هل تتحول مجموعة بريكس إلى منافس للنظام العالمي الحالي؟
هل ستكون مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة محركاً لنظام تجارة عالمي جديد؟، سؤال بات يتردد كثيراً في الأوساط الاقتصادية ومنصات المحللين والخبراء، وخصوصاً بعد توسع المجموعة وانضمام ست دول جديدة إليها تصنف ضمن أهم القوى الاقتصادية والاستثمارية في المنطقة والعالم.
بريكس هي منظمة سياسية عقدت أول مؤتمر قمة لها عام 2009، وكان أعضاؤها أربع دول ذات اقتصادات صاعدة هي البرازيل وروسيا والهند والصين وكانت تحت اسم “بريك” ثم انضمت جنوب أفريقيا إلى المنظمة عام 2010 ليصبح اسمها “بريكس”.
خلال قمة المجموعة التي اختتمت أخيراً في جوهانسبورغ بجنوب أفريقيا، تقرر دعوة الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات لتصبح أعضاء في البريكس، على أن تبدأ العضوية في الأول من يناير المقبل.
منذ تأسيسها، يتمثل هدف “بريكس”، في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدول الأعضاء وتنسيق المواقف في القضايا العالمية والإقليمية وتعزيز التنمية المستدامة، فضلاً عن سعيها إلى إصلاح النظام المالي العالمي وتعزيز دورها في صنع القرار العالمي.
تشكل المجموعة قبل التوسع نحو 40 بالمئة من سكان العالم و25.6 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي بواقع 26 تريليون دولار في 2022، وبعد التوسع إلى 11 دولة سيصبح حوالي 29 تريليون دولار، بما يمثل حوالي 29 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي، فيما أصبحت المجموعة تشكل 46 في المئة من سكان العالم بأكثر من ثلاث مليارات و670 مليون نسمة ما يقارب نصف سكان العالم.
جاء قرار قمة مجموعة بريكس بالتوسع وقبول ثلاث دول عربية وازنة في عضويتها مفاجئا للكثيرين. كيف تبدو الآمال المعلقة على القبول وإلى أي مدى قد يجني العالم العربي منافع من الانضمام إلى بريكس أو من تعزيز التعاون معها؟
قبل انعقاد القمة الخامسة عشرة لمجموعة “بريكس” في جنوب أفريقيا مؤخرا كانت هناك آراء كثيرة تستبعد توسيعها على ضوء تصريحات قادة فيها دعوا إلى التأني على هذا الصعيد. بيد أن القمة التي ضمت الدول الخمس الأعضاء في المجموعة وهي الصين والهند والبرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا، تحدت المشكيين وقررت دعوة ست دول جديدة للانضمام إليها.
ولعل المفاجأة الأكبر تكمن في أن ثلاث دول عربية محورية هي مصر والسعودية والإمارات من بين الدول المدعوة للانضمام. أما الدول الثلاث الأخرى فتمثل وزنا إقليميا هاما في مناطقها، إيران في الشرق الأوسط وإثيوبيا في إفريقيا والأرجنتين في أمريكا اللاتينية.
ومع انضمام هذه الدول تذهب معظم الآراء إلى توقع تعزيز حضور بريكس على الصعيد الاقتصادي والجيوسياسي العالمي في أكثر من مجال. ففي مجال الطاقة على سبيل المثال نلاحظ أن السعودية وروسيا والإمارات وإيران تنتج لوحدها أكثر من 50 بالمائة من إنتاج “أوبك بلس” النفطي الذي يمد السوق العالمية بما لا يقل عن ثلث احتياجاته من الذهب الأسود.
كما أن التبادل التجاري بالعملات الوطنية بين الدول الأعضاء وخاصة بين روسيا والصين سيزداد على حساب العملات الصعبة وعلى رأسها الدولار واليورو. ويزداد زخم هذا التحول على ضوء أن العقوبات الغربية المفروضة على روسيا وعلى شركات صينية كثيرة تعيق التعامل بالعملة الأمريكية.
كما أن السعودية والصين اتفقتا أيضا على التعامل باليوان والريال. وسبق ذلك اتفاقات مشابهة بدأ العمل بها بين الصين من جهة وكل من إيران والبرازيل والأرجنتين من جهة أخرى.
تراوحت مواقف الدول التي تم توجيه الدعوة لها من أجل الانضمام إلى مجموعة بريكس بين الترحيب وتعليق آمال ما يزال من المبكر الحكم على مدى واقعيتها. فرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وصف القبول بأنه “لحظة عظيمة لبلاده المستعدة للتعاون من أجل نظام عالمي شامل ومزدهر”.
وعلى الصعيد العربي عبر الرئيس المصري عن تطلعه لمزيد من التعاون البيني والعمل على “إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية”. ويأمل وزير المالية المصري محمد معيط من وراء الانضمام تدفق الاستثمارات وتعزيز التعامل بين الدول الأعضاء بالعملات الوطنية بشكل يخفف ضغط نقص العملات الصعبة على الموازنة العامة المصرية.
ومن المعروف أن مصر تعاني من أزمة نقص حادة بالدولار اللازم لاستيراد مواد غذائية أساسية ارتفعت أسعارها بشكل مخيف في الأسواق العالمية بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا. ويأتي على رأسها القمح والزيوت النباتية.
وبدوره رأى وزير الاقتصاد الإماراتي عبد الله بن طوق المري أن انضمام بلاده يوفر فرصا ضخمة جديدة في مجال التجارة والاستثمار بين دول المجموعة وعلى الصعيد العالمي. غير أن العبرة ليست في الآمال المعلقة، بل في استغلال الإمكانات المتوفرة لتحقيقها. فمجموعة بريكس وحتى قبل انضمام الدول الجديدة إليها تتمتع باقتصاديات من بين الأسرع نموا في العالم، ناهيك عن أنها تشكل 40 بالمائة من سكان كوكبنا وتنتج نحو ثلث الناتج العالمي حسب القوة الشرائية.
في المقابل تميزت مواقف الدول الغربية بالتقليل من أهمية قمة بريكس وتوسيع العضوية في مجموعتها. فقد تجاهل البيت الأبيض على سبيل المثال نتائج القمة ووصف بريكس بأنها مجموعة “شديدة التنوع تضم أصدقاء وخصوما ومتنافسين”، أما الآمال الأمريكية حسب البيت الأبيض فهي معلقة على تحقيق “نتائج قوية” في قمة مجموعة العشرين القادمة كونها “المنتدى الأهم للتعاون الاقتصادي”.
بيد أنه وبغض النظر عن تشكيك الغرب بدور بريكس فقد أصبحت المجموعة لاعبا هامافي إطار السعي نحو عالم متعدد الأقطاب بدلا من عالم أحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية. فالمجموعة حتى قبل انضمام الدول الست الجديدة إليها تضم اقتصاديات تُعد الأسرع نموا في العالم، ناهيك عن أنها تشكل 40 بالمائة من سكان كوكبنا وتنتج نحو ثلث الناتج العالمي حسب القوة الشرائية.
وإذا أخذنا كلام الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش في قمة بريكس حول تقادم وفشل وعدم عدالة البنية المالية العالمية الحالية التي يسيطر على الغرب عبر نظام “سويفت”، فإن أمام بريكس فرصة واعدة لإرساء نظام تعددية قطبية يأخذ مصالح دول الجنوب أكثر فأكثر بعين الاعتبار.
وفي إطار الخوف المتزايد من صعود بريكس “وإضعاف الغرب وخصوصا أوروبا” دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطابه أمام السفراء الفرنسيين بتاريخ 28 أغسطس الجاري 2023 إلى “العمل على صيغ تعاون جديدة مع بعض دول مجموعة بريكس كالبرازيل والهند بشأن أجندة الطاقة والمناخ وغيرها من المجالات”.
لوغو/ أو رمز بنك التنمية الجديد/ بنك بريكس بمركزه الرئيسي في شنغهاي – يوليو/ تموز 2023
بنك بريكس/ بنك التنمية الجديد، هل ينجح في منافسة البنك الدولي على صعيد تقديم الدعم التنموي للبلدان النامية؟
تمكنت بريكس خلال السنوات العشر الماضية من تعزيز العلاقات واتخاذ مواقف المشتركة بين دولها رغم العراقيل والخلافات التي أبطأت جهود تحقيق أهدافها، خصوصا الخلافات الهندية الصينية الحدودية.
فعلى سبيل المثال أظهرت المجموعة تقدما ملموسا على صعيد التنسيق السياسي حيال قضايا عالمية كالحرب في أوكرانيا. فعلى عكس العشرات من دول العالم خارج المنظومة الغربية لم تلتزم دول المجموعة مثلا بتطبيق العقوبات الغربية ضد روسيا وحسب، بل إن الصين والهند ودول بريكس أخرى تعزز التعاون الاقتصادي معها.
وعلى الصعيد الاقتصادي عززت دول المجموعة تبادل السلع عن طريق العملات الوطنية التي ارتفعت نسبتها في هذا التبادل إلى أكثر من 60 بالمائة، مع العلم أن التعامل الأقوى على هذا الصعيد يتم بين روسيا والصين. وقدم بنك بريكس” بنك التنمية الجديد” الذي حتى الآن وبعد مرور 8 أعوام على تأسيسه قروضا بنحو 33 مليار دولار من أجل تحديث البنى التحتية في المجموعة ودول أخرى.
بيد أن حضور هذا البنك ما يزال متواضعا مقارنة مع البنك الدولي الذي قدما قروضا بأكثر من أربعة أضعاف هذا المبلغ خلال نفس الفترة. الجدير ذكره أن بنك بريكس الذي يُعد رديفا للبنك الدولي لم يتمكن من تقديم قروض لروسيا مؤخرا رغم أنها عضو مؤسس فيه. ويعود السبب في ذلك إلى خضوعها للعقوبات، وإلى أن البنك ما يزال يتعامل بالدولار الأمريكي.
ولا تبدو العملة الصينية حتى الآن “اليوان” قادرة على سد هذه الثغرة رغم ازدياد أهميتها في التجارة بين دول المجموعة. ومن هنا فإن اعتماد آلية جديدة للتعامل المالي قد تتمثل في اعتماد عملة جديدة مشتركة لبريكس على غرار العملة الأوروبية المشتركة “اليورو” تشكل أحد ابرز التحديات التي تواجه المجموعة في المستقبل.
هناك أكثر من مؤشر على توجه العالم مع بريكس ومجموعة العشرين وقوى أخرى إلى نظام عالمي متعدد القطبية. ومن هذه المؤشرات توجه الولايات المتحدة المتزايد إلى إعادة إحياء الصناعة وجذب الشركات الألمانية والأوروبية إلى سوقها بدلا من الاعتماد على طباعة المزيد من الدولارات ومراكمة المزيد من الديون.
وبالتوازي مع ذلك قامت روسيا بتقليص احتياطاتها بالدولار أو بالسندات المقومة به، في حين هناك حديث عن بدء دول أخرى من ضمنها دول عربية في القيام بخطوات ملموسة على هذا الصعيد. فالسعودية على سبيل المثال قلصت حيازتها بالسندات الأمريكية بنحو 9 مليارات دولار خلال العامين الماضيين رغم الوفرة الماليةالتي تتمتع بها على ضوء ارتفاع أسعار النفط.
ويقف وراء هذا التوجه على الأرجح الخوف من سلاح العقوبات الغربية التي قد تطال احتياطات مالية تملكها حتى بلدان صديقة للغرب كدول الخليج. ومن المعروف أن الدول العربية النفطية وعلى رأسها الإمارات والسعودية تملك احتياطات مالية ضخمة بالدولار والأوراق المالية المقومة به، رغم أن الصين أضحت أهم شركائها التجاريين.
ومن هنا فإن هدف تعزيز التبادل بالعملات الوطنية لا يوفر على هذه الدول رسوم التحويل وحسب، بل يساعد أيضا على تنويع محافظها الاستثمارية وسلة عملاتها بشكل يرفع نسبة الأمان والاطمئنان عليها. كما يعني سهولة تدفق الاستثمارات بين دول بريكس بعيدا عن الشروط التي يضعها كل من البنك وصندوق النقد الدوليين.
ومما لا شك فيه أن هذا التعامل يساعد على زيادة المنافسة بين الدول الكبرى كالصين والولايات المتحدة ودول في الاتحاد الأوروبي في مجال تقديم القروض بشروط أنسب لدول مثل مصر والمغرب وتونس.
وإذا ما نظرنا إلى عروض الدول الغربية مؤخرا لدعم الدول الأفريقية تنمويا في مواجهة الصين بقروض تزيد على 50 مليار دولار، فإن هناك ما يدعو للتفاؤل على صعيد فوائد التعددية القطبية التي يكثر الحديث عنها هذه الأيام. ومما لا شك فيه أيضا أن أمام بريكس فرصة واعدة للمساهمة في إرساء تعددية تراعي مصالح الدول النامية وتنميتها المستدامة.
ما الذي سيتغير في مجموعة العشرين بعد توسع بريكس؟
“من شأن توسع مجموعة بريكس أن يسهم في تعزيز مواقف التكتل في مجموعة العشرين، لا سيما بعد انضمام السعودية والأرجنتين (وهما عضوان في G20)”.. هذا ما ذكره وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في تصريحات له نقلها التلفزيون الروسي بعد قمة “بريكس” الأخيرة التي أقرت دعوة ست دول للانضمام إلى المجموعة.
وذكر لافروف في تصريحاته أن بلاده سوف تعمل على تنسيق مواقفها الرسمية مع الأعضاء الجدد بالمجموعة في المنصات الدولية، ومن بينها مجموعة العشرين.
يأني ذلك في وقت تشغل فيه مجموعة من الدول الأعضاء ضمن تكتل “بريكس” من بينهم عضوين من الوافدين الجدد الذين ينضمون للتكتل في يناير2024، عضوية مجموعة العشرين، وبما يساعد على تعزيز وضعية “بريكس” وفعاليتها في التجمعات الدولية، الأمر الذي يتيح لها الدفاع عن مبادئها وإعلاء صوت الجنوب العالمي.
وتضم قائمة الدول المشتركة بين تكتل بريكس ومجموعة العشرين كلاً من (الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا)، إضافة إلى اثنين من الوافدين الجدد في يناير المقبل (السعودية والأرجنتين).. فما حدود تأثير توسع بريكس على المجموعة؟ وإلى أي مدى يُمكن أن يعزز ذلك فعالية “الأعضاء المشتركين” في الدفاع عن مصالح تكتل “بريكس” ومبادئه الأساسية والأهداف التي يصبو إلى تحقيقها؟ وما انعكاسات ذلك على الاقتصاد العالمي؟
أوضاع اقتصادية ملتهبة
في البداية، تقول الخبيرة الاقتصادية، الدكتورة وفاء علي، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: تأتي قمة مجموعة العشرين المرتقبة، أو مجموعة أثرياء العالم كما يطلقون عليها، هذه المرة فى ظل تداعيات وظروف مختلفة بعد توسع عضوية تكتل بريكس واستمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية في العالم على خلفية الحرب في أوكرانيا، كذلك حالة “الإكراه الاقتصادي” التى يعيشها العالم بسبب سياسة التشديد النقدي التي أقرها سيد وول ستريت جيروم باول، والذي ترك الباب موارباً حتى نهاية العام وقد يذهب بنا إلى العام المقبل بذريعة كبح جماح التضخم.
وتضيف: “مجموعة العشرين أمامها مهمة صعبة، وهي صاحبة الاقتصادات الأكبر في العالم، أن تتعامل مع المشكلات و تضاريس الأزمة العالمية، سواء حالة التجارة العالمية وعدم العدالة فيها، والحوكمة المالية والإصلاح العالمي للمؤسسات الدولية المالية ومشكلة الأمن الغذائي وأمن الطاقة، وأن تقوم بدورها الحقيقي في محاولة إنقاذ العالم من الدول النامية والناشئة من تبعات هذه المشكلات؛ فالمجموعة تسيطر على حوالي 90 بالمئة من إجمالي الناتج العالمي و80 بالمئة من حجم التجارة العالمية و75 بالمئة في حالة عدم احتساب التجارة البينية في الاتحاد الأوروبي، وثلثي سكان العالم، وحوالي نصف مساحة اليابسة، وتعقد القمة سنوياً منذ العام 2011.
وتشير علي إلى أن القمة تنعقد في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من حالة من الهشاشة والمعاناة، خاصة بالنسبة لسلاسل الإمداد، موضحة في سياق متصل أنه بينما بالتأكيد هي (مجموعة العشرين) ليست منصة سياسية أو المنصة الرئيسية لحل المشاكل الأمنية العالمية، لكن الجميع يعلم أن القضايا الأمنية تحمل معها عواقب وخيمة بالنسبة للاقتصاد العالمي.
وحول انعكاسات توسع بريكس على المجموعة، تقول الخبيرة الاقتصادية:
هناك دول موجودة بمجموعة العشرين ومجموعة بريكس.
يرى أعضاء بريكس أهمية استمرار مجموعة العشرين في أداء دورها كمنتدى متعدد الأطراف للتعاون الاقتصادي والمالي الدولى، يضم الأسواق المتقدمة الصاعدة والدول النامية، وتسعى الاقتصادات الكبرى إلى إيجاد حلول مشتركة.
يؤكد أعضاء بريكس أن المجموعة لها نهج متوازن تلتزم به، ويعمل على إعلاء صوت الجنوب العالمي وما المانع من دمجه فى اجتماعات مجموعة العشرين القادمة في سبتمبر المقبل؟
تأمل مجموعة بريكس أن تكون حاضرة ضمن اجتماعات العشرين بفعالية؛ لبناء حالة جديدة في العالم من الزخم الكبير وأن تنجح العشرين في مساعيها لحماية الجوعى في العالم وإنقاذ العالم من أزمة الديون الخارجية وأزمة التغير المناخي وتحديات الأمن السيبراني.
تسعى المجموعة لمحاولة إنقاذ العالم الذي يقبع على هوة الشقاق والهاوية وإعطاء الأمل في النهوض من لعبة الدمينو القاسية على الاقتصادات الناشئة، وأن تتعاون بريكس ومجموعة العشرين بفالعية، بعد أن قطعت أصوات الرصاص الطريق على العملية السياسية ودفع العالم إلى المنطقة الخضراء.
موائمات جديدة
من جانبها، تعتقد خبيرة الاقتصاد الدولي، الدكتورة سمر عادل، بأن وجود دول مؤثرة في مجموعة العشرين -مثل المملكة العربية السعودية والصين- في مجموعة “بريكس” يُمكن أن يقود إلى “موائمات جديدة” تقود لاحقاً إلى توازنات بعينها داخل المجموعة بعد ذلك.
وتبعاً لذلك لا تعتقد عادل بأن ثمة صداماً محتملاً ناتج عن التباينات الراهنة. وتوضح في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن هذه الموائمات داخل مجموعة العشرين لا تتعارض وأهداف البريكس، مشيرة إلى أن مجموعة العشرين تضم مجموعتين من الدول، مجموعة دول أعضاء في بريكس (ومن بينها الصين وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم وبما لها من تأثير ونفوذ واسعين)، وهو التكتل الذي يستهدف كسر الهيمنة الغربية والأميركية وسيطرة الدولار الأميركي على التعاملات الدولية، والمجموعة الثانية هي مجموعة الدول الغربية الكبرى والولايات المتحدة (الاقتصاد الأكبر في العالم)، بما يُحتم وجود نوع من الموائمات الجديدة داخل المجموعة في المرحلة المقبلة.
وترى أن كسر الهيمنة الأميركية لن يأتي في ليلة وضحاها، وتُدرك جميع الأطراف أن هذا الأمر يستغرق سنوات وربما عقود، في ظل تغلغل الدولار في التعاملات الدولية وأهميته لجميع الأطراف بما في ذلك الصين.
الـ G20 و BRICS
ومجموعة العشرين (G20) هي منتدى دولي يجمع بين أكبر اقتصاديات العالم المتقدمة والناشئة. تأسست في العام 1999 بعد الأزمة المالية الآسيوية كمنتدى لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمناقشة القضايا الاقتصادية والمالية العالمية، قبل أن تتم ترقيتها إلى مستوى رؤساء الدول والحكومات في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2007.
تضم المجموعة في عضويتها كلاً من (الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي)
أما مجموعة بريكس BRICS فهي منظمة سياسية عقدت أول مؤتمر قمة لها في العام 2009، وكان أعضاؤها أربع دول ذات اقتصادات صاعدة هي البرازيل وروسيا والهند والصين وكانت تحت اسم “بريك” ثم انضمت جنوب أفريقيا إلى المنظمة عام 2010 ليصبح اسمها “بريكس”، وخلال اجتماعها الأخير دعت المجموعة لعضويتها كلاً من (مصر والإمارات والسعودية وإيران وإثيوبيا وإيران والأرجنتين).
منذ تأسيسها، يتمثل هدف “بريكس”، في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدول الأعضاء وتنسيق المواقف في القضايا العالمية والإقليمية وتعزيز التنمية المستدامة، فضلاً عن سعيها إلى إصلاح النظام المالي العالمي وتعزيز دورها في صنع القرار العالمي.
ومن المقرر أن تنعقد القمة الـ 18 لرؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين في نيودلهي، خلال يومي 9 و10 سبتمبر، والتي سيتم اعتماد إعلان قادة المجموعة في ختامها، والذي ينص على التزام القادة بالأولويات التي تمت مناقشتها والاتفاق عليها خلال الاجتماعات الوزارية واجتماعات مجموعات العمل المعنية.
يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن اجتماعات مجموعة العشرين تركز بشكل أساسي على المتغيرات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، والتي تؤثر بدورها على الدول الأعضاء بشكل واسع، مشيراً إلى أن الملف الذي يُتوقع أن يكون حاضرا بقوة على طاولة قمة سبتمبر 2023 هو ملف الانقلابات التي شهدتها قارة أفريقيا.
وتضاف إلى ذلك ضمن مجموعة المتغيرات الأساسية ملفات تغير المناخ وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، وكذا القضايا المرتبطة بالتحديات التي تواجه الاستثمارات المباشرة وتوجهاتها، وغير ذلك.
وحول وجود مجموعة من الدول التي تجمع عضوية المجموعتين (العشرين وبريكس)، يلفت الإدريسي، إلى أن ذلك يعكس حقيقة أن انخراط الدول ضمن تكتل بريكس لا يعني أنهم ضد الغرب، أو يعادون القوى الاقتصادية الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، فالمملكة العربية السعودية على سبيل المثال وبما لها من وزن ومكانة على الصعيد الدولي، هي عضو مؤثر في مجموعة العشرين وفي الوقت نفسه من الدول التي تنضم إلى بريكس.
يؤكد ذلك سعي الدول إلى الانخراط بفعالية ضمن التكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية، وتحقيق نوع من التوازن في العلاقات دون خسارة أحد، ذلك أنه ليس من مصلحة أي من الدول خسارة قوى مثل الولايات المتحدة أو الصين وروسيا.
ويشير الإدريسي في السياق نفسه، إلى أن مجموعة العشرين تتمتع بثقل اقتصادي واسع، ولها وزن حقيقي ومؤثر لكونها تجمع أكبر 20 اقتصاداً في العالم، لكنه في الوقت نفسه يشكك في فعالية الإجراءات التي يمكن اتخاذها داخل المجموعة، وفي ضوء التباينات التي تشهدها.
هل ستكون “بريكس” محركاً لنظام تجارة عالمي جديد؟
في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” يقول الدكتور ممدوح سلامة خبير النفط والاقتصاد العالمي، “تبشر مجموعة بريكس بنظام عالمي جديد بعيداً عن النظام الأحادي القطب الذي تقوده الولايات المتحدة إلى نظام متعدد الأقطاب، وأكثر عدلاً ومساواة بين دول العالم، بل ستكون المجموعة المحرك الرئيس لاقتصاد العالم في الأعوام القليلة المقبلة”.
وستعمل المجموعة كذلك على خلق نظام مالي جديد بعيداً عن الدولار سواء في التجارة العالمية أو في تجارة النفط، وفقاً للدكتور سلامة الذي أكد أن هذا النظام الجديد سيقوض الدولار الأميركي وسيطرته على تجارة النفط وتجارة العالم ككل خصوصاً بعد انضمام دول نفطية رئيسة مثل دولة الإمارات والسعودية وإيران.
تراجع الدولار كعملة احتياطية ونفطية
وأوضح في هذا السياق أن دول بريكس ستعمل على إنشاء عملة خاصة للمعاملات التجارية ونظام للتسويات المالية فيما بينها بعيداً عن الدولارـ مضيفاً أنه “من خلال دعوة القوى النفطية الكبرى للانضمام إلى المنظمة، فإنها تسرع من تراجع الدولار كعملة احتياطية وأيضاً كعملة نفطية”.
وبدعوتها للدول الست للانضمام إلى المجموعة، يرجح الدكتور سلامة أن تتعدى حصة بريكس في الاقتصاد العالمي الـ 50 بالمئة بحلول عام 2030، كما يرى أن المجموعة ستسود العالم وستسيطر على التجارة العالمية، مشيراً إلى أن الرابحين من هذا التحول الهائل البترو يوان الصيني والريال السعودي والدرهم الإماراتي والروبية الهندية والروبل الروسي.
ونوه خبير الاقتصاد والنفط العالمي أن طبع الدولارات بلا حسيب ولا رقيب لن يفيد ولن ينقذ الاقتصاد الأميركي، بل سيؤدي إلى انهيار قيمة الدولار.
ومن دولة الإمارات يقول الخبير الاقتصادي حسين القمزي في تصريح لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “يمثل تحالف بريكس دولاً ناشئة اقتصادياً، حيث يستهدف هذا التحالف تعزيز التعاون بين هذه الدول في مجالات متعددة بما في ذلك الاقتصاد والتجارة، وعلى الرغم من أن المجموعة لها تأثير قوي على الساحة العالمية، إلا أنه ليس بالضرورة أن تكون محركاً مباشراً لنظام تجارة عالمي جديد، إذ يمكن أن يؤدي التعاون بين الدول الأعضاء إلى تأثيرات إيجابية على النظام التجاري العالمي ككل”.
لكن ستكون بريكس محركاً إيجابياً في تطوير النظام التجاري العالمي إذا تم تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء، والمجموعة والمنظمات الدولية الأخرى، ولكنها ليس المحرك الوحيد الذي سيؤثر على التجارة العالمية، طبقا لما قاله القمزي.
وينوه الخبير الاقتصادي القمزي إلى أنه يجب مراعاة أن هناك عوامل أخرى كثيرة تؤثر على نظام التجارة العالمي، بما في ذلك الاتفاقيات التجارية الثنائية والمتعددة الأطراف والتحديات الاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى ذلك، هناك منظمات دولية أخرى مثل منظمة التجارة العالمية (WTO) التي تلعب دوراً رئيساً في تشكيل النظام التجاري العالمي.
فرص استثمارية وتجارية جديدة
ومن مصر يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله الشناوي في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “يمثل انضمام ستة أعضاء جدد لمجموعة بريكس فرصاً استثمارية وتجارية جديدة، وقد يمنح أهمية في الجغرافيا السياسية لسوق النفط العالمية، ومما لا شك فيه أن انضمام السعودية والأرجنتين قد يمكّن بريكس من تنسيق وجهات النظر لمجموعة العشرين في الأسواق الناشئة، وقد تعمل المجموعة كنظير غير رسمي لمجموعة الدول السبع الصناعية، وبالنسبة لانضمام مصر تنظر المجموعة إليها عل أمل الاستفادة من الأصول المصرية في الفترة المقبلة، بالإضافة الى الموقع الاستراتيجي لها وأيضا الاستفادة من قناة السويس وحقول الغاز المكتشفة حديثاً على أنها ذات ربحية اقتصادية وسياسية مستقبلاً”.
قد يكون المحرك الاقتصادي الصيني متعثراً في الوقت الحالي، لكن تتوقع بلومبرغ أن الهند مستعدة لتعويض النقص ويمكن أن تعزز حصة مجموعة بريكس في الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى أكثر من 40 بالمئة بحلول عام 2040، مقارنة بنحو 32 بالمئة في العام الماضي، بالتالي لابد من البحث في الكيفية التي قد يبدو عليها نموذج السياسة التجارية البديل الذي تقوده مجموعة بريكس، بحسب الدكتور الشناوي.
ويضيف الشناوي: “تدعم مجموعة بريكس إقامة عالم متعدد الأقطاب، كما تلتزم بإصلاح نظام الحوكمة العالمي، وزيادة تمثيل وصوت الأسواق الناشئة والبلدان النامية، وإن توقيع اتفاقيات التجارة الحرة، ووضع معايير مشتركة للمنتجات، وتحسين أساليب العمل، وإزالة الحواجز أمام دخول السوق، يؤدي أيضاً إلى زيادة حجم التجارة بين دول بريكس بشكل فعال”.
ومن جانب آخر، يهدف بنك التنمية الجديد إلى تعزيز التعاون بين البلدان النامية، وسد النقص في استثمارات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وفقاً للدكتور الشناوي الذي يرى أن الدافع وراء إنشاء البنك هو أن يكون نظيراً للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتعزيز رؤية التنمية التي تقودها الدول النامية، حيث تبلغ احتياطيات العملات الأجنبية لدول المجموعة 4.4 تريليون دولار.
أي مستقبل ينتظر تكتل “بريكس” بعد التوسع؟
نجحت مجموعة “بريكس” في أن تخلق حالة من الزخم الإيجابي على الصعيد الدولي، وبما يشكل نواة حقيقية لإحداث التوازن بالمشهد الاقتصادي العالمي وبما يعيد رسم خرائط القوى المُهمينة، لا سيما مع توسع المجموعة والإعلان، يوم الخميس الماضي، عن دعوة ست دول للانضمام إلى التكتل المنافس لمجموعة السبع والهادف إلى مواجهة هيمنة الدولار على المعاملات الدولية.
يفتح توسع المجموعة بإضافة ست دول (مصر والسعودية والإمارات وإيران وأثيوبيا والأرجنتين) الباب واسعاً أمام مجموعة من المتغيرات التي تعزز بدورها مكانة وتأثير التكتل على نحو واسع، وبما ينعكس على المشهد الاقتصادي العالمي برمته، في وقت يعول فيه على “بريكس” في إحداث تغيرات ملموسة وعملية على أرض الواقع فيما يخص إحداث ذلك التوازن المنشود وتنويع الشراكات والعلاقات الاقتصادية.
تتيح المجموعة الموسعة مزيداً من الفرص في هذا السياق، بينما تقدم رؤى مختلفة وأدوات جديدة لكتابة “فصل جديد للاقتصادات النامية من أجل التنمية المشتركة”، طبقاً لما ذكره الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في كلمته الخميس خلال ختام أعمال قمة المجموعة. تشير تلك الفرصة إلى الآفاق المستقبلية الإيجابية التي تنتظر المجموعة، ومع الخطط الرامية إلى تطوير التبادل بالعملات المحلية، وإطلاق عملة مشتركة.
وبموازاة تلك الفرص، فإن ثمة مجموعة من التحديات أيضاً تفرض نفسها على التكتل، سواء تلك الداخلية المتعلقة بمدى التوافق بين الدول الأعضاء داخل المجموعة وطبيعة تعاملهم من الملفات والقضايا الرئيسية، وحتى العلاقات الثنائية بين الدول المختلفة داخلها، وكذلك التحديات الخارجية المرتبطة بالتطورات التي يشهدها العالم وجملة المتغيرات الواسعة الحالية أو القادمة.
يقول المستشار والخبير الاقتصادي كمال أمين الوصال، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: أعتقد بأن الكثير من الدول سوف تسعى للانضمام إلى مجموعة بريكس لكثير من الأسباب الاقتصادية والسياسية؛ أبرزها العمل على الفكاك من الهيمنة الأميركية التي تستخدم الآليات الاقتصادية لتحقيق مصالحها السياسية، وهو أمر طبيعى ولكن هناك الكثير من الدول التى ترى أن الولايات المتحدة والدول الغربية تفعل ذلك دون الأخذ فى الاعتبار مصالح الدول “الحليفة”.
ويشير إلى أنه لا شك أيضاً أن انضمام المزيد من الدول سوف يعزز قوة هذه المجموعة التي بدأت قوية، وهذا ما يميزها عن كثير من التجمعات الدولية والإقليمية التي لم تحقق نجاحاً ملموساً.
ويضيف: “نحن نتحدث عن ثانى قوة عسكرية في العالم، وهي روسيا، علاوة على أنها قوة اقتصادية لا يستهان بمواردها.. ونتحدث عن العملاق الاقتصادي في القرن الـ 21 الصين بالثقل الاقتصادي والعسكري والبشري، ومعهما الهند.. وبالتالي ثلاث دول تتمتع بثقل اقتصادي وسياسي وعسكري دولي تسعى جميعها للقيام بدور أكبر على الساحة الدولية ويبدو جلياً أنهم يعلمون -بل وتستفيدون- من الأخطاء الأميركية من خلال القيام بشراكات مختلفة عما تقوم به الولايات المتحدة.
ولكل هذه المعطيات وفى ضوء التجاذب السياسي العسكري أحياناً بين هذه القوى الاقتصادية العملاقة وبين أميركا والدول الغربية، فإن هيمنة الدولار سوف تتراجع بمرور الوقت وتنتهى فى نهاية المطاف، ولكن هذا سيستغرق بعض الوقت؛ لأن هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي تغذيها عوامل سياسية وعسكرية بأكثر ما هي اقتصادية، وعلاقات متجذرة بين الولايات المتحدة وكثير من دول العالم ليس من السهل أن تتبدل بين عشية وضحاها، بحسب الوصال.
ويختتم المحلل الاقتصادي حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” بقوله: “المسألة الأخرى المهمة هي قدرة مجموعة بريكس على المضي قدماً نحو علاقات اقتصادية بين دول المجموعة أكثر تنظيماً وأكثر عدالة وأكثر رسوخاً”.
وبعد أن كان حجم اقتصاد مجموعة “بريكس” حوالي 26 تريليون دولار، بما يمثل حوالي 25.6 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي في 2022، سيصبح بعد انضمام الدول الست الجديدة حوالي 29 تريليون دولار، بما يمثل حوالي 29 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي.
ومع ارتفاع عدد دول مجموعة بريكس إلى 11 دولة سيصبح عدد سكان دول المجموعة أكثر من ثلاثة مليارات و670 مليون نسمة أي مايقارب نصف سكان العالم، فيما كانت هذه النسبة عند نحو 40 بالمئة قبل انضمام هذه الدول.
العملات المحلية
وإلى ذلك، يشير المحلل المالي والاقتصادي، وضاح الطه، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أنه بانضمام كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى تكتل “بريكس” فإنه بذلك تتوافر قوى نفطية في هذه المجموعة لديها طاقة إنتاجية عالية، بالنظر إلى حجم الإنتاج اليومي في حدود الـ 10 ملايين برميل من النفط لكل من روسيا والسعودية، وحوالي ثلاثة ملايين برميل بالنسبة للإمارات، وفي وجود الصين ضمن التكتل وباعتبارها أكبر مستورد على مستوى العالم.
ويلفت إلى الفرص المرتبطة بالتبادل بالعملات المحلية في هذا السياق، مشيراً إلى الثقة التي يحظى بها الريال السعودي والدرهم الإماراتي باعتبارهما من العملات المستقرة واقتصاد البلدين هو اقتصاد مستقر، وبالتالي ستكونا أيضاً ضمن العملات المرتبطة بالتجارة البينية بين الدول.
تعزز ذلك اتفاقات التعاون بالعملات المحلية الموقعة -قبل انضمام البلدين إلى بريكس- ومن بينها الاتفاق بين الإمارات والهند على سبيل المثال. ويعتقد الطه بأن “زيادة التبادل التجاري هو هدف أساسي ومع استخدام العملات المحلية وتقليص تكاليف التحويل إلى عملات أخرى، الأمر الذي يعزز علاقات التعاون الثنائي بين أعضاء المجموعة”.
لكن في نفس الوقت لا يخلو المشهد من مجموعة من التحديات فيما يخص “بريكس”، والتي يشرحها الطه في معرض تصريحاته لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، بداية من التحديات المرتبطة بالاتفاق على صيغ اقتصادية جماعية مستقبلية، فضلاً عن بعض الأفكار (والملفات) التي قد لا تلتقي بين الصين والهند على سبيل المثال، علاوة على صعوبة التوصل إلى عملة موحدة تنافس الدولار في المستقبل القريب أو البعيد.
ويعتقد بأنه “من المبكر أن يتم الاتفاق على عملة موحدة، لكن الطموح حالياً يتعلق بالتبادلات بالعملات المحلية، وبما يقلل من الاعتماد على الدولار وتكاليف المعاملات، ويخلق حالة من الحرية في التبادلات التجارية دون الاعتماد على العملة الأميركية (..)”.
ووصلت نسبة مساهمة مجموعة “بريكس” إلى 31.5 بالمئة في الاقتصاد العالمي، مقابل 30.7 بالمئة للقوى السبع الصناعية. وتسعى المجموعة إلى أن ينعكس ذلك التفوق عملياً من خلال توسعة نشاطاتها الاقتصادية الرامية لمواجهة هيمنة الدولار الأميركي.
وبلغ حجم اقتصادات دول بريكس حتى نهاية العام 2022، وقبل توسع المجموعة، 25.9 تريليون دولار، كما أنها تسيطر على 20 بالمئة من التجارة العالمية، وفق بيانات منظمة التجارة العالمية. علاوة على ذلك تسيطر دول المجموعة الحالية (روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا) على 27 بالمئة من مساحة اليابسة في العالم، بمساحة إجمالية 40 مليون كيلومتر مربع.
#هل #تتحول #مجموعة #بريكس #إلى #منافس #للنظام #العالمي #الحالي
تابعوا Tunisactus على Google News