- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

نقاد: غياب الدراسات التشكيلية خلق “فوضى الألقاب الهجينة”

- الإعلانات -

عزيزة علي

عمان- بمناسبة مئوية تأسيس الدولة الأردنية، عقدت جمعية النقاد الأردنيين ندواتها النقدية السادسة بعنوان “النقد التشكيلي بين الواقع والمأمول”، قدمها محمد العامري، وأدارها الفنان والناقد غازي انعيم، في مقر رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين.
انعيم شكر جمعية النقاد على هذه الندوة التي كما قال تحمل دلالات كثيرة وتفتح باب الأسئلة على مصراعيه، لاسيما أن النقد التشكيلي تعرض لعملية التباس شديدة وصلت إلى حد الإنكار لوجوده عندنا، وتاهت الأسس والمعايير، واختلط الحابل بالنابل، لافتا الى أن ذلك يعود إلى عدم وجود مجلة تشكيلية متخصصة أسوة بمجلة “أفكار” تعمل على ترسيخ حركة دائمة للنقد التشكيلي، وعدم وجود مساحة للناقد في صحافتنا اليومية كي يواكب النشاطات التشكيلية، والكثير من الفنانين والناس لا يعرفون عن تاريخ الحركة النقدية الأردنية، متى؟ وكيف؟ وبمن بدأت، وكيف تواصلت أو تعثرت، ولماذا؟
ودعا انعيم، وزارة الثقافة، إلى أن تتبنى إطلاق مطبوعة تشكيلية دورية لترسيخ حركة قوية ودائمة للنقد التشكيلي في الأردن والعالم العربي من أجل إيجاد علاقة وثيقة بين المبدع والمتلقي، لا سيما أنه غير متوفر أي مرجع نقدي تشكيلي لطلاب الدراسات العليا وللباحثين والمختصين، وأن تتبنى إصدار سلسلة الفن التشكيلي الأردني من أجل خلق ذاكرة مرجعية لأصحاب الرؤى الإبداعية البارزة في الحركة التشكيلية الأردنية، وعقد مؤتمر لنقاد الفن التشكيلي في الأردن.
وقدم الفنان محمد العامري تعريفا بمفهوم “الكتابة النقدية”، قائلا: “هي قراءة توليدية للمفهوم والمعنى، وتقوم على الإلمام باستراتيجيات القراءة البصرية عبر التفكيك والبناء والتأويل. كما تسمح بتأويل الأثر الفني وفك شيفراته واختراق فضاء اللوحة المتشكل من مجموعة علامات ايقونية ودلالات مختلفة، والتي تتيح للمتلقي لاكتشاف الملامح غير المرئية والمدركة في العمل الفني”، مشيرا الى أن الإرث الإنساني الحضاري الذي ورثته البشرية عبر الحقب الحضارية المختلفة منذ الإنسان البدائي مرورا بالحضارات المختلفة وصولا لفنون عصر النهضة، إلى يومنا هذا، والمدارس الفنية الحديثة والمعاصرة والما بعد حداثوية، كل هذا أدى الى ظهور النقد الفني نهاية القرن التاسع عشر في أوروبا، وذلك من أجل تفسير الأساليب الفنية من حيث المعاني والمضامين لخلق حالة فنية غنية تؤدي الى إسعاد البشرية وإغناء الحضارة الإنسانية من خلال الفنون الجميلة الرائعة.
وقال المحاضر، إن النقد الفني يجب أن يكون مدخلاً للتذوق الفني، وللتعريف بمكامن الجمال في العمل الفني، وهو في النهاية يقدم الحكم على العمل الفني والفنان المبدع، داعيا الناقد للإلمام بتاريخ الفن، وفي مختلف العصور حتى يومنا هذا، وأن يكون ملماً بخصائص كل حضارة من الحضارات القديمة والمتوسطة والحديثة والمعاصرة، معرجاً على المدارس الفنية والأساليب الفنية الحديثة، وعلى الناقد أن يبين إبراز القيم الجديدة وتعريف الناس بها، فهذا السلوك الجيد من الناقد يبرز محاسن العمل الفني الجيد من أجل أن تستقيم المسيرة الفنية الجمالية، وتشجيع الفنون والفنانين من خلال تقديم كل ما هو جديد خلاق وجميل.
واعتبر العامري أن الكتابة النقدية أسهمت في تثوير السؤال الإبداعي نفسه وإعطائه فضاءات تأويلية لا حصر لها، مشيرا الى بعض المعوقات في العملية النقدية، مثل انتشار المفاهيم الخاطئة وعدم الحيادية من بعض النصوص المكتوبة، والتي جاءت بمثابة هدم للآخر وإبداعاته لأسباب شخصية قائمة على سلطة التهديد والانتقام والهدم وصولا إلى مصادرة التجربة ذاتها، مقابل المبالغة في كثير من الأحيان بالمديح الممجوج، فهناك مسافة هائل بين النقد البناء والنقد الهدام، فقد قسم أهل العلم النقد إلى نقد بناء، وهو الذي يسعى الناقد فيه إلى تقويم الخطأ ويحاول إصلاحه بناء على أسس علمية، مبتعداً عن التعصب، وإصدار الأحكام المسبقة. ونقد هدام، وهو الذي يكون فيه النقد من أجل النيل من الآخرين، وتشويه سمعتهم، والترصد لهم، بإظهار أخطائهم من غير حجة ولا برهان.
ورأى المحاضر أن الساحة التشكيلية الأردنية واجهت فوضى هائلة من الألقاب غير الشرعية والهجينة دون رقابة أو احترام لفكرة الناقد ووجوده الذي يشكل بالتالي إحدى ضرورات العملية الإبداعية، وتمظهرت تلك الألقاب الهجينة في مساحات التواصل الاجتماعي التي تمتلك متابعات كونية تعدت حدود الحدث، فما هو النقد ومن هو الناقد؟، لافتا الى أن الواقع الذي نتحرك فيه نقديا هو عبارة عن مجموعة من الاجتراحات الشخصية في الكتابة عن الفن إذا استثنينا الدراسات الأكاديمية لغايات الترفيع العلمي، فهي غير شائعة في الأدبيات النقدية دون المجلات المتخصصة بذلك، لذلك لم تمتلك شيوعا اجتماعيا ولم تسر تلك الدراسات في الثقافة العامة كمفهوم من الممكن أن يضيء المعارف التشكيلية الموجودة في صالات العرض والمتاحف وصولا للمتلقي.
وتحدث عن نشأة الكتابة عن الفنون التشكيلية في الأردن التي ظهرت أولا كتغطيات صحفية مثل عدد اللوحات وطبيعة المواضيع وموصوفات عامة في غالبها تميل إلى التغطية الصحفية، فمن الأوائل الذين كتبوا في هذا المجال الفنان “توفيق السيد”، في نهاية الستينيات من القرن الماضي، وكذلك محمد البطراوي، ثم انتعشت الكتابة في هذا المجال في السبعينيات عبر الفنان “رباح الصغيّر، عبد الرؤوف شمعون، وحسان أبو غنيمة”، الذي اختص في الغالب في الكتابة عن السينما، وظهرت أسماء كان لها الحضور الواضح في الثمانينيات منهم: “د. مازن عصفور، د. إبراهيم أبو الرب، الفنان والروائي محمود عيسى موسى، إبراهيم السطري، غازي انعيم، محمد أبو زريق، عدنان يحيى، ومحمد الجالوس، أحمد كوامله، محمد العامري، غسان أبو لبن، حسين دعسه وحسين نشوان وآخرون”، مبينا أن معظم هؤلاء أسهموا في توعية الفنان والمتلقي في طبيعة العمل الفني، وجاءت تجاربهم من خلال تطوير لذاتهم من الناحية المعرفية.
وخلص العامري الى أن قلة الدراسات المتخصصة في مجالات النقد التشكيلي، نتيجة عدم وجود دورات تأهيلية للذين يمارسون الكتابة التشكيلية، عدم احتفاء المناهج التربوية في مسألة النقد التشكيلي، شيوع الكتابة الوصفية المضللة عن الفن التشكيلي، عدم اهتمام الصحافة المكتوبة والمرئية بالفنون التشكيلية، عدم وجود برامج توعوية في المرئي والمسموع والمكتوب، عدم وجود مناخات حرة للكتابة، انتشار المجاملات أو الكتابات الإخوانية في التشكيل الأردني، سلطة المؤسسة أو الفنان على النقد ومجرياته المعرفية، عدم وجود ترجمات لنصوص وكتب فيما يخص النقد الفني، انحسار الكتب التشكيلية في دور النشر، وذلك لتكلفتها الكبيرة، هذه أسباب تراجع النقد الفني التشكيلي.

#نقاد #غياب #الدراسات #التشكيلية #خلق #فوضى #الألقاب #الهجينة

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد