“هيرست”: سعيّد يفعل بتونس ما يفعله السيسي بمصر… ولن تكون نهاية انقلابه سعيدة
تساءل الكاتب البريطاني، ورئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي”، عما سيفعله الرئيس التونسي قيس سعيد للاقتصاد المتدهور مع تدني شعبيته و عدم مساعدته من أي دولة عربية.
و قال هيرست في مقال بعنوان” تونس: انقلاب قيس سعيد ليس له نهاية سعيدة” ترجمه موقع “الصدى” : “عندما نشرت خطة أن أقرب مستشاري الرئيس التونسي قيس سعيد كانوا يحثونه على السيطرة على تونس في “انقلاب دستوري” ، تم رفضها حينها باعتبارها قصة مزيفة”.
وأضاف هيرست: “في ذلك الوقت ، ساد الذعر داخل القصر الرئاسي ، وبدأ مطاردة مسرب الخطة التي تم وضع علامة “سري للغاية” في كل صفحة. واستغرق الأمر أربعة أيام حتى أقر الرئيس نفسه بأن الرسالة حقيقية ، لكنه ادعى أنها كانت واحدة فقط من بين المئات التي يحصل عليها في حقيبته البريدية اليومية”.
وتابع هيرست: “أدى نشر الخطة إلى تأخير الانقلاب ، لكنه لم يمنعه، و بعد شهرين أغلق سعيد البرلمان واستولى على جميع السلطات التنفيذية وحاول تعيين نفسه المدعي العام، و تعرض رئيس الوزراء آنذاك هشام المشيشي للضرب حتى استقال ، لكن الهدف الرئيسي لسعيد كان راشد الغنوشي ، زعيم حزب النهضة ، لكنه تراجع عن المرمى لأن الغنوشي كان لتوه مغادرا للمستشفى”.
وأضاف: “أيد للانقلاب وسائل الإعلام التونسية وزمرت مؤيدة، وكان المشجعون لقيس سعيد أشخاصا مثل الزوجين اللذين أسسا وترأسا حزب التيار الديمقراطي، الفصيل الذي انشق عن الحزب الذي دعم منصف المرزوقي رئيسا، في صفقة المشاركة في السلطة مع النهضة”.،مشيرا إلى أن “محمد عبو ، مؤسس التيار الديمقراطي ،كان أول من اقترح على سعيد تفعيل مادة في الدستور ، المادة 80 ، التي تسمح له بالاستيلاء على السلطة”
وقال هيرست إن ” سامية عبو ، وهي نفسها عضوة في البرلمان ، وصفت ديمقراطية تونس بالمزيفة و تحكمها “عصابات ولصوص”، و كان ذلك ليلة الأحد التي وقع فيها الانقلاب” مشيرا إلى أن “سامية عبو وثقت عندما قال إن إغلاق البرلمان سيكون مؤقتًا ، وكانت خطتها تتمثل في إعادة فتحه مع خروج حزب النهضة الأكبر، وفي غضون شهر، لم يعد للزوجين فائدة ترجى بالنسبة لقيس سعيد، وحينها أدركا ما الذي كان ينوي فعله، فثارت ثائرتهما ولم يعرف غضبهما حدودًا”.
وذكر هيرست أن عبو قال في تصريح لإذاعة “جوهرة أف أم” : “قيس سعيد سيحكم على تونس والأجيال القادمة بأن تعيش نفس نظام الخراب والفساد منذ عقود ،لا نريد دولة قيس سعيد ولكن نريد دولة القانون”.
وبخصوص نادية عكاشة قال هيرست”مصير مماثل ينتظر نادية عكاشة ، أقوى امرأة في تونس، لم يكن هناك مكان يذهب إليه سعيد بدونها، كانت حارس البوابة، القناة التي تمر من خلالها جميع المعاملات وكانت هي الشخص الذي وجهت إليه رسالة الانقلاب ، لكنها في الواقع كانت العقل المدبر لها و في الشهر الماضي ، استقالت مشيرة إلى “خلافات جوهرية”.
وأضاف “هيرست: “تم التلميح إلى أن نادية عكاشة وقيس سعيد اختلفا بشأن قرار اتخذ لإحالة ستة من كبار المسؤولين الأمنيين، بما في ذلك مدير مخابرات سابق، على التقاعد رغما عنهم،ولكن لا يستبعد أن يكون السبب هو التنافس على النفوذ مع زوجة قيس سعيد إشراف ومع شقيقه نوفل، الذي غدا بسرعة متحدثا رئاسيا غير رسمي”.
ملحمة القضاة الغريبة
قال هيرست : “وباستخدام المزاج الشعبي ذريعة له ، أعلن سعيد عن خطط لحل مجلس القضاء الأعلى ، وهو هيئة مستقلة منتخبة تعين القضاة وتنظم القضاء. واتهمهم بالتحيز والفساد وتأخير التحقيقات الحساسة سياسياً.
و أضاف : “زعمت أرملة بلعيد باستمرار أن الحكومة التي يقودها الإسلاميون شجعت على العنف السياسي. أدى مقتل زوجها إلى نزول آلاف المتظاهرين إلى الشارع وكان أسوأ أزمة سياسية واجهها حزب النهضة و على الرغم من أن المنطق السياسي لعمليات القتل هذه يشير إلى قوى تحاول زعزعة استقرار الحكومة على حساب النهضة ، وعلى الرغم من أن أعمال القتل توقفت فقط عندما تنازل حزب النهضة عن السلطة ، إلا أن الإسلاميين في تونس ما زالوا يُلامون عليها”.
و تابع: “وعلى أثر التنديد العالمي والتهديد بتنظيم إضراب لمدة يومين، أعطى سعيد الانطباع بأنه ينوي التراجع عن قراره، زاعما بأنه سيغير القانون الذي يحكم مجلس القضاء الأعلى، وبأنه سوف يعين مكانه كيانا مؤقتا، إلا أن مجلس القضاء الأعلى رفض ذلك الإجراء، وقال إن المجلس المؤقت لن تكون له صفة قانونية”.
و أشار إلى أن سعيد “لم يخفي نواياه ويرى نفسه هو المعبر عن إرادة الشعب، مما يعني أنه يتوجب على جميع مؤسسات الدولة الانصياع له واتباع توجيهاته، فقد قال وهو في حالة من الغضب؛ “إن القضاء وظيفة بادئ ذي بدء، والسلطة والسيادة تكون للشعب، وكل ما عدا ذلك فهو وظائف ولا يجوز أن يتحول إلى سلطة مستقلة عن الدولة.”.
سيسي تونس
أكد هيرست أن قيس سعيد يفعل بتونس ما فعله عبد الفتاح السيسي بمصر. و كلاهما استخدم خيبة الأمل الشعبية تجاه الحكومات التي قادها الإسلاميون أو شاركوا فيها ، لتصنيع انقلاب من شأنه القضاء حتى على الليبراليين الذين دعموا الاستيلاء على السلطة،مضيفا أن الإسلاميين ليسوا أبرياء. لقد جلسوا في البرلمان لأكثر من 10 سنوات خاضوا معارك سياسية ، بينما كان الاقتصاد يتدهور. في محاولة لتأمين المؤسسات الديمقراطية ، أزالوا أعينهم عما يحدث في البلاد وكانوا يقدمون تنازلات سياسية بشكل دائم مما يعني أنهم فقدوا الاتصال بحياة الأشخاص الذين خرجوا بالملايين لدعمهم”.
و أضاف: “فتح ذلك الباب على مصراعيه أمام الدكتاتور الشعبوي. لا ريب أن السخط الشعبي تجاه البرلمان القديم كان واقعا، ولكن لا يمكن أن يكمن الحل في ظهور قذافي آخر في شمال أفريقي ، إذا كان سعيد ينقض على الناس نفسهم الذين امتطى ظهورهم لكي يصل إلى سدة الحكم المطلق، فقد فعل السيسي الشيء ذاته من قبل، إذ تخلص من اثنين من كبار الجنرالات، رغم أنهما ساعداه في الاستيلاء على السطلة وفي إحكام قبضته عليها، وهما محمد حجازي، رئيس المخابرات الحربية، وصدقي صبحي، وزير الدفاع في حكومته”
. و تابع”إلا أن سعيد يفقد شعبيته بشكل تدريجي بينما يتراجع الاقتصاد جزئيا بسبب جائحة كوفيد-19 والقيود التي فرضت بسببها على السياحة، حتى انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9.18 بالمائة في عام 2020، وبات يشق على الخزينة توفير رواتب العاملين في القطاع العام التونسي الضخم. في هذه الأثناء يشهد الدين الخاص ارتفاعا حادا”.
نهاية غير سعيدة
أوضح هيرست أن “كريس ميرفي، السيناتور الأمريكي الوحيد الذي التقى بقيس سعيد قد قال : “بات مستحيلا تصديق مزاعم الرئيس سعيد بأنه ملتزم بالعودة ببلده إلى المسار الديمقراطي… لقد تعهد الرئيس سعيد بإصلاح اقتصاد بلاده وباستئصال الفساد، وهي أهداف تستحق الإعجاب ولطالما طالب بها الشعب التونسي. ولكن لن يتسنى له القيام بذلك بنجاح بدون دعم مالي من المجتمع الدولي، وعلينا أن نتأكد من أن الدعم مرتبط بإصلاحات تعيد البلاد إلى المسار الديمقراطي”. مضيفا ” و مع ذلك، فهم مترددون في تصديق تلك الكلمات بأفعال. لا يوجد في واشنطن من يصف ما فعله سعيد في تونس بأنه “انقلاب”، ولربما قام بعضهم سرا بمنحه تطمينات، وتلك هي ذروة الحماقة. أما فرنسا، فهي بالذات يمكن أن تحسم ما بين بقاء سعيد أو ذهابه.
و أضاف : “ما من شك في أن الانهيار الاقتصادي التام في تونس سيكون من تداعياته اندفاع مئات الآلاف من التونسيين نحو البحر المتوسط طلبا للهجرة.،و في هذه الأثناء، تتفاقم مشاكل قيس سعيد. فلم تسارع أي من البلدان العربية لنجدته بضخ الأموال التي يحتاجها بالفعل و لقد أثبتت دول الخليج المرة تلو الأخرى أن أكثر ما يهمها هو زعزعة الديمقراطيات الضعيفة أو المحتملة، أما التعمير وبناء الدول، فلا يعنيها. وما تونس بكل بساطة إلا تكرار لما شهدته كل من اليمن والسودان ومصر وسوريا.
وختم هيرست بقوله”مع تتفاقم مشاكل قيس سعيد، يزداد بؤسه، ولن تكون نهايته سعيدة”.
.
#هيرست #سعيد #يفعل #بتونس #ما #يفعله #السيسي #بمصر #ولن #تكون #نهاية #انقلابه #سعيدة
تابعوا Tunisactus على Google News