- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

وزير النقل التونسي: مخططات لتطوير القطاع تصطدم ببطء الإصلاحات

تعمل الحكومة الحالية في تونس على مراجعة واقع النقل، سواء البري، أو البحري، أو الجوي. وتنكب على وضع المشاريع التي من شأنها تطوير هذا القطاع الحيوي بأنواعه، ليتحول إلى رافعة للاقتصاد الوطني. ولا يحتم إصلاحه وضع استراتيجية بقدر حاجته إلى مخطط عمل ينطلق من دراسة شاملة لمشاكل القطاع، وفق ما جاء في حديث ربيع المجيدي، وزير النقل، لـ”اندبندنت عربية”، ذكر فيه أن النقل لا يقتصر على تنقل الأشخاص فحسب، لكنه يمثل شريان الاقتصاد، بحكم ارتباطه بالتصدير والتوريد والسياحة وسرعة تدفق السلع داخل البلاد. وعلى هذا الأساس، تخوض الوزارة والإدارات المنضوية في صلبها جملة من المباحثات لتدارس الحلول الممكنة والعاجلة، لحلحلة الإشكاليات المتعلقة بشركات النقل العمومية التي تعاني صعوبات مالية، وعلى رأسها الناقلة الجوية، والخطوط التونسية، والشركة الوطنية للسكك الحديدية. كما تبحث مع عدد من الأطراف المانحة كيفية التعاون لاستكمال إنجاز عدد من المشاريع التي هي في طور الإنجاز والمبرمجة من خلال إيجاد أفضل الآليات للتمويل، وكذلك الاستعداد اللوجيستي والتنظيمي للإسهام في إنجاح النشاطات الدولية التي ستحتضنها تونس عام 2022 على غرار القمة الفرنكوفونية وندوة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا، علاوة على مشروع متكامل لتطوير التنقلات الحضرية بهدف تحسين الخدمات في هذا المجال.

منوال جديد للتنقلات الحضرية

كشف الوزير عن تفاصيل مشروع سياسة التنقلات الحضري الوطنية الذي يمثل منوالاً جديداً مشتركاً بين مختلف القطاعات، يتجاوز مفهومه المقاربة الكلاسيكية للنقل الحضري في المدن، ليشمل التنمية الحضرية والديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وقد تمت بلورة برنامج عمل يضم 40 عنصراً، ويغطي الجوانب المؤسساتية والفنية والمالية لتجسيم هذه الأهداف. وترتكز السياسة الوطنية للتنقلات الحضرية على 9 عناصر، وهي:  النهوض بالحوكمة، وتدعيم كفاءات الناشطين في القطاع، وتكوينهم في مجال التنقلات الحضرية، وإيجاد آليات تمويل مستدامة للنقل الحضري، وإعادة هيكلة قطاع النقل العمومي الحضري وتنظيمه، إضافة إلى ضمان التناسق بين تخطيط النقل والتهيئة الترابية للمدن والأحياء، والتحكم في تنامي استعمال السيارات الفردية، كما يشمل دعم التنقلات الصديقة للبيئة وتطويرها، ودعم التنقلات الحضرية الأكثر أمناً وسلامة، وتطوير الحلول الرقمية للتنقلات الحضرية.

إيفاء تونس بتعهدات اتفاقية المناخ

ويسهم تنفيذ هذه السياسة في إيفاء تونس بتعهداتها الدولية على مستوى التخفيض في انبعاثات الغازات الدفيئة. وذكّر الوزير باتفاق باريس حول المناخ الذي وقعت عليه تونس، والذي يقضي بالالتزام بتخفيض الانبعاثات بنسبة 41 في المئة منها 13 في المئة بصفة طوعية، و28 في المئة بصفة مشروطة بتوفير الدول المانحة تمويلات ومساعدات فنية ضرورية. ويأتي ذلك في إطار تشخيص واقع التنقل داخل الفضاءات الحضرية في تونس، من حيث تراجع مستوى الخدمات المسداة، والاختناق المروري المتواصل، والإشكاليات المتعلقة بالسلامة والأمن، واهتراء البنية الأساسية، وتقادم الأسطول، وانعكاسات ذلك على الحياة اليومية للتونسيين، ثم على النسيج الاقتصادي بصفة عامة، وأهمية التشخيص الموضوعي للفضاءات وتهيئة المدن للوصول إلى النتائج المرجوة.

وعن الاتجاه العام إلى الطاقات المتجددة في تونس وإمكانية اعتماد وسائل نقل صديقة للبيئة، استبعد ربيع المجيدي اقتناء حافلات كهربائية في الوقت الراهن على الأقل، على الرغم من توفر البرامج المستقبلية في هذا الصدد، إذ تطرح وسائل النقل الكهربائية من بين جملة برامج الوزارة من أجل الاستثمار في وسائل صديقة للبيئة في المستقبل. ويعود هذا التأجيل إلى ارتفاع سعر الحافلات الكهربائية، لكن يظل التشجيع على النقل الحديدي وتطويره من خلال الاستثمارات في السكك الحديدية، عبر تطوير السكة أو إعادة تهيئة مسارات عربات المترو أو الاقتناءات الجديدة بشكل يتلاءم واعتماد النقل الحديدي للطاقة الكهربائية النظيفة.

التعاون الدولي

وقال الوزير إنه من أولويات تجسيم هذه السياسة الوطنية، تحسين حوكمة التنقلات الحضرية وتمويلها، والإجراءات العملية والملموسة لتحسين أداء القطاع وإكسابه القدرة على المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، وإعادة تنظيم النقل الجماعي، وتوفير التمويلات اللازمة.

وقد عبرت الوكالة الفرنسية للتنمية، التي تحتفل هذا العام بالذكرى الثلاثين لفتح مكتبها في تونس، عن رغبتها في مواصلة دعم هذه المشاريع، وذلك بعد أن قدمت دعماً في وضع برنامج تعاون فني في إطار المبادرة الدولية Mobilise Your City، التي تم إطلاقها على هامش الدورة 21 لمنتدى الأمم المتحدة حول المناخ في باريس COP21  لمساندة تونس لبلورة السياسة الوطنية للتنقلات الحضرية وفقاً لمعايير دولية. كما أسهمت في تمويل مشروعي الشبكة الحديدية السريعة وتهيئة الخط الحديدي لشركة نقل تونس.

كما تم التباحث مع ممثلي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، في سبل تعزيز التعاون والشراكة لاستكمال إنجاز عدد من المشاريع الأخرى، التي هي في طور الإنجاز والبرمجة من خلال إيجاد أفضل الآليات للتمويل. وتم لقاء في هذا الصدد، تولى فيه المديرون العامون بالوزارة والرؤساء المديرون العامون لعدد من المؤسسات الوطنية للنقل، استعراض المشاريع ذات الأولوية والمتعلقة أساساً بالحوكمة، وتطوير البنية الأساسية، خصوصاً الحديدية والمينائية، وتعزيز الأسطول وتجديده، بشكل يمكن استكمال البرامج الإصلاحية والمشاريع المتعلقة بقطاع النقل في أقرب الآجال. وعبر مكتب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في تونس عن استعداده لمزيد تطوير الشراكة ودعم مؤسسات النقل التونسية في تنفيذ برامجها، كما يرغب في توسيع أفق التعاون في مجالات أخرى، على غرار الاقتصاد الأخضر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما تندرج مشاريع تعاون أخرى على صعيد الاتفاقيات الثنائية بين تونس وعدد من البلدان الصديقة والشقيقة، على غرار التعاون التونسي – البريطاني الذي ركز على مواصلة التعاون الثنائي في مجالات النقل، الذي تجسد في السابق في مجالي الأمن والسلامة في قطاعي النقل البحري والجوي. وعبرت بريطانيا عن استعدادها لمواصلة دعم الاستثمار وتوسيع آفاق الشراكة مع تونس، مبدية اهتماماً بالمشاريع ذات الصلة بالنقل الحديدي في تونس.

وعن آفاق تطوير الخطوط الجوية والبحرية والخدمات الدولية من وإلى الموانئ والمطارات التونسية، ذكر الوزير أن مشاريع متعددة في الأفق، وأنه في إطار تعزيز التعاون في مجال النقل البحري بين تونس وليبيا، وأنه بصدد إجراء دراسة تطوير الشراكة بين الشركة التونسية للملاحة والشركة الليبية العالمية للملاحة، والنظر في إمكانية أحداث خط بحري بين البلدين وبعض دول من حوض البحر الأبيض المتوسط. وقد اتفق الجانبان على إحداث لجنة فنية لإعداد دراسة مفصلة لإنجاح هذا المشروع التشاركي.

استئناف الرحلات البحرية السياحية

كما تحدث المجيدي عن عودة الرحلات السياحية إلى الموانئ التونسية، فقد رست في شهر مارس (آذار) الماضي أول سفينة سياحية لعام 2022 “Spirit Of Discovery” قادمة من إسبانيا، بميناء “حلق الوادي” (شمال تونس العاصمة)، وعلى متنها 724 سائحاً، وذلك بعد انقطاع دام نحو ثلاث سنوات بسبب الإجراءات المصاحبة لوباء كورونا.

وقال إن عودة الرحلات السياحية البحرية إلى الموانئ التونسية ستضخ دماءً جديدة في مجال السياحة في تونس، وفي إحياء نشاط القرية السياحية، وفي عودة ميناء “حلق الوادي” إلى إشعاعه كمستقطب لهذه النوعية من السفن. ويقع العمل على حسن الاستثمار في هذه العودة، والتحلي بالجهوزية الكاملة حتى تحقق أهدافها في إطار سياسة الدولة للإنعاش الاقتصادي، إذ من المنتظر أن يبلغ العدد الإجمالي للرحلات عام 2022 نحو 46 رحلة تساوي 90 ألف سائح. وهي مؤشرات تدعو إلى التفاؤل من لا سيما عودة ميناء “حلق الوادي” إلى أوج مردوديته. وقد تم إنشاء هذه المحطة السياحية منذ عام 2006 وتسجيل قدوم ما يناهز مليون سائح عام 2010، مستعرضاً في هذا الإطار استعدادات وزارة النقل بمختلف إداراتها المركزية ومؤسساتها الوطنية، على غرار ديوان البحرية التجارية والشركة التونسية للملاحة، لاستقبال الموسم السياحي الواعد من خلال ما توفره من موارد بشرية وبنية تحتية وأسطول ومنظومات رقمية، من بينها ما تم إنجازه من استثمارات لفائدة ميناء جرجيس (في الجنوب الشرقي)، الذي هو اليوم على أتم الاستعداد من حيث التجهيزات والبنية التحتية لاستقبال سفن المسافرين والسفن السياحية، خصوصاً لما يوفره الجنوب التونسي من مخزون سياحي وثقافي كبوابة للصحراء التونسية القادرة على جذب السياح في رحلات ومسالك منظمة.

وقد اتخذت كل الإجرءات اللازمة لتأمين محيط الموانئ من أي شكل من أشكال التجاوزات والمخاطر، مع الحرص على العنصرين البيئي والصحي وتأمين ظروف استقبال طيبة للسياح، مضيفاً أن تونس لها ريادة في مجال السياحة البحرية، فهي عضو مؤسس في المنظمة المتوسطية للسياحة البحرية medcruise منذ سنة 2006، وعضو لفترتين في مكتبها التنفيذي، وقد انطلق نشاط السفن السياحية منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي بميناء “حلق الوادي”.

البنية التحتية

وعن تطوير البنية التحتية للمطارات والموانئ، ذكر ربيع المجيدي أنه على الرغم من الصعوبات المالية التي تواجهها الشركات العمومية، فقد أحرز تقدماً في هذه الفضاءات، ومنها ميناء “رادس” التجاري (تونس العاصمة)، حيث استؤنف استغلال الرصيف رقم 7 المخصص للسفن والحاويات بعد الانتهاء من إعادة تهيئته، وعادت البواخر إلى اعتماده لشحن الحاويات المعدة للتصدير.

وفي مجال النقل الجوي، “يقع الاستعداد اللوجيستي والتنظيمي للإسهام في إنجاح النشاطات الدولية التي ستحتضنها تونس عام 2022، بتهيئة مختلف مطاراتنا الداخلية بما يشجع الناقلات الجوية على اعتمادها كوجهات، خصوصاً مطارا جربة وتوزر (الجنوب التونسي)”. كما تم إثراء أسطول الخطوط الجوية التونسية بطائرات جديدة. وقد تسلمت في شهر فبراير (شباط) الماضي طائرة جديدة من نوع A320neo لتعزيز أسطولها وتطوير خدماتها، وذلك بعد تسلمها طائرة أولى من النوع نفسه خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) 2021، على أن يتم استكمال إجراءات اقتناء ثلاث طائرات جديدة خلال الفترة الممتدة بين عامي 2022 و2023، وذلك في إطار برنامج اقتناءاتها الجديدة. وتتميز طائرة “إيرباص أ320 نيو” بأحدث التقنيات بمحركات الجيل الجديد، كما توفر في حجم استهلاك الوقود بنسبة 20 في المئة، وتمكن من التخفيض من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ويندرج دعم الأسطول الحالي للناقلة الوطنية في إطار خطة التجديد التي قررتها.

المؤسسات العمومية

وفي شأن الصعوبات المالية التي تواجهها الشركات الوطنية التونسية، أشار الوزير إلى وجود سوء تصرف في السابق ومنوال حوكمة قديم. وقال إن الوزارة بصدد النظر في خطط الإصلاح بالتنسيق مع إدارات هذه الشركات، وتتواصل الاجتماعات مع الشركاء الاجتماعيين، وما إن يتم الانتهاء من إعداد الصيغة النهائية للنقاش يقع عرضها على مجالس إدارات هذه المؤسسات وفق ما يقتضيه القانون، ومن ثم المضي في تطبيقها، لكن ما هو مؤكد هو أن خطط الإصلاح وصلت إلى مرحلة متقدمة. كما يوجد تقارب في وجهات النظر مع الشريك الاجتماعي، خصوصاً في ملف شركة الخطوط التونسية.

وبخصوص وضعية الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية، يقع العمل على حسن الاستفادة من عروض الممولين على المستوى الدولي للراغبين في الاستثمار في قطاع النقل الحديدي بتونس، وتحديد المشاريع والبرامج ذات الأولوية من حيث الجدوى والكلفة وآجال إنجازها وحسن التسويق لها بهدف استقطاب الاستثمارات، وذلك في إطار الحلول الممكنة والعاجلة لحلحلتها. وتعول تونس على النقل الحديدي بالنظر لمزاياه التفاضلية وطاقة استيعابه في نقل الأشخاص والبضائع وأهمها الفوسفات، لذلك يقع الحرص على ضرورة إنقاذ هذه المؤسسة العريقة ببرامج ناجعة وحلول عاجلة ودائمة وإجراءات خصوصية، تساعد على تحقيق التوازنات المالية.

الدعم

ورد الوزير عن سؤال حول إمكانية رفع الدعم عن النقل العمومي، قائلاً إن مسألة تمويل التنقل الحضري تطرح حالياً وفق الإمكانات وحالة المالية العمومية التي تمر بمصاعب. وسيتم تأسيس صندوق وطني للتنقلات الحضرية، ويقع النظر في كيفية تمويله، ولن يتم اللجوء في ذلك إلى المواطن فقط. ومن جملة الحلول المطروحة الزيادة في التعريفات بسبب وضعية الشركات العمومية، ودعم الدولة لها، وانخفاض التعريفات، وارتفاع تكلفة وسائل النقل. فالصندوق المذكور إما أن يكون ممولاً من ميزانية الدولة أو عبر وسائل أخرى سيتم النقاش فيها مع جميع الأطراف، بحسب ما يتاح من الإمكانات وبصفة تشاركية.

وسيتواصل في الوقت الراهن دعم النقل العمومي في ظل التزامات قانون المالية العمومية، وما تعهدته الدولة هذه السنة. وسيقع مراجعته تدريجياً في المستقبل في إطار حوكمة قطاع النقل العمومي، التي لن تشمل مسألة التمويل أو الدعم فقط، ولكن أسس الحوكمة والتصرف في هذه المؤسسات العمومية، والاستثمار في هذا المجال، والنظر في الموارد المتاحة، إذ لن يتم رفع الدعم عن هذه الشركات العمومية من دون القيام بمراجعة عامة، والتأسيس لنمط حوكمة جديد، لأنها في آخر المطاف تحتكم إلى وظيفة اقتصادية واجتماعية.

- الإعلانات -

#وزير #النقل #التونسي #مخططات #لتطوير #القطاع #تصطدم #ببطء #الإصلاحات

تابعوا Tunisactus على Google News

- الإعلانات -

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد