هل تحل تقنية الاستمطار مشكلة تونس مع الجفاف؟
تونس تتجه نحو تقنية الاستمطار لمكافحة آثار الجفاف
أعلن وزير الفلاحة التونسي عبد المنعم بالعاتي أنّ بلاده تتجه نحو تقنية الاستمطار بهدف تعويض نقص الموارد المائية ومكافحة الجفاف، بعد أن انخفضت نسبة المياه المخزنة في السدود إلى 29 بالمائة. وقال بالعاتي، الأربعاء، في جلسة برلمانية، إنّ “ارتفاع درجات الحرارة تسبب خلال الفترة الماضية في فقدان 600 ألف متر مكعب من مياه السدود التي تبخرت”، مؤكداً أنّ “السلطات تُفكّر في تجربة اعتماد الأمطار الصناعية فوق البحيرات الصغيرة”، ومشيراً إلى أن لجنة وطنية تضم كفاءات متخصصة تشكلت من أجل اكتساب الخبرات اللازمة في تقنية الاستمطار التي باتت تعتمدها العديد من البلدان لحل أزمة الجفاف.
وتعيش تونس عامها السادس من الجفاف، وسط توقعات باستمرار أزمة شحّ المياه إلى حدود سنة 2030 التي يُرجّح أن تنزل فيها المعدلات الفردية للماء إلى عتبة 450 متراً مكعباً، وهي مرتبة تصنَّف ضمن الإجهاد المائي.
وتحتل تونس المرتبة الـ 33 عالمياً من بين أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفقاً لمعهد الموارد العالمية الأميركي. وبحلول عام 2030 ستصبح منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دون عتبة ندرة المياه المطلقة، البالغة 500 متر مكعب سنوياً للفرد الواحد، وفقاً للبنك الدولي.
ويقول الخبير البيئي حمدي حشاد، إنّ “تجربة الاستمطار قد تكون جزءاً من الحل لتحسين الموارد المائية الشحيحة في البلاد، لكنها ليست الحل النهائي”. ويوضح حشاد، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أنّ “الاستمطار يحسّن التساقطات المطرية بنسب تراوح ما بين 10 و20 بالمائة، بينما تحتاج تونس إلى حزمة شاملة من الحلول لإدارة وتحسين تخزين المواد المائية”.
ويرى حشاد أن “تونس قد تنجح على المدى المتوسط في استعمال تقنية الاستمطار لزيادة معدّل التساقطات المطرية بعد تلقيح السحب، غير أن ذلك يحتاج إلى امتلاك التقنيات والمعدات اللوجستية اللازمة”. ويتابع: “الاستمطار يتطلب توفير مراكز مراقبة متخصصة وأسطول طائرات يستعمل في تلقيح السحب، وهي تقنيات مكلفة، لكنها باتت متاحة في عديد الدول العربية على غرار المغرب والأردن والسعودية والإمارات”.
معلومات عن الاستمطار
ويمكن تعريف تقنية الاستمطار بأنها عملية استثارة وتحفيز للسحب والغيوم لإسقاط محتواها من المياه الكامنة أو الثلج المتجمد فوق مناطق جغرافية محددة، من طريق استخدام وسائل صناعية ومواد كيميائية تعمل على تسريع عملية هطول الأمطار أو زيادة إدرار هذه السحب من المياه، مقارنة بما يمكن أن تدرّه بشكل طبيعي.
ويعترف الخبير حمدي حشاد بأن “تقنية الاستمطار لم تعد ترفاً في ظلّ تداعيات الجفاف القاسية، وتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري التي تتواصل منذ سنوات، ويُرجّح استمرارها لسنوات أخرى”، وفق قوله.
وفي تونس يقسو الجفاف أكثر على سكان الأرياف، إذ يعيش أكثر من 650 ألفاً من سكانها من دون مياه جارية في المنزل، ويقطن نصفهم تقريباً بعيداً عن مصادر المياه، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة الصادر عام 2023.
وبسبب أزمة المياه، يضطر المواطنون إلى الاحتجاج في الشوارع والمطالبة بتوفيرها، إذ تصدرت احتجاجات الماء المرتبة الأولى ضمن التحركات البيئية التي يرصدها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد التقرير الذي أصدره المنتدى قبل أيام أن المطالب البيئية تمحورت في غالبيتها حول ظاهرة الانقطاع المتكرر للماء الصالح للشرب، وذلك بمعدل 83 احتجاجاً، 27 منها خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي. وجاءت محافظة القيروان وسط غرب البلاد في المرتبة الأولى من حيث عدد الاحتجاجات بأكثر من 23 احتجاجاً، تليها محافظة نابل بـ20 احتجاجاً، ثم محافظة قفصة بـ 15 احتجاجاً.
واتسمت التحركات البيئية خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2024 بطابعها الجماعي المنظم، وقد كانت في معظمها وقفات وتجمعات احتجاجية ونداءات عبر وسائل الإعلام، في محاولة للفت انتباه المسؤولين والسلطات المعنية إلى ضرورة التدخل العاجل للحد من وطأة التحديات البيئية على المواطنين في مختلف المناطق في البلاد. كذلك تصدّر الحق في الماء قائمة المطالب للحركات البيئية بـ111 احتجاجاً، مقابل 61 احتجاجاً من أجل الحق في بيئة سليمة.
#هل #تحل #تقنية #الاستمطار #مشكلة #تونس #مع #الجفاف
تابعوا Tunisactus على Google News