يطالبون بإعلان شغور رئاسة محكمة التعقيب ورفع الحصانة عن الطيب راشد
طالب 34 قاضيًا من مختلف الرتب، في رسالة مفتوحةً موجهة إلى أعضاء مجلس القضاء العدلي، بالتعجيل في اتخاذ القرارات الاحترازية المُجدية والمتأكدة في حق الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد، وذلك بصرف النظر عن تقرير التفقدية العامة والاكتفاء بما تضمنه ملف رفع الحصانة وتجميد العضوية بالمجلس الأعلى للقضاء وما وصل إليه البحث الجزائي والإداري إلى الآن، وكذلك بما يعاينه المجلس يوميا ومباشرة من تدهور سريع للوضع القضائي جراء هذه القضية.
كما طالب القضاة، برفع الحصانة عن الرئيس الأول في بقية الملفات التي تعهّد بها المجلس والتي علّق النظر فيها منذ جلسة 24 نوفمبر 2020 لاستكمال بعض الوثائق، بالإضافة إلى التعجيل بإعلان الشغور في خطة الرئيس الأول لمحكمة التعقيب وترشيح أهل الكفاءة والنزاهة لتوليها استنقاذا لسمعتها وتداركا لما ضاع من فرص إصلاحها.
وقد وقّع الرسالة 34 قاضيا من بينهم محمد عفيف الجعيدي وليلى الزين وحمادي الرحماني وأحمد الرحموني وآسيا العبيدي وأنيسة التريشيلي وليلى عبيد وعمر الوسلاتي وسنان الزبيدي وإسماعيل الحاجي وبشير الصحراوي ومحمد الرمضاني ىعفاف النحالي ومحمد الخليفي.
وفي مايلي نص الرسالة المفتوحة:
اتخذ مجلسكم – مجلس القضاء العدلي بتاريخ 24 نوفمبر 2020 قرارا بإجماع أعضائه برفع الحصانة عن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب السيد “الطيب راشد” في ملف واحد من جملة ثلاث ملفات على أساس شبهة تورطه في قضايا فساد مالي وإداري والتلاعب بملفات قضائية ومآلاتها تسببت في خسارة مالية هامة جدا لخزينة الدولة.
وحيث قرر مجلسكم بذات التاريخ مراسلة التفقدية العامة بوزارة العدل لمده بمآل الأبحاث في جميع الشكاوى المرفوعة ضد الرئيس الأول الطيب راشد وكذلك القاضي البشير العكرمي في أجل أقصاه أسبوعين.
وحيث رغم انقضاء أكثر من شهرين ونصف على ذلك التكليف وتأخر ورود الأبحاث من التفقدية العامة إلا أنكم تباطأتم وتهاونتم في اتخاذ القرارات الكفيلة بحفظ شرف القضاء وسمعته واستقلاله ونزاهته كمهام موكولة إليكم بموجب الدستور والقانون والوكالة الانتخابية.
وحيث صدر في أثناء مدة انتظاركم مآل الأبحاث وبأغلبية مُعززة قرار للمجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 16 ديسمبر 2020 يقضي بتجميد عضوية الرئيس الأول لمحكمة التعقيب بالمجلس الأعلى للقضاء استنادا لأحكام الفصل 40 من قانون المجلس.
وحيث طلبت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس مؤخرا من قاضي التحقيق المتعهد سماع الرئيس الأول لمحكمة التعقيب “الطيب راشد” في خصوص جنايات خطيرة وهي تُهم الارتشاء من موظف عمومي وهو الباعث على ذلك، واعتياد غسل الأموال باستعمال خصائص الوظيف، والتدليس ومسك واستعمال مدلس، بما يُنذر باتخاذ إجراءات تحفظية ضده – وهو مباشر لمهامه – يُمكن أن تصل إلى التفتيش والحجز وتجميد الأموال وإصدار بطاقة إيداع بالسجن…بما يُمثل ضربة قاصمة لصورة القضاء وسمعته وجهود إصلاحه لا نُهوض بعدها.
وحيث رغم كل هذه التطورات الخطيرة ورغم تعزز شبهات تورط الرئيس الأول إلا أنكم لم تتخذوا بعد القرار الضروري والمتأكد في إبعاده عن موقع القرار وإيقافه عن العمل وفتح الشغور في الرئاسة الأولى لمحكمة التعقيب.
وحيث إن إبقاء الرئيس الأول لمحكمة التعقيب في منصبه رغم خطورة ما يُنسب إليه من شأنه فسح المجال له وتشجيعه على استغلال منصبه ووظيفته وسيطرته على المحكمة وملفاتها ووثائقها وإشرافه على قضاتها وموظفيها وكَتَبَتِها للتمادي في التلاعب بالملفات والمناورة في تعيينها بالدوائر وطمس معالم تجاوزاته وتصفية حساباته مع مُنتقديه والشهود والمُطالِبين بمحاسبته بالشكايات الكيدية وافتعال القضايا وتسليط المدونين المأجورين للتشويه والافتراء والتزييف، مع الضغط كذلك على القضاة المُتعهدين بقضاياه سواء بالمحاكم أو بالتفقدية العامة أو حتى بمجلس القضاء العدلي وابتزازهم.
وحيث نسجل توجُّسا قضائيا وعاما من استبطان بعض أعضاء مجلس القضاء العدلي وإضمارهم إبقاء الرئيس الأول بمنصبه إلى حين صدور قرار تأديبي بالمؤاخذة أو صدور حكم جزائي بالإدانة طبق ما يتضح من تصريحاتهم الإعلامية، وهو توجه استباقي خطير لقرار المجلس يُنبئ بتأبيد الأزمة وتثبيت مُقنّع للرئيس الأول في منصبه وتوفير حماية مؤسساتية جاهزة وخاصة وغير مشروعة له التفافا غير مقبول على مسار محاسبته.
وحيث سمح تأخر مجلسكم – مجلس القضاء العدلي في إزاحة الرئيس الأول من موقعه ب”تصدير” الشُّبُهات وإلقاء الشكوك حول مصداقية الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين التي يرأسها بصفته وبحكم القانون بما يفسح المجال لارتهانها وابتزاز رئيسها وتوظيفها في غير أدوارها خدمة لمصالح ضيقة وهي المُتعهدة بالنظر التقريري والاستشاري في كبرى المسائل السياسية والدستورية في البلاد.
وحيث أمام تطور الأحداث وتفاقم الأزمة القضائية والوطنية وتعاظم أدلة التورّط واتساعها وتأزم الأوضاع القضائية منذ صدور قرار رفع الحصانة عن الرئيس الأول وتكليف التفقدية العامة بالأبحاث، فإننا نلتمس منكم:
أوّلا: التعجيل باتخاذ القرارات الاحترازية المُجدية والمتأكدة في حق الرئيس الأول بصرف النظر عن تقرير التفقدية العامة والاكتفاء بما تضمنه ملف رفع الحصانة وتجميد العضوية بالمجلس الأعلى للقضاء وما وصل إليه البحث الجزائي والإداري إلى الآن، وكذلك بما يعاينه المجلس يوميا ومباشرة من تدهور سريع للوضع القضائي جراء هذه القضية.
ثانيا: رفع الحصانة عن الرئيس الأول في بقية الملفات التي تعهّد بها المجلس والتي علّق النظر فيها منذ جلسة 24 نوفمبر 2020 لاستكمال بعض الوثائق.
ثالثا: التعجيل بإعلان الشغور في خطة الرئيس الأول لمحكمة التعقيب وترشيح أهل الكفاءة والنزاهة لتوليها استنقاذا لسمعتها وتداركا لما ضاع من فرص إصلاحها.
وحيث إن مجلسكم – مجلس القضاء العدلي هو المؤتمن لا فقط على حسن سير القضاء العدلي واستقلاله ونزاهته وسلامة مناخات العمل به، بل أيضا على مصداقية الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ورئيسها، وكذلك على نجاح تجربة التأسيس لقضاء مستقل ونزيه الذي ضحّت من أجله أجيال من القضاة والمحامين والحقوقيين وغيرهم، وإنّ أيّ تعثّر أو فشل لهذه التجربة يتحمّل المجلس مسؤوليته القانونية والتاريخية كما يتحملها أعضاؤه فُرادى، كتحمُّله وإيّاهم كل التداعيات والأضرار العامة والخاصة المُترتبة عن التأخير في إزاحة الرئيس الأول من منصبه وعن إطلاق يده للعبث بالمؤسسة القضائية وسمعتها”.
تابعوا Tunisactus على Google News