- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

هل تراجع الأحزاب السياسية في تونس حساباتها؟

يحمل التونسيون النخب والأحزاب السياسية في البلاد ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من تدهور غير مسبوق بسبب انشغالها بصراعاتها الأيديولوجية ومصالحها الضيقة على حساب مشاغل التونسيين التنموية والاقتصادية.

وقد غابت الواقعية السياسية عن برامج الأحزاب خلال فترات الانتخابات، حيث رفعت سقف وعودها الانتخابية عالياً من أجل استمالة أكثر ما يمكن من الناخبين من دون أن تتمكن من تحقيقها.

وبعد سنوات من الحكم تقلصت شعبية الأحزاب السياسية في تونس حتى تلك التي كانت تفاخر بقواعدها العريضة، على غرار حركة “النهضة”، التي عاشت صعوداً مباشرة إثر سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي في 2011 لتشهد سقوطاً مدوياً في 25 يوليو (تموز) 2021، عندما اتخذ رئيس الجمهورية قيس سعيد الإجراءات الاستثنائية وجمد أعمال البرلمان وأقال الحكومة من دون أن تتمكن حركة “النهضة” الحاكمة وقتها من التصدي لتلك الإجراءات على رغم سيطرتها على أجهزة الحكم لأكثر من 10 سنوات.

كما شهدت الحركة عديداً من الاستقالات في قياداتها والمطالبة بمراجعة تعاطيها مع الشؤون الداخلية والمتغيرات السياسية في البلاد من أجل الحفاظ على استقرارها، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل واصطدمت بسياسة رئيسها راشد الغنوشي الذي يحمله عديد من القيادات في الحركة المسؤولية الكاملة عما آلت إليه من ضعف في المرحلة الراهنة.

توافقات مغشوشة

ويعد محمد القوماني واحداً من تلك القيادات التي راهنت على تغيير سياسة الحركة وجعلها أكثر مرونة في التعاطي مع المتغيرات الطارئة، وهو ما أعطى “صورة سيئة عن الحكم بعد الثورة، وهي طريقة تعامل رئيس حركة (النهضة) راشد الغنوشي”، منتقداً “التوافقات السياسية القشرية مع نداء تونس، والتي تكررت مع حزب قلب تونس”.

ويضيف في تصريحات صحافية، أن “(النهضة) لم تظهر إمكانات في إدارتها للشأن الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، كما انتقد عدم اعتراف (النهضة) بالأخطاء التي ارتكبتها خلال فترة حكمها وأيضاً بعد استفتاء 25 يوليو 2021”.

واعتبرت تصريحات القوماني الذي كلف سابقاً الإشراف على خلية إدارة الأزمة السياسية في البلاد إثر 25 يوليو، بمثابة دق المسمار الأخير في نعش حركة (النهضة) التي شهدت صراعاً متصاعداً بين قياداتها، موضوعه خلافة الغنوشي في منصب رئيس الحركة، إذ انقسمت بين مؤيد لبقائه ومعارض، لذلك التزاماً بالقانون الداخلي الذي يمنع الغنوشي من الترشح لولاية ثالثة. 

الفرز السياسي والعودة إلى الشعب

كما شهدت الحركة انقسامات في صفوفها وخلافات بين قيادات الصف الأول والصف الثاني، وانشقت بعض القيادات لتكوين أحزاب وليدة، على غرار عبداللطيف المكي الذي أسس حزباً جديداً هو “العمل والإنجاز”، والذي صرح لـ”اندبندنت عربية”، بأن “التقييم لا بد أن يكون مستمراً، والنقد الذاتي هو أصل من أصول الحياة الديمقراطية، ومن الطبيعي أن يسعى كل حزب إلى التأقلم مع التحولات السياسية، وأن يعمل على التقييم والمراجعات من أجل التقدم، ولكن يجب ألا يكون ذلك شرطاً لتعطيل الحياة الديمقراطية والعودة إلى الشعب”. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى المكي أن “الشعب التونسي له من الذكاء ما يجعله قادراً على التقييم والفرز بين هذه الأحزاب، إن كانت فعلاً جادة تقوم بالنقد الذاتي وتطور برامجها، أم هي أحزاب متكتلة حول أيديولوجيات أو شخصيات معينة فيحاسبها انتخابياً”. 

- الإعلانات -

ويدعو الأمين العام لحزب “العمل والإنجاز” إلى العودة إلى الشعب وإعادة تنشيط الحياة الديمقراطية في أقرب فرصة، مشدداً على أن “الديمقراطية تسير بالأحزاب باعتبارها مخابر لإنتاج الأفكار والرؤى للبلاد ولتربية وتكوين القيادات السياسية، ولا يمكن لأنموذج الحكم الراهن أن يستمر في غياب الأجسام الوسيطة”.

وكان عبداللطيف المكي قد استقال من حركة “النهضة” في سبتمبر (أيلول) 2021، ضمن 113 قيادياً قدموا استقالاتهم من الحركة، بسبب “إخفاقهم في معركة الإصلاح الداخلي للحزب”، وإقرارهم “بتحمل القيادة الحالية المسؤولية الكاملة في ما وصلت إليه الحركة من العزلة”، بحسب بيان نشره المكي. 

في المقابل، أكدت الناطقة الرسمية باسم مجلس شورى حركة “النهضة” أن جميع القرارات التي اتخذتها الحركة كان يتم التصويت عليها داخلياً، مضيفة في تصريحات صحافية أن “النهضة” لا تتحمل لوحدها مسؤولية الحكم.

الأحزاب تتهرب من المسؤولية

وفي السياق، يقول هشام الحاجي الكاتب الصحافي والنائب السابق، في تصريح خاص، إن “الأحزاب السياسية في تونس تعودت على التهرب من مسؤولية الحكم، ولم نشهد إلى اليوم حزباً اعترف بمسؤوليته وفشله في إدارة شؤون البلاد”، مضيفاً أن “الحياة السياسية لا تحتمل الحقيقة المطلقة، بالتالي فالنقد الذاتي والمراجعات ضرورة سياسية من أجل التقدم”.

ويذكر أن حركة “النهضة” كانت تُكوِّن ائتلافاً حاكماً يتألف من حزب “قلب تونس” و”التيار الديمقراطي” و”ائتلاف الكرامة” و”حركة الشعب” التي ساندت تدابير 25 يوليو 2021، وشاركت في الانتخابات التشريعية، ولها كتلة برلمانية في البرلمان الجديد، وهو ما اعتبر إعادة تموقع من الحركة في المشهد السياسي الجديد، بينما اضمحل حزب “قلب تونس” من المشهد السياسي، وشهد “التيار الديمقراطي” استقالات شملت الأمين العام للحزب غازي الشواشي و4 قيادات أخرى هم محمد الحامدي ومجدي الكرباعي وشكري الجلاصي وحامد الماطري. 

ويعتقد الحاجي أن “الأحزاب السياسية في تونس منشغلة بالوصول إلى الحكم أكثر من انشغالها بكيفية ممارسته، لذلك لم تقدر على الاستمرار في الإقناع وتقديم المشاريع”.

ويخلص النائب السابق إلى أن “غالب الأحزاب في تونس تقوم على خلفية أيديولوجية، وليس على برامج سياسية”، مرجحاً عودتها إلى المشهد مجدداً.

“نهضة الغنوشي” انتهت

 في المقابل، لا يرى الصحافي المتخصص في الشأن السياسي محمد صالح العبيدي أي “إمكانية لعودة تلك الأحزاب، وبخاصة حركة (النهضة) إلى الساحة السياسية، على رغم قيامها على مرجعية دينية بسبب ما جنته على نفسها خلال ممارستها الحكم”. 

ويستبعد العبيدي أن تعود “حركة الغنوشي” بشكلها القديم، مرجحاً أن تظهر “أحزاب أخرى تدور في فلك حركة (النهضة) وبوجوه جديدة وبممارسات سياسية مختلفة”.

#هل #تراجع #الأحزاب #السياسية #في #تونس #حساباتها

تابعوا Tunisactus على Google News

- الإعلانات -

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد