/world/middleeast/syria-drought-climate-food.html
[5] تقرير صادر عن البنك الدولي للإنشاء والتعمير بتاريخ 30/11/2015 https://blogs.worldbank.org/ar/arabvoices/why-cop21-important-middle-east-and-north-africa-region
[6] لمزيد من المعلومات، انظر الرابط التالي: https://www.bu.edu/remotesensing/research/marine/
[7] Christoph Duenwald & others: Feeling the heat .. Adapting to climate change in the Middle East and central Asia, Washington, international Monetary Fund , March 2022, P. 9
[8] تقرير في حلقة من برنامج (للقصة بقية) عن التغير المناخي في الوطن العربي، بتاريخ 5 ديسمبر 2022 على الرابط: https://www.aljazeera.net/science/2022/12/5/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE%D9%8A-2
[9] Christoph Duenwald & others: Feeling the heat .. Adapting to climate change in the Middle East and central Asia, Washington, international Monetary Fund , March 2022, P. 6
[10] انظر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) https://www.ipcc.ch/languages-2/arabic/
[11] د. هند فؤاد، التغيرات المناخية وآثارها على الحقوق الاجتماعية للفـئات الأكثر تضررًا، القاهرة، الهيئة العامة للاستعلامات، دراسات في حقوق الإنسان https://hrightsstudies.sis.gov.eg/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%81%D9%80%D8%A6%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D8%AA%D8%B6%D8%B1%D8%B1-%D8%A7/
[12] تقرير المنظمة على الرابط التالي: https://www.greenpeace.org/international/story/56469/middle-east-north-africa-mena-faces-extreme-climate-change-threat/
[13] https://www.imf.org/ar/Blogs/Articles/2022/03/30/blog-without-adaptation-middle-east-and-central-asia-face-crippling-climate-losses
[14] أشرف صالح إبراهيم: التغيرات المناخية وآثارها على البلاد العربية.. كيفية الحد منها، آراء حول الخليج، بتاريخ 1 مارس 2012 https://araa.sa/index.php?view=article&id=282:2014-06-15-12-27-51&Itemid=302&option=com_content
[15] م. صابر عثمان: تأثير التغيرات المناخية على مصر وآليات المواجهة، القاهرة، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بتاريخ 17 نوفمبر 2022 https://acpss.ahram.org.eg/News/17667.aspx
[16] م. صابر عثمان، مرجع سبق ذكره https://acpss.ahram.org.eg/News/17667.aspx#
[17] د. أمير عبدالله (محرر) دليل ميداني للمرجان الصلب في الساحل الجنوبي لدولة اليمن (سويسرا جلاند) 2014 ص 42: 56.
[18] كرم سعيد: تأثيرات التغير المناخي في اقتصادات الدول، مجلة السياسة الدولية، بتاريخ 8 نوفمبر 2022، على الرابط: http://www.siyassa.org.eg/News/18411.aspx
[19] المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية: التغيرات المناخية.. التحديات والمواجهة، بتاريخ 15 نوفمبر 2021، على الرابط: https://draya-eg.org/2021/11/15/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87/
[20] ROB JORDAN,Stanford-led research underscores pollution’s impact on child health: 21th. Oct. 2021 https://woods.stanford.edu/news/stanford-led-research-underscores-pollution-s-impact-child-health
وأيضًا https://grist.org/article/study-climate-change-makes-rich-countries-richer-and-poor-ones-poorer/
[21] لمزيد من التفصيل، انظر: الاستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة (2010-2030) القطاع الاقتصادي- إدارة الطاقة – أمانة المجلس الوزاري العربي للكهرباء 22/1/2013.
[22] تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي اسيا ( الإسكوا ) الدورة التاسعة والعشرون ، الدوحة 13-15 ديسمبر 2016 من ص 19 الى 11.
[23] انظر الرابط التالي http://afedmag.com/web/ala3dadAlSabiaSections-details.aspx?id=640&issue=&type=4&cat=
[24] لمزيد من الأمثلة على التعاون الإقليمي العربي والدولي، انظر: مبادرة التعاون الإقليمي للصمود في وجه تغير المناخ، وهي مبادرة صادرة عن المبادرة الإقليمية لتقييم أثر تغير المناخ على الموارد المائية وقابلية تأثر القطاعات الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة العربية عام 2009، على الرابط: https://www.unescwa.org/ar/climate-resilience
[25] انظر نص اتفاقية باريس للمناخ على الرابط التالي: https://unfccc.int/process-and-meetings/the-paris-agreement
[26] شهد أحمد: الدول العربية في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي: أبرز المفاوضات والتوصيات (مجلة آفاق المناخ، العدد الأول – نوفمبر 2022، ص ص 229: 235. https://idsc.gov.eg/COP-27/pdf/research-offers/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B7%D8%A7%D8%B1%20%D9%8A%D8%A9.pdf
[27] تصريح للسفيرة شهيرة وهبي، رئيسة قسم استدامة الموارد الطبيعية والشراكات والحد من مخاطر الكوارث بجامعة الدول العربية، https://news.un.org/ar/story/2023/03/1119197
[28] الاستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة 2010-2030، القطاع الاقتصادي – إدارة الطاقة – أمانة المجلس الوزاري العربي للكهرباء.
[29] ريمة بن عياش، الزهرة نوار: أثر التغيرات المناخية على اقتصاديات الدول العربية، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في العلوم الاقتصادية (الجزائر، جامعة محمد الصدق بن يحيي) عام 2019 ص ص 112: 118.
[30] ريمة بن عياش، الزهرة نوار، مرجع سابق ذكره، ص 116.
[31] لمزيد من التفصيل انظر: اللجنة المشتركة للبيئة والتنمية في الوطن العربي: مشروع جدول أعمال اللجنة المشتركة للبيئة والتنمية في الوطن العربي في دورتها الثالثة عشرة، أكتوبر/ نوفمبر 2010، 2011، 2012، 2013، 2014.
[32] انظر نص اتفاقية باريس للمناخ على الرابط التالي: https://unfccc.int/process-and-meetings/the-paris-agreement
[33] د. هند فؤاد: مرجع سابق ذكره https://hrightsstudies.sis.gov.eg/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%81%D9%80%D8%A6%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D8%AA%D8%B6%D8%B1%D8%B1-%D8%A7/
[34] أشرف صالح إبراهيم: مرجع سبق ذكره https://araa.sa/index.php?view=article&id=282:2014-06-15-12-27-51&Itemid=302&option=com_content
[35] شهد أحمد: مرجع سابق ذكره، ص ص 336 – 338.
[36] تقرير وقرارات مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة في دورته الـ (22) مقر الأمانة العامة للجماعة 19-20/12/2010 – الأمانة العامة – قطاع الشؤون الاقتصادية – إدارة البيئة والإسكان والتنمية المستدامة.
[37] النظام الأساسي لمجلس الوزراء العربي المسؤولين عن شؤون البيئة، الأمانة العامة – الشؤون الاقتصادية، إدارة البيئة والسكان والتنمية المستدامة 22/9/1987.
[38] انظر التعريف بالإسكوا من خلال الرابط https://www.unescwa.org/ar/about
[39] انظر https://www.unescwa.org/ar/events/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-2023
[40] انظر المركز العربي لسياسات تغير المناخ https://www.unescwa.org/ar/acccp
[41] لمزيد من التفاصيل، انظر موقع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على الرابط:
https://www.gcc-sg.org/ar-sa/CooperationAndAchievements/Achievements/CooperationinthefieldofHumanandEnvironmentAffairs/Pages/EnvironmentalCooperation.aspx
[42] انظر https://www.gov.il/ar/departments/guides/barcelona_convention_mediterranean_marine_and_coast
[43] انظر https://www.oic-oci.org/page/?p_id=304&p_ref=106&lan=ar
[44] انظر https://www.comstech.org/oic-sti-agenda-2026-3/?lang=ar
[45] انظر كلمة الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في https://www.oic-oci.org/topic/?t_id=22234&ref=12955&lan=ar
[46] حلايمية مريم: الحماية القانونية لبيئة البحر الأبيض المتوسط من التلوث في ضوء أحكام اتفاقية برشلونة لعام 1976 وبرتوكولاتها (مجلة الفكر القانوني والسياسي – العدد الثالث، مجلة دورية تصدر عن كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة عمار ثليجي الأغواط) ص 125: ص 141.
#نحو #رؤية #عربية #لمواجهة #التغيرات #المناخية
تابعوا Tunisactus على Google News