نذير موسم سياحي آخر صعب يطل على تونس من قصر الجم
الجم (تونس) – تقف سائحتان وسط ساحة قصر الجم الأثري الضخم وحدهما بينما ترفرف الطيور تحت أقواسه الحجرية القديمة.. وتنبئ الساحة شبه الفارغة بموسم سياحي تونسي صعب آخر بسبب فيروس كورونا.
كانت السائحتان من البلغار الذين سافروا إلى تونس خلال الأسبوع المنقضي بعد تخفيف قواعد الحجر الصحي للرحلات الجماعية لإنقاذ بعض الإيرادات الأجنبية في موسم الذروة بالصيف.
وقبالة المدرج الخارجي للقصر الروماني الشامخ الذي يتوسط المدينة الصغيرة، تبدو محلات المنتجات السياحية كمن يموت ببطء كما هو الحال في جميع أنحاء تونس حيث يؤجل أصحابها خططهم ويبحث آخرون عن وظائف أخرى مثقلين بديون تراكمت بسبب هجر السياح.
من هؤلاء العروسي أوبي (42 عاما) الذي استثمر مدخراته في إنتاج زيت الزيتون من أجل كسب قوته بينما كان متجره للتحف مقفرا مهجورا. وأرجأ جاره نوفل زيد (43 عاما) زواجه بسبب نقص دخل مقهاه.
كان من المعتاد أن يستقبل القصر حوالي 1500 زائر يوميا، لكن عدد الزائرين يوميا بات لا يتعدى أصابع اليد الواحدة.
وقال وزير السياحة التونسي الحبيب عمار إن حوالي 3700 سائح وصلوا تونس وإن عدد الرحلات في مايو/أيار ستزيد إلى 80 رحلة، وتوقع أن يكون الموسم الحالي في الحد الأدنى بينما يأمل في انتعاش القطاع من العام المقبل حين تزيد معدلات التطعيم.
وتقول تاتيانا فاسيليفا، التي وصلت إلى تونس قبل يومين وانضمت إلى جولة سياحية منظمة في الجم، “لا يوجد سياح والشواطئ خالية. إنه أمر محزن جدا”.
وتسير حملة التلقيح المتعثرة ببطء شديد، معتمدة على مساعدات أجنبية ومشتريات قليلة، مما يبقي معدلات الإصابة مرتفعا بما لا يكفي لجذب أعداد كبيرة من الزوار مقارنة بالوجهات الأوروبية المنافسة.
وحتى الآن تلقى التطعيم 800 ألف فقط من سكان تونس البالغ عددهم 11.6 مليون نسمة.
وخُصصت لتونس 4.3 مليون جرعة لقاح من خلال برنامج كوفاكس لتوفير اللقاحات للدول الأكثر فقرا، وصل 670 ألف جرعة منها فقط. وتلقت تونس جرعات أخرى من خلال اتفاقيات منفصلة مع شركة فايزر ومن الصين وروسيا.
ويتطلع وزير السياحة إلى تطعيم العاملين في القطاع بسرعة لطمأنة الزوار. وقال “للأسف هناك مشكلة في مخزون اللقاحات لم تسمح بتنفيذ هذه الاستراتيجية”.
شواطئ مهجورة
يأتي معظم السياح إلى شواطئ تونس البيضاء الممتدة، لكن هناك أيضا مدنا رومانية مثيرة للاهتمام ومساجد من القرون الوسطى وواحات صحراوية جذابة.
ويمثل قطاع السياحة في تونس عادة حوالي عُشر الاقتصاد. وتسبب انهياره بعد أن هاجم متشددون شاطئا ومتحفا في 2015 في أزمة اقتصادية. لكن القطاع كان قد بدأ يتعافى بشكل واضح قبل أن يتفشى كوفيد-19.
وتوقع المسؤولون عددا قياسيا من الزوار في الصيف الماضي، لكن الإيرادات انخفضت بأكثر من النصف مع إغلاق أغلب الفنادق والمتاجر وفقد عشرات الآلاف لأعمالهم.
وقصر الجم الروماني الشهير هو أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو وبُني في أواخر القرن الثالث، وهو أحد أكبر مناطق جذب السياح في تونس وتظهر صوره على بطاقات بريدية وحتى على ورقة نقدية بقيمة 20 دينارا.
وأصبح القصر قبلة لعشاق الموسيقى السيمفونية من داخل تونس وخارجها حيث تقام في ساحاته حفلات لأبرز المجموعات والفنانين العالميين بحضور الآلاف سنويا.
تابعوا Tunisactus على Google News