- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

نصير شمة: الأحزاب التي تأتي باسم الدين تحمل معها ظلاما كبيرا وتطفئ كل شمعة ونور الوعي الثقافي يحمي الموهبة




حوار ــ أمجد مصطفى:


نشر في:
السبت 30 يوليه 2022 – 6:25 م
| آخر تحديث:
السبت 30 يوليه 2022 – 6:26 م

بيت العود فى مصر يمر بمرحلة ضعف قد تؤدى إلى إغلاقه
لو أصبح فى كل بيت عربى موسيقى لن تجد متطرفا فى وطننا
شعرت فى مصر بأننى بين أهلى.. نفس الملامح والعواطف والاهتمام
محمد صلاح أمامنا خير سفير للشباب العربى ووجوده فى قلب أوروبا ساهم فى تغيير صور الغرب عنا
الفنان العراقى عازف العود الشهير نصير شمة واحد من أهم الفنانين العرب الذين أثروا فى الحياة الفنية المصرية، جاء إلى مصر فى 1997 بنصيحة ورغبة ملحه من الدكتورة رتيبة الحفنى حاملا واحدا من أهم المشروعات الفنية العربية على الإطلاق ألا وهو بيت العود، فقدم للساحة مئات من العازفين المهرة الآن منتشرين فى أنحاء الوطن العربى بين عازف وأستاذ للعود.
عاش شمة فى مصر 17 عاما كان خلالها أحد مكونات الثقافة المصرية، اعتبرناه منا، وهو اعتبر نفسه مصريا خالصا مخلصا لمصر التى احتضنته ودعمته بكل الإمكانيات لكى ينفذ مشروعه. هو نفسه قال: عندما جئت إلى مصر لم أشعر بالغربة؛ لأننى وجدت أناسا تشبهنى ويشبهون أبناء وطنى العراق.. نصير توسع بمشروعه وذهب به إلى أغلب البقاع العربية، إلى الإمارات والعراق والسودان وقريبا فى الرياض،كما خرج به من عالمنا العربى إلى باريسو برلين.. فى حياة نصير شمة محطات مهمة جدا لمن لديهم أحلام فنية إلى الحوار الذى استعرضنا فيه تلك المحطات.

* فى البداية سألته كيف بدأت علاقة نصير شمة مع العود؟
ــ الشغف هو الذى يقود العلاقة بين الإنسان ورغباته، بين الانسان وطموحه، أو هواياته وتطلعاته أو احلام اليقظة، كلها مرتبطة بالشغف وقوته، كم مداه وهل يصمد 10 سنين، نحن الآن نرى مواهب فى كل المجالات ومنهم بيت العود وفجأة يختفون، لماذا. لأنه لا يملك الشغف الكافى للوصول إلى القمة.
اليوم فى هذه المرحلة من العمر أزعم أن الشغف هو الدليل الذى قادنى لتحقيق أحلامى ورغباتى فى أن أجعل من هذه الآلة محل احترام العالم، مدينتى ثم وطنى ثم العالم والإنسانية جمعاء، اليوم لا أستطيع أن أقول لك إننى كنت مخططا لمشوارى بنسبة مائة بالمائة، لكن هناك جزء كبير من المشوار كان مخططا، على قدر السعى تأتى النتائج، ربما أيضا الذى يحمى أى موهبة هو الوعى والثقافة، كم من فنان جيد ظهر واختفى، الذى خانه أما ثقافته أو أنه غير قادر على قيادة موهبته بشكل صحيح، وبالتالى دخل فى متاهات، نتيجة اختيارات خطأ، لذلك انتهى، ابحث عن الوعى والثقافة، فهى جزء اساسى فى تسيير دفة الموهبة، لأنها مثل أى مشروع ممكن تكبره جدا، وممكن تقضى عليه، وعلاقتى مع العود بدأت بهذا الشكل، أحلام وأنا فى سن خمس سنوات، فى سن 11 مسكت العود لأول مرة.
* أول لقاء بينك وبين العود؟
ــ كان هناك أستاذ عظيم اسمه رحمن قاسم زرته فى زيارتى الأخيرة لبغداد، دخل إلى المدرسة الابتدائية عندما كان العراق بخير، وكانت الموسيقى والفنون تدرس، والآن نحن نعمل على عودتها للمدارس، لأن الاحزاب التى تأتى باسم الدين تأتى بظلام كبير، عكس ما يقوله الدين فتطفئ كل شمعة ونور، ويولد جيل مشوه، نحن الآن فى هذه المرحلة، لكن قررنا عبر بيت العود ببغداد تغيير هذا، وبدأنا بأول خمس مداس.
أعود إلى الإجابة على سؤالك، دخل علينا معلم أنيق جدا، أبهرتنى تلك الصورة وعلاقته بآلته، مستقيم وطويل ولامع من شعره إلى حذائه، فورا علمت أن العلاقة بين الفن والجمال لا تتجزأ، حذرنا عندما دخل لأول مرة من الاقتراب من العود الخاص به لأنه آلة رقيقة جدا، لكننى لم أستطع أن أمسك نفسى وقلت بداخلى ما هذا الكائن، عندما عاد اكتشف أن العود تحرك من مكانه سأل من مسك العود، تبرع أحد الطلبة وأفصح عن اسمى، عاقبنى، ولكن هذا العقاب جعل عيونى تلمع بالدموع، وفى نفس العطلة الصيفية قررت أن أجد أستاذا، وكان الرد دائما أن جسمى صغير والآلة كبيرة، لذلك أول شىء صنعته فى بيت العود هو صناعة آلة عود صغيرة، تتلاءم مع الأطفال، أحلامى كانت أداتى لأشياء كثيرة، نافذتى التى أطل من خلالها على أشياء كثيرة، لم يكن حلمى أن أحافظ على التقليدية التى تتمتع بها هذه الآلة، أو أتبع كل العظماء الذين سبقونى فى العزف عليها، حلمى أن تعبر عنى وعنك كل الأجيال الجديدة والمرحلة التى أعيشها، لذلك تعرضت لأمور كثيرة أننى أريد أن أفعل تغييرات بالعود، لكن العود يوظف على حسب ما تملك من مشاعر وفكر ورؤية.
** هل لذلك هناك مدارس عود مختلفة؟
ــ بالطبع هذا التباين بين عازفى العود فى الحداثة والعراقة، جعل كل واحد له بصمته الخاصة كما يقول موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب.
** حدثنى هل وجدت مدرسا فى تلك العطلة وكيف بدأت معه؟
ــ ذهبت إلى أستاذ صاحب الناموس (الله يرحمه) وقلت له أنا شقيق قاسم شمة، فى البداية قال لى اعلمك اوكرديون أو هيرمونيكا على اعتبار انها من الآلات سهلة التعلم خلال العطلة الصيفيه، لكننى رفضت وقلت اريد عود، وأخى أرسلنى إليك لهذا السبب، بعد الإصرار علمنى بعد 3 شهور عملنا حفل تخرج كنا مجموعة أطفال، الكل يعزف آلات مختلفة إلا أنا العود، بدأت من هناك تسبقنى الأحلام.
** المرحلة التالية؟
ــ بدأت أدرس الموسيقى 6 سنوات، بمعهد الدراسات النغمية، على يد الأستاذ على الإمام ثم الراحل روح الخماش، هذا الفنان زامل الموسيقار الراحل محمد القصبجى، وهو لا يقل عنه، هو فلسطينى عاش بالعراق ومات بها، لكنه رمز كبير، كملحن وعازف وعالم بالموسيقى، ثم سالم عبدالكريم ايضا، آخر عامين، حاولت أن أبقى مخلصا لكل من سبقنى، وأيضا أستذكرهم بالخير لولا تلك الجسور المشيدة ما كنت أنا. انتهيت من مرحلة الدراسة عام 1986
* بعد الدراسة؟
ــ قمت بالتدريس فى المعهد؛ لأننى انتهيت من المنهج الذى يدرس فى 6 سنوات بعد عامين فقط، وووقتها لم يكن هناك نظام يمنحك الشهادة إلا بعد الست سنوات، فخلال تلك الفترة اشتغلت بالتدريس لمدة أربع سنوات، وكذلك توليت القسم الشرقى بمدرسة الموسيقى والباليه، وهذه المدرسة عريقة جدا، تدرس البرنامج التربوى صباحا، وبعد الظهر البرنامج الموسيقى، تخرج من هذه المدرسة عباقرة، ذهبوا إلى دراسة فى الطب والهندسة.. إلخ، فهى تمنحك شهادة الثانوية ثم فى المرحلة الجامعية تذهب لدراسة ما تشاء، لذلك تجد طبيبا كبيرا يعزف البيانو أو مهندسا مرموقا يلعب آلة أخرى مثل الكمان.
* بعد هذه المرحلة غادرت العراق؟
ــ فى أكتوبر 1993 غادرت العراق خاصة ان العراق كان قد دمر بسبب حرب الخليج الثانية، فذهبت إلى تونس، درست هناك كاستاذ للمعهد العالى للموسيقى طوال خمس سنوات.
* المجىء لمصر كيف كان؟
ــ ذهبت إلى منزل الأستاذ مختار رصاع مؤسس مهرجانات كثيرة، ومدير قرطاج ومهرجان المدينة لسنوات، وكان حفل إفطار رمضانى، بحضور الدكتورة رتيبة الحفنى، وكنت وقتها أستعد للسفر إلى لندن، وقام بعضهم يشكونى للدكتورة رتيبة لأننى قررت أن أترك تونس، فقالت إيه الحكاية، قلت لها لدى مشروع أريد أن أنفذه فى لندن، وهذا المشروع هو بيت العود، وإذا بها ترد قائلة لماذا تذهب مواهبنا إلى الغرب، تعالَ إلى مصر، قلت لها لم أفكر فى الموضوع، وقتها كان وقت انتشار الأغانى الشبابية الخفيفة، وحالة من الانحدار الفنى، وكنت أخشى من أن الجمهور يرفض التجربة، لكنها طلبت منى أن أجرب فى حفل، فى عام 1997، جئت لمصر وكان أول حفل بنقابة الصحفيين، حضر الأمسية حشد كبير، والحفل الثانى كان بدار الأوبرا ضمن مهرجان الموسيقى العربية فى نفس العام.
* ماذا كان وقع هذا الحفل عليك؟
ــ هذا الحفل كان ولادة جديدة لى، وقتها شعرت أننى فى زمن أم كلثوم، نفس الجمهور نفس الأناقة، نفس درجات الاستماع، شعرت أن أصابعى تحولت إلى حنجرة، رد فعل الجمهور على الجمل نفس الحرارة التى كنت أتمناها وكانت فى خيالى، وبناء على رد فعل الجمهور، ألغت دكتورة رتيبة تذاكر عودتى إلى تونس وقررت أن تمد فترة الاقامة، ومنحتنى ثلاث حفلات إضافية، بناء على طلب الجمهور، بعد الحفلات جاءت إلى وسألتنى إيه رأيك؟ قلت لها أنا مبهور.
وكان أفضل تعليق من أحد الجماهير الذى أكد لى أن آخر حفل حضره كان لأم كلثوم، وتلك كانت أبرز شهادة استمعت اليها، واعتبرتها وساما.
جمدت فكرة الانتقال إلى لندن، وخلال جلسة مع دكتورة رتيبة قلت لها نجرب لمدة سنة ونجح بيت العود فى مصر.
* ما الخطوات التى بدأت بها فى تأسيس بيت العود؟
ــ هناك شخصيات مفصلية فى التاريخ، دور الفنان فاروق حسنى والدكتورة رتيبة الحفنى لا يمكن تعويضه على الإطلاق، هى لم تكن مهتمة بى لأننى نصير، لكنها كانت مهتمة بوطنها مصر، كانت تريد التجربة لا تخرج عن بلدها، نفس الشىء فاروق حسنى عندما شاهدنى فى تونس. جئت لمصر وشعرت أننى بين أهلى نفس الملامح، نفس الوجوه، أول مرة جئت لمدة شهر للتأسيس، وللحقيقة كان أسرع تأسيس شاهدته، لم يستغرق أكثر من أسبوع، وصلت القاهرة يوم الاثنين، بدأنا العمل السبت الذى تلاه، أول شىء كان بالمكتبة الموسيقية بالأوبرا، ثم سرعان ما ضاق المكان على الطلاب، فكرت فى بيت الهراوى كنت عزفت به، تأثرت بالمكان، وكانت تلك البيوت مخصصة للزيارات فقط، الفكرة اعجبت فاروق حسنى وقال لى أعظم شىء، لأنها كانت متروكة للتراب. وبالفعل أخدنى دكتور صلاح شقوير مدير صندوق التمنية الثقافية وقتها، وتجولنا على كل البيوت الاثرية، ومررت على 36 بيت، الغورية والست وسيلة وبشتاك واخترت الهراوى؛ لأن به مساحة لإقامة حفلات واماكن للتدريس، وصدر قرار وقتها، من رئيس الجمهورية حسنى مبارك من خمس كلمات يخصص منزل الهراوى للفنان نصير شمة.
* ماذا عن بيت العود الآن بعد مرور تلك السنوات؟
ــ فى الحقيقة بيت العود الآن يعانى، وهو يمر بمرحلة ضعف لم يمر بها من قبل، 24 سنة عمر البيت، بسبب الميزانية، الاساتذة الذين يعملون به مازالوا يحصلون على نفس القيمة القديمة التى كانوا يحصلون عليها قبل تعويم الجنيه، وبالتالى أصبح وضعهم صعبا، ولا تظهر فى الأفق خطة لتغيير الوضع، لكن الحقيقة لو ظل الأمر على ما هو عليه فالغلق أفضل.
* ألا توجد حلول؟
ــ من الممكن أن نجد رعاة، كما يحدث فى بيت العود بالخرطوم؛ حيث تتولى إحدى الشركات رعايته، والحمد لله حقق هذا الأمر نجاحا ملموسا.
* هل من الممكن أن تجد راعيا فى مصر؟
ــ أنا شخصيا أتمنى أن يظل تحت رعاية الوزارة كما أسس؛ لأن الدولة ستكون أحرص من أى شخص على أبنائها، من الممكن أن نستعين براعى لمدة سنة أو سنتين، لكن ماذا بعد. القطاع الخاص غير مضمون، لكن لو استمر بيت العود بهذا الشكل فهذا يعنى انه كتب عليه الموت بعد 24 سنة. وبيت العود فى الاسكندرية توقف لنفس الاسباب.
باريس أصبحت عاصمة النور لماذا لأن ميزانية الثقافة فى فرنسا، قبل أى وزارة اخرى، فى دول عربية كثيرة 90% من ميزانية الثقافة تذهب للمرتبات. وهنا لابد أن أشير لماذ التطرف موجود فى دولنا العربية، التطرف موجود؛ لأننا تركنا الشباب إلى الافكار الظلامية، علموا الشباب الموسيقى والرسم وفن الرواية، والرياضة، وتجربة محمد صلاح امامنا، إنه خير سفير للشباب العربى، ووجوده هناك فى قلب أوروبا ساهم فى تغيير صور سيئة كثيرة كانت محفورة فى أذهان الغرب عنا.
* لماذ لا تنقل تبعية بيت العود من صندوق التنمية إلى الأوبرا؟
ــ الأزمة فى الميزانية، هل لدى الأوبرا الإمكانيات التى تجعلها تنفق عليه، أنا أستقطب أساتذة مهمين، ومثل هذا النوع لا يأتى براتب 1600 جنيه، ومثيله فى الإمارات يحصل على ثلاثة آلاف دولار.
* بيت العود العربى؟
ــ محمد خلف البزروعى رئيس المجمع الثقافى رحمة الله، كان شخصية عظيمة، والسيدة هدى كامل مؤسسة مهرجان ابو ظبى، وكنت أذهب إليهم بأوركسترا بيت العود أو فرقة عيون أو مع المايسترو أحمد الصعيدى والاوركسترا، كل عام تقريبا، وفى إحدى المرات قالت لى حان وقت تأسيس بيت العود بابو ظبى، رحبت جدا، لأن أبوظبى أزورها بشكل سنوى، من التسعينيات، واخترنا المكان، ومستمر منذ عام 2008.
* العودة إلى العراق كيف كان؟
ــ البداية خلال الإعداد لقمة بغداد فى 2012، قال لى وزير الخارجية العراقى وقتها، قلت إنك لن تدخل العراق وبها أى جندى أمريكى، الآن الأمريكان خرجوا، ونحن نريد أن تكون نجم الحفل، وبالفعل ذهبت، وشاهدت بغداد كأنها محبوبة تركتها جميلة وعدت فوجدت المرض أكلها، وأصبحت تعانى من الشيخوخة، بغداد العظيمة التى كانت لؤلؤة، أصبحت شيئا آخر، نعم كانت هناك حروب، لكن ايضا وقتها يد الاصلاح لم تصل اليها، كان شارع المطار فقط هو المهيأ لاستقبال الناس لأن كبار الوفود والرؤساء يمرون به، أما باقى الشوارع فكانت عبارة عن كتل جدران خرسانية تفصل المناطق عن بعضها ولحماية الناس والمنشآت من التدمير بفعل الإرهاب، ثم قررت عمل يوم السلام العالمى 21 سبتمبر، قررت أن أستعين بكبار الموسيقيين من مصر والعالم، كنت طوال الوقت أشعر بخجل من سوء حالة الشوارع، والحواجز الخرسانية، وخلال حفل على الهواء قررت أن أعمل شغلة أخرى شغلة عاشق، ألا وهى جمع تبرع لبناء بغداد، قلت أبدأ بالساحات، وقلت من معى منكم، محافظ البنك المركزى دكتور على العلاق، رئيس رابطة المصارف الخاصة وديع الحنضل، ناس كثيرة رفعت يدها، صعدوا على خشبة المسرح، وكان حفلا على الهواء وصعودهم كان بمثابة التزام أمام العالم، وفتحنا حسابا لتلقى التبرعات، ثانى يوم أودع 9 ملايين دولار، بدأنا التخطيط، تم عمل الساحات بمواصفات إسبانية وإيطالية، وتم تطوير 20 ساحة رغم أن هذا المبلغ لا يغطى سوى ساحتين فقط، وبدأنا إزالة الكتل الخرسانية، الحمد لله عمل فى هذا المشروع 6000 عراقى. فكرة تغيير وجه بغداد وإعادتها إلى ما كانت عليه، الآن بدأت تعود وذهبت عنها رائحة الموت.
* القادم للعراق من قبل نصير؟
ــ أسست بيت العود فى 2018، فى بيت مؤقت، وهذا العام اختير البيت الذى كان يعيش به آخر والٍ عثمانى حكم بغداد، اسمه دار الوالى تم تسليمها لى من شهر، ويتم ترميمها الآن، لكى ينتقل إليها بيت العود فى بغداد، كما نعمل على تأسيس بيت العود فى الموصل، يطل على ساحة كان قد فجرها دعاة الظلام الذين يتحدثون باسم الله، الدواعش، والموصل القديمة سوف تنتعش بعدة بيوت ثقافية أبرزها بيت العود، والتدريس يبدأ قريبا.
* اختيارك للسودان لإقامة بيت عود هناك؟
ــ وأنا صغير كانت أكبر جاليتين فى العراق من المصريين والسودانيين، عاشرت الناس وشاهدت أخلاق أهل السودان، وهم شعب مثقف، كثيرون من خريجى كليات الطب والهندسة، أغلبهم تعليم عالى، عندهم ايضا عزة نفس وحياء، هذا كله كان فى ذهنى، بصراحة اهل السودان اعطوا انطباعا جيدا عن وطنهم فى الخارج، مثلهم مثل الاشقاء المصريين. فى إحدى الزيارات قدمت مقطوعة باسم سلام للسودان، وجهت لى دعوة لأمسية عود، فوجئت بآلاف من الجماهير، ثم قدمنا مهرجانا للعود، وبعد ثلاث سنوات من إقامته، طلب منى مؤسسة منتدى «د» الثقافية عمل بيت العود، اخترنا أحد البيوت فى 2020 وحقق نجاحا كبيرا. والآن لدينا أوركسترا بيت العود السودانى من 75 عازفا، وحصلنا على المركز الأول فى إكسبو دبى. ويقود البيت هناك أحد خريجى بيت العود فى مصر أحمد شمة.
* القادم بيت الرياض؟
ــ زارنى الأستاذ سلطان رئيس هيئة الموسيقى فى السعودية، فى بيت العود بأبو ظبى، لكى يعلم ما هى متطلبات إقامة بيت العود بالرياض. وقريبا يرى النور.
* هل بيت العود فى أبوظبى هو الذى يحمل المواصفات التى كنت تحلم بها من وجود ورش لصناعة العود وخلافه؟
ــ بالفعل المقر الجديد الذى سوف ننتقل إليه سيكون به كل ما أحلم به، استنبطت خمسة آلات من العود، صنعها عمرو فوزى وهو مصرى خريج بيت العود فى مصر وهو مسئول عن ورش بيت ابو ظبى، أعطيه الأفكار وهو ينفذها ويطورها، الخمسة أعواد منها الباصو السبرانو، ثلاث منها العزف بها عن طريق القوس، صوتهم مختلف عن الفيولا والكمان والتشيللو أصبح الآن عندنا أوركسترا كاملة تعطى أصواتا جديدة خارجة من العود، وفى حفل بيت الخرطوم ظهرت آلات منها.
* هل فى أوروبا بيوت للعود مماثلة وتعيد حلمك الأول بيت عود لندن؟
ــ نعم فى زيارتى القريبة لباريس سوف نحسم الأمر، إلى جانب بيت العود فى برلين.
* حاليا أنت تقيم فى ألمانيا لماذا اخترتها؟
ــ ذهبت إلى باريس لمدة سنة، ووجدتها مدينة سياحية اكثر منها مدينة تعيش بها، انتقلنا إلى برلين لأن زوجتى معارضة سورية، ولا يجدد جواز سفرها، لذلك كان علينا ان نذهب إلى دولة تمنحها حماية خاصة.
* أين أنت من مهرجان الموسيقى العربية؟
ــ المهرجان كله تغير سياساته وآفاقه، ولو تم دعوتى بالتأكيد سوف أقبل لأن المهرجان أعتبره مهرجانا.
* المدرسة العراقية فى العود تهتم أكثر بالمهارة على حساب أمور أخرى؟
ــ هذا الكلام كلمة حق أرادوا بها باطل.
* لكننى أقصد المعنى الجيد؟
ــ أعلم هذا لكن البعض يريد بها أمورا أخرى، لكن هل هناك عازف لأى آلة لا يتمتع بمهارة، هل رمزى يسى كعازف للبيانو لا يتمتع بمهارة فائقة، لابد أن يكون على أعلى مستوى، المدرسة العراقية فى العود تتعامل على أنها آلة صوليست، أنت يجب أن تقنع الناس وأنت تعزف طوال ساعتين بأنك صاحب موهبة، ومهارة، أنا لا أقدم أغنية، لكن صور وأفكار وتأليف وتعزف مع اوركسترا سيمفونى، لذلك أتدرب 8 ساعات يوميا، هناك مدارس اخرى تستخدمه فى الألحان والدندنة والغناء، بدون انتقاص من أحد، فالذى يردد هذا عن المدرسة العراقية لابد أن يعلم أنها مدرسة تعتمد على مفردات اخرى، لابد أن يكون العازف خلاقا.
* المدرسة المصرية كيف تراها؟
ــ رياض السنباطى غير كل العازفين المصريين، لذلك ألحانه غير ألحان الغير، والسبب مستواه فى العود، لأنه عازف قوى خلق هذه الألحان القوية، كان إجباريا يتمرن يوميا، كل ألحانه فيها صور موسيقية أعطى مساحة للعود فى الألحان، وشكل كامل للعود، موجود جورج ميشيل موجود القصبجى، فريد الاطرش، لكن السنباطى عمل معمارا يشبه مصر القديمة يشبه الأرابيسك، عمل هندسة بالتقاسيم، هو رائد المدرسة الموسيقية، ولو تفرغ كصوليست لصنع ما لم يصنعه غيرة فى العود، هذا ليس رأى انا فقط.
* رغم أن القصبجى نال شهرة أكبر كعازف للعود؟
ــ القصبجى من ضمن الخمسة الكبار، وهو عازف مهم لكن السنباطى عندما تسمعه لا تخطئ فى اسمه. السنباطى حافظ على هوية صوت خاصة وريشه، وتكنيك، شخصية السنباطى عندما يغنى هو رياض السنباطى، وعندما يحلن أو يعزف هو رياض السنباطى. تلك الاشياء تضعها بجوار بعضها البعض تعطيك لماذا هو وصل إلى هذه المكانة. هو عابر للثقافات لذلك تجد عشاقة من جنسيات مخلتفة.
* السنباطى فى مصر هو الاب الروحى، من فى المدرسة العراقية؟
ــ جميل بشير ومنير بشير قطبان كل واحد منهم اخذ العود فى اتجاه، تأثيرهم واضح لكن استاذهما الشريف محيى الدين حيدر، ورغم ذلك لم يشبها استاذهما.
*لماذا أسست عيون؟
ــ حتى أعيد فكرة اوركسترا الحجرة، أردت تكرار فكرة العالم الكندى الذى كان يجرى العمليات الجراحية، مستخدما فرقة موسيقية بديل للتخدير، كنت أريد أن أقدم موسيقى حجرة عربية، لذلك اشتغلت معهم لمدة عامين.
تاريخى فى مصر صعب أتركه.. أنا كنت جزءا من ثقافة مصر لمدة 17 عاما، لم أعش على الهامش.
* الحلم الذى تتمناه؟
ــ أتمنى أن أشاهد فى كل بيت عربى موسيقى، وقتها لن تجد متطرفا فى وطننا العربى.

- الإعلانات -

#نصير #شمة #الأحزاب #التي #تأتي #باسم #الدين #تحمل #معها #ظلاما #كبيرا #وتطفئ #كل #شمعة #ونور #الوعي #الثقافي #يحمي #الموهبة

تابعوا Tunisactus على Google News

- الإعلانات -

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد